عداء الإخوان للإمارات.. إلى أين؟

عداء الإخوان للإمارات.. إلى أين؟

عداء الإخوان للإمارات.. إلى أين؟


10/11/2024

الشيخ ولد السالك

قبل أيام، وأنا أتنقل بين صفحات الإنترنت، وقفتُ على مقطع فيديو لإمام مسجد موريتاني، ينتقد فيه وزير الشؤون الإسلامية الموريتاني على تعليق له بعد زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ قال الوزيرُ إن الدول الإسلامية مطالبة بأن تفهم الإسلام كما تفهمه دولة الإمارات وأن تحذو حذوها .

ويبدو أن هذا التصريح رفع درجة الحرارة على ترمومتر ماكينة الإخوان في موريتانيا، وفي غيرها من الدول، حدّ ادّعاء الإمام الإخواني أن الإمارات دولة تعادي الإسلام والمسلمين، وأنها تمد يد العون للصهاينة، مضيفا أن الإمارات لديها دين جديد تريد تطبيقه، إلى غير ذلك من التلفيق والزور والبهتان .

هذا الإمام ليس حالة فريدة في عالمنا العربي، فالجميع يلاحظ موجة غير طبيعية من عداء هذه الجماعة لدولة الإمارات، وهي موجة انطلقت أساسا مع بداية "الربيع العربي"، بعد تفكيك واعتقال الإمارات لخلية الإخوان المعروفة، ووقوفها ضد ركوب الإخوان لـ"الربيع العربي" من أجل سرقة ثورات الشعوب.

ارتفعت وتيرة معاداة الإمارات إعلامياً خلال مقاطعة الدول الخليجية ومصر لدولة قطر، ثم زادت موجة خطاب الكراهية ضد الإمارات عقب اتهامها ظلماً بخصوص العلاقة الدبلوماسية بينها وإسرائيل. مع العلم أنها دولة من بين دول عربية وإسلامية عدة مارست هذا الحق السيادي، الذي لم يغير أي شيء في التزامها المبدئي الثابت بقضية الشعب الفلسطيني.

وها هم الإخوان ينقمون من الإمارات كونها الدولة الأولى عالميا في دعم الفلسطينيين، بحسب كل الإحصاءات والمؤشرات الدولية، وبفارق كبير عن أقرب الدول. من الواضح أن وتيرة هذه الكراهية تصاعدت خلال حرب غزة، للتغطية على الدور الإنساني الكبير الذي تبذله الإمارات في غزة، ووصل الأمر بالجماعة إلى عقد اجتماعات خاصة تتدارس فيها تصعيد الهجمة الإعلامية على دولة الإمارات.

خرجت الاجتماعات بالإيعاز لآلتهم الإعلامية بتكثيف أحاديث الإفك، وبتداول المزيد من الأخبار الكاذبة عن تعاون إسرائيلي – إماراتي مزعوم، في مسعى خبيث للتغطية على الدور الإنساني الإماراتي الموجه لشعب غزة من خلال عملية “الفارس الشهم 3” وهي إحدى أضخم وأنجع العمليات الإغاثية الإماراتية.

تمكنت هذه الحملة من تحقيق إنجازات ضخمة، تجلت في الخدمات الصحية، وأحدثها نقل أكثر من 200 مريض بالسرطان من غزة للعلاج في الإمارات هذا الأسبوع. لينضموا إلى أكثر من 2000 نصفهم تقريبا من مصابي السرطان، والنصف الآخر من الأطفال الجرحى الذين نقلوا خلال الشهور الماضية للعلاج في مستشفيات الإمارات، مع مرافقيهم.

وفي غزة نفسها، أنشأت دولة الإمارات خلال العام الماضي مستشفى ميدانيا في رفح، به عدة عيادات متخصصة، وقدم العلاج حتى الآن لما يربو على 50 ألف مصاب. فضلا عن المستشفى الإماراتي العائم في العريش، الذي عالج حتى الآن أكثر من 5 آلاف مصاب من أهالي غزة.

وقدمت الأيادي الإماراتية الدعم للقطاع الصحي في غزة، بنحو 800 طن من المساعدات الطبية، تتضمن الأدوية والإسعافات والمستلزمات والأجهزة، إلى جانب الإسهام في إعادة تأهيل وتوسعة المستشفيات والمراكز الصحية التي تضررت خلال الحرب، لتعزيز كفاءتها.

وأطلقت الإمارات حملة التطعيم ضد شلل الأطفال بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، واليونيسيف والأونروا، لأكثر من 640 ألف طفل في غزة. وأرسلت الإمارات حتى الآن 273 طائرة شحن، و5 سفن محملة بالمساعدات الإنسانية والطبية، فضلا عن 6 سفن من قبرص إلى قطاع غزة، وأدخلت نحو 1300 شاحنة بإجمالي أكثر من 34 ألف طن.

هذه المساعدات تشمل الغذاء والخيام والملابس والأدوية اللازمة للعائلات النازحة. وأسقطت طائرات القوات الجوية الإماراتية – عبر حملة “طيور الخير” – المساعدات الإنسانية فوق المناطق التي يصعب الوصول إليها براً، ونفذت حتى الآن 53 عملية إسقاط أكثر من 3600 طن من المواد الإغاثية. ولم تتوقف الإمارات عند هذا الحد، بل قدمت دعماً شاملاً للقطاعات المحلية والبلديات في غزة من خلال توفير معدات للصرف الصحي وتحلية المياه ونقلها (6 محطات للتحلية)، وتنفيذ مشاريع إصلاح خطوط المياه والآبار، وتوزيع المياه في مراكز الإيواء.

طبيعيٌ أن يواجَه هذا الدور الإنساني الذي تقوم به دولة الإمارات في غزة بهذا الهجوم الشرس، إذ أن جماعات الإسلام السياسي لا تريد للإمارات أن تُذكر بخير في المجال الإنساني. فضلا عن كونها قطبا إقليميا عالميا رائدا في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والفضاء والاقتصاد والتجارة والصناعة والثقافة والفن والسياحة، يستقطب الكفاءات والشركات والاستثمارات، وتهفو إليه قلوب شباب العرب والعالم.

المتابع لسياسة دولة الإمارات يدرك بكل وضوح أنها ترتكز على ثلاثة أسس صلبة، منذ أيام الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، أولها سياسة الوفاق الواسع ولمّ الشمل وتوطيد الروابط مع جميع الأمم والشعوب وفي مقدمتها الأمة العربية الإسلامية. وثانيها نبذ الكراهية والعنف ونشر السلم والتسامح وتأكيد قيم الأخوة الإنسانية. وثالثها تصدّر بلدان العالم في سياسة العون الإنساني والمساعدات الاجتماعية وبرامج التنمية المختلفة، وقد برز ذلك جليا منذ تأسيس الدولة على يد زايد الخير.

بهذه المرتكزات الثلاثة تصبح مهمة نشر الكراهية ضد الإمارات صعبة جداً، وتحتاج إلى جهود كبيرة، وربما ما يساعد أعداء الإمارات هو سيطرتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. فلا يخفى على أيّ متابع لهذه الوسائط أنها معقل جماعات الإسلام السياسي والتيار القومي العروبي المتعصب وجماعات اليسار الراديكالي، وجميع هذه التيارات تناصب العداء لدولة الإمارات، ربما ليس بالدرجة نفسها لكن الأكيد أن جماعات الإسلام السياسي هي الأشد ضراوة في هذا العداء.

عداء الإسلام السياسي لا يقتصر على دولة الإمارات فقط بل تمتد كراهيتهم أيضا إلى المملكة العربية السعودية والأمير محمد بن سلمان ولي العهد، إلا أن تنظيم الإخوان لا يزال يحدوه الأمل لفتح صفحة جديدة مع المملكة، لذلك يضمرون من الكراهية والعداء للسعودية ما يظهرون للإمارات التي يرون بابها مسدودا أمامهم.

لو نزلت دولة الإمارات بشعبها وجيشها وحررت كامل التراب الفلسطيني فلن يرضى عنها تنظيم الإخوان، وسيعتبر ذلك احتلالا جديدا لأرض فلسطين، وبالمقابل لو فتحت الإمارات بابا للحوار مع الإخوان ستكون الإمارات "أعظم دولة تطبق شرع الله على وجه الأرض". مشكلة أعضاء تنظيم الإخوان مع الإمارات مشكلة تتعلق بمصالحهم الشخصية، وبعيدة كل البعد عمّا يروجون له.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية