ما مدى صحة اتهام إيلون ماسك لمنظمات عربية أمريكية بالإرهاب؟

ما مدى صحة اتهام إيلون ماسك لمنظمات عربية أمريكية بالإرهاب؟

ما مدى صحة اتهام إيلون ماسك لمنظمات عربية أمريكية بالإرهاب؟


11/03/2025

ترجمة: محمد الدخاخني 

الأسبوع الماضي بدأ بشكل مُقلِق للغاية، فقد أعاد إيلون ماسك تغريد هجوم كاذب وخطير على أكثر من (12) جهة أمريكية تلقَّت منحاً من (الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية) أو وزارة الخارجية الأمريكية على مدى العقد الماضي. وأشارت التغريدة الأصلية إلى هذه المنظمات باعتبارها "مرتبطة بالإرهاب".

وعلَّق ماسك على التغريدة قائلاً: "كما يقول كثيرون، لماذا ندفع لمنظمات إرهابية، وبعض الدول، لكي تكرهنا، في حين أنّها على استعداد تام للقيام بذلك مجاناً؟".

ويبدو أنّ قائمة المنظمات المدرجة في التغريدة الأصلية جمعها شخص لديه تحيز معادٍ للعرب أو المسلمين. كما يبدو أنّه فحص قائمة المستفيدين من المنح واختار بشكل عشوائي الكيانات التي تحمل كلمة "العربية" أو "المسلمة" في اسمها، أو التي قامت بعمل في الشرق الأوسط.

لا أعرف كل المنظمات المذكورة، لكنّ تلك التي أعرفها - على سبيل المثال، "منظمة المساعدة الأمريكية للاجئين في الشرق الأدنى" - كانت في طليعة تقديم الدعم المنقذ للحياة للّاجئين أو ضحايا الحروب أو الكوارث الطبيعية، وساعدت، من خلال هذه العملية، في بناء علاقات أفضل بين الولايات المتحدة والمجتمعات المتضررة المحتاجة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. والمنظمات الأخرى التي تعرَّفت على أسمائها لديها سجلات خدمة مهمة ومثيرة للإعجاب بالقدر نفسه.

المستثمر والمهندس والمخترع: إيلون ماسك

وأكثر ما أزعجني هو أنّ منظمتي، "المعهد العربي الأمريكي"، حلَّت في المرتبة الثانية على القائمة. وقد كان هذا محبطاً لسببين: فالتهمة بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وخطيرة بشكل غير مسؤول.

الحقيقة هي أنّ المعهد حصل على منحة من وزارة الخارجية في عام 2018، خلال إدارة ترامب الأولى، لإنشاء شراكات بين المسؤولين المنتخبين والموظفين العموميين من أصل عربي من ناحية والمسؤولين المنتخبين المحليين في تونس من ناحية أخرى. ويتمتَّع المعهد، الذي تأسَّس في عام 1985، بتاريخ فخور في تشجيع الأمريكيين العرب على الترشح لمناصب محلية.

ومع تقدُّم عملنا، أدركنا أنّ العديد من هؤلاء القادة الشباب لم يسبق لهم أن زاروا الشرق الأوسط، وأنّهم إذا كانوا قد زاروه على الإطلاق، فإنّ ذلك كان ببساطة إلى البلدان التي أتى منها آباؤهم وأمهاتهم. ولقد تمنيت لفترة طويلة أن أنشئ برنامجاً يتيح لهم فرصة التعرُّض للعالم العربي الأوسع وفهمه، والتمكُّن من تبادل خبراتهم وما تعلموه في الحياة السياسية الأمريكية مع نظرائهم في البلدان العربية.

كانت المرحلة الأولية من البرنامج ناجحة للغاية، لدرجة أنّ وزارة الخارجية الأمريكية دعمت توسيعه إلى المغرب ثم الأردن. وكان من دواعي سروري أن أرى هؤلاء الشباب المشاركين من العرب والعرب الأمريكيين يعملون معاً بطريقة تعاونية، ويناقشون المشاكل التي يواجهونها في الحكم المحلي والإجراءات التي يمكن اتخاذها لتحسين الخدمات المقدمة للناخبين، وكيفية معالجة الاحتياجات والتحديات المحلية.

لقد عملوا معاً في بناء ممارسات ديمقراطية محلية وإيجاد حلول أحدثت فارقاً في حياة الناس اليومية، قضايا مثل جمع القمامة، وإنشاء مراكز التكنولوجيا المجتمعية، وتقديم الدعم للأسر التي لديها أطفال من ذوي الهمم. وانتهى البرنامج في عام 2023.

إنّ تشبيه شخص لديه تحيز واضح ضد العرب أو المسلمين لمثل هذه الجهود بدعم الإرهاب أمر خاطئ لدرجة أنّه عصيّ على الفهم. وأن يقوم شخص بمكانة ماسك في هذه الإدارة بتضخيم هذه الرسالة بإعادة نشرها وتعليقها أمر خطير وغير مسؤول.

وعلى الرغم من ترحيب الولايات المتحدة بالآخرين وشمولها لهم، لا بدّ أن نعترف أيضاً بأنّها تمتلك تاريخاً من الكراهية والعنف، وقد وُجِهَت كمية غير متناسبة من هذا العنف في العقود الأخيرة ضد الأمريكيين العرب وأنصار الحقوق الفلسطينية.

رئيس الولايات المتحدة الأمريكية: دونالاد ترامب

بعد مقتل أحد موظفِيّ السابقين في "لجنة مكافحة التمييز العربية الأمريكية" في عام 1985، طُلب منّي الإدلاء بشهادتي أمام "لجنة الحقوق المدنية الأمريكية" والكونغرس الأمريكي بشأن الكراهية والعنف الموجهين ضد الجالية العربية.

وفي شهادتي، أشرت إلى كيف تمّ تعزيز بيئة مؤاتية لجرائم الكراهية ضد الأمريكيين العرب من قِبل أولئك الذين حرَّضوا ضدنا. وأشرت إلى أنّه عندما تم وصفنا بالإرهابيين أو مؤيدي الإرهاب (أحياناً من قِبل جماعات مؤيدة لإسرائيل تحظى بالاحترام)، فقد حفز ذلك البعض على استخدام العنف ضدنا. وأنا أعرف هذا شخصياً من التهديدات بالقتل التي تلقيتها على مرّ الأعوام.

وفي العقدين الماضيين وحدهما كانت هناك (4) إدانات لأشخاص هددوا حياتي وحياة عائلتي وموظفِيّ. وكانت هذه التهديدات مصحوبة في أغلب الأحيان باتهامات بالإرهاب أو دعم الإرهاب.

ولذلك، فأنا أتعامل مع الأمر بجدية عندما يتهم شخص قوي ومرموق، مثل ماسك، بشكل غير مسؤول معهدي بأنّه مؤيد للإرهاب. إنّ حقيقة أنّ تغريدته قد قرأها ما يقرب من (20) مليون شخص تجعل الأمر أكثر إثارة للقلق، حيث لا يتطلب الأمر سوى شخص مضطرب واحد قرأ التغريدة ليقرر الرد بعمل من أعمال العنف.

لقد نصحني البعض بعدم الرد على تحريض ماسك، على أمل أن يتلاشى الأمر، لكنني لا أتفق معهم. ففي النهاية أفضل دفاع هو الإشارة إلى مدى خطأ تصريحاته والخطر الذي تُشكِّله كلماته.

المصدر:

جيمس زغبي، ذي ناشيونال، 5 آذار (مارس9 2025)




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية