واقع الحشيش وصور الحشاشين في السينما المصرية .. أشهر الأفلام

السينما المصرية

واقع الحشيش وصور الحشاشين في السينما المصرية .. أشهر الأفلام


30/08/2018

كأي ظاهرة في الواقع الاجتماعي، تعرضت السينما المصرية لموضوع شرب الحشيش والمتاجرة به ومشكلاته وعواقبه، وتفاوتت هذه المعالجات الفنية ما بين المرور السريع والسطحية والجدّية الوعظية، لكنها بلغت أحياناً حد الترويج في ثوب السخرية في خضم كثير من الأعمال المعاصرة التي يمكن وصف قلة منها بالعمق.

فسرعان ما أخذ يظهر على الشاشة الكبيرة متعاطي الحشيش "الجدع" وسط حالة من الأنس والسعادة والضحك الصاخب، بخلاف متعاطي المخدرات التقليدية الذي أظهرته السينما في صورة الإنسان المدمّر، الذي يفضي به الإدمان إلى الموت أو التيه والانهيار.

وعظية "الشيخ حسن"

تنفتح الشاشة على شاب يرتدي الزي الأزهري (الكاكولا) صاعداً على المنبر، وأمامه جموع من المصلين؛ حيث يخطب قائلاً: "ألا تعلمون أنّ لفظ الخمر ليس مقتصراً على ذلك السائل المعروف؛ بل هو لفظ شامل يطلق على كل ما يخمر العقل؛ أي يذهب العقل؛ أي يغطيه ويحجبه، وهذا الفعل لا يفعله السائل الكحولي وحده؛ بل يفعله الحشيش والكوكايين، والأفيون فاتقوا الله عباد الله وليحذر الذين يخالفون أمره، أن تصيبهم فتنة ..".

 

 

كان هذا هو المشهد الأول في فيلم الشيخ حسن، الذي قام ببطولته، وألّفه، وأنتجه، الفنان حسين صدقي، في العام 1951، وعرض على شاشة السينما العام 1952، وقيل إنّه قد منع بقرار لأول رئيس مصري بعد ثورة يوليو "محمد نجيب" لتعرضه لعلاقة المسلمين والمسيحيين، وكان يحمل حينها اسم "ليلة القدر"، ثم سمح الرئيس المصري جمال عبدالناصر بعرضه مرة أخرى بعد أن أضاف حسين صدقي 7 دقائق ليخفّف على ما يبدو من سخط المحتجين عليه.

اقرأ أيضاً: حسين صدقي: الواعظ الأخلاقي وخطيب السينما المصرية

اللافت، بالإضافة إلى القصة الرئيسية، تصدّي الفيلم لتجارة الحشيش وتعاطيه بخطاب ديني كلاسيكي، وليس باعتباره جريمة تخالف القانون، ولكن لأنّه رجس من عمل الشيطان، ومنكر يجب تغييره بالقوة من جانب الأفراد وليس من جانب الدولة فحسب.

يجلس عدد من أصدقاء والد حسن الذي يقوم بدوره عبدالوارث عسر فوق سطح منزله، ويتداولون عصا "الجوزة" يشدّون منها الأنفاس، على وقع القهقهة الهستيرية، وتداخلات الندماء بنكات وقفشات.. مشهد عكسته السينما المصرية في جميع مراحلها وبات تقليدياً بعد ذلك حتى وصل ذروته لاحقاً مع شخصية "الليمبي" التي شقّ الفنان محمد سعد من خلالها طريق شهرته.

إلا أنّ ردة فعل بطل فيلم "الشيخ حسن" لم تكن تقليدية؛ إذ إنّه دخل عليهم وهدّدهم بتحطيم أدوات الجريمة بيديه ورجليه، إن لم ينهوا هذه المهزلة على الفور:

يتصدّى فيلم الشيخ حسن لتجارة الحشيش وتعاطيه بخطاب ديني كلاسيكي وليس باعتباره جريمة تخالف القانون

الشيخ حسن: أنا أعطيكم فرصة للتوبة وإلا سأكسر كل الأشياء التي أمامكم.

أصدقاء والده: تكسرها؟ إن كسرتها سنكسر دماغك.

الشيخ حسن: سأكسرها ولا يهمني حتى وإن تكسرت دماغي في سبيل الله.. ويبدأ حسن في الهجوم ليكسر عصا الجوزة، ويطيح بموقد الفحم وبعدها يتدخل والده ليمنعه.

الشيخ حسن لوالده: مهما عملت لا بد أن أنفّذ حكم الله في كل منكر أراه.

ينتهي المشهد بطرد والد حسن لابنه من المنزل بعد أن واجهه الابن بأنّه "باع دينه"، وأثناء سيره في الطريق تنهمر التساؤلات في نفسه حول صحة ما قام بفعله إلا أنّه ينتهي إلى أنه كان محقاً ولم يخطئ "لقد فعلت الواجب.. من رأى منكم منكراً فليغيره بيده. هل كنت أغيره بقلبي فقط!.. أكنت ألجأ لأضعف الإيمان، هذا غير ممكن، أنا إيماني غير ضعيف، إذن أتحمّل نتيجة إيماني بصبر وجلد سأتحمل وربنا معي".

الحشيش ونظرية المؤامرة!

بعدما قامت ثورة يوليو 1952، ذهبت شركة إنتاج "أفلام العهد الجديد"، لمنحى يتماشى مع فلسفة الثورة الجديدة، وتنهي المعالجة الدينية لظاهرة الحشيش، لتبدأ إظهار صورة العدالة الاجتماعية، ويخرج نيازي مصطفى العام 1956 فيلم "رصيف نمرة خمسة" وهي الصورة التي تماهت مع توجهات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

 

 

شنّ الشاويش خميس "فريد شوقي" حملة على أعتى مهربي المخدرات في الاسكندرية، وهي العصابة التي يرأسها المعلم بيومي (زكي رستم)، الذي لا تفارق سبحته يده، يقضي أغلب وقته في المسجد أو في مساعدة المحتاجين، ومن ضمنهم الشاويش نفسه، لكنّه في نفس الوقت أكبر مهرب في المدينة، لا يفارق لسانه جملة "روح يا شيخ إلهي يعمر بيتك".. كانت إشارة إلى التدين الشكلي الخادع الذي يخفي وراءه الجريمة التي يجرّمها القانون، وهي إشارة لا شك لافتة في ظل الصراع عبدالناصر مع جماعة الإخوان المسلمين.

اقرأ أيضاً: السينما المصرية ظلمت النساء وبشّرت بعالم ذكوري

ولأن نظام يوليو دخل في صراع مع الإمبريالية العالمية، التي شنت عليه عدواناً ثلاثياً في العام 1956، فكان لا بد أن تظهر إشارة في فيلم "ابن حميدو" (1957) للمخرج فطين عبدالوهاب، تشير إلى أن تلك الدول تستهدف البلاد بتهريب المخدرات والحشيش إليها.

 

 

فالصول ابن حميدو "إسماعيل يس" والضابط حسن "أحمد رمزي" يشتركان في مهمة سرية للإيقاع بعصابة لتهريب المخدرات عبر البحر، ولكن رئيس العصابة هذه المرة امرأة فاتنة من أصول غربية تدعى لاتانيا، لعبت دورها الراقصة نيللي مظلوم.

اقرأ أيضاً: أخيراً.. السينما في السعودية

ربما كان الاختيار هنا سياسياً، فمصر المحررة حديثاً من الاحتلال البريطاني كانت تخشى عودة المحتل الأجنبي، خاصة بعد العدوان الثلاثي، ما نتج عنه حملة ضد المصريين من أصول أجنبية ومن ضمنهم الجالية اليهودية، فقبل ثلاثة أعوام فقط من عرض هذا الفيلم، كانت التفجيرات التي شهدتها القاهرة وتسبب فيها عدد من الشباب اليهود التابعين للموساد الإسرائيلي، حسب الكاتبة أماني شوقي  في مقال لها بعنوان "وجوه تجار المخدرات في السينما المصرية" نشره موقع "مدى مصر".

رمزية التغييب

ومع ذلك لم يكن تناول ظاهرة الحشيش في السينما المصرية مقتصراً على توظيف النظام السياسي فحسب؛ بل هناك من ذهب لاعتباره رمزاً لحالة تغييب تحياها الشعوب، ففي فيلم "ثرثرة فوق النيل" (1971) المأخوذ عن رواية الأديب العالمي، نجيب محفوظ، يظهر كيف أنّ الحشيش استطاع تغييب حتى النخبة المجتمعية من كتّاب ومفكرين وفنانين ومحامين، ليصل في النهاية بصرخة تخرج من أعماق البطل "أفيقوا".

ذهبت بعض الأفلام لاعتبار الحشيش رمزاً لحالة التغييب التي تحياها الشعوب

مثّل الحشيش في الفيلم رمزاً لهروب المجتمع من الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الأليم، عبر عدد من الشخصيات التي تقضي حياتها في تعاطيه، إلا أنّه على إيقاع الأنفاس يشرح بطل الفيلم فلسفته للحياة، مع إدخال نقده لمظاهر وظواهر المجتمع التي تحيط به، فيتحدث لنفسه، عن أسباب قيام  الحكومة بالردم والحفر، وتعبيد الطرق ثم تكسيرها مجدداً، مرة من أجل الكهرباء ومرة من أجل مواسير المياه، ومرة من أجل التليفون وأخرى من أجل المجاري، ويتساءل: لماذا لا يحفرون مرة واحدة، ألا يتحدثون عن أن هناك لجاناً للتخطيط؟ هل يمكن أن أكون مخطئاً ولجنة التخطيط على صواب؟

 

 

وفوق العوّامة التي تطفو فوق النيل، يلتقي السيد أنيس الموظف في وزارة الصحة، بصديق له ممثل مشهور معه وعدد من خلاّنه منهم المحامي، والروائي، والصحفي، فيتعاطون الحشيش، حتى يخرج لهم أنيس قطعة حشيش فاخرة، فيحملونه على أكتافهم صائحين: "يعيش وزير شؤون الكيف، يا محششنا يا منقذنا، يا باسطنا".

قد يكون "الكيف" الذي ظهر العام 1985 أهم الأعمال السينمائية التي عالجت قضية الحشيش وأكثرها عمقاً

شريط الذكريات يعود بأنيس وهو محمول فوق أكتاف المتظاهرين في مظاهرة ضد قوات الإنجليز، ضاعت أحلام الفتى وتحطّمت آماله فبات وزيراً لكن لشؤون الكيف يجلس على كرسي وحوله عدد من المساطيل، لكنه يبتسم ابتسامة تعبّر عن الأسى.

يجد أنيس نفسه في مناطق بورسعيد والسويس المدمّرة فيصرخ وسط الأنقاض، وعندما يجدونه يصيحون في وجهه: أين كنت يا أستاذ أنيس، فيجيب:  إحنا كلنا كنا فين؟ هذا شيء فظيع.. أنا نصف ميت نصف مجنون.

يخرج أنيس ليطوف في زحام القاهرة: يا ناس لا تشربوا الحشيش.. أفيقوا .. الحشيش ممنوع والخمرة غير ممنوعة لماذا.. القانون منحاز للخمرة، هل لأننا ندفع عليها ضرائب، فلندفع للحشيش ضرائب أيضاً.

وفي مشهد يجلسون فيه على تمثال رمسيس الثاني يقول أحدهم: ولّع يا ابني خلينا نسطل جدك الكبير؟ يرد آخر: هل هو ناقص؟ هو نائم منذ 3 آلاف عام؟  يقول آخر: التاريخ مسطول، لو لم يكن مسطولاً لم يكن يتركنا نفعل فيه ذلك.

أما الشيخ حسني، الشخصية التي أدّاها باقتدار لافت الفنان محمود عبدالعزيز في فيلم "الكيت كات" للمخرج داوود عبد السيد (1991) فينكر واقع العمى الذي أصابه منذ طفولته، فيهرب لتدخين الحشيش، ويلجأ لجلسات الأنس والفرفشة، ووصل الحد به أنه قرر بيع بيته الذي بناه والده على كتفه حجراً على حجر، محاولاً أن يقنع رفيق والده أنه ما باع بيته إلا من أجل أن ينفق على ولده الذي كبر، إلا أنّ الرفيق يصدمه: بعت بيتك بكم وقية حشيش؟ هل تشتري الأدوية بالحشيش هل تنفق على ابنك حشيش؟

 

 

وجسّد الفنان نجاح الموجي في هذا الفيلم شخصية (الهرم) تاجر الحشيش القطاعي، الذي يمرح في الحي يبيع ويبتز المدمنين، إلا أنّه يتمتع بصلاته القوية مع ضباط الشرطة، ومع أنه يتعرض لتوقيف من آن لآخر إلا أنه يجيد إخفاء أحراز الجريمة، فيخرج في كل مرة سالماً.

 

 

الوهم وسقوط القيم

قد يكون "الكيف" الذي ظهر العام 1985 أهم الأعمال السينمائية التي عالجت قضية الحشيش وأكثرها عمقاً، ويتناول الفيلم، الذي أخرجه علي عبدالخالق ،هذه الظاهرة في ثمانينيات القرن الماضي بكوميديا سوداء، لكنها انتقدت بشكل غير مباشر فترة السبعينيات التي شهد المجتمع المصري فيها سقوط العديد من القيم بفعل سياسة الانفتاح.

مع دخول عقد التسعينيات أخذ السينما المصرية تبتعد عن جدية التعامل مع هذه الظاهرة

يتحدث الفيلم عن شقيقين من أسرة محافظة لأب تربوي يرفع شعار (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت) .. نجح الشقيق الأكبر (صلاح أبو العزم - يحيى الفخراني) في حياته؛ حيث تخرج في كلية العلوم قسم الكيمياء وعمل بإحدى الشركات الحكومية بعد حصوله على درجة الدكتوراه، يعيش حياة هادئة مع زوجته (رجاء- نورا) وابنه الوحيد برغم ظروف المعيشة القاسية وراتبه الحكومي الذي يقضي احتياجاته الشهرية بصعوبة بالغة لكنه قانع بما قسمه الله له.

 

 

أما الشقيق الآخر (جمال أبو العزم - محمود عبد العزيز) ففشل في حياته العلمية بعد أن تم فصله من كلية الحقوق فلم يجد غير طريق الضياع مطرباً شعبياً مغموراً يقضي حياته مع فرقته في الأفراح الشعبية وتجار المخدرات، وأصبح مدمناً للحشيش الذي لا يفارقه أينما ذهب.

حزن صلاح على حال شقيقه الأصغر بعدما وجده عبداً لـ"الكيف".. فحاول إنقاذه عندما صنع له توليفة من الحنة ومواد العطارة والزيوت العطرية والروائح الكيماوية تشبه الحشيش تماماً في اللون والملمس والخامة والرائحة لكنها تخلو تماماً من المخدرات وأعطاها لشقيقه الذي خُدع بها وتناولها هو وأصحابه على أنها قطعة حشيش أصلية.

سرعان ما يكتشف الكيميائي صلاح عن طريق الصدفة أن خلطته مضاف إليها حبوب الهلوسة

وبعدها بيوم فاجأه صلاح بأنّ ما شربه بالأمس ليس حشيشاً حقيقياً وإنما توليفة عطارة خالية تماماً من المخدرات وحاول إقناعه أنّ الكيف ما هو إلا وهم يحققه ضباب الدخان وضجيج المجلس.. فحاول جمال استغلال عبقرية شقيقه وأقنعه أنّه سيحاول الامتناع عن الحشيش بشرط أن يصنع له قطعة كبيرة يفرقها على أصحابه ليبعدهم تدريجياً عن هذه الآفة.

تتصاعد الأحداث عندما يبيع جمال هذه القطعة لأحد التجار على أنها مخدرات حقيقية ووعده أنّ هناك كمية أكبر سيتعاملون بها مستقبلاً.. وبالفعل وصلت القطعة لواحد من أعتى تجار المخدرات (سليم البهظ - جميل راتب) عرف من النظرة الأولى أنّها ليست حقيقية، ولكنه أُعجب بعبقرية صانعها خاصة إنه لن يجد صعوبة في تحويلها لمخدرات بطحن كمية من حبوب الهلوسة وخلطها مع الخلطة البريئة لصلاح أبو العزم.

مرّت الأيام وحقّق الشقيقان مبالغ كبيرة من توزيع هذه الخلطة فأوهم صلاح زوجته أن دخله الزائد بسبب عمله بإحدى الشركات بعد الظهر، بينما استثمر جمال ماله في تسجيل شريط كاسيت يحتوي على كلمات وأغانٍ هابطة..

سرعان ما يكتشف الكيميائي صلاح عن طريق الصدفة أن خلطته مضاف إليها حبوب الهلوسة وأن أضرارها أبشع بكثير من أضرار تناول الحشيش الحقيقي، ويحاول عبثاً تدارك ما اقترفه دون قصد.. لكنه ما يلبث أن يقع أسيراً لسطوة "البهظ" بعد أن حوّله لمدمن مخدرات بالإكراه وأجبره على العمل معه.. تحوّل صلاح أبو العزم الكيميائي المحترم ذو المبادئ والأخلاق الحميدة إلى عجلة في هذه اللعبة لا يستطيع منها فكاكاً.. في الوقت الذي تاب فيه شقيقه جمال عن الغناء الهابط والمخدرات تماماً بعدما شاهد ما حل بأخيه الذي دمّر حياته عندما اعتقد أنّه سيعبر معه سالماً من هذا العالم الذي لا يرحم!

اقرأ أيضاً: الإرهاب في السينما.. المشاهد لاعب وحكم

وسبق لعلي عبد الخالق أن قدم العام 1982 رائعته الأهم المتمثلة في فيلم "العار" الذي، وإن كان يدور في فلك عالم المخدرات في حبكته الرئيسية، لكنه قدم فيه شخصية كمال ( أدى دوره نور الشريف) الذي يعدّ واحداً من أشهر حشاشي السينما المصرية، بعبارته الساخرة التي غدت علامة في هذا العالم غير السويّ "لو حلال أدينا بنشربه ولو حرام أدينا بنحرقه".

 

 

هل تروّج السينما للحشيش؟!

مع دخول عقد التسعينيات أخذت السينما المصرية تبتعد عن جدية التعامل مع هذه الظاهرة المستشرية إلا من بعض الاستثناءات، كما في المساطيل (1991) وويجا (2005) وكباريه (2008) والفرح (2009)، فتدريجياً أصبحت المعالجة تأخذ منحى أقرب ما يكون إلى "الترويج" لتعاطي الحشيش بحجة الكوميديا والإضحاك، حتى أنّه لا يكاد يخلو أي فيلم لـ "المضحكين الجدد" من مجموعة من جلسات التحشيش المليئة بـ "الأفّهات" التي تستبطن صورة "بريئة" حول التعاطي باعتباره مزيلاً للهموم وهروباً غير مؤذِ من الواقع.

مدمن الحشيش مع الكوميديا الجديدة شخصية ظريفة غير مؤذية لا تكف عن إلقاء النكات وإضحاك الناس

لكن تبقى العلامة الأبرز في هذا السياق "الليمبي" لمحمد سعد التي ظهرت شخصية ثانوية في فيلم الناظر (2000) للراحل علاء ولي الدين، ثم ما لبثت أن ظهرت في سلسلة من الأفلام بدءاً من العام 2002 الذى حقق جزؤه الأول أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية، واللافت أنّ محمد سعد لم يستطع أن يخرج من شخصية "مسطول الحشيش" حتى في أدواره اللاحقة التي تعدّ استنساخاً بطبعات أخرى لشخصية الليمبي، ويبدو أن هذا "النجاح" دفع نجوم الكوميديا الآخرين لاتباع هذه الوصفة السحرية؛ فمُدمن الحشيش شخص ظريف يتمتع بخفة الروح، لا يكف عن إلقاء النكات أو توريط نفسه في مواقف تستجلب ضحكات المُشاهدين حتى أنه أصبح من المتعذر الاستغناء عن هذه (الثيمة) في معظم الأفلام الكوميدية المعاصرة.

 

 

فأحمد حلمي في فيلم "ظرف طارق"، تعلم من صديقه ،الذي أدى دوره مجدي كامل، أن يطلق على الحشيش "قرش الكابتشينو"، وسرعان ما انتشر هذا التعبير بين الشباب على  وسائل التواصل الاجتماعي.

ورغم أنّ أحمد عيد في فيلمه "أنا مش معاهم"، أظهر الحشيش باعتباره علامة على الضياع الذي يصيب كثيراً من الشباب إلا أن هذه الرسالة ضاعت في خضم البحث عن الإضحاك وسذاجة الطرح.

 

 

يقول عادل إمام ليسرا في فيلم "كراكون في الشارع" (1986) بعد انهيار منزل أسرتهما واضطرارهما للعيش في المقابر: "أنا شربت حشيش يا سعاد" لتعبّر هذه الجملة العبقرية عن "النقلة الاجتماعية" التي تعرضت له عائلة المهندس شريف في الفيلم، ويمكن استدعاؤها اليوم لتمثل مرحلة طال أمدها وربما يبشر تجاوزها في الفن ببدايات تغيير في واقع المجتمع الذي لا يعقل أن يكون بهذا الضعف تجاه هذه الآفة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية