مع تحرير الباغوز... الإعلان عن انتهاء داعش وماذا عن فكره؟

داعش

مع تحرير الباغوز... الإعلان عن انتهاء داعش وماذا عن فكره؟


24/03/2019

مع اقتراب حسم المعركة العسكرية مع تنظيم داعش، الذي أرهب العالم بأسره، من قبل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، و"قوات سوريا الديمقراطية"، تتزايد الشكوك من أنّ نهاية التنظيم كجسد عسكري لا تعني نهايته الفكرية، خاصة مع ما تناقلته وسائل إعلام متعدّدة الجنسيات، من مشاهد بيّنت تهجم نساء مسلحي داعش الخارجات من آخر معاقل التنظيم في الباغوز، على مقاتلي "قسد"، وصحفيين مرافقين لهم، أثناء إجلائهن إلى مخيم الهول بالحسكة.
داعشيات يتوعدن بالانتقام
في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، في الثامن من آذار (مارس) الجاري؛ أكدت فيه الوكالة من على مشارف بلدة الباغوز، شرق سوريا، رؤية نساء يصرخن "الله أكبر"، و"باقية وتتمدد"، وهن يحملن أحذيتهنّ أمام كاميرات الصحفيين، ويوجهن الشتائم لهم، ويتوعدن بـ "الانتقام"، وبـ "فتح جديد"، وذلك بعد ساعات من خروجهنّ من الجيب الأخير لتنظيم داعش.

مسؤول في شؤون المخيمات: ما يثير مخاوفنا هو عدم إعادة الدول لرعاياها، فنحن لا نملك القدرة على دمجهم بالمجتمع

وقالت الوكالة الفرنسية؛ إنّ امرأة عراقية رفضت التعريف عن نفسها، كررت "باقية بإذن الله تعالى رغم أنوفهم"، بينما قالت أخرى، اكتفت بذكر عمرها (60 عاماً): "لا تنتهي دولة الخلافة، لأنها انطبعت في دماغ وقلب الرضيع والصغير"، وأكدت كثيرات أنهنّ يردن تربية أولادهنّ على "نهج الخلافة"، فيما لم يكن في الإمكان رؤية وجوههنّ تحت النقاب الأسود الطويل الذي تظهر منه العينان فقط، وبغضب، توجهت إحداهنّ إلى صحفية بالقول: "لعن الله من تشبهت بالرجال"، في إشارة إلى لباسها، بينما أمسكت أخرى خصلة من شعر الصحفية، وقالت لها "ألم تقرئي القرآن، ألا تختشين؟"!.

اقرأ أيضاً: الباغوز.. هل هُزم فيها تنظيم داعش؟
ولعلّ تلك المشاهد جاءت لتؤكد ما صرح به مسؤولون أمريكيون وغربيون، من أنّ خطر التنظيم يبقى قائماً، حتى مع القضاء على الجزء الأكبر من قواته وهيكليته، خاصة في ظلّ ما تشتكي منه الجهات القائمة على إدارة شؤون العوائل الخارجة من آخر جيب للتنظيم في الباغوز، من نقص في الإمكانات؛ حيث يجري نقل الآلاف من هؤلاء إلى مخيمات في الحسكة، تديرها مؤسسات "الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا" التي تعدّ الجهة الإدارية في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية".

نساء عناصر مسلحي داعش، خارجات من آخر جيب للتنظيم في الباغوز

نبقيهم على قيد الحياة
فبعد أشهر من المعارك، وتقدم قوات سوريا الديموقراطية بدعم التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، نحو آخر معاقل التنظيم المتشدد في الباغوز، ارتفعت حدة النزوح نحو مناطق خاضعة لـ "قسد"؛ حيث كان يخضع الخارجون لإجراءات تحقيق وتفتيش عدة، قبل أن يتم فصلهم بين مدنيين يتم نقلهم إلى مخيم الهول شمالاً، وآخرين يشتبه بأنهم إرهابيون يتم توقيفهم ومتابعة التحقيقات معهم.

مسؤول بالإدارة الذاتية: داعش سيبقى من خلال الفكر الذي نشره، ومن خلال الآلاف من النساء والأطفال والمسلحين السوريين والأجانب

وحول الأوضاع في مخيم الهول، يقول محمود كرو، المسؤول في شؤون اللاجئين بإقليم الجزيرة (وهي إحدى ثلاث أقاليم شكلتها الإدارة الذاتية): "تصل أعداد الخارجين من آخر جيوب داعش في الباغوز إلى أكثر من ٦٩ ألفاً، يشكلون أفراداً لـقرابة ١٨٠٠٠ عائلة، قدمت من مناطق الهجين والباغوز؛ حيث نعمل على ضبط الأمن بشكل خاص في قسم المُهاجرات" (نساء عناصر التنظيم الأجنبيات).
وينوّه كرو، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ جهودهم المبذولة لم تكن بحجم الأعداد التي توافدت إليهم، وهو ما يجعلهم مضغوطين في مسألة تأمين المبيت لتلك العائلات، فيقول: "غالبية القادمين من النساء والأطفال، هم في النهاية مدنيون، تم بناء قسم يستوعب ١٠٠٠٠ شخص، لكن الأعداد القادمة مؤخراً تجاوزت جميع التوقعات، ورغم ذلك كان لا بدّ من استيعابهم وفق المساحة المتوفرة".

اقرأ أيضاً: بالأرقام.. حصيلة أولية لمعركة الباغوز
وبخصوص الأنباء التي أكدت وجود مشاحنات بين نساء التنظيم الأجنبيات، الأكثر تشدداً، مع النساء السوريات، قال كرو لـ "حفريات": "هناك قسم خاص بالعوائل الأجنبية، أما بخصوص المشاحنات فهي ضمن الإطار المقبول وليست حالة يومية"، متابعاً: "أكثر ما يثر مخاوفنا؛ هو عدم إعادة الدول لرعاياها، وأن يصبحوا أمراً واقعاً مفروضاً علينا، فنحن لا نملك القدرة لدمجهم في المجتمع، إنها مشكلة كبيرة، وتتطلب تدخل المجتمع الدولي"، مختتماً بالقول: "بكل بساطة، كل ما نفعله الآن إبقاؤهم على قيد الحياة، ولا نفعل شيئاً أكثر، وهذا الكلام يعود على الجميع، دون استثناء".

مخيم الهول شرق الحسكة، يضم أكثر من 69 ألفاً من عوائل داعش

النصر على داعش تاريخي... ولكن!
يصف عبد الكريم عمر، الرئيس المشترك لمكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، النصر على داعش بأنّه سيكون لحظة تاريخية، فيقول لـ "حفريات": "في الحقيقة؛ إنّ عيوننا، وعيون العالم بأسره، ترنو حالياً إلى إعلان الانتصار على داعش، الذي ارتكب مختلف الجرائم من قتل وحرق وخطف، وشكّل تهديداً للبشرية بأسرها؛ وقادت الحرب عليه قوات سوريا الديمقراطية، وهو شرف كبير سيمنح لكافة مكونات شمال وشرق سوريا، بريادة الأكراد السوريين الذين قادوا المعركة، وبشكل خاص وحدات حماية المرأة، وكذلك شرف للبشرية جمعاء، بإعلان نهاية داعش كلحظة تاريخية".

اقرأ أيضاً: لغز معركة الباغوز وتضارب التصريحات.. هل ما زال علم "داعش" مرفرفاً؟
ويستدرك عمر: "لكنّ إعلان إنهاء داعش من الناحية الجغرافية والعسكرية، أو ما سمّي بالخلافة، لن يعني نهاية الإرهاب؛ حيث سيبقى التنظيم من خلال العشرات من الخلايا النائمة في المناطق المحررة، كالرقة ودير الزور وغيرهما، كما سيبقى من خلال العقيدة والأيديولوجيا والفكر الذي نشره في المنطقة التي احتُلت من قبله لأعوام، ومن خلال الآلاف من النساء والأطفال والمسلحين، السوريين والأجانب، الذين سيشكلون خطراً علينا، وعلى البشرية بأسرها، بسبب العدد الهائل لهؤلاء، الذين ينحدرون من 54 دولة".

عبد الكريم عمر الرئيس المشترك لمكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية

قضية دولية
ويشدّد عمر على أنّ "قضية عوائل داعش هي قضية دولية"، قائلاً: "لن نكون قادرين على حلّها بمفردنا، فكما كان وجود داعش يشكل تهديداً للعالم استدعى تعاوننا مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب لمواجهته، كذلك أطفال داعش ونساؤهم من تداعيات تلك الأزمة، ووجودهم في مناطقنا لا يعني أنهم لن يشكلوا خطراً على المجتمع الدولي، والسبب في ذلك: أولاً؛ العدد الكبير من مسلحي داعش الموجودين في المعتقلات لدينا، وبما أنّ الأزمة السورية ما تزال دون حلّ، ولم يتوفر الاستقرار بعد، إلى جانب التهديدات التي نتلقاها من تركيا وأطراف أخرى، كل ذلك يعني أنّ هؤلاء سيكونون قادرين على استغلال أيّة فوضى قد تحدث، للفرار من السجون ليشكلوا خطراً مجدداً، علينا وعلى المجتمع الدولي".

اقرأ أيضاً: معركة الباغوز.. هل اقتربت نهايتها؟
وأضاف: "الأمر الثاني: أنّ نساء داعش اللواتي تلقين فكره، وفي حال لم تتم إعادة التأهيل لهن، وإرسالهن مع أطفالهن إلى مجتمعاتهن الأساسية، كي يتم إدماجهن فيها، سيشرّعن في المجمل الإرهاب في المستقبل، وعليه ينبغي أن تتم مواجهة تداعيات الإرهاب في ذات الإطار من التعاون بيننا وبين المجتمع الدولي".
وينوّه عمر إلى أنّ الأمر الأهم الذي يجعل داعش باقياً، هو اللااستقرار السياسي في سوريا، فيقول: "كان ذلك العامل الأساس في ظهور الإرهاب، وبالتالي إن لم تجد القضية السورية لها حلاً، فإنّ قضايا الإرهاب لن تجد حلاً، دون إيجاد تغيير ديمقراطي في سوريا، وبناء نظام ديمقراطي تعددي لامركزي، ستظهر تنظيمات أخرى كداعش تحت أسماء وعناوين جديدة، وعليه فإنّ إنهاء حملة الباغوز لن تعني نهاية داعش والإرهاب، وسيتعين علينا مواجهة تحديدات كبيرة، وإننا لنعتقد أن المعركة ستبدأ حينها".

استسلام المئات من عناصر داعش في آخر جيوبه بالباغوز (المصدر: AFP)

المناطق المُحررة
وحول الإستراتيجية التي سيتبعونها في المناطق المحررة من تنظيم داعش، يقول عمر لـ "حفريات": "كل منطقة يجري تحريرها، يتم تشكيل مجلس مدني فيها؛ حيث يوجد الآن مجلس دير الزور المدني الذي سيتولى إدارة المناطق المحررة من داعش مؤخراً، لكن الأهم في إستراتيجيتنا في المناطق المحررة؛ إعادة الإعمار لتلك المناطق، عبر إعادة تأهيل بنيتها التحتية؛ من صرف صحّي، وكهرباء، وماء، وصحة، وتعليم، وتربية، إضافة إلى تأمين مستلزمات الأهالي اليومية، وتوطيد الأمن عبر شحذ كلّ الطاقات".

دون إيجاد تغيير ديمقراطي بسوريا، وبناء نظام ديمقراطي تعددي لامركزي، ستظهر تنظيمات أخرى كداعش تحت أسماء وعناوين جديدة

ويشتكي عمر من قلة الدعم المقدم لهم من الجهات الدولية بما يساهم في إعادة إعمار المناطق المحررة من داعش، فيقول: "تنفيذ تلك المتطلبات مهمة صعبة، ولن نكون قادرين على تنفيذها بمفردنا، وهو ما يفرض أن يكون هناك تنسيق بيننا وبين المجتمع الدولي، للأسف؛ حتى الآن، كل ما يقدمه المجتمع الدولي للمناطق المحررة من داعش، سواء أكان عبر الأمم المتحدة او التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، أو المنظمات غير الحكومية، لا يُشكّل 5% مما تحتاجه تلك المناطق، وهو ما يُوجب عليهم زيادة الدعم المُقدم، لأنّ إعادة تأهيلها هي إحدى الضمانات التي ستمنع ظهور داعش من جديد". 
العملية السياسية شمال سوريا
وحول رؤيتهم للحلّ في سوريا، يقول عمر: "منذ بداية الأزمة السورية؛ كنا نؤيد حلّاً سياسياً سلمياً لها، نرى بعد 8 أعوام من الأزمة التي تسبب بتدمير البلاد، وتهجير ملايين السوريين ضمن سوريا وخارجها، ومقتل واستشهاد مئات الآلاف، أنّ هذه المعضلة لن تُحلَّ بدون سلك درب الحوار، الذي ينبغي أن يجمع السوريين بضمانات دولية، بما يكفل وضع دستور جديد لمستقبل سوريا، لتتحقق عبره التغيرات الوطنية المطلوبة، عبر بناء سوريا جديدة تكون ديمقراطية تعددية لامركزية، كوطن مُشترك يرى فيه جميع السوريين أنهم شركاء، وحل قضايا جميع المكونات السورية، بما فيها قضية الشعب الكُردي، على مختلف النواحي السياسية، الثقافية والإدارية".

اقرأ أيضاً: معركة الباغوز... هل يلفظ "داعش" أنفاسه الأخيرة؟
ويختتم حديثه لـ "حفريات" بالقول: "نعتقد أنّ ضمان الاستقرار في سوريا، وعدم ظهور الاستبداد والديكتاتورية مرة أخرى، يكون ببناء وطن لامركزي، يمكن أن يوفر الاستقرار في البلاد، ويسد الذرائع التي قد تخلق الإرهاب، وهو ما قد يجعلنا نتيقن حينها من استئصاله، فمشروعنا هو بناء سوريا ديمقراطية لا مركزية، ونرى أن نموذج الإدارات الذاتية هو الأنسب للتطبيق في عموم سوريا".
من الأمن إلى الأمان
بدوره، يعتقد علاء الدين آل رشي، الخبير السوري في شؤون الجماعات الإسلامية، ورئيس المركز التعليمي لحقوق الإنسان في ألمانيا؛ أنّ أبرز التحديات التي ستواجه التحالف الدولي هي كيفية الانتقال من فرض الأمن إلى تأمين حالة الأمان، فيقول لـ "حفريات": "تنبغي المحافظة على المنجز، الذي تم بعد إسقاط وتدمير ومكافحة هذا التنظيم التخريبي الداعشي، وكيفية تأسيس فكرة السلم الأهلي في تلك المناطق التي نمت فيها القوى الظلامية، والتي فرضت الكثير من التغيير على النفوس والأفكار".

اقرأ أيضاً: سنجار العراقية بانتظار الناجين الإيزديين من قبضة داعش في الباغوز السورية
ويتابع: "من جهة أخرى؛ ينبغي أن نحافظ على القوى التي كانت تساند قوات التحالف؛ حيث تكون أصيلة في هذه المناطق، وغير خاضعة لأيّ مزاج أو إملاء سياسي، أو تقلبات، ولا تُخلق حالة فوضى جديدة إذا تمّ المساس بالقوى التي كانت تساند التحالف الدولي لمحاربة داعش".
معالجة الأسباب
أما حول نظرته لنهاية داعش من عدمها، مع قرب القضاء على وجوده التنظيمي، يعتقد آل رشي أنّ "الأمر أعقد من أن نتنبأ به، إذا كنا نعوّل فقط على الجانب الأمني"، مردفاً: "لا بدّ من تكوين حاضنة اجتماعية ترقى إلى مستوى الذائقة الأخلاقية التي تؤمن بقيم الديمقراطية والمجتمع المدني والسلم الأهلي، والأمر الآخر أنّ مشكلة داعش لها شروط موضوعية أدت إلى استنباتها، ومنها حالة التواطؤ الدولي والعجز العام، وعدم وجود مجتمع يحتكم إلى صناديق الاقتراع، وإلى التداول السلمي للسلطة، وإلى ثقافة حقوق الإنسان، كلّ هذا قد يؤدي إلى خلق دواعش أو مسميات ولافتات أخرى كبيرة، وإذا أردنا ألا ينمو أيّ إرهاب مجدداً، علينا أن نعالج الجذور باستنبات حياة ديمقراطية سليمة وتكوين سلم أهلي حقيقي".

خبير بالجماعات الإسلامية: إذا أردنا ألا ينمو أيّ إرهاب مجدداً، علينا معالجة الجذور باستنبات حياة ديمقراطية سليمة وتكوين سلم أهلي حقيقي

أما حول ما يتوجب فعله مع العوائل الخارجة من آخر معاقل داعش، فيعتقد آل رشي أنّ وضعهم في مخيمات مشتركة ليس أمراً جيداً؛ لأنّ الأسر التي نمت، أو كانت تحت سيطرة داعش، أو على صلة معه، ينبغي أن تخضع لإعادة تأهيل نفسي وفكري، وإعادة رعايتها أممياً، قائلاً: "على قوات التحالف والقوى المشاركة لها تأمين كوادر لرعاية الأبناء والأمهات والزوجات والأطفال، وإخراجهم من الثقافة الاقتناعية الوهمية التي ربما كانوا قد اقتنعوا بها بسبب الظروف الضاغطة، ونقلهم من حالة حيز الاقتناع السابق، إلى رفض كلّ ذلك في اللاحق، وذلك من خلال رعاية أخلاقية واجتماعية وفكرية ونفسية، وبالتالي فإنّ وضعهم في مخيمات ليس كافياً، ولا بدّ من إيجاد فرق إسعاف في المجالات المذكورة آنفاً، ومعالجة الأمر الذي كان مشوشاً لديهم".
ويستطرد: "كلما استطعنا أن نرسل إلى هذه الأسر إلى أناس من الدُعاة إلى الدين الإسلامي، كما يريد (الله)، لا كما تريد التنظيمات المسلحة المتطرفة، وسعنا آفاق فهمهم للدين والمجتمع المدني والدستور وحقوق الإنسان، واستطعنا أن ندمج هذه الأسر، ونحاول تفكيك البنية الفكرية لها أكثر وأكثر، وإعادتها إلى حالة السلم الأهلي والمجتمعي".

طوابير طويلة للخارجين من آخر معاقل التنظيم المتشدد في الباغوز

عوامل تشكل الإرهاب قائمة
ويرى آل رشي أنّ "العوامل التي تساعد على تشكيل ذائقة تفكيرية أو حاضنة تفجيرية، أو تحوّل الدين إلى ديناميت، ما تزال متوفرة في المناخ السوري العام؛ حيث ما تزال الفوضى موجودة"، مشدداً: "علينا قبل كلّ شيء أن نعالج الأزمة الدستورية، وأن نبحث عن حلّ سياسي توافقي، وأن نعيد أسباب الأمان وليس الأمن، وأن نطمئن الناس أنّ الحياة سارية لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي يؤمن بثقافة السلم والعلم، ويرفض الاحتكام إلى العضل، ويعلي من شأن العقل، ويحتكم إلى شرعة حقوق الإنسان، وبالطبع هذه العوامل غير متوفرة، ولن يستطيع السلاح فقط أن يبني المجتمع؛ لأنّ سلاح الأفكار أجدى من الرصاص والنار، وأعتقد أنه علينا حقاً أن نسعى إلى معالجة هذه الحواضن التي شكلت مأزقاً حقيقياً كي يفجر الإنسان نفسه ويقتل الآخرين".
ويختتم حديثه بالتأكيد على أنّ "هذه الكائنات التي تجاوزت العقل وتجاوزت الدين وكل منطق، لا بدّ من أن تتمّ معالجتها، ولا بدّ من أن تتجمع أفكار ومفاهيم وقيم عند مستويات متنوعة وشرائح متعددة، لكي تكون بديلاً عن الحاضنة التي نشأت فيها تلك اللافتات الكبيرة، فالقاعدة والنصرة وداعش هي مسميات متوالدة سببها لم يكن الدين، لأن الدين لا يقبل أن يكون عمران السماء على حساب عمران الأرض، ولا بدّ من أن نكوّن حالة من الطمأنينة تبثها الحياة الدستورية والحياة المجتمعية، ويتوافق الجميع بمن فيهم أعمدة الدين أو الرجال الذين يبلغون الدين على الاحتفاء بالإنسان أولاً، الذي هو غاية الأديان، وهو ما تقر به شرعة حقوق الإنسان".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية