إيران بين مطرقة العقوبات وسندان كورونا: متى يتنفس الشعب الصعداء؟

إيران بين مطرقة العقوبات وسندان كورونا: متى يتنفس الشعب الصعداء؟


27/07/2020

يختنق النظام الإيراني تحت طائلة العقوبات الأمريكية وحروبه الخارجية في سوريا واليمن، بينما ينفجر الوضع الداخلي بين الفينة والأخرى في وجه النظام الرجعي، ليس في إيران وحدها، لكن في العراق أيضاً، الذي تسيطر إيران على مقاليد أموره منذ جلاء الاحتلال الأمريكي عن بغداد.

اقرأ أيضاً: المراكز الثقافية الإيرانية في أوروبا: قوى ناعمة لدعم الميليشيات

ويبدو أنّ الشعارات الإيرانية قد خفتت حدّتها بعد كلّ هذه التوترات، وهو ما يستدل عليه بالدعوات الإيرانية التي تكررت في الفترة الأخيرة، لفتح حوار جادّ ومثمر مع دول الجوار الخليجي، وذلك بالطبع ذو دلالات أكثر عمقاً.

  الموسوي.. خطّ الدفاع الإيراني

بدأت طهران بالدعوى إلى السلام، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، من خلال منبر الأمم المتحدة، التي أعلنت منها "مبادرة هرمز للسلام"، والتي سبقتها خطوات ودعوات إيرانية للحوار، في شباط (فبراير) 2017، تطرقت إلى مسألة العنف والحروب في المنطقة.

 وفي شباط (فبراير) 2018، أعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، استعداد بلاده للحوار مع الجيران من دول الخليج، بشأن الوضع الأمني في المنطقة، ثم عادت في منتصف عام 2019 لتدعو مجدداً على لسان وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، إلى الحوار الإيراني الخليجي، والذي يهدف لإقامة علاقات مع دول الجوار، حتّى توجت إيران تلك الدعوات، التي كان يعلنها دائماً المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس الموسوي، في نيسان (أبريل) الماضي، بينما تئنّ بلاده تحت طائلة الوباء العالمي (كوفيد 19)، ثمّ جدّدت أحدث دعواتها، في 20 تموز (يوليو) الماضي، لكن اختلفت الأمور وفقاً للمستجدات الإقليمية والداخلية في الشأن الإيراني.

وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية، أمس الأحد، ارتفاع إجمالي عدد حالات الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا في البلاد ليصل إلى 15 ألفاً و700 حالة، بعد تسجيل 216 حالة وفاة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وصرحت المتحدثة باسم وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيرانية، سيما سادات لاري، بأنّ إجمالي عدد الإصابات تجاوز 291 ألفاً، بعد تسجيل 2333 حالة إصابة جديدة.

ولفتت إلى أنّ 3529 من المصابين في وضع صحي حرج، وأنّ عدد المتعافين تجاوز 253 ألفاً، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء إيران (إرنا).

وبعد انخفاض أولي في عدد الإصابات في منتصف أيار (مايو)، خففت إيران من التدابير التي كانت فرضتها لمنع انتشار فيروس كورونا وأعادت فتح الاقتصاد مرة أخرى، وهو ما يرى الخبراء، كما نقلت وكالات أنباء، أنه أدى إلى زيادة كبيرة في حالات الإصابة مؤخراً، وبدأت الحكومة على إثر ذلك بإعادة فرض بعض القيود.

المهندس عبدالقادر أحمد لـ"حفريات": تمارس إيران الآن محاولات يائسة لطرد القوات الأمريكية من العراق بدعوى المقاومة، وذلك عن طريق الضغط على نواب البرلمان من الشيعة

ويرى المحلل السياسي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، المهندس عبد القادر أحمد، في حديثه لـ "حفريات" بأنه  بعد مقتل قاسم سليماني والمهندس، في كانون الثاني (يناير) الماضي، وتزايد العقوبات الاقتصادية على إيران، "بدأت طهران في التنازل عن كثير من مواقفها، وأدركت أنّ الولايات المتحدة الأمريكية جادة في موقفها، سواء من المنشآت النووية، أو من المواقع العسكرية، وفعلاً قامت بضرب الكثير من قواعد المليشيات التابعة لإيران، بل حتى حزب الله اللبناني بدأ يتنازل ويقبل بالمساعدات الأمريكية إلى لبنان، بعدما ضربته أزمة اقتصادية أوقعت البلاد في مستنقع من الديون".

اقرأ أيضاً: الموفد الأمريكي يحشد ضد إيران... ماذا قال؟
وعن الوضع العراقي قال أحمد: "أمّا الذراع الثاني لإيران في العراق فالوضع فيه معقد جداً؛ بسبب ترسيخ الدولة العميقة (المالكي وأعوانه) معاناة العراقيين وصلت حدّاً قد ينفجر في أيّة لحظة؛ إذ لا يتم تشغيل الكهرباء سوى ساعة واحدة يومياً في هذا الصيف الخانق، ودرجات حرارة لا تقل عن الـ 45 درجة، أمّا البطالة فبلغت 11 مليون عاطل فقير".

الوباء.. ضربة قاضية

ضرب فيروس كورونا (كوفيد - 19) طهران، عقب شهر واحد من تفشيه بالصين، لتكون أولى دول المنطقة التي تضررت من الفيروس، ونشرت وكالة "فرانس 24"، في مستهل الشهر الجاري، تحقيقاً يستعرض تفشي الفيروس من جديد في محافظات عدة، أهمها محافظة خوزستان، أهم معاقل النفط الإيراني.

 وبينما يموت الناس جراء الوباء، فإنّ الدولة تعجز، أو تتغاضى عن إتاحة أجهزة التنفس الصناعي، وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية المزرية، والتي، بحسب عبد القادر، دفعت بالسكان إلى الهروب أو النزول في تظاهرات ضدّ النظام.

اقرأ أيضاً: "كورونا العلماني"... كيف يرى علماء الدين في إيران فيروس كورونا؟

وتسبّب كورونا وانهيار النظام الصحي في مأزق كبير للنظام المتأزم بدوره، بحسب أحمد، إذ إنّ "إيران تعيش في الداخل حالة اقتصادية مزرية جداً؛ العمال الإيرانيون يهربون من الحدود إلى العراق بحثاً عن عمل، وخارجياً إيران دولة محاصرة ومنبوذة بسبب نظامها الرجعي، أما اعتمادها على روسيا فقد بدأ في التضاؤل، خاصة بعد تنازل الولايات المتحدة، عن مواقفها في سوريا لصالح روسيا مقابل أوكرانيا، ومحاصرة إيران منذ عام 2012. هذه العوامل دفعت إيران إلى كسر الحصار والتنازل لصالح دول الخليج، خاصة بعد توقف الضغط على الحكومة العراقية، وعدم دعم الأحزاب السنّية كما كان يحدث سابقاً".

تضاءلت مساهمة قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات الإنتاجية في توليد الناتج القومي الإجمالي في العراق، لكنّ الأمل معقود على حكومة الكاظمي في القبض على المجرمين المتلاعبين بمصير البلاد

وفي ضوء مبادرات طهران، تناقلت وسائل إعلام عدة تقارير عن تخوفات إيرانية جراء لقاء مرتقب تمّ تأجيله بين ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء العراقي الجديد، مصطفى الكاظمي، دفع إيران لإرسال وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، للقاء نظيره العراقي، قبل ذهابه إلى المملكة العربية السعودية، في زيارة استعرضا فيها أهم الملفات المشتركة بين البلدين، خاصة أنّ خلايا داعش في بغداد تشهد نشاطاً طفيفاً يوحي بأنّ هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود العراقية للقضاء على ذيول داعش في بغداد، وفق تقرير لموقع "سي إن إن عربية"، قبل أيام، ويرى عبد القادر أحمد أنّ هذا النشاط سيظلّ في تزايد ما لم يتم حصر السلاح بيد الدولة، والقضاء على الميليشيات المدعومة من إيران، حيث "يعاني العراق أزمة بنيوية، على الصعيدين السياسي والاقتصادي؛ على الصعيد السياسي تجري عملية بناء الدولة العراقية منذ السقوط، عام 2003، على أساس المحاصصة الطائفية – الإثينية، وعلى الصعيد الاقتصادي؛ تكرس الطابع الريعي للاقتصاد، اقتصاد يعتمد على صادرات النفط بنسبة 95%، وتضاءلت مساهمة قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات الإنتاجية في توليد الناتج القومي الإجمالي، لكنّ الأمل معقود على حكومة الكاظمي في تشديد الإجراءات، والقبض على المجرمين المتلاعبين بمصير البلاد".

العراق كجائزة إستراتيجية

استمرت الولايات المتحدة في عقوباتها على إيران، حتى بعد أن ضربها الوباء، وكانت إحدى أكثر الدول تضرراً به، ما جعل تقريراً للمركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمريكية، يصفها بإحدى الدول الفاشلة، التي لا يعلم أحد مدى تأثير الوباء عليها حتى الآن، لكن بالنسبة لإيران فقد توقف اعتمادها على النفط الذي انخفضت أسعاره بشكل كبير خلال أيام الأزمة، ما جعل العراق بالنسبة لها جائزة إستراتيجية واقتصادية؛ إذ إنّ مدّها بالكهرباء هو ثروة قومية تحققها إيران، وهي الآن مهددة من قبل دول الخليج، التي تدرس مشروعاً لتوريد الكهرباء بأسعار أقل إلى العراق، وبذلك تحلّ أكبر مشكلات الجارة الإيرانية، هذا التهديد جعل طهران في موقف ضعيف، بموجبه يجب أن تقدّم المزيد من التنازلات، لا سيما أنّها فقدت أهم رجالها في المنطقة.

 وبحسب عبد القادر أحمد؛ فإنّ إيران، جراء كلّ هذه الأزمات، فقدت مواقعها الشعبية في العراق، خاصة في مدن الجنوب، التي انتفضت رغم أنّ أغلب سكانها من الشيعة، وهي الآن تمارس محاولات يائسة لطرد القوات الأمريكية من العراق بدعوى المقاومة، وذلك عن طريق الضغط على نواب البرلمان من الشيعة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية