الإخوان في الغرب واستراتيجية العمل الخيري الممزوج بالتلقين الإيديولوجي

الإخوان في الغرب واستراتيجية العمل الخيري الممزوج بالتلقين الإيديولوجي

الإخوان في الغرب واستراتيجية العمل الخيري الممزوج بالتلقين الإيديولوجي


25/02/2025

كشف تقرير بالإنجليزية لــ (European conservative The) عن الكيفية التي تمكن بها الإخوان من التموضع داخل المجتمعات الأوروبية، من خلال استغلال القوانين والحريات، ومن ثم عزل المجتمعات الإسلامية في أوروبا، ودفعها نحو التطرف.

الصحفي والخبير في الشؤون الدولية، أرتور سيخانوفيتش، استعرض في التقرير تحذير باتريشيا شاجنون، الخبيرة في شؤون الإسلام، وعضو البرلمان الأوروبي السابق عن التجمع الوطني الفرنسي، والتي قالت: "إذا تجاهلنا هذه الحقائق، فإننا نخاطر بالسماح للإسلام المتطرف بإعادة تشكيل مجتمعاتنا، بطرق قد لا نتمكن من السيطرة عليها بعد الآن".

اختراق الإخوان لمنظمة الإيسيسكو

إنّ القضية الأخطر التي يفجرها التقرير، هي تحركات منظمة الإيسيسكو التي تنفذ استراتيجية لنشر نفوذ الإخوان في أوروبا منذ أكثر من (25) عاماً. وفي عام 2000 وقّعت (54) دولة إسلامية على ميثاق الدوحة، وهو ميثاق أساسي لأيّ شخص يحاول فهم موطئ القدم الذي اكتسبه الإخوان في الغرب على مدى الربع قرن الماضي.

ويقول التقرير: إنّ منظمة الإيسيسكو، كثيراً ما تُقارَن باليونسكو، ولكن بالنسبة إلى العالم الإسلامي، ركزت في الأصل على الجهود الإنسانية، مثل: التعليم، والرعاية الصحية، والمساعدات المقدمة للسكان الأكثر فقراً. ولكن في عام 2000، حولت تركيزها إلى السكان المسلمين خارج العالم الإسلامي، بعد اختراق الإخوان لها، بداعي توحيد وتعبئة المجتمعات الإسلامية في أوروبا، من خلال الترويج لنسخة محددة من الإسلام على النهج الإخواني، عبر نشر اللغة والثقافة العربية، وبناء المساجد والمدارس الإسلامية والمراكز الثقافية، والسيطرة عليها، وكل هذا من أجل الترويج لما يسمونه النسخة "الصحيحة" من الإسلام. 

إنّ منظمة الإيسيسكو، كثيراً ما تُقارَن باليونسكو، ولكن بالنسبة إلى العالم الإسلامي، ركزت في الأصل على الجهود الإنسانية، مثل: التعليم، والرعاية الصحية، والمساعدات المقدمة للسكان الأكثر فقراً

كان هدف الإخوان واضحاً، وهو أنّه ينبغي للشعوب المسلمة في أوروبا ألّا تتبنّى الثقافة الغربية؛ بل ينبغي لها أن تحافظ على ارتباط قوي بتاريخها وأصولها. ولكنّ هذا "التراث المشترك" المزعوم مصطنع، فالباكستانيون والمغاربة، على سبيل المثال، لا يشتركون في خلفية ثقافية مشتركة. والواقع أنّ المسلمين غير المتعلمين الذين يتحدثون لهجتهم في الأساس يجدون صعوبة بالغة في التواصل مع بعضهم البعض. والهدف الحقيقي هو خلق عقلية موحدة بين الناس من أصول عرقية ولغوية وقومية مختلفة إلى حد كبير، وحشدهم خلف المشروع الإخواني الإسلاموي.

ومن خلال التركيز على هذه العناصر الثلاثة: الدين واللغة والتاريخ، يعمل الإخوان في واقع الأمر على خلق "أمّة" جديدة، من خلال توحيد الجالية المسلمة المتنوعة للغاية في أوروبا. 

الإخوان ودمج الدين بالسياسة

في الغرب يجري فصل الدين عن السياسة. ويفعل كثير من المسلمين الشيء نفسه،  فهم يمارسون الإسلام بطريقة خاصة معتدلة، ولكنّ الإسلام الإخواني المتطرف هو نظام سياسي، فهو لا يحدد الإيمان فحسب، بل يحدد أيضاً الحكم والقانون والتسلسل الهرمي في المجتمع، وفي الإسلام الإخواني لا توجد سياسة بالمعنى الذي نفهمه، لأنّ السلطة السياسية مستمدة مباشرة من العقيدة الدينية، وفق رؤيتهم.

ويلقي التقرير الضوء على ما حدث، فمنذ العام 2000 شهدنا ظهور مجتمعات موازية في مختلف أنحاء أوروبا، في فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا وهولندا، وأصبحت العلامات واضحة في كل مكان: نساء يرتدين النقاب، وأطفال يُرسَلون حصرياً إلى مدارس إسلامية تدرس أفكار جماعة الإخوان، وأحياء بأكملها تعمل وفقاً لقواعدها الخاصة المنفصلة.

في فرنسا هناك مناطق لا يُسمح للنساء فيها بدخول المقاهي، وفي المملكة المتحدة تحكم المحاكم الإسلامية السرّية في مسائل مثل الزواج والنزاعات الأسرية. وهذه المجتمعات لا تندمج؛ فهي تعيش وفقاً للشريعة الإسلامية، بعيداً عن الأنظمة القانونية الغربية في البلدان التي تقيم فيها.

الإسلام الإخواني المتطرف هو نظام سياسي، فهو لا يحدد الإيمان فحسب، بل يحدد أيضاً الحكم والقانون والتسلسل الهرمي في المجتمع

والأسوأ من ذلك أنّ المجتمعات الغربية ترفض الاعتراف بهذه القضية المتنامية. ومن الأمثلة الأخيرة على ذلك: أطلقت المفوضية الأوروبية حملة للترويج للحجاب تحت شعار: "حجابي، حريتي"، ممّا يعكس إلى أيّ مدى تغلغلت الإيديولوجية الإسلامية المتطرفة في المؤسسات الأوروبية، إلى درجة التجرُّؤ على تأطير الحجاب باعتباره رمزاً للحرية؟ 

لقد استُخدِم القانون الغربي لفصل السكان المسلمين عن المجتمعات التي يعيشون فيها، وفي الوقت نفسه التأثير على الساسة المحليين لدعم هذا المشروع.

تواطؤ بعض الأحزاب الغربية

تركت أحزاب النخبة من اليسار ويسار الوسط جماعة الإخوان لتسيطر على المجتمعات المسلمة، لسبب بسيط للغاية: إنّه يفيدهم. فالمسلمون في أوروبا ناخبون منضبطون للغاية، وكل من يسيطر على هذه المجتمعات يتمتع بسلطة سياسية هائلة. ففي بلدة آبفيل في فرنسا منح العمدة الاشتراكي تصريح بناء لمسجد إخواني، وبدعم من المجتمع المحلي، وعندما تمّ سؤاله عن تمويل المسجد ـ حيث لم تجمع حملة التمويل الجماعي الرسمية سوى (8) آلاف يوروـ أجاب ببساطة: "لقد التقيت برئيس الجمعية، وهو رجل لطيف للغاية، بل إنّه يرتدي بدلة غربية". وهذا أمر مقلق للغاية. ونظراً للأعداد المتزايدة والأهمية السياسية لهذه المجتمعات، فمن السهل أن نرى لماذا يعطي الساسة غير الأخلاقيين الأولوية لدعمهم على المصالح الوطنية.

وتتلخص الخطوة الأولى في إقامة مجتمعات موازية، بزعم الحفاظ على القيم الإسلامية، وبناء مجتمعات قوية مكتفية ذاتياً تعيش وفقاً للمبادئ الإسلامية. وتدعو إلى التكيف في التعليم، وضمان احترام المدارس للمعتقدات والتقاليد الإسلامية.

أمّا فيما يتصل بالهدف البعيد المدى، فهو الترحيب بالغربيين الراغبين في التحول إلى الإسلام، ويقدم الإسلام باعتباره الحل للانحدار الأخلاقي والاجتماعي المفترض الذي يعاني منه الغرب. والهدف النهائي للإسلام المتطرف هو إقامة الأمة الإسلامية العالمية. 

دور الإخوان المسلمين 

اخترقت جماعة الإخوان المجتمعات التركية والمغربية والجزائرية والأفغانية والسورية في الغرب، وعرضت عليها المال لمشاريع مجتمعية في الأحياء الفقيرة، وعلى مدى (25) عاماً في أوروبا، كانوا يخلقون شعباً "جديداً" بعقيدة مشتركة هي الإسلام الإخواني، ولغة مشتركة، اللغة العربية، وتاريخ وهوية إسلامية مجيدة.  

كلّ هذا يتماشى مع الاستراتيجية ذاتها التي انتهجتها جماعة الإخوان المسلمين، والتي تعمل دوماً وفقاً للنموذج نفسه: العمل الخيري الممزوج بالتلقين الإيديولوجي، في حين تعمل على تأجيج النفور الشديد من الغرب أو حتى الكراهية له. ويقدمون المساعدات الاجتماعية، ولكن بشرط واحد هو حضور الصلاة في المسجد، حيث ينشر الخطباء المتطرفون خطاباً معادياً للغرب، والعيش وفقاً للشريعة الإسلامية. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية