تونس: "النهضة" تدعمه و"النداء" تغازله.. هل يكون الشاهد الورقة الرابحة في انتخابات 2019؟

تونس

تونس: "النهضة" تدعمه و"النداء" تغازله.. هل يكون الشاهد الورقة الرابحة في انتخابات 2019؟


11/04/2019

يطرح اسم يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسيّة، نفسه، بقوّة على سطح الأحداث، منذ انشقّ عن حزبه الأصلي "نداء تونس"، وارتمى في أحضان حركة "النهضة" الإخوانية، التي دافعت عنه ونجحت في إبقائه على رأس الحكومة، رغم ضغوطات حزبه كأحد أكبر القوى السياسية من جهة، ومطالب المركزية النقابية التي تمسّكت بتغييره، من جهة ثانية، حتّى أنّه بات محور أحداث تونس.

اقرأ أيضاً: مؤتمر نداء تونس يقطع نهائياً مع النهضة وفروع الإسلام السياسي
صمود الشاهد واحتماؤه بحركة "النهضة" الإخوانية أثارا مخاوف الفاعلين السياسيين، ودفعا حزب "نداء تونس" إلى التراجع عن تجميد عضويته، والسعي إلى إعادته إلى صفوف قياداته، فيما سارعت أحزاب أخرى إلى التقرّب من حزبه، الذي بات يتصدّر المشهد السياسي والإعلامي، بحسب نتائج سبر الآراء.

اقرأ أيضاً: قرارات جديدة لحزب نداء تونس.. ما علاقة حركة "النهضة" الإخوانية؟
هذا وقد دعا الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، المؤتمرين في حزب "نداء تونس" إلى رفع قرار تجميد عضوية يوسف الشاهد، معتبراً أنّ "في ذلك خيراً لتونس والنداء"، وقال السبسي في هذا السياق: إنّه "يرغب في عودة الشاهد إلى نداء تونس وله الحرية في اختيار العودة من عدمها".
جاء ذلك في كلمة للسبسي خلال افتتاح المؤتمر الانتخابي لحزب حركة "نداء تونس"، في مدينة المنستير (شرق البلاد)، الذّي أسّسه عام 2012، وشدّد خلال كلمته على أنّه "لا يرغب في الترشّح رغم أنّ الدستور يضمن له ذلك".

"نداء تونس" يغازل يوسف الشاهد

ومنذ تصريحات السبسي، انطلقت قيادات "نداء تونس" في مغازلة يوسف الشاهد، في مقدّمتها رئيس الهيئة السياسية للحزب، ونجل الرئيس، حافظ قايد السبسي، وهو الخصم الأكبر للشاهد صلب الحزب؛ حيث إنّه لمّح إلى احتمال ترشيح الشاهد للانتخابات الرئاسية، مشدّداً على أنّه سيستجيب لكلّ ما قاله الرئيس التونسي في خطابه (بصفته مؤسس الحزب)، كما أشار إلى أنّ "كلّ شخص بإمكانه أن يكون مرشح نداء تونس للانتخابات الرئاسية، بمن فيهم يوسف الشاهد".

خميّس: إن لم يترشّح الباجي قايد السبسي فنداء تونس سيدعم يوسف الشاهد مهما كان موقعه

من جهته، قال القيادي في "نداء تونس"، المنجي الحرباوي، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية: "يوسف الشاهد أخونا، ونحن استجبنا لدعوة أبينا، الباجي قايد السبسي، وسنعيده إلى الحزب"، لافتاً إلى أنّ "الشاهد مرحّب به في كلّ وقت".
تعليقاً على ذلك؛ أكّد النائب عن الحركة، محمد رمزي خميّس، في تصريح لـ "حفريات"؛ أنّ يوسف الشاهد لم يستقل من "نداء تونس"، وبمجرّد رفع تجميد عضويته، يعود قيادياً في الحزب، كما كان، ويمكن التفاوض حول المنصب الذي يريد تولّيه في الحزب.
وأضاف خميّس؛ الشاهد يحظى بشعبيّة كبيرة في تونس، وحظوظه وافرة في الانتخابات التي تعتزم البلاد إجراءها أواخر العام الحالي، مشيراً إلى أنّ الحزب سيرشّح مؤسسه، الباجي قايد السبسي، وإن تمسّك الأخير بموقفه بعدم الترشح، فإنّهم سيدعمون الشاهد، مهما كان موقعه داخل الحزب أو خارجه.
لقاءٌ بين يوسف الشاهد والباجي قايد السبسي حول الوضع العام للبلاد

"النهضة" تدعم الشاهد
ولم يستبعد رئيس حركة "النهضة" الإخوانية، راشد الغنوشي، في تصريحات إعلامية أدلى بها في مدنية الحمامات شرق تونس، على هامش النسخة الثانية للملتقى الاقتصادي الإفريقي، في 26 آذار (مارس) 2019، إمكانية ترشيح حركته رئيس حكومة بلاده الحالي، يوسف الشاهد "الشاب"، للانتخابات الرئاسية المقبلة.

القيادي بحركة النهضة محمّد بن سالم: قد نتحالف مع يوسف الشاهد لكن حظوظه ليست أفضل من غيره

هذا وقد أكّد القيادي بحركة "النهضة" الإخوانية، محمد بن سالم، في تصريحه لـ "حفريات"؛ أنّ حركته لم تتّخذ موقفاً بعد بالمشاركة في الانتخابات المقبلة بقوائمها الحزبية، أو الاكتفاء بمساندة مرشّح وفق آليات ستحدّدها الحركة لاحقاً، مشيراً إلى أنّها ستقرر ذلك بعد أن تطلع على قائمة المترشحين، فيما لم يستبعد دعمها ليوسف الشاهد.
وقال بن سالم: إنّ تصريح الغنوشي كان ردّاً خاطفاً على أسئلة الصحفيين حول مرشح الحركة في الانتخابات القادمة، لافتاً إلى أنّ حظوظ الشاهد ليست أفضل من غيره، خاصّة أنّ قائمة المرشّحين لم تتضّح بعد.
وكانت حركة "النهضة" الحزب الوحيد الذي دعم الشاهد، وتمسّك به رئيساً للحكومة حتى 2019، بعد انتخاب رئيس جديد وحكومة جديدة، دعماً لما تعتبره "الاستقرار السياسي"، وذلك حين سعى حزب "نداء تونس" إلى إسقاطه، وطالب بضرورة تغييره بسبب فشله في تسيير البلاد.
انطلقت قيادات "نداء تونس" في مغازلة يوسف الشاهد

حزب يوسف الشاهد يستشعر القوة
هذا وقد سجّل حزب "تحيا تونس"؛ الذي تمّ الإعلان عن تأسيسه منذ أقل من شهرين، والمحسوب على يوسف الشاهد، صعوداً مفاجئاً على الساحة السياسية، وهو ما أثبتته نتائج سبر الآراء، ليحتل المرتبة الثانية في نوايا التصويت للانتخابات التشريعية بنسبة 7.1% في حين تصدرت حركة "النهضة" نوايا التصويت بنسبة 21.2%.

محلّل سياسي: حركة النهضة الإخوانية تراهن على يوسف الشاهد من أجل توفير غطاءٍ مدني لنفسها

بالتزامن، يتصدر الشاهد خلال الأشهر الأخيرة، نتائج التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم أنّه لم يعلن بعد عن نيّته للترشّح؛ حيث أكّدت آخر نتائج سبر الآراء التي أجرتها شركة "إمرود كونسلتينغ"، المختصّة في سبر الآراء، في 2 نيسان (أبريل) 2019؛ أنّ "14.6% من التونسيين سيمنحون أصواتهم للشاهد في الانتخابات الرئاسية".
هذا ولم تصل النسبة التي تحصّل عليها رئيس حركة "النهضة"، رشيد الغنوشي، إلـى 1%، أمّا رئيس الدولة، الباجي قائد السبسي، فقد تحصّل على 0.5%.
ويرى المحلّل السياسي، جمعي القاسمي، في تصريحه لـ "حفريات"؛ أنّ كلّ المؤشرات تؤكد أنّ "دوراً كبيراً سيلعبه الشاهد في الفترة المقبلة؛ لأنّ حركة "النهضة" تراهن عليه من أجل توفير غطاء مدني لنفسها، وذلك من خلال دعمها الواضح له، أمّا الباجي قايد السبسي؛ فيبدو أنّه دخل في مناورة سياسية، في محاولة منه لإبعاد الشاهد عن براثن "النهضة"، من خلال محاولة استمالته في خطاباته وإعادته إلى حزبه الأصلي".

اقرأ أيضاً: الغنوشي يكشف عن مرشح النهضة للانتخابات الرئاسية
وأضاف القاسمي؛ الشاهد بات محور التجاذبات الحاصلة بين حركتي "النّهضة" و"نداء تونس"، وهو ما جعل حزبه "تحيا تونس" يستشعر القوة والاهتمام، فبادر إلى التمسك بالشاهد، وهو ما سيجعله محور اهتمام ليس الآن فقط؛ بل أيضاً خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
المحلّل السياسي تابع في حديثه لـ "حفريات": "الكلمة الفصل تعود ليوسف الشاهد وحده، المطالب بالحسم في هذه المسألة حتى لا يقع في فخّ "النداء"، أو رهان "النهضة"".

الشاهد يلاعب "النهضة" و"النداء" معاً

من جهةٍ أخرى، لم يعلن حزب "تحيا تونس" موقفه بعد من إمكانية العودة إلى "نداء تونس"، أو مواصلة التفاوض مع حركة "النهضة" حول إمكانية ترشيح شخصيّة مشتركة للانتخابات القادمة، كما لم يعلّق يوسف الشاهد على تصريحات مؤسس النداء، ولا على قرارات مؤتمر الحزب التي تبدو جميعها في صالحه.
تعليقات زعيم حركة "النهضة" لم تحظَ أيضاً باهتمام قيادات حزب الشاهد، ولا قواعده، فيما يرى مراقبون أنّ العروض السياسية المقدّمة لهذا الحزب الحديث، تصبح يوماً بعد يوم أكثر "إغراء"، خاصّة أنّ أكبر الأحزاب تتسابق من أجل نيل رضاه، فيما تسعى أحزاب صغيرة أخرى للتحالف معه.

اقرأ أيضاً: حركة النهضة تتذرع بـ"المولد النبوي" لتأجيل الانتخابات الرئاسية
ويؤكّد في هذا الشأن، القيادي بحزب "تحيا تونس"، محمد جلال غديرة، في تصريحه لـ "حفريات"؛ أنّ الدّعوات إلى رفع تجميد عضوية الشاهد والعودة للنداء "بمثابة شهادة حسن سلوك سياسي، ونجاح حكومي منحها إياه الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، خاصة بعد تعرضه إلى اتهامات خطيرة وصلت حدّ التخطيط للقيام بانقلاب عسكري، فضلاً عن اتهامه بالفشل والانتماء إلى الأحزاب الإخوانية".
ويرى غديرة؛ أنّ جميع الاحتمالات، بما فيها عودة الشاهد وكتلته النيابية إلى حزب نداء تونس، "واردة خلال الفترة القادمة، بعد فتح أبواب التعامل الإيجابي مع حزبهم السابق"، غير أنّه لم ينفِ تعاونهم مع كتلة حركة "النهضة" الإخوانية حول تمرير بعض القوانين، أو التصويت على بعض القرارات المهمة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية