هل السودان .. الساحة الجديدة لصراع الإسلام السياسي؟

هل السودان .. الساحة الجديدة لصراع الإسلام السياسي؟

هل السودان .. الساحة الجديدة لصراع الإسلام السياسي؟


24/03/2025

حسن عبد الرضي الشيخ

“الله يكذب الشينة”؛ مثل سوداني يعكس الأمل في أن ينكشف الباطل وينتصر الحق. لكن الواقع السوداني اليوم يدفعنا للتساؤل : هل يدفع تنظيم الإخوان المسلمين السودان عمدًا إلى الهاوية بعدما أدرك استحالة عودة الإسلام السياسي إلى السلطة؟ وهل يسعى إلى استدراج قوى إقليمية ودولية لصراع جديد على أرض السودان؟

رسائل الإخوان .. لماذا أحمد هارون والمصباح؟

تساءل كاتب المقال عن الرسائل التي أراد الإخوان المسلمون إيصالها باختيار شخصيات بعينها في المشهد السياسي والعسكري. فقد أعلن المؤتمر الوطني، واجهة الإخوان المسلمين في السودان، تعيين أحمد هارون، المطلوب للعدالة الدولية، رئيسًا للحزب والمشرف على تعبئة المقاتلين. كانت هذه الخطوة بمثابة تحدٍّ صارخ للمجتمع الدولي، فما الذي أرادوا إيصاله؟

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل اختار التنظيم المصباح قائدًا لميليشياته القتالية، وهو شقيق قاتل الدبلوماسي الأمريكي في الخرطوم. فهل كان هذا الاختيار مجرد مصادفة؟ أم أنها رسالة واضحة بأن الإخوان لا يزالون أوفياء لمشروعهم العابر للحدود، حتى وإن كلفهم ذلك معاداة القوى الدولية الكبرى؟

لماذا يستعدي الإخوان المجتمع الدولي، ويوجّهون السباب والشتائم لرؤساء الدول الإقليمية، في وقت هم بأمسّ الحاجة لأي دعم أو تعاطف؟ سؤال ظلّ معلقًا إلى أن تكشّفت ملامح الخطة التي ينفذونها: خلق بيئة غير مستقرة في السودان، وجرّ الصراع الإقليمي والدولي إلى أرضه.

لماذا يختارون السودان لصناعة الحرب؟

ما الهدف من نشر فيديوهات تُظهر المصباح وهو يتفقد الطائرات المسيّرة داخل التصنيع الحربي الذي أنشأته إيران، والذي سبق أن هاجمته إسرائيل أكثر من مرة؟ لماذا يظهر قادة ميليشياتهم مرتدين الكوفية الغزاوية ويرددون أناشيد الجهاديين؟

الإجابة تبدو واضحة : يريد الإخوان أن تكون المعركة القادمة في السودان. بعد تضييق الخناق عليهم في لبنان وفلسطين وسوريا، وجدوا في السودان أرضًا مفتوحة يمكن أن تتحول إلى ساحة جديدة لصراع التنظيمات الإسلامية ضد القوى الدولية.

الإخوان يدركون أنهم لن يحكموا السودان .. فماذا بعد؟

الإخوان يدركون أن عودتهم لحكم السودان باتت مستحيلة، داخليًا وإقليميًا ودوليًا. لكن بدلاً من الاعتراف بذلك، قرروا إشعال فتيل حرب طويلة، يراهنون فيها على أن يصبح السودان ساحة لصراع بين داعش، والإخوان، والمجتمع الدولي، وقوى إقليمية أخرى.

في غرب السودان، حيث تتزايد التوترات العرقية والسياسية، بدأت ملامح دولة جديدة تتشكل بدعم من القوى الأفريقية المناوئة للإخوان. في المقابل، يعمل الإخوان على تحويل بقية السودان إلى إمارة حرب، حيث يتحارب الجميع على أرضه. وهكذا، أصبح السودان أمام خيارين كلاهما مرّ: إما أن يكون ساحة لحرب طويلة، أو أن ينقسم إلى دويلات متحاربة.

السؤال المصيري .. هل يقبل السودانيون بذلك؟

السؤال الذي يواجه السودانيين اليوم : هل نقبل أن يتحول السودان إلى مسرح لحرب لا نهاية لها؟ إذا استمرت الأمور بهذا الشكل، فإن البلاد ستنقسم إلى دويلات متناحرة، وسيدفع الشعب الثمن الأكبر، عبر النزوح، اللجوء، والدمار.

لقد خرجت الأمور من يد السودانيين بالفعل، لكن لا يزال هناك أمل في أن يرفض الشعب هذه اللعبة القذرة، ويمنع بلده من أن يكون ساحة لصراع الآخرين. فالوقت لم يفت بعد، لكن الخيار لم يعد سهلاً : إما التصدي لهذا المشروع التخريبي، أو الاستعداد لمستقبل مظلم، حيث يصبح السودان مجرد ساحة لمعركة لا ناقة له فيها ولا جمل.

الراكوبة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية