هل للدين دور حاسم في مواجهة التغير المناخي؟

هل للدين دور حاسم في مواجهة التغير المناخي؟


12/12/2019

ترجمة: محمد الدخاخني


يعتبر خطاب التّغيّر المناخيّ بشكل عامّ مفهوماً غربيّاً في معظم الدّول الإسلاميّة. وباكستان، الّتي يبلغ عدد سكّانها حوالي 220 مليون نسمة، ليست استثناءً. أوّلاً، لا يشكّل التّغيّر المناخيّ موضوع نقاش عامّ هنا، كما يتّضح من حقيقة أنّ بضعة آلاف فقط شاركوا في مسيرة "جُمَعٌ من أجل المستقبل"، في أيلول)سبتمبر( الماضي. وغالبيّة النّاس، الّذين يكافحون في كثير من الأحيان لتغطية نفقاتهم، إمّا لا يهتمّون بالتّدهور البيئيّ أو يرفضونه بوصفه أجندة نخبويّة تروّج لها المنظّمات غير الحكوميّة.
إذن، ما الّذي يمكن القيام به لخلق وعي حول قضيّة عالميّة وخطيرة تهدّد النّظام البيئيّ والوجود الإنسانيّ بأكمله؟

يمكن استخدام السرديات الدينية التي تدعم أجندة صديقة للبيئة أن تساعد في زيادة الوعي بشأن التغير المناخي

يقول نشطاء إنّ نقص التّعليم في دول مثل؛ باكستان يصعّب بشكل أكبر القيام بحملة لحماية البيئة. ويؤكّد مشروع "إيكو إسلام" التّابع لهيئة "دويتشه فيله" على الحاجة إلى التّواصل مع المجتمعات المحلّيّة والتّحدّث معها بلغتها الخاصّة حول القضايا البيئيّة. ونظراً لأنّ الدّين يلعب غالباً دوراً كبيراً في حياة النّاس، فإنّ استخدام السّرديّات الدّينيّة الّتي تدعم أجندة صديقة للبيئة يمكن أن يساعد في زيادة الوعي بشأن التّغيّر المناخيّ.
وبعد مؤتمر "إيكو إسلام" الأوّل في جاكرتا، إندونيسيا، في الشّهر الماضي، عقدت "دويتشه فيله" المؤتمر الثّاني في كراتشي، باكستان، يوم السّبت. وكان الهدف من المؤتمر تسليط الضّوء على الرّسائل الصّديقة للبيئة في الإسلام وتشجيع رجال الدّين على نشر وتعزيز قضيّة مكافحة التّغيّر المناخيّ. وتعاونت منظّمة "الدّور الثّاني"، وهي منظّمة غير حكوميّة مقرّها كراتشي، مع "دويتشه فيله" في ترتيب الفعالية.

 

 

بناء الجسور

من جانبه، أخبر المدير العام لـ "دويتشه فيله"، بيتر ليمبورغ، مؤتمر كراتشي أنّ الوقت قد حان لإدخال الدّين في النّقاش حول التّغيّر المناخيّ. وقال ليمبورغ: "يتمتّع الزّعماء الدّينيّون بقدرة كبيرة على الوصول إلى عامّة النّاس. وفي بعض الأحيان لا تستطيع الحكومة ووسائل الإعلام التّأثير عليهم بهذه الطّريقة. ومن المهمّ أيضاً تذكير النّاس بأنّ دياناتهم  لطالما أكّدت على حماية البيئة".
وأضاف المدير العام: "يمكننا، باعتبارنا مؤسّسة إعلاميّة، تقديم الكثير. يمكننا إطلاق حوارات. لكنّنا لا نريد أن نعلّم النّاس ما يجب عليهم القيام به؛ نستطيع فقط طرح أفكار يمكنهم من خلالها حماية بيئتهم".

اقرأ أيضاً: كيف خلق التغيّر المناخي حروباً لأجل شربة ماء؟
ورأى موشين نقوي، وهو باحث في الإسلام، أنّ المصادر المقدّسة في الإسلام يمكن أن تُلهم النّاس ليصبحوا أصدقاء للبيئة.
وأوضح قائلاً: "فإذا نظرنا إلى تعاليم الإسلام، نجد العديد من الأمثلة الّتي تحثّ على حماية البيئة. على سبيل المثال، أصدر النّبيّ محمّد تعليمات للمسلمين برعاية البشر والحيوانات وحتّى الأشجار. ولا يسمح للبشر بإلحاق الضّرر بالنّظام البيئيّ".
وأضاف: "إنّ مبادرة دويتشه فيله توفّر منصّة لأشخاص من مختلف الأديان لمناقشة مسألة التّغيّر المناخيّ. لكنّنا بحاجة إلى التّواصل مع الجماهير. فهذه الحوارات تستهدف عادة طبقة متعلّمة، ونحن بحاجة إلى التّواصل مع الأشخاص العاديّين".

 

 

تفاقم مشكلة المناخ

تواجه باكستان عدداً من التحدّيّات بسبب التّدهور البيئيّ والتّغيّر المناخيّ. فقد أدّى الاحترار العالميّ إلى فصول أطول وأقسى، وندرة المياه في الدّولة الواقعة في جنوب آسيا وصفت بأنّها تهديد أكبر من الإرهاب.
وأدّى التّوسّع العمرانيّ وقطع الأشجار إلى زيادة كبيرة في تلوّث الهواء في العقود القليلة الماضية. وحذّرت منظّمة العفو الدّوليّة يوم الجمعة من أنّ عشرات الآلاف من سكّان مدينة لاهور معرّضون لخطر الإصابة بأمراض الجهاز التّنفّسيّ بسبب رداءة نوعيّة الهواء. وألقت المنظّمة بالّلوم في ارتفاع مستويات الضّباب الدّخانيّ على الاستجابة غير الكافية للحكومة الباكستانيّة.

إذا نظرنا إلى تعاليم الإسلام، نجد أمثلة تحثّ على حماية البيئة؛ فالنّبيّ أصدر تعليمات للمسلمين برعاية البشر والحيوانات وحتّى الأشجار

وأقرّ مرتضى وهب، مستشار البيئة لرئيس وزراء مقاطعة السّند، بأنّ التّغيّر المناخيّ لم يتمّ التّصدّي له بالشّكل الصّحيح في بلاده. وقال: "إنّه قطاع مهمل في باكستان. لكنّنا الآن نتعامل مع هذه المسألة بجدّيّة. وقد اعتمدنا مؤخّراً سياسة تهدف إلى زيادة الشّراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ لحماية البيئة. كما حظرنا استخدام البلاستيك المخصّص للاستعمال لمرّة واحدة".
وقال داعية البيئة الباكستانيّ توفيق باشا موراج إنّ السّلطات الباكستانيّة "ليس لديها وقت لمعالجة التّغيّر المناخيّ".
وأضاف: "لكن يجب أن أضيف أنّه في الآونة الأخيرة تُجبَر السّلطات على إيلاء المزيد من الاهتمام لمشكلات المناخ لأنّها أصبحت أكثر وضوحاً وتؤثّر على حياة النّاس".

اقرأ أيضاً: التغيّر المناخي يعيد تشكيل خريطة العالم والطبيعة البشرية
وقال النّاشط البيئيّ أيضاً إنّه لا يجب على النّاس النّظر دائماً إلى الحكومة لإصلاح مشكلاتهم. "إنّنا بلد يبلغ عدد سكّانه 220 مليون نسمة. وإذا وفّر كلّ شخص قطرة ماء كلّ يوم، فبإمكاننا توفير 220 مليون قطرة ماء كلّ يوم".


شامل شمس، دويتشه فيله
مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

https://www.dw.com/en/why-religious-narratives-are-crucial-to-tackling-climate-change/a-51384374



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية