5 أمراض نفسية جسدتها السينما وعكست مخاوف المبدعين وهواجسهم

المرض النفسي

5 أمراض نفسية جسدتها السينما وعكست مخاوف المبدعين وهواجسهم


22/11/2018

لقي المرضى النفسيون، على امتداد التاريخ الإنساني، عذاباً مضاعفاً بسبب معاملتهم كالمجرمين، ومن معاناتهم مع أمراضهم التي لم يكن يدركها الطب بعد، ولكن بعد عصر النهضة الأوروبية، وبداية فجر الطب النفسي، كانت البداية الحقيقية، لمحو آلام ملايين البشر من الأجيال التالية، لكن لا زال المجتمع يتعامل معها بجهل شديد، فيما يبرز دور السينما كوسيط بين المريض النفسي والمجتمع المحيط به.

"حفريات" ترصد 5 أمراض نفسية، جسدتها السينما:

أولاً- الفصام: يصنف الفصام كأحد الأمراض العقلية المزمنة، والتي من الممكن أن تصاحب الشخص طوال حياته، وهو عبارة عن اضطراب حاد في الدماغ، يمزج الواقع بالخيال، ويصير المريض في حالة من الهزال العقلي بحيث يصير غير قادر على التمييز بين عالمين لا علاقة لهما بالآخر.

اقرأ أيضاً: سينما الموبايل: تجربة سينمائية جديدة في ظل فوضوية الحياة بمصر

كثيرٌ من المبدعين ما يصاب بهذا المرض، وعلى رأسهم كان عالم الرياضيات الشهير"جون ناش"، الذي قدم فيلم "Beautiful Mind" قصة حياته وقام ببطولته"راسل كرو"، وقدمه المخرج"رون هاورد" للعرض عام 2001، ويحكي قصة جون ناش الذي أصيب بالفصام، منذ أن كان طالباً في الجامعة؛ إذ يعتقد أنّ هناك رفيقاً له بالغرفة، ونراه يحادثه في عدة مشاهد، ثم اعتقاده بأنّ هناك جهة مخابراتية روسية تريد تجنيده ضد الجيش الأمريكي، لنكتشف لاحقاً أنّ هذا لم يكن سوى نسج خياله، حتى يدرك ناش أنه يعاني من مرض نفسي، وعليه أن يخضع لجلسات الصعق الكهربي، والعلاج النفسي، الذي يفقده قدرته على  العمل، ثم يقرر أن يقاوم المرض بنفسه وبحب زوجته ورعايتها، حتى يحصل على جائزة نوبل، لنكتشف في نهاية الفيلم أنّه لم يتعافَ بل قاوم مرضه بالحب والعمل.

"Beautiful Mind"

ثم يعاود الكرّة عام 2009 المخرج "مارتن سكورسيزي"، بالاشتراك مع"رونالدو ديكابريو" في فيلم "shutter Island"، حيث تبدأ رحلة بين ديكابريو، ومارك رافلو، الذي يلعب دور طبيبه النفسي في مصحة بجزيرة شاتر، التي انتقل إليها بعد تعرضه لمرض الفصام، الذي أصابه بعد صدمة قتل زوجته لأطفاله الثلاثة، على أثر مرض عقلي أصابها. يمزج الفيلم بين مشاهد الخيال والواقع؛ إذ يتخيل المريض أنّ زوجته وأطفاله لا يزالون يعيشون على الرغم من أنّه يدعي شخصية دون شخصيته، ويتقمص دور ضابط الشرطة الذي يحاول كشف تجارب تجريها المصحة على البشر، لنكتشف أنّ هذا كله لم يكن سوى في عقل المريض الذي يخضع لجراحة دماغية تنهي مرضه في آخر الأحداث.

كثيراً ما تتداخل أعراض مرض الهيستيريا مع شخصية الأطفال، وهذا ما جسدّه المخرج الأمريكي جريميه شيشيك العام 1993

ثانياً- الاكتئاب: على الرغم من تصنيف منظمة الصحة العالمية الصادر في العام 2018، بأّنه المرض الأول في التسبب بالعجز والموت، وأّنه يقتل الملايين سنوياً حول العالم، إلّا أنّ غموض هذا المرض، وأعراضه، بالنسبة للمرضى، وأقربائهم، يظل مخيماً على المجتمعات الإنسانية باختلاف ثقافاتها، وكانت المحاولات السينمائية الجادة لتجسيد معاناة هذا المرض الصامت، وصراعات مرضاه التي تخفى عن المحيطين بهم.

اقرأ أيضاً: كيف تناولت السينما المصرية تأثيرات هزيمة 67؟

في العام 2008 قدم المخرج الأمريكي "سام مينديز"، فيلمه "Revolutionary Road"، الذي جسد فيه الثنائي "كيت وينسليت"، وليوناردو ديكابريو"، دور زوجين، يعانيان من الاكتئاب، إثر اضطراب العلاقات الزوجية، التي أصابت الزوجة بعمق بعد تعارض تحقيق طموحها الشخصي كممثلة، وتربية أطفالها الاثنين، فيما تتفاجأ بحملها الثالث، واستسلام زوجها أمام الحياة التقليدية التي لم تأملها لنفسها، فتقرر إجهاض طفلها منزلياً، الأمر الذي يسبب لها نزيفاً يودي بحياتها، لتترك الزوج مصاباً باكتئاب يمنعه من ممارسة أي نشاط سوى تربية الأطفال.

"Revolutionary Road"

وعلى صعيد السينما الشرقية، في عام 1997 قدم المخرج الإيراني الكبير"عباس كياروستامي"، فيلمه "Taste of Cherry"، والذي يعاني بطله من اكتئاب شديد تسببت به حالة الوحدة التي يعيشها، فيهيم على وجهه في المدينة باحثاً عن أحد يساعده في الانتحار مقابل المال، تظل رحلة البطل بامتداد مدينة طهران، ويقدم له الناصحون الوعظ من حرمة الانتحار، إلّا أنّ نهاية الفيلم المفتوحة، تجعلنا أمام نفس حائرة، بين أن تنهي حياتها بيدها، أم تبحث عن مخرج من حزنها الشديد.

اقرأ أيضاً: السينما السورية: كيف واجه الفن سطوة السياسة؟

ثالثاً- الوسواس القهري: يجهل الكثير من البشر آلية عمل الوسواس القهري في دماغ الإنسان، ربما يبدو للبعض أنّه ليس سوى هوس النظافة أو الترتيب أو الخوف من الأمراض والعدوى، لكن يتجاوز عمل المرض الذي صنفته منظمة الصحة العالمية في المرتبة الرابعة كأكثر الأمراض تسبباً في العجز، بعد الاكتئاب والسرطان والزهايمر، وقد برعت السينما العالمية في تصوير هذا المرض غير المألوف خاصة على المجتمعات العربية.

اقرأ أيضاً: 14 فيلماً جسدت صورة الإرهابي في السينما المصرية.. تعرّف عليها

وقدم المخرج الأمريكي دارين أرنوفيسكي في العام 2010، فيلمه "Black Swan"، حيث قامت ببطولته ناتالي بورتمان، كأحد أروع أدوارها، والذي لعبت فيه دور راقصة الباليه، ذات الشخصية القهرية المصابة بوسواس قهري يدفعها لصنع أي شيء لتحقق ما تتمناه، حيث تسعى للقيام بدور البجعة السوداء بعد أن يختارها مدير الفرقة، تحاول اكتشاف الجانب المظلم في شخصيتها، مستخدمة كل طاقاتها وتناقضاتها الشخصية لتجسيد هذا الدور، وتحاول الانصهار داخل شخصية البجعة السوداء، حتى يصعب عليها التفرقة بين الحقيقة والخيال.

"Black Swan"

وفي العام 1997، قدم المخرج الأمريكي "جميس بروكس"، فيلمه "AS good as it gets"، والذي قام ببطولته جاك نيكلسون، في دور الكاتب المنطوي، المصاب بوسواس قهري، يمنعه من التواصل مع الآخرين، وبينما تمر أيامه برتابة، يقع في حب نادلة المطعم التي لا يثق في أحد سواها، ومع اكتشافه لحب النادلة تبدأ شخصيته في الانفتاح على الآخرين، بينما قُدمت شخصية نيكلسون بشكل مخيف كأحد مرضى الوسواس القهري، كادت لا تخلو من الإطار الكوميدي الذي وضعه مؤلف القصة، كأحد جوانب الشخصية القهرية التي يجسدها البطل.

اقرأ أيضاً: واقع الحشيش وصور الحشاشين في السينما المصرية .. أشهر الأفلام

رابعاً- القلق والتوتر: يعد التوتر أحد الأعراض المصاحبة لجميع الأمراض النفسية، ويمكن أن يأتي منفصلاً، ويتسبب التوتر فيما يقارب 30% من أعراض المرض الجسدي الوهمي الذي يصيب الإنسان ويتسبب في إعاقة نشاطه اليومي.

في العام 1998، قدّم المخرج والممثل الأمريكي "فينسنت غالو"، فيلمه "Buffalo '66"، حيث قام ببطولته وكتابته وإخراجه، ويحكي قصة شاب، يعاني من القلق والتوتر، واضطراب نفسي كبير أصابه جراء علاقاته الأسرية المتفككة منذ الطفولة، وبسبب ذلك يقع في المتاعب، حيث يدخل إلى السجن لمدة 5 أعوام، ليلتقي بفتاة عن طريق الصدفة بعد خروجه من السجن، ويقوم بخطفها وإجبارها على تمثيل دور زوجته أمام والديه اللذين يصيبانه بالتوتر، حتى يقع في حب الفتاة، فتهدأ نفسه ويجد الراحة والطمأنينة.

قدم المخرج الأمريكي دارين أرنوفيسكي العام 2010 فيلماً عن راقصة الباليه ذات الشخصية القهرية المصابة بوسواس قهري

وفي العام 1999، قدم المخرج الأمريكي "دايفيد فينشر" فيلمه "FIGHT CLUB"، والذي قام ببطولته النجم الأمريكي "براد بيت"، ويسرد معاناة شخص مع القلق والأرق والتوتر، ويعد من أكثر الأفلام التي تتحدث عن المرض النفسي مشاهدة، حيث يتجه براد بيت بعد التعرف على صديق لديه نفس المعاناة مع الغضب والتوتر والقلق، فيقرران معاً إنشاء ناد للملاكمة، ودعوة كل أصحاب المعاناة النفسية، للتنفيس عن غضبهم، لتنجح الفكرة، ويستيطعا التخفيف من آلامهما الكبيرة.

 "FIGHT CLUB"

خامساً- الهيستيريا: كثيراً ما تتداخل أعراض مرض الهيستيريا مع شخصية الأطفال، حيث يصيب هذا المرض الأماكن المركزية من الجهاز العصبي، فتفقد الشخص السيطرة على حواسه، وتجعله غير قادر على الفصل بين الحقيقة والخيال.

اقرأ أيضاً: صورة البطل "البلطجي" في السينما الأمريكية

وهذا ما جسدّه المخرج الأمريكي "جريميه شيشيك" عام 1993 في فيلمه "Benny & Joon"، والذي يحكي قصة الفتاة جون التي تعاني من مرض هيستيريا، يجعلها غير قادرة على التواصل مع الآخرين، ويمكث أخوها الأكبر بعد وفاة والديهما لرعايتها، ويعجز عن تركها في دار للرعاية؛ لأنّ تصرفاتها العدوانية والهيستيرية غير متوقعة، حتى تلتقي جون بـ"بيني"، الذي يقوم بدوره "جوني ديب"، وهو شاب منطوٍ ومنعزل، ولا يتواصل مع الآخرين بسهولة، فيمنعها أخوها مع البقاء معه بعد ظنه أنّه يستغلها، بينما تحارب هي من أجل أن تجتمع به، لتستقر حالتها النفسية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية