الإسلام السياسي والعبث بالدين والوطن

الإسلام السياسي والعبث بالدين والوطن

الإسلام السياسي والعبث بالدين والوطن


14/05/2025

جمال عبد النبي

المشكلة أعمق بكثير من مجرد خطأ في حسابات معينة، المشكلة في أصل الفكرة، التي أزعم شخصياً أنها فكرة دخيلة على الدين نفسه، وعلى الوطنية أيضاً، بل هي أصلاً منافية للوطنية، ولا تعترف بها، فهي لا تعترف بالأوطان من حيث المبدأ، حتى وإن حاولت توطين ذاتها، لكنها تظل ترى في الوطنية مجرد بدعة، أما الأصل الثابت لديها فهو العالمية التي تسعى لابتلاعها داخل منظومتها الفكرية، والأيدلوجية، وسوف لن تجد الكثير من المشقة في اثبات تناقضها مع الوطنية، ففلسطين مثلاً ليست أكثر من نكاشة أسنان إذا ما قورنت بالأهداف العالمية، التي تبشر بفتح واشنطن، والصلاة في البيت الأبيض، أما مصر، فطز في مصر، كما قال كبيرهم ذات مرة، لكن الالتباس الذي يحتاج إلى بعض التوضيح هي علاقة هذه الفكرة الدخيلة بالدين، فهل هي فعلاً من الدين؟ وهل تسعى فعلاً لخدمة الدين؟ أو هل الدين أمر بها بالفعل؟ وأين، ومتى كانت مطبقة في كل مراحل التاريخ الذي يُطلق عليه مصطلح التاريخ الإسلامي؟

هنا بالضبط تكمن الحاجة الملحة إلى توضيح زيف هذه الفكرة من الأساس، وأنها ليست أكثر من بدعة، خلقها ثنائي الملك والكهنة، لإحكام السيطرة على الشعوب، أما الشعوب فليس لها من الأمر شيٌ، فهي عامة، ورعاع، و" طناجر" على حد وصف أحدهم، وكل ما عليها هو الاستسلام للموقعين عن رب العالمين، الخاضعين بدورهم للسلطة، التي تزعم تطبيقها للدين، وهي في الحقيقة ليست أكثر من مستخدمة للدين ك" عدة شغل" ضرورية لإخضاع الناس، وتخدير عقولهم، ولست أرى أدق من تلك العبارة- التي انتزعت أصلاً من سياقها الذي قيلت فيه- بأن الدين- الموازي حسب رأيي- الذي خلقه ثنائي الملك والكهنة- بديلاً عن الدين المنزل البسيط- هو فعلاً أفيون الشعوب، أتقن الثنائي استخدامه بجدارة عالية لترويض الشعوب، بواسطة خطاب ديني ديماغوجي يتفنن في اللعب على مخاوف الناس، ورغبتهم الفطرية في التدين.

إن على الناس أن يقتنعوا بأنهم ليسوا ناساً جديرين بالفهم، ولا بالتفكير، فهناك من فوضه الله للتفكير نيابة عنهم، وأن هؤلاء المفكرين يقودونهم إلى طريق الله، ولله على الناس حق الاتباع، وله أيضاً أن يأخذ من دمائهم حتى يرضى، وكأنه سبحانه دراكولا الكون، لا يرضيه إلا الدماء!!! لذا وبكل بساطة يمكنك فهم هذا الاستهتار الدموي بأرواح الناس، أو الذين يظنون أنفسهم ناساً، وهم ليسوا أكثر من رعاع، وعامة، أقل من ان تُحسب لأرواحهم اي قيمة، طالما أن الاهداف كبيرة، وعلى رأسها مرضاة الله، والله- أو إلههم الخاص- لا يرضيه إلا الدماء، ومزيداً من الدماء، وإلا فمن أين تأتيهم كل هذه القدرة على ألا تلفت انتباههم كل تلك الضحايا؟! وألا يروا فيها اكثر من ثمن طبيعي لأي مغامرة، مهما كانت نتائجها محسومة للفشل؟!

عن صفحته الشخصية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية