وسط انتقادات لفرنسا.. أطفال داعش: عودة مقيدة ومصير مجهول

وسط انتقادات لفرنسا.. أطفال داعش: عودة مقيدة ومصير مجهول


22/06/2021

ليس من اليسير نقل النظريات العلمية للتطبيق على أرض الواقع، أو ثمة فجوة تتسع عادة بين العلماء والمثقفين والأمنيين وصنّاع القرار، وداخل تلك الفجوة يكمن آلاف الأطفال من جنسيات مختلفة في معسكر الهول شمال شرق سوريا، تتشابه ظروفهم لولادتهم لآباء مفخخي الأدمغة، وانقطاعهم عن العالم خارج أسوار المخيم، أمّا داخله فلا شيء من التعليم أو الرياضة أو المرح، فقط معاناة وأفكار متشددة. 

اقرأ أيضاً: أطفال داعش يستعدون ليكونوا دواعش: سيوف وهمية ورايات سوداء

وقد أثبتت دراسات علمية عدة تأثير العنف على الأطفال في مستقبلهم، العنف المقصود في تلك الدراسات كان عبارة عن عنف أسري أو جنسي، وخلصت النتائج إلى أنّ الأطفال الذين تعرّضوا للعنف في الصغر أكثر عرضة للإصابة بالأمراض عند بلوغهم، حيث يؤدي ذلك العنف إلى خلل جيني، ويجعلهم ذلك العنف حال عدم تجاوزه أكثر عرضة للانتحار. 

اقرأ أيضاً: مَن ينقذ الأطفال في سوريا؟

وعلى الرغم من أنّ الدراسات على أطفال داعش تحديداً، سواء الذين تم تجنيدهم للقتال أو من نشؤوا في كنف عوائل داعشية، ما زالت محدودة قاصرة، غير أنه بالقياس على الدراسات السابقة، فإنّ هؤلاء الأطفال الذين يتلقون العنف كمادة خام، سواء في الأفكار أو في غياب البيئة الصالحة لنشأة سليمة، أو في نبذ المجتمع لهم، هم أطفال مشوّهون على نحو تام. 

وأمام ذلك التشوّه وما يمثله من مخاطر محتملة تتمثل في الفشل في تصحيح مسار هؤلاء الأطفال، وزرعهم داخل المجتمعات بحيث يصبحون قنابل موقوتة، تقف أنظمة سياسية كثيرة، بما في ذلك الأنظمة الديمقراطية، عاجزة أو متلكئة في الانتصار لحق هؤلاء الأطفال على دولهم في احتضانهم وإعادة تأهيلهم، مقابل الانتصار إلى الخيار الأكثر أمناً. 

في المقابل، يرى مثقفون أنّ الأنظمة السياسية بذلك تساهم بنفسها في صناعة جيل جديد لداعش من هؤلاء الأطفال، لذلك يحضون الدول على اتخاذ إجراءات سريعة نحوهم. 

 

وجّهت حوالي 120 شخصية فرنسية من الأوساط الأكاديمية والثقافية دعوة إلى السلطات لتحمّل المسؤولية وتشريف مبادئ الجمهورية الفرنسية

 

من بين هؤلاء 120 شخصية فرنسية، وبحسب ما أورده موقع "مرصد مينا"، فإنّ مجموعة من الشخصيات الأكاديمية والثقافية الفرنسية دعت السلطات إلى تحمل مسؤولياتها وإعادة أطفال فرنسيين من المخيمات السورية إلى فرنسا، معتبرة أنّ هؤلاء الأطفال "يموتون ببطء".

وحسبما نقلت وسائل إعلام محلية، فقد وجهت حوالي 120 شخصية فرنسية من الأوساط الأكاديمية والثقافية دعوة إلى السلطات إلى تحمل المسؤولية وتشريف مبادئ الجمهورية الفرنسية، بإعادة الأطفال الفرنسيين المحتجزين مع أمهاتهم في المخيمات السورية فوراً.

يشار إلى أنّ فرنسا كانت قد أعادت مطلع العام الجاري 7 أطفال من عائلات عناصر تنظيم "داعش" الفرنسيين، ليرتفع بذلك عدد أبناء المقاتلين الفرنسيين الذين أعادتهم فرنسا حتى الآن من سوريا إلى 35 طفلاً، منذ هزيمة التنظيم الإرهابي في شهر آذار (مارس) 2019.

اقرأ أيضاً: اليونيسيف: هذا عدد الأطفال المحرومين من الذهاب إلى المدارس... تفاصيل

واكتفت دول أوروبية عدة على غرار فرنسا باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى من أبناء مقاتلي "داعش"، بحسب المصدر ذاته.

وتواجه السلطات الفرنسية انتقادات لرفضها استعادة نحو 150 جهادياً فرنسياً، من الرجال والنساء، الذين تعتبرهم متواطئين مع التنظيم المتطرف في سوريا والعراق، فضلاً عن عدم تسريع عودة الأطفال المشروطة بموافقة الوالدين، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية في وقت سابق.

الجدير بالذكر أنّ اللجنة الوطنية الفرنسية الاستشارية لحقوق الإنسان قدّرت في وقت سابق  عدد القاصرين الفرنسيين المحتجزين في المخيمات الواقعة تحت سيطرة الأكراد شمال سوريا بنحو 250، وأعربت عن أسفها لاتباع الحكومة الفرنسية سياسة "درس كل حالة على حدة". 

وكانت الأمم المتحدة قد لفتت خلال اجتماع افتراضي قبل أسبوعين إلى ملف "أطفال داعش"، وطالبت "دول العالم باستعادة آلاف الأطفال العالقين في مخيم "الهول" شمال شرقي سوريا، وقد أكد فلاديمير فورونكوف، المدير التنفيذي لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، أنّ الظروف المروعة التي يعاني منها هؤلاء الأطفال تُعدّ من المسائل الأكثر إلحاحاً في العالم حالياً". 

 

تواجه السلطات الفرنسية انتقادات لرفضها استعادة نحو 150 جهادياً فرنسياً، من الرجال والنساء، الذين تعتبرهم متواطئين مع التنظيم المتطرف في سوريا والعراق

 

وأوضح فورونكوف أنّ 27 ألف طفل - من 60 دولة ومن بينهم عدد كبير من أبناء مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي- ما يزالون عالقين ومتروكين لمصيرهم المجهول في المخيم؛ حيث يواجهون خطر التطرف، بالإضافة إلى خطر التعرض لهجمات من قبل أنصار التنظيم، مشدداً على ضرورة أن تتحمل دولهم المسؤولية عن مصيرهم، بحسب ما أورده موقع "مصراوي". 

التحذير ذاته أطلقه مرصد الأزهر لمواجهة التطرف، قائلاً في بيان الأسبوع الماضي: إنّ هؤلاء الأطفال باتوا مجبرين على دفع ثمن أخطاء ارتكبها آباؤهم عندما قرروا السفر من أجل الانضمام لتنظيم "داعش" الإرهابي والقتال في صفوفه، وترتّب على ذلك تكدُّس آلاف الأطفال في مخيمات الاحتجاز في أوضاع إنسانية بائسة جرّاء تفشي الأمراض وسوء التغذية، والحرمان من الخدمات الطبية، في ظل إقصاء غالبية هذه المخيمات من رقابة المنظمات الدولية، ومعاناة من يعيشون فيها من حالة الخوف الدائم التي تخيم عليهم بسبب المصير المجهول الذي ينتظرهم، مع ما يثيره كل ذلك من احتمالات تشرُّب عقول هؤلاء الأطفال بالفكر المتطرف، ومن ثمّ دار الجدل في بعض دول أوروبا بشأن مصير أطفال "داعش" الأوروبيين المحتجزين في سوريا، وأعربت بعض الحكومات عن ترددها في إعادة مواطنيها.

وقد حذّر المرصد من خطورة هذه القضية، مشيراً إلى أنّ أطفال "داعش" الأوروبيين كالقنابل الموقوتة التي تنذر بوقوع مخاطر كبيرة، مؤكداً على ضرورة سرعة إيجاد حل لهذه الأزمة الإنسانية، داعياً المجتمع الدولي للتعاون في هذا الأمر، والعمل على إعادتهم إلى أوطانهم، وإنشاء مراكز خاصة لإعادة تأهيلهم عن طريق محو كل المفاهيم المغلوطة التي زرعها تنظيم "داعش" الإرهابي في عقولهم، واستبدالها بمفاهيم أخرى صحيحة ودمجهم في مجتمعاتهم، وإلّا فإنهم سيشكلون في المستقبل نسخة جديدة من جماعات متطرفة، أو على الأقل سيكونون امتداداً لتنظيم "داعش" الإرهابي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية