هل تقرع أجراس الكنائس في السعودية؟

السّعودية

هل تقرع أجراس الكنائس في السعودية؟


28/11/2017

تتميز المملكة العربية السعودية كونها تضم على أرضها الكعبة المشرفة، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، مما يجعل منها قِبلةً للمسلمين من كل أنحاء العالم حيث يحضرون إليها لأداء مناسك الحج، وأداء العمرة طوال العام تقريباً، مما جعل المملكة في قلب العالم الإسلامي، وممثلة له.
وانطلاقاً من هذا الدور، يمكن استخلاص كون المملكة تقبع في واجهة الحوار الإسلامي المسيحي بطبيعة الحال، ويشار أحياناً إلى إنّ أجراس الكنائس لا تدق في أرض المملكة العربية السعودية، وأنّ المسيحيين لا يمارسون شعائرهم الدينية بعلانية أو استقلالية، وهو ما يقود للتساؤل إن كان هذا يشكل قمعاً للحريات الدينية بالفعل؟ وما طبيعة العلاقة بين المملكة كممثلة للإسلام بالمسيحية؟.

في 1990، رعت المملكة اتفاق الطائف بين الفرقاء السياسيين في لبنان، ولم تفرق حينها بين مسيحي ومسلم

وبالنظر إلى تاريخ العلاقات الرسمية بين السلطة في السعودية، وممثلي المسيحية في العالم، يظهر مدى قدم العلاقة التي بدأت منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي بزيارة بطريرك أنطاكية الأرثوذكسي إلى المملكة لتهنئة الملك خالد بتوليه الحكم آنذاك. وربما إن هذه الزيارة الودية لم تكن لتحدث، لو كانت المملكة تمثل عنصراً يواجه المسيحيين من باب الطائفية.
ففي عام 1990، رعت المملكة أيضاً، اتفاق الطائف بين الفرقاء السياسيين في لبنان؛ حيث أنهى الاتفاق ما يقارب 25 عاماً من الحرب الأهلية، كلف لبنان حياة كثيرٍ من اللبنانيين المسيحيين والمسلمين، ولم تفرق المملكة حينها بين مسيحي ومسلم؛ بل دعت الجميع لوضع السلاح والجلوس إلى طاولة الحوار.
الملك الراحل في الفاتيكان
ولم يكن لقاء السبعينيات، اللقاء الوحيد بين النظام السعودي والمسيحيين، فقد زار الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الفاتيكان بنفسه عام 2007، والتقى هناك بالبابا بنديكتوس السادس عشر، في لقاءٍ كان شعاره التسامح والتعايش بين الطوائف في العالم.
وبذكر الفاتيكان، الذي يعد مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية والمسيحيين في العالم بمختلف أطيافهم، فإنّ المملكة العربية السعودية تحتضن قيادة العالم الإسلامي في المقابل، وبالقول إنّ أرضها لا تضم كنائس للمسيحيين، فبالمقابل لا يضم الفاتيكان مساجد في مساحته المكرسة للإشراف على المسيحية في العالم.
ولا ينفي هذا وجود مسيحيين في حدود السعودية كدولةٍ غير مغلقةٍ دينياً مثل دولة الفاتيكان الواقعة داخل حدود إيطاليا، والتي لا تحتوي بدورها على أكثر من ثلاثة مساجد، ويأتي مسيحيو السعودية في معظمهم كأجانب، يديرون أعمالاً ومصالح ومشاريع في المملكة، وهم في الغالبية العظمى مقيمون وليسوا مواطنين، ويشكل المسلمون السنة في السعودية 85 إلى 90% وفق الإحصائية الأخيرة في عام 2016 الواردة في تقرير الحالة الدينية العالمي عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2017، ويبقى ما نسبته 10 إلى 15% من شيعة وطوائف إسلامية أخرى، بحسب التقرير.

آثار كنيسة "جبيل" في السّعودية
اعتزام السعودية ترميم كنيسة
وكانت تناقلت وسائل إعلام عربية ومستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي بينهم شخصيات سياسية وإعلامية في أعقاب زيارة البطريرك الماروني اللبناني بشارة الراعي المملكة مؤخراً، أنباء عن اعتزام السعودية ترميم كنيسة اكتشفت آثارها في ثمانينيات القرن الماضي في المنطقة الشرقية ويعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الرابع ميلادي.
لكن ما يتم تداوله يظل مجرد إشاعات في ظل عدم صدور إعلان رسمي من الحكومة وعدم وروده في الصحف المعترف بها أو التلفزيون السعودي، بحسب ما أوضحت الخبيرة السعودية في مجالي التنمية البشرية والإعلام نجاة السعيد في حديث مع موقع "الحرة".
ويمكن وصف المسيحية التي كانت موجودة في الجزيرة العربية قبل الإسلام بأنّها مسيحية واجهت عبر التاريخ القديم تحولاتٍ عديدة، منها اعتناق قبائل عربية مسيحية الإسلام، وارتداد بعضها عنه فيما بعد كقبيلة بني عقيل، وبمرور الزمن، ووجود الانتداب البريطاني في الخليج العربي، وتعرض مسيحيي المشرق لهجرات مختلفة بحسب الظروف السياسية والاقتصادية في الوطن العربي، أمكنَ اعتبار المسيحية في المملكة العربية السعودية مسيحية جديدة، تتمثل تحديداً في المقيمين من مسيحيين أجانب على أرضها.

الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز زار الفاتيكان بنفسه عام 2007، والتقى هناك بالبابا بنديكتوس السادس عشر

وربما أنّ المسيحيين تعرضوا لحالات استقطاب، ساهمت فيها الحروب الصليبية قبل كل شيء كما يذكر التاريخ، فجعلتهم غير مقبولين من الكنيسة الغربية ومعرضين للاضطهاد من محيطهم العربي الذي كان يتعرض لحملاتٍ عسكرية آنذاك، فإنّ مطالبة السعودية بالانفتاح على الطائفة المسيحية في أرضها أو عدمه، لا تتمثل فقط في السماح ببناء الكنائس؛ إذ لا يمثل هذا المقياس الوحيد لتسامحها، خصوصاً أنّ المملكة تعمل كثيراً في الآونة الأخيرة على تعزيز التسامح والتعايش في مجتمعها الداخلي والعالم العربي، من خلال اتخاذها قراراتٍ اجتماعية وسياسية عديدة، إضافة لتاريخ العلاقة بينها وبين قيادات الديانة المسيحية في العالم، والتي اتسمت بالتسامح والتفاهم.
"بناء كنيسة إذا لم يتم الآن فسيتم خلال سنة أو سنتين بالنظر إلى التحولات في البلاد"، هكذا تقول السعيد، مشيرة إلى أنّ التغييرات التي شهدتها السعودية في "أشهر بسيطة" يجعل "من أمر مثل ترميم كنيسة لها 900 سنة شيئاً ليس بالكبير مقارنة بالأشياء التي حدثت".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية