2023.. عام الحروب والانقلابات في العالم

2023.. عام الحروب والانقلابات في العالم

2023.. عام الحروب والانقلابات في العالم


20/12/2023

طارق العليان

فتى وجهه مُلطخ بالدماء يصرخ بينما يحاول رجال الإنقاذ انتشاله من تحت أنقاض مبنى دُمِّرَ في غارة جوية إسرائيلية في غزة، ومسنّة إسرائيلية رهينة في عربة غولف، وخلفها رجل يمسك بندقية آلية، وفتاة في العاشرة تبكي إلى جوار جثمان شقيقها، خلال دفنه بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف.

لحظات التقطتها وكالة "أسوشيتد برس" هذا العام لتوثيق الصراعات في العالم، وتأثيرها على المدنيين.

فمن الحرب بين إسرائيل وحماس، وصولاً إلى المعارك الطاحنة، التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا، أثبت عام 2023 مخاطر الصراعات المسلحة التي تتوسع، وتتحول إلى قتال على مستوى المنطقة. غير أن العالم يواجه صراعات في بلدان تمتد على نطاق الكرة الأرضية كلها، بدءاً من أفغانستان، وصولاً إلى اليمن.

فقد بدلت الانقلابات وأعمال العنف في جميع أنحاء إفريقيا الحياة في تلك الدول رأساً على عقب. وتواجه ميانمار في جنوب شرق آسيا ما يصفه الخبراء بحربٍ أهلية بطيئة الاشتعال. وتستمر أعمال العنف التي تُؤججها تجارة المخدرات في أمريكا الوسطى والجنوبية.

وما تزال العلاقة بين الهند وباكستان المسلحتان نوويّاً تشوبها الريبة المتبادلة. وما برحت الترسانة النووية لكوريا الشمالية تزداد. وتعكف إيران الآن على تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى من أي وقتٍ مضى، سعياً إلى بلوغ مستويات صنع الأسلحة النووية.

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في يوليو (تموز) الماضي: "لقد أضحت الصراعات أكثر تعقيداً وفتكاً وأصعب في حلها.. وعادت المخاوف بشأن احتمالات نشوب حرب نووية تتجلى مجدداً. والنطاقات الجديدة المحتملة للصراع وأسلحة الحرب تخلق طرقاً جديدة، يمكن للإنسانية من خلالها أن تُبيد نفسها".
واستعرضت "أسوشيتد برس" الوضع الراهن لبعض الحروب الكبرى المُستعرة في العالم الآن.

الحرب الأكثر دموية 

اندلعت الحرب الأكثر دمويةً بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما اخترقَ مسلحون الجدران المحيطة بالقطاع الساحلي في قطاع غزة، وقتلوا نحو 1200 شخص في إسرائيل، واحتجزوا أكثر من 200 آخرين رهائن وأعادوهم إلى القطاع.

وباغت الهجوم، الذي وُصِف بأنه أسوأ عملية قتل جماعي لليهود في يومٍ واحد منذ المحرقة، إسرائيل، التي كانت تظن أن جدارها الحدودي وأجهزتها العسكرية ومخابراتها المتقدمة تكنولوجيّاً تحميها على نطاقٍ واسع في جميع الهجمات الصاروخية التي ينفذها المسلحون.

وأطلقَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المُحاصَر، الذي يعاني أصلاً مرارة الاحتجاجات على محاولات حكومته اليمينية المتشددة إصلاح السلطة القضائية في إسرائيل ومزاعم فساد طالته، حملةً واسعة النطاق من الضربات الجوية الانتقامية.

واقتحمت القوات الإسرائيلية أيضاً قطاع غزة للمرة الأولى منذ سنوات، إذ انتقلت إلى مدينة غزة وخاضت قتالاً عنيفاً من شارع إلى شارع. وأفضى الهجوم إلى مقتل أكثر من 19 ألف شخص في قطاع غزة الذي يسكنه أكثر من مليوني نسمة يواجهون أيضاً حصاراً إسرائيليّاً يمنع عنهم إلى حدٍ كبير شحنات الغذاء والوقود والمياه والأدوية.

وفي الوقت نفسه، أثارَ القتل الجماعي للإسرائيليين والفلسطينيين احتجاجات في جميع أنحاء العالم، إذ تعاطف أغلبها مع الفلسطينيين، بعد سنوات من الجمود بشأن حصولهم على دولتهم الخاصة.

وأطلقت الميليشيات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني، النيران على إسرائيل. وأرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات وقوات وأسلحة أخرى إلى المنطقة لمحاولة منع اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً. لكن هدف إسرائيل المُعلن، وهو تدمير حماس، كان يضمن شن حملة عسكرية طويلة الأمد مُستقبلاً، مما يزيد من المخاطر.

 روسيا وأوكرانيا

وطغت الوتيرة السريعة للحرب بين إسرائيل وحماس على حرب روسيا في أوكرانيا في أواخر عام 2023. ولكن، في الأشهر القليلة الماضية، لم يتغير الكثير في ساحة المعركة هناك.

حصلت أوكرانيا على دبابات وتلقت أسلحة وتدريباً غربيّاً قبل شن هجوم مضاد مُتجدد، يُعتقد أنه يهدف إلى الوصول إلى بحر آزوف وتقسيم الخطوط الروسية في جنوب الدولة. غير أن القوات الأوكرانية واجهت قوات روسية مُتحصنة، وخطوط دفاع وحقول ألغام ومخاطر أخرى، وحققت أحياناً مكاسب صغيرة. وفي حين ظلّت الدول الغربية مُوحّدَة علناً خلف أوكرانيا، فإن استطلاعات الرأي، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل، يمكن أن تؤثر على مقدار المساعدات التي ستحصل عليها كييف مُستقبلاً.

وواجهت روسيا صعوبات أيضاً، بما في ذلك المسيرة التي أطلقها زعيم شركة فاغنر العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين إلى موسكو، والتي شكّلت التحدي الأكبر لحكم الرئيس فلاديمير بوتين الذي دام سنوات. غير أن بريغوجين تراجع، ولقي حتفه بعد أسابيع في حادث تحطم طائرة غامض.

الاضطرابات الإفريقية

وسقط السودان، ذاك البلد الكبير الواقع في شرق إفريقيا، وكان يترنح منذ الإطاحة بحاكمه عمر البشير، في أتون حرب أهلية منذ أبريل (نيسان) الماضي. وفي تلك الحرب يواجه الجيش السوداني قوات الدعم السريع. وشهدَ القتال اشتعال النيران في طائرات في مطار الخرطوم الدولي، وسارعت دول كثيرة تُجلي رعاياها براً وبحراً وجواً. وأدى القتال إلى مقتل نحو 9 آلاف شخص إلى الآن.

ومن ناحية أخرى، استمرت موجة الانقلابات العسكرية في إفريقيا في السنوات الأخيرة. ففي النيجر، وهي مستعمرة فرنسية سابقة ومصدر رئيس لليورانيوم، أطاح الجنود بالرئيس المنتخب ديمقراطياً في يوليو (تموز) الماضي. وبعد هذه الواقعة بشهر، نفَّذ الجيش في الغابون انقلاباً مماثلاً للإطاحة برئيسها الذي حكمَ الدولة لفترة طويلة.

حروب المخدرات في أمريكا اللاتينية

احتدمت أعمال العنف بين عصابات المخدرات في أجزاء من المكسيك في أثناء اقتتالهم على الأراضي وطرق الإمداد إلى الولايات المتحدة. لكنّ الصراع لا يقتصر على ذلك وحسب. فقد تصاعدت أعمال العنف في دول أخرى في أمريكا الوسطى مثل هندوراس، بل وحتى في كوستاريكا، التي كانت تتمتع بالسلام في فترة من الفترات، ويُعتقَد الآن أنها منطقة تخزين وشحن محورية للمخدرات المتجهة إلى أوروبا. وفي الوقت ذاته، بلغت كولومبيا أعلى مستويات إنتاجها لنبات الكوكا، الذي يُصنع الكوكايين من أوراقه.

جمود وأعمال قتالية في بقاعٍ أخرى

في ميانمار الواقعة في جنوب شرق آسيا، يقول خبراء الأمم المتحدة إن حرباً أهلية جارية بين المتمردين والجيش، منذ أن أطاح انقلاب بحكومة أون سان سو تشي المنتخبة. وتواجه أفغانستان، بعد عامين من سيطرة حركة طالبان على حكومة كابول المدعومة من الغرب، هجمات مُسلحة من فرعٍ لتنظيم داعش الإرهابي، ولا تزال الفتيات محرومات من التعليم الثانوي.

وفي اليمن، لم يتوصل المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران والتحالف، الذي تقوده السعودية الذي يقاتلهم إلى اتفاق سلام دائم، مما أدى إلى تجديد المسلحين مرةً أخرى  تصعيد هجماتهم في الأسابيع الأخيرة الماضية.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية