العراق في مواجهة الإرهاب من الحرس الثوري إلى داعش

العراق في مواجهة الإرهاب من الحرس الثوري إلى داعش

العراق في مواجهة الإرهاب من الحرس الثوري إلى داعش


01/01/2023

يقع العراق تحت وطأة تهديدات، داخلية وخارجية، جمّة، منها وجود السلاح المتفلت بيد تنظيمات إرهابية متطرفة. وهذه التنظيمات تستغل الأزمات الهيكلية التي تعيشها مؤسسات وأجهزة الدولة، منذ عام 2003، حيث تمكنت من تكريس وجودها التنظيمي والسياسي، ثم فرض أجندتها، وكذا مصالح القوى الإقليمية التابعة لها، كما هو الحال مع التنظيمات الولائية. 

ويضاف إلى ذلك، الجناح السني للتنظيمات الجهادية، وأبرزها تنظيم داعش.

ووفق المفكر والباحث العراقي، الدكتور حسنين توفيق إبراهيم، فإنّ ظاهرة التنظيمات الجهادية الإرهابية في العالم العربي لم تنقطع، منذ سبعينيات القرن العشرين. وقد سار تطور هذه الظاهرة وفق نمط شبه عام مفاده أنّ هناك تنظيمات تظهر إلى حيز الوجود، وتستمر لفترة من الزمن، ثم تندثر لأسباب مختلفة. ويعقب ذلك أو يتزامن معه ظهور تنظيمات جديدة؛ الأمر الذي أدى إلى استمرارية هذه الظاهرة

أوضح جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق، في أحدث تقاريره، مؤخراً، توقيف قرابة 105 إرهابيين في 216 عملية تم تنفيذها خلال العام

وفي دراسته الصادرة عن مركز تريندز المعنونة بـ"في تفسير استمرارية التنظيمات الجهادية الإرهابية: "داعش" نموذجاً" يوضح أنّه في أعقاب إعلان الهزيمة العسكرية لتنظيم "داعش" في العراق (ديسمبر 2017) وسوريا (مارس 2019)، توقع البعض قرب نهاية التنظيم واندثاره. وقد استندوا في ذلك إلى عدة مؤشرات؛ منها: تدمير قدراته العسكرية الثقيلة، ومقتل الآلاف من مقاتليه، وفقدانه للأراضي التي كانت تحت سيطرته في كل من سوريا والعراق، والتي وفرت له مصادر تمويل سخية جعلته، لفترة من الزمن، أغنى تنظيم جهادي إرهابي على مستوى العالم. كما جاء مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 ليعزز من فرضية اندثاره ولكن رغم كل ذلك، استطاع التنظيم أن يحافظ على استمراريته؛ حيث إنّه بعد فترة وجيزة من الكمون، عاد ليستأنف أنشطته الإرهابية في معاقله التقليدية في كل من العراق وسوريا. كما أنّه عزز من فروعه وأنشطته في عديد من الدول الأخرى، وبخاصة في أفريقيا وآسيا. وجاءت جائحة كورونا، بكل ما ترتب عليها من تداعيات كارثية سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني، لتخلق ظروفاً مواتية للتنظيم، مكنته من تصعيد أنشطته الإرهابية؛ الأمر الذي جعله يحتل مجدداً صدارة المشهد الجهادي الإرهابي العالمي.

حصاد الإرهاب في عام

أوضح جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق، في أحدث تقاريره، مؤخراً، توقيف قرابة 105 إرهابيين في 216 عملية تم تنفيذها خلال العام الماضي 2022.

وأعلن الجهاز الأمني المختص بالإرهاب في العراق، عن إحصائية رسمية للعمليات الخاصة التي جرى تنفيذها خلال العام، وجاء فيها أنّ "أغلب العمليات كانت في القاطع الشرقي لديالى وجنوب كركوك والموصل".

 الناطق بلسان جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن الناطق بلسان جهاز مكافحة الإرهاب، صباح النعمان، قوله: "نفذنا 216 عملية، منذ بداية العام الماضي وأغلبها عمليات استباقية".

وتابع: "إلقاء القبض على 105 إرهابيين وقتل 53 وتدمير بحدود 116 كهفاً ومضافة للعدو".

وشدد الناطق بلسان الجهاز على أنّ من بين "أولويات الجهاز في ضوء توجيه القائد العام للقوات المسلحة، استمرار الضغوط على فلول داعش الإرهابي، لا سيما من خلال العمل الاستخباري، ومنع حرية الحركة للتنظيم من منطقة إلى أخرى".

قناة "كاف"، المنصة الإعلامية التابعة لكتائب حزب الله احتفلت بالعمليات الإرهابية التي نفذتها ضد القوات الأمريكية بالعراق، منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي

ولمّح تقرير الجهاز إلى أنّ "ملف الحدود من اختصاص وزارة الداخلية وخاصة قوات الحدود، لكن الجهاز يبقى مراقباً لتحركات الإرهابيين، وما يتم الحصول عليه من معلومات استخبارية، يدعم به القوات الماسكة"، موضحاً أنّ "المؤشرات تبيّن أنّ عملية التسلل من العراق إلى سوريا وبالعكس قليلة جداً قياساً إلى ما كان سابقاً".

وعليه، فإنّ "عملية مسك الحدود وتحصينات الحدود بدرجة عالية جداً، لكنّ الحدود تتجاوز 600 كيلو متر، ومن الممكن أن تكون هناك بعض المناطق يتسلل منها ولكن ليس بأعداد مماثلة لعام 2014 أو قبل ثلاث أو أربع سنوات".

التنظيمات الولائية وحلم إيران الذي تحقق

كان من اللافت أنّ قناة "كاف"، المنصة الإعلامية التابعة لكتائب حزب الله قد احتفلت بالعمليات الإرهابية التي نفذتها ضد القوات الأمريكية بالعراق، منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي. وفي ما يبدو أنّ القناة التابعة لأحد التنظيمات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني بالعراق، شرعت في تعبئة حواضنها من خلال الاحتفال بحصيلة عملياتها بالتزامن مع اقتراب عام 2022. 

ووفق معهد واشنطن، فقد نشرت قناة "كاف" عدة تعليقات احتفالاً بانطلاق مدفعية "قذائف الأشتر المرتجلة المدفوعة بالصواريخ"، وهي منصة قادرة على إطلاق قذائف متعددة قصيرة المدى استُخدمت لقصف القواعد العسكرية الأمريكية في العراق قبل انسحاب القوات الأمريكية منه. ففي 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، أعلنت "كاف" عن تدشين احتفال في بغداد لإحياء ذكرى استخدام قذائف "الأشتر" للمرة الأولى قبل خمسة عشر عاماً. 

يقع العراق تحت وطأة تهديدات، داخلية وخارجية، منها وجود السلاح المتفلت بيد تنظيمات إرهابية متطرفة

وجاء في نص الدعوة: "بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة عشر لانطلاقة سلاح "الأشتر" من العراق، الذي ساهم في هزيمة الاحتلال الأمريكي ودحر "داعش"، تدعوكم المقاومة الإسلامية "كتائب حزب الله" إلى حضور مهرجان جائزة الأشتر للفنون والإعلام". وأقيم الاحتفال في مبنى تابع لـ "مديرية إعلام "الحشد الشعبي" في معقل "كتائب حزب الله" في شارع فلسطين ببغداد.

خلال الشهر الماضي، تمّ الإعلان عن مقتل عامل إغاثة أمريكي بالرصاص أثناء تجوله بسيارته في العاصمة العراقية بغداد، وقالت قناة "الغدير" الفضائية التابعة لـ "منظمة بدر"، وهي ضمن الفصائل الشيعية المسلحة المدعومة من إيران، وتعتبر جناحاً عسكرياً لـ"المجلس الأعلى الإسلامي" بزعامة رجل الدين الشيعي محمد باقر الحكيم، إنّ المواطن الأمريكي الذي جرى استهدافه كان "يعمل في منظمة إنمائية أمريكية". وأوضحت قناة "صابرين نيوز" أنّه كان يعمل لصالح "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" التي تصنفها تلك الميلشيات بـ"الإرهابية" وتعمد إلى استهداف عناصرها، حسب زعمها.

حركة النجباء

تتخطى حركة حزب الله النجباء" العراقية، وهي ضمن الفصائل الشيعية المسلحة التابعة للحرس الثوري، دورها المحلي في العراق إلى النشاط الخارجي والإقليمي، حيث انخرطت بالحرب السورية، وقد برزت بصورة لافتة من خلال دورها المؤثر في معركة حلب عام 2015. وتغلب على الحركة النشاط التنظيمي المسلح أكثر من الدور السياسي. 

وتعد الحركة الميليشياوية العراقية ضمن الفصائل (العراقية) الأخرى التي قامت، مؤخراً، بإعادة تموضعها وتعزيز نفوذها العسكري والإستراتيجي في محافظتي الرقة ودير الزور السوريتين، شمال شرق سوريا، مؤخراً. زعيم الحركة هو أكرم الكعبي، والذي انشق عن التيار الصدري حيث كان قائداً في ميليشيا "جيش المهدي". 

عصائب أهل الحق

رغم تبعية عصائب أهل الحق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني (تحصل على دعم جزئي من إيران)، إلا أنّ تقارير دولية عديدة تشير إلى رغبة معلنة من قبل هذه الميليشيات أن تحافظ على درجة من الاستقلالية. ووفق الباحث الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، مايك نايتس، فإنّ العصائب جماعة منشقة عن ميليشيا "جيش المهدي" التابعة لمقتدى الصدر التي تفككت في الفترة بين عامي 2005و2006 بدعم من "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الثوري الإسلامي الإيراني" و"حزب الله" اللبناني.

عصائب أهل الحق

وانخرطت العصائب، كما غيرها من الفصائل الشيعية الولائية، في الصراع المحموم مع التيار الصدري بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وهاجم وزير زعيم التيار الصدري، صالح محمد العراقي، كتلة صادقون، في آب (أغسطس) الماضي، وذلك في ذروة الخلافات بينهما، وتبادل الاتهامات بالفساد. وقال العراقي: "كتلة كاذبون ومن لفّ لفّها، تقول التيار الصدري يتحمل المسؤولية لتواجده في الحكومات السابقة"، معلقاّ أنّ "الجواب: نعم نتحمل المسؤولية ولا ننفي ذلك".

وتابع "لذلك فنحن كنّا في العملية السياسية كعلي بن يقطين (كان من وزراء هارون الرشيد، الخليفة العباسي ومن أتباع الإمامين الصادق والكاظم ولكنّه كان يخفي ذلك)، لكن لم ينفع معكم فأنتم مصرون على الفساد". 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية