الصومال.. بين كارثة المجاعات وإرهاب الجماعات المسلحة

الصومال.. بين كارثة المجاعات وإرهاب الجماعات المسلحة

الصومال.. بين كارثة المجاعات وإرهاب الجماعات المسلحة


17/10/2022

خيّم على الصومال طوال الفترة الماضية الكثير من الأزمات والكوارث، من أهمها المجاعات والجفاف، إلى جانب نشاطات الجماعات الإرهابية التي فاقمت معاناة المواطنين.

 وضرب الجفاف مناطق شاسعة في الصومال، وقد تسبب في سوء تغذية أكثر من مليون و(800) ألف طفل في الصومال، ونزوح مئات الآلاف من المناطق المتأثرة بالجفاف، لتطلق الأمم المتحدة ناقوس الخطر وتناشد المجتمع الدولي لتوفير المساعدات اللازمة لتوفير الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية في مناطق الصومال، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس".

 ومن مقديشو، كان رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مارتن غريفيث قد أطلق نداء للمجتمع الدولي لمساعدة هذه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، بينما تلوح بوادر المجاعة المحتملة مثل؛ تفشي سوء التغذية، وتزايد الوفيات بين الأطفال.

 وهذه المرة، حددت الأمم المتحدة إطاراً زمنياً واضحاً للكارثة المحتملة، وأشار غريفيث في تصريح أوردته وكالة "رويترز" إلى أنّ المجاعة المحتملة قد تحدث بين شهري تشرين الأول (أكتوبر) الجاري وكانون الأول (ديسمبر) المقبل، في حال لم يكن هناك تحرك دولي عاجل لمساعدة الصومال على مواجهة هذا الوضع.

 هذا، وتفيد أرقام الأمم المتحدة والحكومة الصومالية بأنّ نحو (7.8) ملايين، من مجموع سكان الصومال (16) مليوناً تقريباً، يحتاجون إلى مساعدة غذائية.

 وكانت مجلة "تايم" (TIME) الأمريكية قد نقلت عن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال آدم عبد المولى قبل نحو شهرين أنّ آلاف الصوماليين توفوا بالفعل جراء نقص الغذاء، وأنّ هذا مؤشر على ما سيحدث قريباً فيها.

ضرب الجفاف مناطق شاسعة في الصومال، وقد تسبب في سوء تغذية أكثر من مليون و(800) ألف طفل

 وفي حزيران (يونيو) الماضي نشر مكتب رئاسة الوزراء الصومالية تقريراً ذكر فيه أنّ الجفاف شرد نحو (700) ألف قروي من مناطقهم، وتوجهت أعداد من هؤلاء إلى المدن وخاصة العاصمة مقديشو بحثاً عن الغذاء، علماً أنّ عائدات المحاصيل الزراعية تشكل مصدر الدخل الأساسي لنحو 80% من الصوماليين.

 كما ألحق الجفاف ضرراً بأكثر من (9) ملايين رأس من المواشي، بما يعادل 17% من الثروة الحيوانية في البلاد، وفقاً للمصدر نفسه.

 ويشهد الصومال أسوأ موجة جفاف منذ (4) عقود، وتحولت مناطق واسعة من البلاد إلى جرداء قاحلة، وأدى الجفاف إلى تلف المحاصيل الزراعية.

 ومنذ مطلع 2021 تسببت هذه الكارثة الطبيعية في نزوح أكثر من مليون شخص، وفق بيانات للمفوضية الأممية للاجئين والمجلس النرويجي للاجئين.

الأمم المتحدة تحدد إطاراً زمنياً واضحاً للكارثة المحتملة، وأشارت إلى أنّ المجاعة المحتملة قد تحدث خلال الشهرين المقبلين

 

 ونتج هذا الجفاف -الذي يقول خبراء إنّه يحدث بسبب التغيرات المناخية التي تشمل معظم مناطق العالم- عن تعاقب (4) مواسم أمطار غير كافية، في ظاهرة غير مسبوقة منذ (40) عاماً على الأقل، وهناك توقعات بموسم خامس جاف على الأبواب، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

وكانت للحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا منذ 24 شباط (فبراير) الماضي تداعيات خطيرة على الصومال الذي يستورد من البلدين 90% من استهلاكه من القمح.

 ووفقاً لمجلة تايم، فقد استورد الصومال عام 2020 قمحاً من روسيا وأوكرانيا بنحو (18) مليون دولار.

 أمّا عن المساعدات الإنسانية، فقد قال مسؤول صومالي في تصريح صحفي أوردته وكالة "فرانس برس": إنّ الأمم المتحدة طلبت (1.5) مليار دولار لمواجهة الجفاف وتداعياته في الصومال، ولم يُجمع منها سوى نحو (400) مليون دولار فقط، موضحاً أنّ أزمة أوكرانيا صرفت أنظار المانحين عن أزمة الجفاف وتداعياتها في الصومال.

 أمّا عن دور دول الخليج في دعم الصومال، فخلال الفترة الأخيرة قدّمت المملكة العربية السعودية عدداً من المساعدات، وضمن تدخل عاجل لتغطية الاحتياجات العاجلة للمتضررين من الجفاف في الصومال قامت الرياض بتأمين (2838) طناً من السلال الغذائية لـ (254.184) فرداً، وفق ما نقلت وكالة واس.

 وأمّا عن المساعدات الإماراتية للصومال، فيقول برنامج الأغذية العالمي: إنّ الإمارات واحدة من أكبر داعمي أهدافه التي تركز على توفير الأغذية للدول الأكثر احتياجاً.

 الدعم الإماراتي قديم ومتواصل للصومال

 ووفقاً لما نقلته صحيفة "الإمارات اليوم" أول من أمس عن ممثل البرنامج في منطقة الخليج عبد المجيد يحيى، فإنّ الدعم الإماراتي قديم ومتواصل للصومال، ويشمل المساعدات الإنسانية والعسكرية والاقتصادية.

 وفي البحرين، قدَّم الهلال الأحمر (50) ألف دولار لدعم المتضررين من الأزمة في الصومال، وذلك استجابة لنداء عاجل أطلقه الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في 30 آب (أغسطس) 2022.

والشبح الاخر الذي يخيّم على الصومال هو شبح الإرهاب، مع عودة نشاطات حركة الشباب الإرهابية.

الأمم المتحدة والحكومة الصومالية: نحو (7.8) ملايين، من مجموع سكان الصومال (16) مليوناً تقريباً، يحتاجون إلى مساعدة غذائية

 

 وأشارت التقارير الواردة من إقليم شبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي إلى أنّ القوات الصومالية نجحت اليوم في طرد مقاتلي حركة الشباب من مناطق تابعة لمدينة بلعد الزراعية.

 وأضافت التقارير التي نقلها موقع "الصومال الجديد" أنّ القوات أحكمت سيطرتها على عدة قرى، من بينها ياكلي ومكاديري ودباكو وكورابي وشانلوو وفربراكي، التي كانت  خاضعة لمقاتلي الحركة.

 وكان الجيش الصومالي، بدعم من الميليشيات العشائرية، يقوم في الآونة الأخيرة بعمليات عسكرية ضد مقاتلي حركة الشباب في عدة مناطق بولاية هيرشبيلي.

 وقد نجحت قوات الحكومة الصومالية المدعومة من الميليشيات المحلية في تحرير أكثر من (40) قرية وقتل قرابة (500) عنصر من مقاتلي حركة الشباب في الأسابيع الـ (3) الماضية في العمليات الجارية بوسط الصومال.

منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال: آلاف الصوماليين توفوا بالفعل جراء نقص الغذاء

 

 وعن إرهاب حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة، فقد شهدت مدينة "ساكو" في إقليم جوبا الوسطى في جنوب الصومال جريمة جديدة للحركة، التي أعدمت (6) رجال في المدينة بتهمة التجسس.

 وقالت الحركة: إنّ الرجال الـ (6) كانوا يعملون لحساب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ولكن لم يتضح ما إذا كانوا أعضاء في الجماعة، حسبما نقلت وكالة الأنباء الصومالية.

عودة نشاطات حركة الشباب الإرهابية

وتستهدف حركة الشباب بانتظام أشخاصاً تقول إنّهم جواسيس، وتعدمهم بعد تعرّضها لغارات جوية من قبل الطائرات الأمريكية بدون طيار.

وتأتي عملية الإعدام بعد نجاح الجيش الأمريكي مؤخراً في اغتيال عبد الله نذير، أحد مؤسسي حركة الشباب في منطقة "الحرم" بإقليم جوبا الوسطى.

 وكان نذير أحد القادة الـ (7) في حركة الشباب الذين وعدت الولايات المتحدة بتقديم مكافأة قدرها (3) ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليهم.

 هذا، وشهدت الصومال طوال الفترة الماضية سلسلة تفجيرات راح ضحيتها عدد من المدنيين، تحمل بصمات حركة الشباب، رغم أنّها لم تعلن عن تبنّيها.

قوات الحكومة الصومالية تحرر أكثر من (40) قرية، وتقتل قرابة (500) عنصر من مقاتلي حركة الشباب في الأسابيع الـ (3) الماضية

 

 وفي سياق متصل، قالت الحكومة الصومالية مطلع تشرين الأول (أكتوبر): إنّها قتلت   أحد مؤسسي حركة الشباب الإسلامية المتشددة عبد الله نادر، في عملية نُفّذت بالتعاون مع شركاء دوليين، وأعلنت مقتل (8) أشخاص على الأقل، بينهم مسؤولون حكوميون، في تفجير انتحاري بسيارتين مفخختين وسط البلاد.

 وقالت وزارة الإعلام الصومالية في بيان نقلته وكالة الأنباء الوطنية الصومالية: إنّ نادر كان المدّعي العام لحركة الشباب، وكان مرشحاً ليحل محل زعيم الحركة أحمد الدرعي المريض.

 وورد في بيان الوزارة أنّ "موته بمثابة شوكة أُزيلت من حلق الأمّة الصومالية"، مضيفة أنّ "الحكومة ممتنة للشعب الصومالي والأصدقاء الدوليين الذين ساهم تعاونهم في قتل ذلك القيادي الذي كان عدواً للأمّة الصومالية"، حسب تعبيرها.

وقد قُتل (200) مسلح من حركة الشباب الصومالية الأسبوع الماضي، خلال عملية عسكرية للجيش بإقليم هيران وسط البلاد، حسب وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.

مقتل (200) مسلّح من حركة الشباب الصومالية الأسبوع الماضي، خلال عملية عسكرية للجيش بإقليم هيران وسط البلاد.

 

 وأفادت الوكالة، نقلاً عن مصادر أمنية لم تسمّها، بأنّ وحدات من الجيش، بالتعاون مع ميليشيات عشائرية مسلحة، شنت هجوماً مباغتاً على عناصر من مقاتلي الشباب قرب بلدة جعيبو بالإقليم.

 وأضافت أنّ العملية العسكرية جاءت بعد أن تلقت وحدات من الجيش معلومات حول تسلل عناصر من الشباب إلى البلدة، ممّا أدى لاندلاع مواجهات عنيفة بين عناصر الحركة وأفراد الجيش.

 من ناحية أخرى، تحاول حكومة الصومال تجفيف مصادر تمويل الحركة، وقد هددت الحكومة الصومالية السبت الماضي بفرض عقوبات على الشركات التي تدفع أموالاً لحركة الشباب الإسلامية المتطرفة.

 وقالت وزارة التجارة والصناعة الصومالية: إنّ القانون سيطبّق بالكامل بحق التجار الذين يدفعون أموالاً للحركة الحليفة لتنظيم القاعدة، والتي يقول خبراء إنّها تجمع ملايين الدولارات عبر نظام ضريبي معقّد وشامل، حسبما نقلت وكالة الأناضول.

 وأشارت الوزارة إلى أنّ أيّ شركة يتبين أنّها دفعت أموالاً لحركة الشباب أو تعاونت معها، "ستواجه إجراءات قانونية" تشمل إلغاء تصاريح التجارة الصادرة عن الحكومة.

 وقالت الوزارة في رسالة للتجار: "أيّ تاجر يلتزم بالتعليمات الصادرة عن الإرهابيين ويدفع لهم، لن يسمح له بممارسة الأعمال التجارية في الصومال مرة أخرى".

 وتابعت: "أيّ شركة يتبين أنّها تضم أعضاء في حركة الشباب أو ترعى بضائعهم، ستصادر الحكومة ممتلكاتها، بما في ذلك العقارات".

 وتفرض حركة الشباب ضرائب على العقارات والشحن البري عند نقاط تفتيش، إضافة إلى رسوم على واردات تمرّ عبر الميناء الرئيسي في العاصمة، وفقاً لتقرير صدر عام 2020 عن معهد هيرال في مقديشو.

 وقدّر المعهد حينذاك أن يكون الإسلاميون المتشددون يجنون (15) مليون دولار على الأقلّ كل شهر، ممّا يشكّل عاملاً منافساً لجهود الحكومة في تحصيل الضرائب.

 كما أعلنت الحكومة الصومالية الأسبوع الماضي شنّ حملة على وسائل الإعلام التي تنشر ما تعتبره مقديشو دعاية لحركة الشباب الإسلامية المتشددة، محذّرة من معاقبة المخالفين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية