الإمارات تطلب المطر بالاستسقاء.. وهذه إنجازاتها في تكنولوجيا الاستمطار

الإمارات تطلب المطر بالاستسقاء.. وهذه إنجازاتها في تكنولوجيا الاستمطار


21/01/2019

دأبتْ شعوب العالم، منذ قديم الزمان، على اللجوء إلى الصلوات خلال فترات الجفاف التي تطول أكثر من اللزوم. ولدى المسلمين صلاة نافلةٌ تسمى "صلاة الاستسقاء"، طلباً لنزول المطر من السماء، حيث أمرنا الله، جلّ جلاله، حين تشحّ الأمطار أنْ نلجأ إليه بالتوبة والتضرع والاستغفار، وبيّن سبحانه ذلك على لسان الأنبياء الأطهار، وجاء في القرآن الكريم: "فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً* ويمددكم بأموالٍ وبنين، ويجعل لكم جناتٍ، ويجعل لكم أنهاراً".

من الأبحاث ما جاء في مجال تلقيح السحب عبر تقنيات النانو على نحو يسمح بالحصول على مزيد من مياه الاستمطار

لكن دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يذكر تقرير أعدّه حسّان التليلي في "راديو مونت كارلو" الدولي، انخرطتْ منذ تسعينيات القرن العشرين في إرفاق الصلوات بمنهجية أخرى تقوم على العلم والتكنولوجيا والابتكار في مجال الاستمطار، وجعلت من برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار الأداة المحورية في تطوير هذه العلوم وتوظيفها في العملية التنموية.
والحقيقة أنّ عدداً من البلدان المتقدمة أو التي هي بين منزلة البلدان المتقدمة والبلدان النامية أصبح لديها باع في مجال الاستمطار عبر العلوم والتكنولوجيا. وهو، مثلاً، حال الولايات المتحدة الأمريكية والصين الشعبية والهند.
وتشير إذاعة "مونت كارلو" في تقريرها الذي جاء ضمن برنامج "رفقاً بأرضنا"، إلى أنّ من خاصيات برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار أنه يسعى إلى تطوير هذه العلوم عبر طرق عدة؛ منها المِنَح التي يقدمها إلى الباحثين والمبتكرين المتميزين في العالم، من الذين يسهمون في تحسين أداء الاستمطار الاصطناعي واستخدامه في العملية التنموية.


الملتقى الدولي الثالث للاستمطار
وقد تم الإعلان في شهر كانون الثاني (يناير) الجاري، بمناسبة انعقاد الملتقى الدولي الثالث للاستمطار (من 14 إلى 17 من الشهر ذاته) والذي تزامن مع "أسبوع الاستدامة السنوي" الذي يقام في أبو ظبي، عن أسماء الفائزين الثلاثة بمنح الدورة الأولى لهذه المبادرة. ويراد من ورائها تعزيز التعاون بين الشعوب عبر المعرفة للمساهمة في ضمان الأمن المائي في كل مكان. والفائزون في هذه الدورة، تضيف "مونت كارلو"، أنجزوا كلّهم أبحاثاً أسهمت في إثراء علوم الاستمطار والاستفادة منها في مجال التنمية المستدامة في كل من الإمارات العربية المتحدة وألمانيا واليابان.

اقرأ أيضاً: العيادات المتنقلة الإماراتية تغيث أهالي الحديدة
وتتعلق هذه الأبحاث بثلاثة مجالات هي:
أولاً،
  تلقيح السحب عبر تقنيات النانو على نحو يسمح بالحصول على مزيد من مياه الاستمطار.
ثانياً، تطوير نماذج رياضية تسمح بتعديل سطح الأرض وتضاريسها بشكل يتيح الاستفادة بشكل أفضل من مياه الاستمطار
ثالثاً، تحسين كفاءة عمليات الاستمطار على المدى البعيد من خلال تطوير وسائل تقويم إحصائية جديدة.
يتم تلقيح السحب عبر تقنيات النانو

التنبؤ بالطقس وتعديله
وقد شهدت فعاليات النسخة الثالثة من الملتقى الدولي للاستمطار مجموعة من الأنشطة ذات الاهتمام العالمي المشترك حول مواضيع مبتكرة في قطاع الاستمطار. وناقشت فعاليات اليوم الأخير للملتقى الآليات المعتمدة من قبل البرنامج لتوثيق التعاون المشترك بين الباحثين الحاصلين على منحة البرنامج خاصة؛ عبر تشكيل مجموعة العمل التي تضم الباحثين الحاصلين على منحة البرنامج في دوراتها الثلاث. كما ناقشت تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، والتطور المحتمل للتعلم الآلي من أجل التنبؤ بالطقس واستخدام المركبات الجوية غير المأهولة لتعديل الطقس، كما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام).
صعوبة الوصول إلى مصادر المياه النظيفة
ولفت موقع مدينة "مصدر" الإلكتروني في أبوظبي إلى أنّ المصادر الموثوقة للمياه تُشكّل إحدى أبرز مقومات التنمية المستدامة في القطاعات الأساسية؛ كالزراعة والطاقة، بل وأكثر من ذلك بالحفاظ على الوجود الإنساني على كوكبنا. وعلى الرغم من ذلك، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنّ أربعة أشخاص من أصل عشرة حول العالم لا يملكون القدرة على الوصول إلى مصادر المياه النظيفة.
بحوث مبتكرة وزيادة كفاءة الاستمطار
ويعتبر الملتقى الدولي الثالث لعلوم الاستمطار، النسخة الأحدث في الفعالية السنوية المنظمة من قبل برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، البرنامج البحثي العالمي الهادف لتطوير ابتكارات جديدة لزيادة معدلات هطول الأمطار حول العالم.
ویعد الملتقى فعالیة مفتوحة لصنّاع السیاسات والمختصین، وفرصة ممیزة لھم للتعرف على البحوث المبتكرة الجاري تنفیذھا في الوقت الراھن.

تمكّن وولفمير من تطویر نموذج عددي متقدم ثلاثي الأبعاد للتنبؤ الجوي استخدم للتعرف على المواقع الأكثر ملاءمة لتعدیل التضاریس

وقدمت البروفیسورة لیندا زو، والبروفیسور فولكر وولفمیر، والبروفیسور ماساتاكا موراكامي النتائج النھائیة لأبحاثھم المبتكرة التي ساھمت في تطویر إمكانات علوم الاستمطار وتطویر تقنیات جدیدة لدولة الإمارات والعالم أجمع.
فلیندا زو، البروفیسورة الباحثة في جامعة خلیفة للعلوم والتكنولوجیا، استطاعت إنتاج واختبار وتقییم مواد جدیدة لتلقیح السحب استناداً إلى تقنیات النانو؛ حیث تسھم ھذه المواد في زیادة عدد قطرات المطر في السحب بمعدل ثلاث مرات في حال بلغت نسبة الرطوبة %100، وذلك مقارنة بالمواد المستخدمة حالیاً لتلقیح السحب، وكانت قد حصلت على براءتيْ اختراع للمواد الجدیدة، ویجرى في الوقت الراھن استكشاف وسائل مختلفة لإنتاج ھذه المواد بكمیات كبیرة، كخطوة تحضیریة لإمكانیة تصنیعھا محلیاً واستخدامھا في عملیات الاستمطار، كما نقل موقع "الحرة نيوز".
وأضاف الموقع أن ماساتكا موراكامي، البروفیسور زائر في معھد البحوث البیئیة في الأرض والفضاء في جامعة ناغویا بالیابان، تمكن من تطویر وسائل تقییم إحصائیة جدیدة لدراسة تأثیر تلقیح السحب على المدى البعید، والتعرف على آلیات تحسین كفاءة عملیات الاستمطار، شملت تطویر قاعدة بیانات جدیدة للمركز الوطني للأرصاد حول خصائص السحب والھباء الجوي في سماء دولة الإمارات؛ تستخدم للتأكد من صحة القراءات، وتقدیم بیانات مرجعیة تدعم البحوث الحاصلة على منحة البرنامج، ولدعم المشاریع البحثیة المستقبلیة. كما طوّر نظام نمذجة عددیة لمحاكاة عملیات الرصد الجوي والتعرف على السحب القابلة للاستمطار بھدف تحسین دقة التوقعات الجویة، وزیادة كفاءة عملیات الاستمطار في دولة الإمارات من خلال زیادة دقة استھداف السحب وبالتالي تقلیص عدد ساعات الطیران والتكلفة المقترنة بھا.

اقرأ أيضاً: الإمارات تُغيث السوريين في لبنان
أمّا فولكر وولفمیر، البروفیسور والمدیر العام ورئیس قسم الفیزیاء والأرصاد الجویة في معھد الفیزیاء والأرصاد الجویة في جامعة ھوھنھایم بألمانیا، فقد تمكن، بحسب ما نقل "الحرة نيوز"، من تطویر نموذج عددي متقدم ثلاثي الأبعاد للتنبؤ الجوي، استخدم للتعرف على المواقع الأكثر ملاءمة لتعدیل التضاریس لزیادة معدلات الأمطار. وتمكن من تحدید مساحات المزارع وأشكالھا وأنواع الأشجار الأكثر ملاءمة لتحفیز تلاقي الریاح في الموقع المعتمد، حیث ستساھم تلك المزارع في زیادة معدلات تكون السحب، وبالتالي زیادة ھطول الأمطار، وتخفیف معدلات الكربون في الغلاف الجوي كنتیجة ثانیة للمشروع، ما سیساعد دولة الإمارات على تحقیق أھدافھا ومتطلباتھا المناخیة وفقاً لاتفاقیة باریس للمناخ.

الصفحة الرئيسية