عُمان: عدم الاستقرار في هرمز سيستمر حتى الانتخابات الأمريكية

مضيق هرمز

عُمان: عدم الاستقرار في هرمز سيستمر حتى الانتخابات الأمريكية


17/02/2020

عبّرتْ سلطنة عُمان عن قلقها من تزايد عدد الدول التي تقوم بإرسال سفنها الحربية إلى مضيق هرمز. وقالت السلطنة إنّ الأوضاع في منطقة الخليج تمرّ في مرحلة من عدم الاستقرار، مضيفة بأنّها لا تتوقع تغيّراً في هذه الحالة إلى حين موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في أواخر العام الجاري. وحذّرت السلطنة من أي تصعيد في المضيق.

اقرأ أيضاً: مضيق هرمز والنفوذ الإيراني
جاء الموقف العُماني في مداخلة أدلى بها الوزير العُماني المسؤول عن الشؤون الخارجية، يوسف بن علوي بن عبد الله، في مؤتمر ميونيخ للأمن.
وقال الوزير بن علوي إنّ خطر اندلاع مواجهة عسكرية في مضيق هرمز أكبر مقارنة بأي مكان آخر بمنطقة الخليج، وهو ما يرجع جزئياً إلى العدد المتزايد من السفن الحربية الآتية من دول مختلفة والتي تؤمنه، وفقاً لما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء.

بن علوي: إنّ خطر اندلاع مواجهة عسكرية في مضيق هرمز أكبر مقارنة بأي مكان آخر بمنطقة الخليج
ويعبر بالممر المائي الواقع بين إيران وسلطنة عُمان، والذي يبلغ عرضه عند أضيق نقطة 33 كيلومتراً، نحو 30 بالمئة من جميع شحنات النفط الخام وغيره من المشتقات النفطية السائلة التي يتم الاتجار بها بحراً.
ودفع الخلاف بين إيران والغرب دولاً عديدة لإرسال مجموعات عمل حربية لحماية الشحن هناك، وألقت واشنطن بالمسؤولية على طهران في هجمات على سفن تجارية دولية في المنطقة أو بالقرب منها، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية، بحسب "رويترز".

اقرأ أيضاً: لماذا لم تنضج مساعي واشنطن بشأن مضيق هرمز حتى الآن؟
وقال الوزير العماني في وقت متأخر من مساء أول من أمس خلال مؤتمر ميونيخ للأمن "هناك الكثير من السفن الحربية في (منطقة) هرمز ومبعث قلقنا هو أنّ خطأ قد يحدث". وأضاف أنّ هذا يجعل المنطقة نقطة الاشتعال الأخطر في الخليج في الشهور المقبلة.
خط أحمر
ولا تستطيع إيران من الناحية القانونية إغلاق الممر المائي بشكل أحادي؛ لأنّ جزءاً منه يقع بالمياه الإقليمية العمانية. لكن السفن التي تمر فيه تبحر في المياه الإيرانية التي تتبع مسؤولية بحرية الحرس الثوري الإيراني.
وهددت طهران أيضاً بأعمال انتقامية على مقتل القائد العسكري البارز قاسم سليماني، في ضربة أمريكية بطائرة مسيرة بداية هذا العام، إلا أنّ محللين في المنطقة قالوا، بحسب "رويترز"، إنّ ذلك لن يشمل تدخلاً في المضيق على الأرجح.

عبّرتْ سلطنة عُمان عن قلقها من تزايد عدد الدول التي تقوم بإرسال سفنها الحربية إلى مضيق هرمز

وتقود واشنطن، التي قررت في 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي الدولي مع إيران وعاودت فرض عقوبات عليها، مهمة بحرية لحماية ناقلات النفط وسفن الشحن تشمل بريطانيا. وتقود فرنسا مهمة أوروبية منفصلة، وأرسلت اليابان وروسيا وكوريا الجنوبية والصين والهند أيضاً قطعاً بحرية إلى المنطقة.
وأشارت "رويترز" إلى أنّه تكرر وقوع مواجهات بين الحرس الثوري الإيراني والجيش الأمريكي في الخليج خلال الأعوام القليلة الماضية. وقال مسؤولون أمريكيون إنّ إغلاق المضيق سيكون بمنزلة تجاوز "خط أحمر"، وإنّ الولايات المتحدة ستتحرك عندها لإعادة فتحه.

الكويت: لا حاجة لاتفاقية عدم اعتداء
وقال وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، في مداخلة له في مؤتمر ميونيخ إنّ المنفذ الوحيد "للكويت والبحرين وقطر هو مضيق هرمز، وإذا أُغلق فسنكون جميعاً في مشكلة، ولذلك فإنّ من المهم مواصلة تأمين الملاحة البحرية"، وفق "رويترز". من جانب آخر، قال الوزير الكويتي إنّه "لا حاجة لتوقيع أي اتفاقية عدم اعتداء مع إيران؛ إذْ يكفي الالتزام بميثاق الأمم المتحدة"، الذي يؤكد وجوب احترام الدول للسيادة الوطنية للدول الأخرى، وعدم التدخل في شؤونها أو تهديد سلامتها الإقليمية.
مبادرات
في سياق متصل، نشرت مجلة "المجلة" تحليلاً وضعته على صدر غلاف عددها الأخير، تناولت فيه المبادرات التي طرحت حول مضيق هرمز، والتي تتمحور حول ضرورة وجود عسكري لضمان الملاحة والمرور في هذا المضيق البحري. وتقول المجلة إنّ تدقيق النظر في المبادرة الأمريكية أو المبادرتين الأوروبيتين (البريطانية قبل تحول موقفها ثم الفرنسية المؤيدة أوروبياً) تطالبان بوجود قوات عسكرية لمواجهة التهديدات الإيرانية. في حين تظل المبادرة الروسية في ظاهرها بعيدة عن المطالبة بوجود قوات أجنبية في المنطقة، إلا أنّ جوهرها لم يختلف كثيراً عما تضمنته المبادرات الأمريكية والأوروبية، وإن تباينت في الأساليب فحسب؛ إذ تضمنت المبادرة الروسية أنّ الهدف الرئيسي منها هو إنشاء "منظمة للأمن والتعاون في منطقة الخليج"، محددة الدول الأطراف المعنية بضمان هذا الأمن، وذكرتهم بالتحديد: روسيا، والصين، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، والهند، كأطراف أساسية، وهو ما يعني في جوهره تدويل الحفاظ على الأمن في منطقة الخليج، خاصة أنّ المبادرة لم تحدد على وجه الدقة دور هذه الأطراف الأساسية، وأغلب الظن أن هذا الدور لن يختلف كثيراً في جوهره عما تضمنته المبادرات الأخرى.


أما الملاحظة الثانية التي توردها "المجلة"، فتتعلق بالموقف الإيراني الذي يعد هو محور هذه المبادرات جميعها، بل إنّها طرحت بدورها مبادرة أطلقت عليها "مبادرة هرمز للسلام" في أيلول (سبتمبر) 2019 من على منبر الأمم المتحدة، تمحورت حول تشكيل تحالف دولي لضمان أمن الخليج، يضم إيران والسعودية والعراق والبحرين والإمارات وقطر وعُمان والكويت، وينشط تحت رعاية الأمم المتحدة، وتعارض هذه المبادرة كافة المبادرات الدولية المطروحة بحجة رفضها للوجود العسكري الأجنبي في المنطقة، من منطلق أنّ أمن الخليج وممراته هو مسؤولية الدول المطلة عليه.

دفع الخلاف بين إيران والغرب دولاً عديدة لإرسال مجموعات عمل حربية لحماية الشحن هناك

وتضيف "المجلة" أنّه برغم وجاهة هذه الحجة في ظاهرها إلا أنّ الممارسات العملية والتهديدات المستمرة من جانب طهران تفرغ هذه الحجة من مضمونها، فإذا كانت طهران تدافع عن المنطلق القائل بمسؤولية الدول المطلة على الخليج عن أمن الخليج واستقراره، فالسياسات التي تنتهجها إيران حيال جيرانها سواء من خلال التدخل المستمر في شؤونها الداخلية ودعمها الدائم للكيانات والتنظيمات الإرهابية في المنطقة، فضلاً عن ممارسات القرصنة التي يرتكبها حرسها الثوري حيال السفن والناقلات العابرة للمضيق، كل هذه السياسات هي المصدر الرئيسي لتهديد الأمن في مضيق هرمز، الذي تعد حمايته وحماية المرور فيه لكافة السفن والناقلات مسؤولية دولية وإقليمية معاً؛ فكون المضيق ممراً مائياً دولياً تجعل تهديده مسؤولية دولية تستوجب التدخل.

اقرأ أيضاً: لماذا يحمل مضيق هرمز كل هذه الأهمية؟
وتتابع "المجلة": الأجدر إذا ما أرادت طهران أن يكون لحجتها أولوية وأسبقية في مواجهة المبادرات الدولية التي تطرح لأمن الخليج، أن تكف هي عن سياساتها التدخلية في شؤون جوارها الإقليمي، وأن تُوقف تهديداتها المستمرة للملاحة والعبور الآمن للسفن والناقلات في المضي. حينذاك ستكون مسؤولية أمن الخليج وممراته مسؤولية دوله المشاطئة، وهو ما يتطلب أن تكون ثمة مبادرة خليجية لأمن الخليج تراعي مواقف الأطراف الدولية من ناحية، والمصالح الوطنية لدول الخليج من ناحية أخرى.

الصفحة الرئيسية