داعش يظهر تحت غطاء التحرير

داعش يظهر تحت غطاء التحرير

داعش يظهر تحت غطاء التحرير


08/01/2025

محمد حسن الساعدي

اتسعت عمليات داعش خلال السنوات الماضية إلى ما هو أبعد من العراق وسوريا. فهذه العصابات تمتلك مشاريع في أربع دول أفريقية هي مالي، نيجيريا، الصومال وموزمبيق، فضلا عن حالة الاستعداد والتعبئة للمقاتلين الأجانب في هذه البلدان، والنمو في العمليات التي استهدفت أرض خراسان خلال الفترة القليلة الماضية. ولكن بالرغم من ذلك، إلا أن قاعدة تنظيم داعش تمكنت من العراق وسوريا ذات الأهمية السياسية والاقتصادية والتاريخية، وأخذت تتحرك في هذين البلدين وسيطرت على عدد من القرى والمدن واستطاعت أن تبني مرتكزات لها وقواعد ومضافات. وبالرغم من العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوى الأمنية في العراق بضربها لهذه المضافات والاستراحات، إلا أن هناك بعض الجيوب التي ما زالت تظهر بين الحين والآخر. ولكن بشكل عام، فإن داعش في العراق أضعف مما كان عليه من قبل، عكس سوريا التي أظهرت علامات على إعادة بناء نفسها تدريجيا، وهذا ما انعكس من خلال سيطرتها على مقاليد السلطة فيها.

تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديدا معقدا يحتاج إلى ضغط مستمر للسيطرة عليه، إذ لا يزال مقاتلوه يتمتعون بإرادة على القتال، وإن كان بقوة أقل مما كان في السابق. فمع الاعتقالات التي طالت عصابات داعش من قبل القوات الأمنية العراقية، إلا أن بقاياه لا تزال طليقة، وأن الأعضاء الحاليين من داعش يواصلون التخطيط والعمل. وأن المسار المستقبلي لتنظيم داعش في العراق وسوريا سوف يتحدد إلى حد كبير بمستقبل الوجود العسكري الأميركي في المنطقة. وبالاعتماد على النجاحات المتحققة في مكافحة الإرهاب، فإن الحكومة العراقية تريد إعادة ترتيب علاقتها الأمنية مع الولايات المتحدة من علاقة قائمة على التحالف الدولي إلى علاقة ثنائية وبضوابط جديدة تضبط العلاقة بين الجانبين.

انسحاب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا بعد سيطرة الجماعات المسلحة على مقاليد السلطة فيها بعد سقوط نظام الأسد سيعطي تركيا القدرة على استغلال غياب الولايات المتحدة لزيادة هجماتها ضد قوات سوريا الديمقراطية وانسحابها من دير الزور لحماية قلب الأكراد في الحسكة، ما يعني استغلال داعش للوضع من خلال إخراج مقاتليه السابقين من سجون قوات سوريا الديمقراطية، ويسمح بإشعال حريق هائل في المنطقة مرة أخرى من قبل تنظيمات إرهابية لإعادة انتشارها في العراق.

إن إعادة تشكيل داعش في سوريا تعني إعادة التاريخ لنفسه بالنسبة إلى الحكومة العراقية، إذ ستكون للتنظيم القدرة على الاندفاع إلى العراق. لذلك باتت المخاطر التي تهدد أمن وسيادة العراق عالية، ومع وجود معسكر اللاجئين (الهول) الذي يحوي الآلاف من الدواعش وعوائلهم وهم مستعدون تماما للقتال مرة أخرى في أي جبهة وأي مكان وتحت أي قيادة. لذلك باتت الأوضاع مفتوحة على جميع الاحتمالات والأوجه، وأن الأرض خصبة جدا للتحرك من قبل هذه العصابات والتي ستواجه بقوة وحسم من قبل العراق، الذي استعد بكل إمكانياته وقدراته الأمنية والتسليحية لكي لا يعود إلى حقبة عام 2014 التي ضاع فيها ثلث أرض العراق تحت سطوتها، وحتى لا يتكرر هذا السيناريو المظلم مرة أخرى.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية