هل يعود تنظيم داعش إلى المشهد عبر بوابة شمال شرق سوريا؟

هل يعود تنظيم داعش إلى المشهد عبر بوابة شمال شرق سوريا؟

هل يعود تنظيم داعش إلى المشهد عبر بوابة شمال شرق سوريا؟


22/02/2023

أفادت وسائل إعلام رسمية أنّ (53) شخصاً على الأقل قتلوا يوم الجمعة الماضي في سوريا، بعد هجوم شنّه تنظيم داعش.

وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت أنّ (53) مواطناً كانوا يجمعون الكمأة، قتلوا في هجوم نفذه إرهابيو داعش جنوب شرق مدينة السخنة، بريف حمص الشرقي.

وبدوره، قال وليد عودة مدير مستشفى منطقة تدمر لوكالة "رويترز" للأنباء: إنّ جثث جميع الضحايا التي تم نقلها كانت مصابة بطلقات نارية في الرأس. ولم تعلن الدولة الإسلامية بعد مسؤوليتها عن القتل الجماعي. وكشف أنّ من بين القتلى (46) مدنياً و(7) جنود، وقال المدير أيضاً إنّه تمّ استقبال (5) جرحى آخرين في المستشفى.

كمين مدبَّر

بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرّه المملكة المتحدة، فقد نفّذ الهجوم عناصر من تنظيم داعش كانوا يستقلون دراجات نارية. وقال المرصد إنّ المسلحين قتلوا (16) شخصاً كانوا يبحثون عن الكمأة في نهاية الأسبوع الماضي، ومعظمهم مدنيون، في منطقة تدمر بريف حمص الشرقي، وكان من بين القتلى امرأة، وأحد أفراد قوات النظام السوري.

وكالة سانا: إنّ (53) مواطناً كانوا يجمعون الكمأة، قتلوا في هجوم نفذه إرهابيو داعش جنوب شرق مدينة السخنة، بريف حمص الشرقي

وبحسب أحد الناجين، فقد جرى الهجوم بالبنادق الآلية لفترة طويلة، قبل أن تقوم عناصر داعش بإشعال النيران في سيارات الضحايا في موقع الهجوم.

ويُعدّ هجوم الجمعة هو الأكثر دموية منذ اقتحام التنظيم سجناً في مدينة الحسكة الشمالية الشرقية العام الماضي.

الثأر لحمزة الحوسي

ويأتي الهجوم بعد مقتل زعيم تنظيم داعش البارز حمزة الحوسي، في غارة بطائرة هليكوبتر شنتها القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا. وأسفر انفجار جرى خلال الغارة عن إصابة (4) جنود أمريكيين، أرسلوا لتلقي العلاج في منشأة طبية أمريكية في العراق. وبحسب تقارير إعلامية، فإنّ الجيش الأمريكي، والقوات الشريكة له، يواصلون ملاحقة مقاتلي داعش في كل من العراق وسوريا.

أصبحت منطقة شمال شرق سوريا، المعروفة باسم البادية، منطقة انطلاق لعناصر داعش في كل من شمال شرق سوريا والعراق

وبحسب تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخراً، فإنّه على الرغم من إخراج التنظيم الإرهابي من السلطة في البلاد في عام 2019، ما يزال تنظيم داعش، يمثل تهديداً عالمياً. ويبدو أنّ التنظيم يحاول مرة أخرى جمع فلوله في سوريا، ومحاولة العودة إلى المشهد من جديد.

جدير بالذكر أنّه في العام الماضي نفذت القيادة المركزية الأمريكية (313) عملية عسكرية في العراق وسوريا؛ كجزء من مهمة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وأكثر من 95% من تلك العمليات تمّت بالشراكة، إمّا مع قوات الأمن العراقية، وإمّا مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ونتيجة لذلك قُتل ما يقرب من (700) من مقاتلي داعش، وتمّ اعتقال (374) آخرين.

واشنطن تتوعد

بدورها، قالت دانا سترول، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي عن الشرق الأوسط، من أسابيع قليلة مضت: إنّ مهمة دحر داعش في العراق وسوريا تظل أولوية رئيسية لاستراتيجية الدفاع الوطني، وهي واحدة من المسائل التي يتابعها كبار القادة في واشنطن عن كثب. ولفتت إلى أنّه على الرغم من النجاحات، فإنّ تنظيم داعش ما يزال يمثل تهديداً، وما يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعيّن القيام به. وأضافت: "إحدى الميزات التي تتمتع بها الولايات المتحدة ضدّ داعش هي العلاقات التي تتمتع بها، ليس فقط مع العراق وقوات سوريا الديمقراطية، ولكن أيضاً مع الشركاء في جميع أنحاء العالم".

يأتي الهجوم بعد مقتل زعيم تنظيم داعش البارز حمزة الحوسي، في غارة بطائرة هليكوبتر شنتها القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا

سترول قالت أيضاً: إنّ الولايات المتحدة ما تزال ملتزمة بمهمة دحر داعش في سوريا، بالشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية. وكشفت أنّ عدد معتقلي داعش يصل إلى (10) آلاف محتجز لدى قوات سوريا الديمقراطية، في شمال شرق سوريا. وأضافت: "لا تستمر القوات الأمريكية فقط في تنفيذ عمليات أحادية الجانب ضد داعش، ولكنّنا نحافظ على وتيرة قوية من العمليات المشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية".

وكان الميجور جنرال ماثيو ماكفارلين، قائد قوة المهام المشتركة، قد ثمّن التعاون الذي يقدّمه العراق فيما يتعلق بتقديم المشورة والمساعدة، والتمكين وتبادل المعلومات الاستخباراتية، من أجل إنجاز مهمة القضاء على تنظيم الدولة.

التنظيم يجدد خلاياه

وعلى الرغم من أنشطة القوات الأمريكية، يبدو أنّ عناصر تنظيم داعش يعملون الآن على مستويين: تكوين نواة من المسلحين الذين يتصرفون بناءً على توجيهات القيادة لشن هجمات معقدة، بينما تقوم مجموعة ثانية أكبر من الخلايا اللامركزية  بشن غارات أصغر لترهيب الناس، وبهذه الطريقة يقوي تنظيم داعش شبكات اتصالاته، مع تعيين أدوار محددة لخلاياه في كل مكان استعداداً لتحقيق هدف استعادة السيطرة على الأرض، إذا سمحت الظروف بذلك.

وينشط التنظيم بشكل ملحوظ في وسط وشمال شرق سوريا، حيث ينقل داعش الرجال والعتاد بين مناطق سيطرة النظام، وقوات سوريا الديمقراطية.

رشيد شعبان: التنظيم ربما غيّر من استراتيجيته الإعلامية، لذلك لم يصدر أيّ تصريح من داعش، حتى هذه اللحظة، كما جرت العادة عند قيامهم بأيّ عملية إرهابية

ويستخدم داعش كل منطقة من مناطق نفوذه في سوريا بطريقة مميزة؛ ففي البادية توجد القاعدة الخلفية لعملياته في سوريا، وفي الشمال الشرقي يجمع الأموال ويخزن الإمدادات، ويشنّ هجمات متنوعة على قوات الأمن ووجهاء القبائل؛ لإضعاف ثقة الجمهور في الحكم المحلي، أمّا في الشمال والشمال الغربي، فيحتفظ التنظيم بمخابئ للقادة.    

وبحسب تقارير أمريكية، فقد أصبحت منطقة شمال شرق سوريا، والمعروفة باسم البادية، منطقة انطلاق لعناصر داعش في كل من شمال شرق سوريا والعراق، نظراً لأنّها تقع في منطقة يسيطر عليها النظام اسمياً، وتمتد البادية من ريف حمص الشرقي إلى نهر الفرات، ومن الحدود العراقية إلى المناطق النائية في جنوب حلب، وتشمل معظم محافظات حمص وشمال شرق حماة وجنوب الرقة وغرب دير الزور.

ينشط التنظيم بشكل ملحوظ في وسط وشمال شرق سوريا

من جهته، أكد رشيد شعبان، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ تنظيم داعش، وإن كان انهزم عسكرياً في عام 2019 في مدينة الرقة باغوز، إلا أنّه ما يزال موجوداً حتى الآن فكرياً، وانتشر في أغلب الجغرافيا السورية، وينشط في مناطق رخوة أمنياً، خاصة في بيئة ثقافية قريبة منه، عند الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، في شمال غرب سوريا المحتلة من قبل تركيا، حيث تنشط فصائل جهادية ظلامية، كما ينشط مقاتلو داعش في محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام   (جبهة النصرة).

وبحسب شعبان، يوجد التنظيم بكثافة في منطقة البادية، وينشط عناصره على شكل أفراد وخلايا نائمة، ويقومون بعمليات إرهابية كلما سنحت لهم الفرصة، وهم أداة بيد القوى المسيطرة على تلك الأراضي، وخاصة الميليشيات والفصائل الجهادية، ممّا يمنح التنظيم القدرة على إعادة هيكلة نفسه، والظهور على مسرح العمليات بشكل مفاجئ.

وحول العملية الأخيرة في ريف حمص، يرى شعبان أنّ التنظيم ربما غيّر من استراتيجيته الإعلامية، لذلك لم يصدر أيّ تصريح من داعش، حتى هذه اللحظة، كما جرت العادة عند قيامهم بأيّ عملية إرهابية، لافتاً إلى أنّه من الممكن أن تكون هناك جهات أخرى خلف هذه المجزرة، أو جهات تريد الاستفادة منها، عبر تسهيل مهمة داعش.

مواضيع ذات صلة:

ما دلالات إحياء فرع لتنظيم داعش داخل لبنان؟

داعش يغير تكتيكاته وخارطته داخل أفريقيا... ما الأهداف والتداعيات؟

العراق في مواجهة الإرهاب من الحرس الثوري إلى داعش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية