جماعة الإخوان المسلمين في الأردن: تنظيم غير شرعي يهدد الأمن والاستقرار المجتمعي

جماعة الإخوان المسلمين في الأردن: تنظيم غير شرعي يهدد الأمن والاستقرار المجتمعي

جماعة الإخوان المسلمين في الأردن: تنظيم غير شرعي يهدد الأمن والاستقرار المجتمعي


27/10/2024

في ظل التطورات السياسية والاجتماعية المتسارعة إقليمياً، تشهد الساحة الأردنية تصاعداً في التحركات الراهنة لجماعة الإخوان المسلمين، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها السياسي والاجتماعي، على الرغم من القيود القانونية المفروضة عليها، في محاولة واضحة لتوظيف الأحداث في غزة لإثارة الداخل الأردني، واللعب على قضايا أخرى محلية مثل قضايا الفقر والبطالة والظروف الاقتصادية المتردية، لبث رسائل تحريضية تستهدف استقطاب الشارع الأردني وكسب التأييد الشعبي، ممّا يزيد من حالة التوتر مع الدولة التي تعتبر هذه التحركات تهديداً للأمن والاستقرار

في المقابل، تأتي ردود فعل الحكومة تجاه أنشطة الجماعة حازمة، فقد اتخذت إجراءات صارمة للحدّ من نفوذها في المؤسسات الاجتماعية والتعليمية، في محاولة لتجنب احتمالات صدام مباشر قد يؤثر على استقرار البلاد.

خارطة التنظيم بالأردن

يُعدّ تنظيم الإخوان المسلمين في الأردن امتداداً للفكر الإخواني الذي نشأ في مصر على يد حسن البنا في العشرينيات من القرن الماضي، وتمكن بمرور الوقت من التغلغل في العديد من الدول العربية والإسلامية، وعلى الرغم من أنّ التنظيم اتخذ في الأردن قناع العمل الخيري والدعوي، إلا أنّ خلفية الجماعة الإيديولوجية ترتكز على منهج متشدد وسعي لاكتساب نفوذ سياسي يتجاوز حدود الدولة الوطنية، ممّا جعلها مصدر تهديد للأمن المجتمعي والسياسي. وبتحليل أعمق لأنشطة الجماعة، يتضح أنّها تسعى بشكل غير مباشر إلى تقويض النظام الملكي الأردني وتغذية التوترات الاجتماعية، ممّا يجعلها أحد أخطر التنظيمات على المجتمع الأردني.

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: حسن البنا

وقد استطاعت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن منذ تأسيسها أن تتسلل إلى نسيج المجتمع، متسترة بقناع العمل الخيري والدعوي، لتتمكن من بناء قاعدة شعبية واسعة. وقد أنشأت الجماعة شبكة من المؤسسات التعليمية والطبية والجمعيات الخيرية، ممّا سمح لها بالتغلغل في مختلف فئات المجتمع الأردني.

 ويؤكد الخبير السياسي الأردني د. محمد العوران أنّ "الجماعة تستخدم المؤسسات الخيرية كواجهة لاستقطاب الشباب ونشر الفكر الإخواني، مستغلة بذلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة"، هذه المؤسسات لا تهدف في المقام الأول إلى تقديم المساعدة بقدر ما تسعى إلى تحقيق أجندة سياسية، وبناء قاعدة داعمة للجماعة داخل الأردن يمكن أن تستغلها في أيّ لحظة لتحقيق مكاسبها السياسية.

التحركات السياسية المريبة

ترتبط جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بفكر إيديولوجي عابر للحدود، حيث تتبع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتشارك في تبنّي استراتيجيات سياسية متطرفة، ويرى الباحث في شؤون الأمن القومي مازن الحوراني أنّ "الجماعة تتلقى دعماً غير مباشر من جهات إقليمية، تستفيد من نشر الفوضى وخلق نقاط ضغط على الأنظمة التي تعارضها." 

وقد ظهر هذا التأثير جلياً في مرحلة الربيع العربي، حين دعمت الجماعة دعوات الاحتجاجات والإصلاحات السياسية بطرق توحي بنية خفية لزعزعة استقرار النظام. إنّ علاقات الجماعة الخارجية والتمويلات التي تحصل عليها تجعلها قابلة للاستغلال من قبل أطراف خارجية تسعى لزعزعة استقرار الأردن وجعله بؤرة للصراعات الإقليمية، ممّا يزيد من خطورة هذا التنظيم على سيادة الدولة وأمنها القومي.

إثارة التوترات المجتمعية والدعوات الطائفية

أحد أخطر جوانب نشاط الجماعة في الأردن هو إثارتها للتوترات الاجتماعية والطائفية، ومحاولتها زرع الفرقة بين أبناء المجتمع الأردني، ويشير المحلل الاجتماعي حسام الرمحي إلى أنّ "الجماعة تستغل قضايا العدالة الاجتماعية والاقتصادية لتأجيج الصراعات داخل المجتمع، وتحريض المواطنين على الدولة تحت ستار المطالبة بالإصلاحات"، وتعمل الجماعة على استغلال الفقر والبطالة وغيرها من التحديات الاقتصادية كأدوات لبث التذمر والسخط بين فئات الشعب، ممّا يؤدي إلى زعزعة النسيج الاجتماعي واستغلاله لتحقيق أجندتها السياسية. 

علاوة على ذلك، ترتبط بعض خطابات الجماعة بتحريض طائفي يدعو إلى تبنّي تصورات متطرفة حول الهوية والانتماء، ممّا يجعلها خطراً على التعايش السلمي بين مكونات المجتمع.

التعليم وتمرير الإيديولوجيا المتطرفة

تُعدّ المؤسسات التعليمية إحدى أدوات جماعة الإخوان المسلمين لنشر فكرها المتطرف بين الشباب الأردني. فقد أنشأت الجماعة مدارس ومراكز تعليمية تتبنّى نهجاً دينياً متشدداً، يسعى إلى بناء أجيال تابعة لإيديولوجيتها. ويرى الباحث في الشؤون التربوية الدكتور خالد الزواوي  أنّ "الجماعة تستغل ضعف الرقابة على المناهج التعليمية في بعض المدارس التابعة لها لبث الأفكار المتشددة التي تتعارض مع قيم التسامح والمواطنة." ويشكّل هذا التسلل تهديداً للأجيال الناشئة، ويزيد من احتمال انضمام الشباب الأردني إلى جماعات متطرفة مستقبلاً، حيث تؤدي هذه المناهج إلى تقويض الهوية الوطنية، وتشجيع الانتماء لجماعات ذات أجندات متطرفة.

خطورة الجماعة على السيادة الوطنية وتماسك الدولة

تمثل جماعة الإخوان المسلمين تهديداً مباشراً للسيادة الوطنية الأردنية، وتتبنّى الجماعة فكرة إقامة نظام ديني يتجاوز حدود الدولة الحديثة، ويستند إلى إيديولوجيا تتعارض مع النظام الملكي القائم. ويرى المحلل السياسي سعد المولى أنّ "الجماعة لا تؤمن بفكرة الدولة الوطنية، وتتبنّى منهجاً عابراً للحدود يجعل ولاءها لفكر التنظيم الدولي، ممّا يضعها في موضع تصادمي مع النظام الملكي في الأردن." هذا التوجه يعكس خطورة الجماعة، لأنّها تسعى لتحقيق أجندات قد لا تتوافق مع مصالح الأردن، ممّا يشكل تهديداً لاستقراره واستقلاله السياسي.

وتستغل جماعة الإخوان المسلمين الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الأردن لتحريض الشارع ضد الحكومة، مستخدمة خطاباً يشير إلى فشل النظام في تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين الأوضاع المعيشية. ويعتبر الباحث الاقتصادي محمد خليل أنّ "الجماعة تستغل معاناة المواطنين وتلعب على وتر الحاجات الأساسية من خلال الدعوة إلى احتجاجات وإضرابات قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار المجتمعي". إنّ استغلال الإخوان للأزمات الاقتصادية يهدف إلى إثارة غضب الشارع ودفعه للتمرد على النظام، وهو ما يمثل خطراً حقيقياً على السلم والأمن المجتمعي.

الصراعات الداخلية

أدت الضغوط الحكومية والتضييق القانوني على جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إلى حدوث انقسامات داخلية في صفوفها، وباتت بعض التيارات داخل الجماعة تميل إلى اتخاذ مواقف أكثر تشدداً، في محاولة للتصدي لما تعتبره قمعاً حكومياً. 

أدت الضغوط الحكومية والتضييق القانوني على جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إلى حدوث انقسامات داخلية في صفوفها

ويرى الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة د. حازم الطراونة أنّ "التصدعات داخل الجماعة قد تؤدي إلى ظهور تيارات أكثر تطرفاً، خصوصاً إذا انجذب بعض الأعضاء إلى أفكار الجماعات الجهادية التي تنشط في المنطقة." ومن شأن هذه الانقسامات أن تزيد من خطورة التنظيم على الأمن الداخلي، حيث يمكن أن تفرز الجماعة فصائل جديدة تسعى لتحقيق أهدافها من خلال أعمال عنف أو تقويض الأمن والاستقرار.

هل الصدام مع الدولة قادم؟

في ظل تصاعد نشاطات الجماعة وتحريضها، تبرز احتمالات المواجهة بينها وبين الدولة، ويرى المحلل السياسي سالم الفاضل أنّ "الحكومة الأردنية لا بدّ أن تتخذ خطوات حاسمة تجاه الجماعة لضمان استقرار البلاد وحماية سيادتها من مخاطر التنظيمات المتطرفة"، ويرى الفاضل أيضاً أنّ أيّ تهاون مع الجماعة قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن القومي الأردني، لأنّ السماح للجماعة بالعمل والنشاط يعزز من نفوذها وقدرتها على التأثير في الرأي العام، ممّا يجعلها قادرة على تنفيذ خطط تتعارض مع مصالح الدولة.

ختاماً؛ تُمثل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن خطراً حقيقياً على الأمن والاستقرار المجتمعي، لأنّها تسعى من خلال أنشطتها المختلفة إلى بثّ الأفكار المتطرفة وتقويض النظام القائم، فضلاً عن سعيها لتحقيق أجندات قد تتعارض مع مصلحة الوطن. ويجب على الحكومة الأردنية التعامل بجدية مع هذا الخطر، وتعزيز الرقابة على مؤسسات الجماعة، والحدّ من نشاطاتها، مع توعية المواطنين بخطورة هذا التنظيم وأهدافه الحقيقية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية