هل انتهت مغامرة الإخوان في لبنان؟

هل انتهت مغامرة الإخوان في لبنان؟

هل انتهت مغامرة الإخوان في لبنان؟


22/01/2025

يبدو أنّ مغامرة الجماعة الإسلامية "الذراع السياسية للإخوان في لبنان" أوشكت على الانتهاء على صعيد الساحة اللبنانية سريعاً، بعد أن تحولت أحلام الشيخ محمد طقوش، أمينها العام، إلى كوابيس ثقيلة، وتحولت صورة المناضل الذي يسعى تجاه المواجهة، إلى هارب ومطارد، وسط انقسام هائل بين رفاقه، حيث فقد الرجل سيطرته على الجماعة، وأصبحت قيادته لها حالة رمزية، سرعان ما تنتهي بحسم ملف خلافته.

كان حلم محمد طقوش هو محاكاة نموذج حزب الله على الصعيد السنّي في لبنان، في ظل تأثره الشديد بالأمين العام الراحل حسن نصر الله، ورغبته في أن يكون هو الاستنساخ السنّي لصورة المحرر الذي تلتف من حوله الجماهير، ليتقاسم مع نصر الله زعامة المجال الإسلامي بشقيه الشيعي والسنّي في لبنان.

مغامرة غير محسوبة

اندفع محمد طقوش نحو مغامرة غير محسوبة، بإحياء ميليشيا قوات الفجر التابعة للجماعة، ووضعها تحت قيادة حزب الله ومحور الممانعة، دون دراسة تداعيات الأمر على صعيد الساحة الطائفية المعقدة في لبنان، وقد اطمأن إلى دعم إيران له، مع ابتزاز المعارضين واتهامهم بخيانة قضية المقاومة.

يبدو أنّ مغامرة الجماعة الإسلامية "الذراع السياسية للإخوان في لبنان" أوشكت على الانتهاء

كان الرجل الأقوى ضمن جناح طقوش في الجماعة علي أبو ياسين، رئيس المكتب السياسي، يؤيد تلك المساعي المحفوفة بالمخاطر، وبدعم من الشيخ عمر حيمور، نائب الأمين العام، مضى هذا الجناح نحو إسكات كل أصوات المعارضة لمشروع الجماعة العسكري، التابع لإيران.

 من جهة أخرى، رأى نائب الجماعة في البرلمان عماد الحوت أنّ تلك الخطوة تشكل خطراً على المسار السياسي للسنّة في لبنان، وتمثل دفعاً للآخرين، وعلى رأسهم حزب القوات، لحمل السلاح، وتعميم الحالة الخاصة لحزب الله وتحويلها إلى حالة ميليشياوية عامة، سوف تتضرر منها الجماعة الأضعف عسكرياً، وأكد أنّها سوف تتحول إلى مجرد تابع لحزب الله.

كان حلم محمد طقوش هو محاكاة نموذج حزب الله على الصعيد السنّي في لبنان، في ظل تأثره الشديد بالأمين العام الراحل حسن نصر الله

فشل عماد الحوت، في أوج شعارات صعود الإخوانية، وعنفوان التحالف العسكري مع حزب الله، واستعراض القوة الذي مارسته الجماعة، في تحجيم تحركات جناح محمد طقوش، لكنّ السقوط المدوّي لحزب الله، مع أول اشتباك حقيقي مع إسرائيل، دفع الكتلة الحرجة داخل الجماعة الإسلامية إلى التحرك، والتفت المعارضة لخطاب طقوش حول الحوت، والأمين العام السابق عزام الأيوبي، من أجل إنقاذ الجماعة من التحلل السياسي، وإنقاذ لبنان من حرب أهلية جديدة.

صدمة اغتيال نصر الله

كان اغتيال حسن نصر الله صدمة عنيفة للشيخ محمد طقوش، في ظل تقارير أكدت أنّه على رأس قائمة الاستهداف الصهيوني؛ الأمر الذي دفع المكتب التنفيذي للجماعة  إلى اتخاذ قرار أثار سخرية المتابعين بإغلاق مقار الجماعة، واختفاء طقوش وعلي أبو ياسين، في ظل انقطاع اتصال القيادة السياسية مع قوات الفجر التابعة لها من جهة، وتعرّض لبنان لغارات عنيفة، دفعت به إلى أتون الحرب من جهة أخرى.

الشيخ محمد طقوش

وبحسب تقارير مختلفة، فقد استُهدف محمد طقوش مرتين؛ الأولى في 30 أيلول (سبتمبر) 2024، وذلك في هجوم على شقة بوسط بيروت، والثانية في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه، جراء الغارة الإسرائيلية على مبنى الجماعة الإسلامية وسط بيروت.

من جانبه، كان الجيش اللبناني صارماً هذه المرة، فقد طلب بشكل قاطع من الجماعة الإسلامية حلّ الجناح العسكري، وهو ما وافق عليه عماد الحوت وعزام الأيوبي، في حين رفضته جبهة طقوش بإصرار.

استُهدف محمد طقوش مرتين؛ الأولى في 30 أيلول (سبتمبر) 2024، وذلك في هجوم على شقة بوسط بيروت، والثانية في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه، جراء الغارة الإسرائيلية على مبنى الجماعة الإسلامية وسط بيروت

اتخذ الحوت قراراً فردياً، وأيّد انتخاب جوزيف عون، رغم تحفظ حزب الله والجناح الموالي في الجماعة الإسلامية، بل خرج بيان رسمي من الجماعة، رغماً عن الأمين العام، لتهنئة الرئيس اللبناني الجديد، جاء فيه: "تهنئ الجماعة الإسلامية في لبنان  الشعب اللبناني بإنهاء الفراغ الرئاسي، ونأمل أن يشكّل انتخاب العماد جوزيف عون بداية للخروج من نفق الأزمات التي يمرّ بها لبنان، ونتقدّم إلى الرئيس جوزيف عون بالتهنئة، ونتمنّى له التوفيق والنجاح والنهوض بلبنان، وبناء دولة المواطنة والمؤسسات، كما جاء في خطاب القسم الذي ألقاه فخامة الرئيس بعد انتخابه". 

ويبدو أنّ عماد الحوت نجح في فرض رأيه على مراكز القرار في الجماعة الإسلامية، بإشارته إلى كلمة الرئيس عون في البرلمان، والتي أشار فيها إلى ضرورة حصر السلاح بيد الجيش وحده، الأمر الذي يعني أنّ ميليشيا الفجر لم يعد لها مستقبل في لبنان.

كان الجيش اللبناني صارماً هذه المرة، فقد طلب بشكل قاطع من الجماعة الإسلامية حلّ الجناح العسكري

من جهته، خرج الأمين العام السابق عزام الأيوبي بتصريحات قوية، نفى فيها النية في عقد اجتماع لمجلس الشورى في الجماعة الإسلامية بشكل عاجل لاتخاذ قرارات تتعلق بانتخابات مبكرة، وشدّد في الوقت نفسه على أنّ الجماعة لم تكن يوماً، ولن تكون، ضمن أيّ محور من المحاور، بل هي مستقلة بقرارها وأفعالها، في إشارة إلى تحالفها السابق مع حزب الله.

ويبدو أنّ رياح التغيير التي تعصف حاليّاً بلبنان، في أعقاب تغير موازين القوى، سوف تؤثر بشكل حاد على الجماعة الإسلامية، وتنهي ربما إلى الأبد مغامرتها العسكرية التي دُفعت إليها دفعاً، عبر طموحات الشيخ طقوش، وضغط الجناح الموالي لمحور حزب الله ـ إيران.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية