الكويت: هل حان وقت إنشاء المفوضية العليا للانتخابات؟

الكويت: هل حان وقت إنشاء المفوضية العليا للانتخابات؟

الكويت: هل حان وقت إنشاء المفوضية العليا للانتخابات؟


05/04/2023

أثار قرار المحكمة الدستورية في الكويت ببطلان حلّ مجلس الأمة السابق (انتخابات 2020)، وعودة المجلس، واعتبار انتخابات مجلس الأمة 2022 كأن لم تكن، سخطاً شعبياً، ليس على المحكمة بل على تبعات القرار.

وبررت المحكمة قرارها بأنّ قرار الحلّ الذي صدر من أمير البلاد لم يكن مبرراً؛ كون الحكومة التي تأزمت علاقتها بالمجلس كانت قد حُلت، وتشكلت حكومة جديدة، أي أنّ الأزمة بين المجلس والحكومة لم تعد قائمة.

وبعيداً عن قرار المحكمة، تعيش الكويت أزمة سياسية مزمنة، شهدت خلالها ثلاثة قرارات بحلّ المجلس بحكم من المحكمة الدستورية، وعدة مرات بحلّ المجلس بناءً على مرسوم أميري.

تأزم سياسي

وأنهى حكم "الدستورية" في 19 آذار (مارس) الماضي، الأزمة السياسية بين مجلس النواب المنتخب عام 2022 والحكومة، التي كانت قد قدمت استقالتها بسبب مطالب النواب باستجواب وزير المالية، وشطب فوائد القروض، وخلافات أخرى حول الرواتب.

ومن المنتظر عقد جلسة لمجلس نواب 2020 الذي أعادته المحكمة الدستورية، عقب تشكيل الحكومة الجديدة التي كلف أمير البلاد بتشكيلها الأمير أحمد نواف الأحمد الصباح، لتكون حكومته الثالثة في غضون أشهر.

وبحسب تصريحات نواب من المجلس العائد، ستعقد الجلسة الأولى المقبلة بعد نشر حكم المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية، وتشكيل الحكومة، ودعوة المجلس إلى الانعقاد، وسيكون آخر جدول أعمال لمجلس 2020 هو جدول أعمال الجلسة الأخيرة قبل حله.

عبد الهادي السنافي: الفصل بصحة المراسيم إيجابي

وكانت المحكمة قررت انتفاء الدعاوى المرفوعة بالطعن في نتائج انتخابات مجلس أمة 2022. غير أنّ المجلس العائد على لسانه رئيسه ونواب آخرين دعوا إلى التحقيق في ما شاب الانتخابات المُبطلة من تجاوزات، بحسب قولهم.

وكانت أنُشئت المحكمة الدستورية وفق القانون رقم 14 لسنة  1973، واختصها دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية، وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح، وفي الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزماً للكافة ولسائر المحاكم.

ويرى الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي، عبدالهادي السنافي، أنّ الاحتكام إلى المحكمة الدستورية في الفصل بالمنازعات يعتبر من أوجه الديمقراطية في البلاد، والفصل بصحة المراسيم يعتبر موضوع إيجابي.

لا يوفر قانون الانتخابات في الكويت فرصة جادة لاختيار ممثلين الشعب؛ إذ أنّ الناخب يختار نائباً من بين 10 نواب يمثلون الدائرة الواحدة

وأضاف لـ"حفريات" بأنّه في عام 1975 انقلبت السلطة على الدستور، وتعدت على سلطة الأمة الممثلة في البرلمان، وكذلك عام عام 1986، ولم تكن تنظر المحكمة الدستورية آنذاك بصحة مراسيم حل البرلمان، لذلك عاشت الكويت عشر سنوات في ظل بعض مواد من الدستور معلقة وغير معمول بها.

من جانبها، قالت رئيسة الجمعية الكويتية للإخاء الوطني، بيبي عاشور، أنّ الإرادة الشعبية والاعتراض على الوضع الذي لا يرضي الشعب، أوصلوا نواباً يرون فيهم ممثلين عنهم بنزاهة، في انتخابات 2022. ونوهت بأنّ الشعب كان راضياً عن النتائج الأخيرة، وحدث توافق بين ما يُشاهد من تصريحات النواب ومواقفهم المعلنة في مجلس 2022 مع الشارع الكويتي.

وأفادت لـ"حفريات" بأنّ الجميع يقبل بحكم المحكمة الدستورية ويحترم دورها، لكنّ الواقع أنّ البلاد عادت إلى المربع الأول، لهذا كان للحكم صدى غير مرحب به في المجتمع والمشهد السياسي الكويتي؛ إذ يرى بعضهم كأن جهودهم ومناداتهم راحت هباءً منثوراً.

إشكالات انتخابية

في غضون ذلك، ظهرت دعاوى عديدة بإنشاء المفوضية العليا للانتخابات، لتنظيم عملية الانتخابات، التي شهدت على مدار أعوام تعديلات متعددة، فضلاً عن المطالبة بوضع نظام انتخابي مناسب؛ إذ إنّه طبقاً لقانون "الصوت الواحد"، تنقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية، يُنتخب من كل دائرة 10 أعضاء، يشكلون 50 عضواً هم أعضاء المجلس المنتخبين.

ولكل مواطن الحقّ في صوت واحد لنائب واحد من بين العشرة نواب، بعد أنّ كان لكل مواطن حقّ التصويت بأربعة أصوات، لأربعة نواب. وبخلاف معظم دول العالم التي تشهد انتخابات، يعاني النظام الانتخابي الكويتي من العديد من أوجه القصور.

مجلس الأمة الكويتي

وذكر النائب في برلمان 2020 عبيد الوسمي في مؤتمر صحفي أنّه قدم سؤالاً برلمانياً عن كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية السابقة. وبرر ذلك بقوله "لا توجد انتخابات في الكرة الأرضية لا يُعرف عدد المشاركين فيها. وأعلم أنّ الحكومة لن تجيب عن هذا السؤال". وتعهد النائب بصدور قوانين لضبط العملية الانتخابية.

أحد الأمثلة على إشكالات العلمية الانتخابية، هو التصويت بالبطاقة المدنية. على الرغم من القبول الواسع بالإجراء، إلا أنّه غير محصن من البطلان لعدم دستوريته، ما يستدعي ضبط القوانين الانتخابية. وكان أحد المحامين قدم طعناً قبل انتخابات 2022 بعدم دستورية التصويت بالبطاقة المدنية.

الناشطة بيبي عاشور لـ"حفريات": نحتاج إلى دراسة موضوع عدد الدوائر الانتخابية ونسبة توزيع المقاعد بناءً على الكثافة السكانية وعدد الناخبين، وكذلك مراجعة سجلات الناخبين

فضلاً عن ذلك، لا توفر انتخابات الكويت فرصة جادة لاختيار ممثلين الشعب؛ إذ إنّ الناخب يختار نائباً من بين 10 نواب يمثلون الدائرة الواحدة، في حين أنّ المتبع في دول العالم أن يختار الناخب ممثلة أو ممثليه في المجالس التشريعية، من بين تنافس فردي أو تنافس جماعي بين القوائم الانتخابية.

وأحد أسباب هذا القصور عدم قانونية إنشاء أحزاب سياسية في الكويت. وبوجود أحزاب سياسية ستتقدم بقوائم للتنافس على كامل المقاعد في الدائرة، ما يجعل الناخب يصوت لاختيار جميع ممثليه، وليس واحداً، أو حتى أربعة بحسب القانون السابق الذي منح لكل ناخب الحقّ في التصويت لأربعة مقاعد.

المفوضية العليا للانتخابات

تقول رئيسة الجمعية الكويتية للإخاء الوطني، بيبي عاشور، إنّ هناك قضايا شائكة تستلزم وجود مفوضية عليا للانتخابات للحسم بشأنها. ولفتت إلى ضرورة إعادة دراسة وتدقيق مرسوم الصوت الواحد الذي عزز مفهوم القبلية والطائفية في المجتمع، وقلص من فرص نجاح الكفاءات من المرشحين.

وأردفت عاشور "نحتاج إلى دراسة موضوع عدد الدوائر الانتخابية ونسبة توزيع المقاعد بناءً على الكثافة السكانية وعدد الناخبين، وكذلك مراجعة سجلات الناخبين، ومن يحقّ لهم التصويت".

في السياق ذاته، صرح رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، بضرورة إنشاء المفوضية العليا للانتخابات. وبحسبه شهدت الانتخابات الأخيرة شبهات تزوير.

 من جانبه، يرى الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي، عبدالهادي السنافي، أنّ هناك حاجة ماسة لتأسيس هيئة فحص الطعون قبل إصدارها كيلا نقع في مسألة الإبطال التي تمت، والتي كشفت عن ضعف الجهاز القانوني الاستشاري للسلطة، أو حتى كما يرى البعض وجود نية لتعمد هذا الاضطراب.

بيبي عاشور: ضرورة وجود مفوضية عليا للانتخابات

وأضاف بأنّ إنشاء المفوضية العليا للانتخابات ضرورة لفكّ التشابك الموجود بين أجهزة الدولة في إدارة الانتخابات. ونوه بأنّه في حال إنشاء المفوضية سيتم تحويل كل ما يتعلق بالانتخابات من تسجيل القيود وإدارة الانتخابات وغيرها من مهام لهذه المفوضية، خصوصاً بعد زيادة عدد  الطعون على عمليات الفرز وتسجيل قيود الناخبين.

بدورها أفادت رئيسة الجمعية الكويتية للإخاء الوطني، أنّ العديد من الطعون قُدمت في نتائج الانتخابات الأخيرة وما قبلها، ومن هنا تأتي أهمية إنشاء المفوضية، لإعادة ترتيب كل ما يتعلق بالانتخابات، لتجنب التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية.

وبحسب الدستور الكويتي، يعتبر أعضاء الحكومة أعضاءً في مجلس الأمة، على ألا يزيد عددهم عن ثلث أعضاء مجلس الأمة. ويتشكل المجلس من 50 نائباً يجري انتخابهم في خمس دوائر انتخابية، بالإضافة إلى أعضاء الحكومة، الذين يشاركون في الجلسات دون حق التصويت على سحب الثقة من أحدهم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية