لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني


14/01/2025

خيرالله خيرالله

بانتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، خطا لبنان خطوة مهمة في اتجاه استعادة عافيته في ظل التوازن المختلف القائم في المنطقة، خصوصاً بعد خروج سوريا من تحت السيطرة الإيرانية واستعادة الأكثرية السنية دورها الطبيعي في هذا البلد المهم.

ما لا بدّ من الإشارة إليه قبل أي شيء أن رئيس الجمهورية الجديد حرص في خطابه الأول على تأكيد "احتكار الدولة للسلاح". مثل هذه العبارة تعطي فكرة عمّا هو آتٍ على لبنان في غياب هيمنة "الجمهورية الإسلامية" في إيران، وهي هيمنة مورست عبر ميليشيا مذهبية مسلحة اسمها "حزب الله" الذي كان يستثمر في الفراغ الرئاسي.

جاء انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، رغماً عن إرادة الحزب، الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري"، ليعطي فكرة عن تراجع المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة العربية. لم يستطع الحزب الذي يهيمن على قرار الثنائي الشيعي الحؤول دون وصول جوزيف عون إلى قصر بعبدا. بكلام أوضح، خرجت رئاسة الجمهورية اللبنانية من الأسر الإيراني بعدما فشل "حزب الله" في فرض مرشحه كما حصل في العام 2016. كان مرشحه وقتذاك ميشال عون الذي حوّل رئاسة الجمهورية إلى دائرة من الدوائر الرسمية اللبنانية التي تتحكم بها "الجمهورية الإسلامية".

حاول الحزب إنقاذ ماء الوجه في الساعات التي سبقت انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية. منع جوزيف عون من الحصول، في دورة التصويت الأولى، على أكثرية الثلثين في مجلس النواب. لكنّه ما لبث أن تراجع، بعدما أجل رئيس المجلس نبيه بري الانتخاب ساعتين حصل خلالهما لقاء بين جوزيف عون وممثلين عن "حزب الله" وحركة "أمل". الأكيد أن الحزب سعى في هذا اللقاء إلى الحصول على ضمانات محددة من بينها تأمين أموال عربية لإعادة إعمار ما تسبب في تهديمه في جنوب لبنان، حيث الأكثرية الشيعية وفي مناطق معينة في البقاع وفي الضاحية الجنوبية لبيروت.

تنفذ هذه الضمانات أو لا تنفذ، ليس ضرورياً حصول ذلك. المهم أنه بات على "حزب الله" التعاطي مع واقع لبناني جديد في شرق أوسط مختلف. في النهاية، لم يكن ممكناً الإتيان بجوزيف عون رئيساً للجمهورية لولا الضغوط الأمريكية والسعودية والفرنسية.

ليس صدفة أن جوزيف عون زار السعودية قبل فترة قصيرة، وليس صدفة أن المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين حرص على إغراء رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما قال له إن التصويت النيابي الشيعي لجوزيف عون سيؤدي إلى تعاطٍ أفضل للمجتمع الدولي مع "أمل" و"حزب الله".

حرص هوكشتاين على التأكيد لبري، عندما طلب منه تقديم ثلاثة أسماء كي يختار الثنائي الشيعي أحدها، أن لا مرشح آخر غير جوزيف عون. هذا ما فعله أيضاً المبعوث السعودي الأمير يزيد بن فرحان والمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان.

يستحيل عزل الحدث اللبناني عن الحدث الإقليمي. أطلق "حزب الله" ومن خلفه إيران رهينة اسمها رئاسة الجمهورية اللبنانية. من كان يتصور حدوث ذلك في يوم من الأيام؟ الواقع أنه ما كان حلماً لبنانياً صار حقيقة مثل حقيقة خروج النظام العلوي وآل الأسد من حكم سوريا وذلك للمرّة الأولى منذ 54 عاماً.

مع انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية ومع الخطاب الشامل الذي ألقاه، مباشرة بعد انتخابه، دخل لبنان مرحلة جديدة برعاية عربية ودولية. لم يكن ذلك ممكناً لولا الهزيمة التي لحقت بـ"حزب الله" الذي قرر شنّ حرب على إسرائيل وبالمشروع الإيراني في المنطقة. يمكن الآن الكلام عن استعادة لبنان للأمل. المهم أن يتمكن جوزيف عون من تنفيذ بعض ما ورد في خطابه الأول كرئيس للجمهورية، وهو خطاب أقل ما يمكن أن يوصف به أنه خطاب شامل ومتكامل، خصوصاً عندما يتحدث عن وجود "أزمة حكم وحكّام" في لبنان.
يبقى أن ما لا يمكن تجاهله الدور الإيجابي لنجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي استطاع تمرير مرحلة الفراغ الرئاسي بأقل قدر ممكن من الخسائر في ظروف في غاية التعقيد.

مع وجود جوزيف عون في قصر بعبدا، هناك رابح وحيد هو لبنان، لبنان العربي قبل أي شيء آخر، لبنان الذي حاولت إيران قطع صلته بالخليج العربي وتحويله "ساحة" لما يسمى "جبهة الممانعة".

لم تكن "الممانعة" سوى لعبة تستهدف نشر البؤس والدمار في المنطقة وتفتيت العالم العربي والمجتمعات العربية دولة بعد دولة ومجتمعاً بعد مجتمع.. خدمة لمشروع إيراني لا أفق له.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية