لا شرف في "جرائم الشرف"

لا شرف في "جرائم الشرف"


25/07/2018

ترجمة: محمد الدخاخني


يوافق 14 تمّوز (يوليو) من كل عام "اليوم الوطنيّ لإحياء ذكرى ضحايا العنف على أساس الشّرف"، وهو يوم تمّ إقراره للاحتفال بعيد ميلاد شفيليا أحمد المولودة في برادفورد، والّتي قام والداها بقتلها في إطار ما يسمّى بقتل الشّرف عام 2003. وقد استغرق الأمر تسعة أعوام لإحضار قاتليها أمام العدالة.

وتصادف في هذا اليوم الذّكرى السّنويّة الثّانية لحادث الاغتصاب والقتل الوحشيّين لسامية شاهد. وهي حالة أخرى لوفاة غير منطقيّة، و"جريمة شرف" أخرى، وامرأة أخرى حُرمت من العدالة.

سامية شاهد

أرقام مروّعة

بالنّظر إلى هذه الحالات وحالات أخيرة أخرى، فإنّه يصعب تصوّر أنّ النّساء والفتيات يعانين إلى الآن في هذا العالم الحديث من عنف مروّع يستند فقط إلى فكرة "الشّرف" البالية. وبالرّغم من التّغطية الإعلاميّة العالميّة والتّعليم والحملات الّتي ارتبطت بمقتل شفيليا، فإنّ سامية لم تنج من القتل. ومن هنا، يجب أن نتناول ما يخبرنا به هذا الأمر.

الصّحة العالميّة: 35 في المئة من النّساء حول العالم تعرضن للعنف الجسديّ و/أو الجنسيّ في حياتهنّ

إذا كان هناك شيء واحد قد تعلّمته من أكثر من 25 عاماً من المشاركة في حملات إنهاء العنف ضدّ المرأة، فإنّ هذا الشّيء هو أنّ: سلسلة العنف يمكن تنكسر فقط عندما يتمّ تمكين النّاجيات من الخروج عن صمتهم، وتقبل المجتمعات مسؤوليّتها في معالجة الحقائق الصّعبة، وتخضع الدّيناميات الفاعلة في داخلها إلى التّغيير.

ومن جانبها تقدّر منظّمة الصّحة العالميّة أنّ 35 في المئة من النّساء في كافّة أنحاء العالم قد تعرضن للعنف الجسديّ و/أو الجنسيّ في حياتهنّ. وفي المملكة المتّحدة، يواجه ربع النّساء العنف على مدار حياتهنّ. وقد تعرّض ما لا يقل عن 200 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم إلى عملية تشويه الأعضاء التّناسلية للإناث، وجرى تزويج حوالي 250 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم قبل بلوغهن سنّ الخامسة عشرة.

تعرّضت للعنف وزوّجت قسرياً

لقد هيمن على كلّ من طفولتي ومراهقتي العنف المُطبّع للرّجال داخل المنزل، وفي وقت لاحق، في سنّ الخامسة عشرة، مررت بتجربة زواج قسريّ. ومن ثمّ فهذا شيء قريب جدّاً من قلبي وأنا أبدأ دوري بصفتي وزيرة الظّلّ للنّساء والمساواة.

اقرأ أيضاً: هذه أخطر 10 دول على النساء

وإنّني فخورة بأن انضممت إلى العديد من الأخريات باعتباري سفيرة لحملة "شرفاً لها"، التّابعة لمنظّمة الإغاثة الإسلاميّة في المملكة المتّحدة، وهي الحملة الأولى من نوعها لمنظمة غير حكوميّة إسلاميّة كبرى. وتسعى الحملة جاهدة إلى لفت الانتباه إلى المستويات الهائلة للعنف الّذي تعاني منه النّساء والفتيات في المملكة المتّحدة وحول العالم. كما تسعى إلى تحفيز النّقاش، وزيادة الوعي، واستئصال الممارسات التّقليديّة مثل الزّواج المبكر والقسريّ وتشويه الأعضاء التّناسليّة الأنثويّة، وجميع أشكال العنف الأخرى ضدّ النّساء والفتيات، بما في ذلك الجرائم "المبنيّة على الشّرف".

ليس هناك شرف في القتل

ما من شيء يمكن أن يعيد إلينا أياً من الضحايا، ولكن يجب أن يكون هناك إرث. إرث لا يسمح لنا بأن ننسى أمثال سامية شاهد في هذا العالم. إرث يعطي بعض العزاء لأولئك الّذين تُرِكوا في كمد - ولا يقتصر الأمر فقط على عدم نسيان القتل الّذي تعرّض له أحبّائهنّ، وإنّما أيضًا تقويم واستئصال ما يسمّى بالاعتداء القائم على الشّرف.

اقرأ أيضاً: قضية نورا: أقارب الزوج المقتول يرفضون الصفح "كي لا تتشجع النساء على رفض الرجال"

أتذكّر حواراً دار بيني وبين كلّ من المخرجة السّينمائيّة الحائزة على جائزة الأوسكار شارمين عبيد شينوي والرّئيسة المشاركة السّابقة لحزب المحافظين سعيدة وارثي في الأسبوع الّذي قُتلت فيه سامية. فقد سألت وارثي: "لماذا ينعم الرّجال بالشّرف بينما تتحمّل النّساء عبء العار؟" وهذه الكلمات تلخّص ما نحتاج إلى تغييره. ليس هناك شرف في القتل، وإنّما جرائم يقودها العار، عار الرجل. عاره وليس عارها.

اقرأ أيضاً: فرانسواز إيرتييه..هكذا هيمن الرجال على النساء

هذا هو السّبب في أنّه يجب علينا جميعاً أن نقف "شرفاً لها"؛ لأنّه إذا كان هناك أيّ شرف، فإنه ينتمي إلى أمثال سامية في هذا العالم، وليس الرّجال الّذين يحصلون على شعورهم بالقيمة والانتماء من خلال وجود السّلطة والسّيطرة على امرأة ما، حتّى لو كان ذلك يؤدّي إلى موتها.


ناز شاه - الغارديان

الصفحة الرئيسية