
تواصل دولة الإمارات العربية جهودها على الصعيدين الإغاثي والسياسي، من أجل احتواء تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وتخفيف الآثار المدمرة على المدنيين، انطلاقاً من الواجب الإنساني والالتزام الإماراتي تجاه الأشقاء العرب.
على الصعيد السياسي، حثّ المستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش، خلال حديثه في مؤتمر الحوار الاستراتيجي في أبوظبي، إدارة ترامب الجديدة على إعطاء الأولوية لاستراتيجية شاملة، بدلاً من النهج "التفاعلي والمجزأ". وأضاف أنّه من الضروري أن ندرك أنّ المشاركة لا تكفي أبداً، فنحن في حاجة إلى زعامة قوية تعطي الأولوية للاعتبارات الإنسانية، إلى جانب المصالح الاستراتيجية.
وأكّد قرقاش أنّه يتعين على الإدارة الأمريكية القادمة أن تتجنب السياسات التفاعلية والجزئية على حساب النهج الشامل الذي يهدف إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي.
الدعوة إلى حماية المدنيين
دعت الإمارات العربية قادة العالم إلى التركيز على حماية المدنيين، والعمل على خفض التصعيد وسط الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط. وسلّط أنور قرقاش الضوء على الحاجة إلى يد ثابتة لمعالجة تعقيدات المنطقة. وحث على الوصول إلى أفق سياسي جاد لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيراً إلى أنّ حل الدولتين ضروري للسلام الدائم.
ووصف قرقاش العنف الإسرائيلي تجاه المدنيين في غزة بأنّه "إجرامي وغير مقبول".
وفي سياق موازٍ، بحث رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مع الملك عبد الله الثاني، خلال اتصال هاتفي في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، الجهود العربية المبذولة لإنهاء الحرب على غزة ولبنان.
وتناول الاتصال ضرورة البناء على مخرجات القمة العربية والإسلامية غير العادية، التي عقدت مؤخراً في الرياض للوصول إلى تهدئة إقليمية شاملة؛ وتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، بحسب بيان للديوان الملكي الأردني.
إغاثة لبنان وغزة
على الصعيد الإغاثي، أرسلت دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الثلاثاء 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري طائرتها الـ (18) إلى لبنان، محملة بـ (40) طناً من الإمدادات الطبية، في إطار حملة "الإمارات معك يا لبنان".
يُذكر أنّه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أطلق رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد جسر الإغاثة الجوي الإماراتي لتوصيل المواد الغذائية الأساسية والطبية والمأوى بشكل عاجل إلى لبنان لمساعدة الأشخاص المتضررين من الصراع.
وفي إطار خطة العمل المعتمدة، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون الوثيق مع الوكالات الدولية، مثل: منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، من أجل إغاثة اللبنانيين.
من جهته، أكد سلطان الشامسي، مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والمنظمات الدولية وعضو المجلس العالمي للعمل الإنساني والخيري، على استمرار دعم دولة الإمارات للشعب اللبناني، وحرصها على تزويده بالأدوية والمستلزمات الطبية، ومساعدته على التعافي من الصراع وتحقيق الأمن والاستقرار.
وقال الشامسي: إنّ دولة الإمارات بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أصبحت من الدول الرائدة عالمياً في دعم المتضررين من الحروب والصراعات والكوارث والأزمات.
وقال: إنّه في إطار الالتزام الإنساني العميق لدولة الإمارات العربية المتحدة، ونهجها الثابت في تقديم المساعدة لمن يحتاجها، بغضّ النظر عن الموقع أو الظروف أو الأزمات، فإنّها ستواصل توفير الإمدادات الأساسية لتلبية الاحتياجات الأساسية لجميع اللبنانيين، سواء داخل البلاد أو اللاجئين الذين يعيشون في الخارج.
من جهة أخرى، وصلت يوم السبت 16 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى ميناء العريش بمحافظة شمال سيناء المصرية سفينة المساعدات الإماراتية الخامسة المتجهة إلى قطاع غزة، وعلى متنها (5112) طناً من المساعدات الإنسانية، تمهيداً لدخول حمولتها إلى القطاع، ضمن عملية "الفارس الشهم 3". وكانت السفينة قد انطلقت من ميناء الحمرية بدبي في 30 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي محملة بالمواد الغذائية والإيوائية والطبية، بالإضافة إلى (5) سيارات إسعاف، قدمتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وشركة الفوعة للتمور، وبذلك يرتفع إجمالي المساعدات المقدمة لغزة إلى أكثر من (34) ألف طن.
الإمارات أطلقت ضمن عملية "الفارس الشهم 3" عدداً من المبادرات، من بينها إنشاء مستشفيين ميدانيين، أحدهما داخل قطاع غزة، والآخر مستشفى عائم قبالة سواحل مدينة العريش، بالإضافة إلى إنشاء (5) مخابز آلية. وتم توفير الدقيق لـ (8) مخابز قائمة في غزة، وإنشاء (6) محطات تحلية تنتج (1.2) مليون جالون مياه يومياً، يتم ضخها إلى قطاع غزة، ويستفيد منها أكثر من (600) ألف شخص.
كما انطلقت عملية "طيور الخير"، التي تمكنت من تنفيذ (53) عملية إنزال جوي ناجحة للمساعدات الإنسانية على مناطق معزولة في شمال قطاع غزة، لا يمكن الوصول إليها براً، وبلغ إجمالي المساعدات التي تم إسقاطها حتى الآن (3623) طناً من المساعدات الإغاثية والإنسانية.
وكان رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد أصدر في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المرسوم الاتحادي رقم (27) لعام 2024، بإنشاء هيئة الإمارات للمساعدات الإنسانية والخيرية التابعة للمجلس الدولي للأعمال الإنسانية والخيرية، وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية المستقلة والأهلية القانونية الكاملة للتصرف.
وتتولى الهيئة تنفيذ برامج المساعدات الخارجية، بما يتماشى مع السياسة العامة للشؤون الإنسانية الدولية. وتشمل مسؤولياتها التخطيط والإشراف على تنفيذ ومراقبة الدعم الحكومي الرسمي، مع التركيز بشكل خاص على الإغاثة من الكوارث، وبرامج التعافي المبكر، وتحقيق الاستقرار بعد الصراع، وبرامج التنمية، وبرامج بناء القدرات.