ما ملامح سياسات نتنياهو بعد عملية النصيرات واستقالة غانتس؟

ما ملامح سياسات نتنياهو بعد عملية النصيرات واستقالة غانتس؟

ما ملامح سياسات نتنياهو بعد عملية النصيرات واستقالة غانتس؟


11/06/2024

بالرغم من الصورة الهوليودية لعملية النصيرات التي أسفرت عن الإفراج عن (4) من المختطفين الإسرائيليين لدى حماس بوصفها عملية استخبارية، إلا أنّ هذه العملية ما زالت محاطة بكثير من الغموض، وتطرح تساؤلات أكثر ممّا تطرح إجابات، وتبقى محطة عابرة في ظل بقاء حوالي (120) من الإسرائيليين لدى حماس وفصائل المقامة، يشكلون الورقة الرئيسة وربما الوحيدة لدى حماس للضغط على نتنياهو، إلى جانب تنفيذ عمليات من قبل حماس خلال الاشتباكات المتواصلة في شمال ووسط غزة، بالإضافة الى جنوبها في رفح ومحيطها.

وإذا كانت عملية النصيرات محطة عابرة خضعت لتجاذبات اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو وحلفائه من جهة، والمعارضة بأطيافها المختلفة من جهة أخرى، وتصوير العملية بوصفها الأولى الأكثر نوعية التي يتم فيها تحرير أسرى أحياء منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، فإنّ استقالة غانتس ومعه آيزنكوت من مجلس الحرب الإسرائيلي تُعدّ محطة استراتيجية، ستكون لها تبعاتها وتداعياتها التي ستنعكس على الداخل الإسرائيلي ومستقبل الصراعات الحزبية، وعلى تطورات الحرب في غزة، بالإضافة إلى الهدنة الخاصة بتبادل الأسرى، وفقاً لمبادرة الرئيس بايدن الأخيرة، فيما تتم مراقبة دور الولايات المتحدة على صعيد علاقاتها مع إسرائيل بقيادة نتنياهو، ومواقفها من الهدنة وتبادل الأسرى.

 مؤكد أنّ حكومة نتنياهو بلا غانتس وآيزنكوت فقدت غطاءً مهماً كان قد وفره الوزيران، لا سيّما أنّهما العسكريان الوحيدان بمجلس الحرب ومعهما وزير الدفاع "غالانت" غير المتوافق مع نتنياهو، والذي أبدى مواقف أكثر ميلاً لثنائي غانتس وآيزنكوت، وقد بات في حكم المؤكد أنّ نتنياهو لم يعد يملك القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية، ويتوقع أن تزداد ضغوط حلفائه "سموريتش وبن غفير" للذهاب باتجاهات تتضمن مزيداً من التطرف، وبالتزامن ولتقوية تحالفه سيحاول نتنياهو استمالة "أحزاب يمينية بديلة"، وتحديداً ليبرمان وساعر، ومع أنّها تبقى سيناريوهات، لكنّه وخلافاً لتقديرات كثيرة، فإنّ نتنياهو ما زال يمتلك هوامش مناورة "في إطار التحالفات"، تمكنه من الاحتفاظ بتحالفه مع بن غفير وسموريتش، وضمان استمرار حكومته وإفشال مطالب المعارضة بانتخابات مبكرة، ولا يستبعد أن يكون خيار المعارضة الوحيد  والأكثر قبولاً ودعماً من قبل الإدارة الأمريكية هو إسقاط الحكومة من خلال الشارع، لا سيّما أنّ مؤشرات كثيرة تدل على أنّ غانتس سيعود بقوة إلى الشارع، لإعادة إنتاج أجواء ما قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

أمّا على صعيد الحرب في غزة، فإنّ تفرد نتنياهو وزيادة الضغوط عليه من قبل اليمين المتطرف ستدفع إلى مزيد من التشدد، وباتجاه أيّ صفقات قادمة، وتحميل حركة حماس مسؤولية إفشالها، خاصة أنّه منذ بداية الحرب فإنّ قضية الرهائن لا تشكل أولوية لدى اليمين الإسرائيلي، وهو ما يفسر هذا التوسع في الإعلان عن أعداد القتلى من الجنود والضباط لإرسال رسائل إلى المعارضة بأنّ الرهائن ليسوا بأفضل من هؤلاء الذين يضحون بأرواحهم في المعركة، وبالتزامن فإنّ تصعيداً متوقعاً في مستوى الوحشية والعمليات التي ينفذها الجيش ليس ضد المقاومة، بل ضد كل ما يتحرك في قطاع غزة، غير أنّ هذه العمليات ستكون أكثر حذراً بالتركيز على أهداف نوعية خاصة في مناطق رفح، ومن المرجح ألّا تشهد استراتيجيات العمليات القتالية للجيش تغييرات ذات دلالة، بمواصلة عمليات القصف الجوي والبحري من البر، والدخول إلى مناطق في غزة والانسحاب منها، بحجة توفر معلومات استخبارية دقيقة وملاحقة خلايا المقاومة، أو استهداف قيادات وكوادر من المقاومة .

ومن المرجح أن تتواصل العلاقة المتشنجة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، وستواصل واشنطن إدارة علاقاتها مع تل أبيب وفقاً لمحددات: العلاقة الاستراتيجية ودعم إسرائيل بالأسلحة، وبذل المزيد من الجهود لضمان عدم توسع الحرب وتحولها إلى حرب إقليمية، لا سيّما بين إسرائيل وحزب الله، وممارسة ضغوط على حزب الله لفرملة اندفاعات اليمين الإسرائيلي الذي يعمل على تسخين الجبهة مع حزب الله، ولا يستبعد هنا أن تحقق مفاوضات سرّية بين طهران وواشنطن نجاحات في ضبط ردود فعل حزب الله، وهو ما تحقق حتى الآن خلال الحرب، فيما شكلت تسريبات أمريكية، حول مفاوضات تُجرى مع حماس عبر القاهرة والدوحة لعقد صفقة منفصلة للإفراج عن الرهائن الأمريكيين الـ (5)، رسالة يأس أمريكية واعترافاً بأنّ حكومة نتنياهو تعطل إنجاز صفقة لتبادل الرهائن، ورغم أنّ الحديث عن مستقبل الحكم في غزة ما بعد الحرب يأخذ حيزاً من اهتمامات الإدارة الأمريكية، إلا أنّ هذا العنوان، ومع انخراط الإدارة الأمريكية في الحملة الانتخابية، فإنّه لا يتوقع أن يتجاوز حدود الخطاب الإعلامي، وسيبقى دون أيّ إجراءات تنفيذية على الأرض.

ورغم التوقعات الواسعة والمبررة بمزيد من التصعيد والتطرف في ظل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات استراتيجية، باستثناء مواصلة الرهانات على استمرار الحرب، وانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية، إلا أنّ هناك سيناريو لا بدّ من استمرار وضعه على الطاولة، وهو أن يعلن نتنياهو انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في غزة، وليس وقف إطلاق النار، ودون اتفاق أو صفقة، مع إجراءات تتضمن استمرار احتلال قطاع غزة عسكريّاً، وإنتاج قيادات سياسية غزاوية من خارج السلطة الفلسطينية وحماس لإدارة القطاع، وهو سيناريو يطرحه اليمين الإسرائيلي، ويقول إنّه على خُطا السيناريو الأمريكي في العراق بعد احتلاله عام 2003 .




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية