هدنة حماس وإسرائيل الجديدة: بين الضفة المحتلة والقطاع المختطف

هدنة حماس وإسرائيل الجديدة: بين الضفة المحتلة والقطاع المختطف


02/09/2020

إعلان قيادة حركة حماس، وعلى لسان اسماعيل هنية ويحيى السينوار، عن التوصل لاتفاق مع إسرائيل على التهدئة وتثبيت الهدنة، تضمن أربعة محاور أساسية، الأول: التأكيد على أنّ الهدنة "مجرد اتفاق لإنهاء التصعيد وتثبيت التهدئة مع إسرائيل" وأنّه فقط بحدود العودة إلى ما قبل التصعيد الأخير بعد إطلاق البالونات الحارقة على إسرائيل، والرد الإسرائيلي بقصف أهداف عسكرية في القطاع، والثاني: أنّ الاتفاق تم إنجازه بوساطة قطرية، من خلال الممثل القطري السفير محمد العمادي الذي يتولى ملف إدارة المفاوضات بين إسرائيل وحماس ونقل الأموال القطرية إلى قطاع غزة بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، فيما المحور الثالث يبشر بمشاريع اقتصادية قادمة في قطاع غزة تخفف الضغوط عن أهالي القطاع في الجوانب المعيشية ومشاريع البنى التحتية، ويرتبط المحور الرابع بمقاربة حماس لتبرير هذا الاتفاق بأنه للتخفيف من حدة الأوضاع في القطاع خاصة بعد تفشي كورونا.

 

لقد أصبح لقضية الفلسطينية اليوم عنوان جديد بفعل سياسات حماس منذ انقلابها على السلطة في غزة: ضفة محتلة وقطاع مختطف

 

 وبالرغم من كل المقاربات التي تذهب باتجاه التقليل من الاتفاق بوصفه مرتبطاً فقط بالتصعيد الأخير، ولا يختلف عن اتفاقات تخفيض مستوى التصعيد السابقة بين الجانبين التي يتم إنجازها بوساطات جرت العادة أن تتم من قبل الحكومة المصرية، بالإضافة للتسريبات المتكررة حول مفاوضات بين حماس وإسرائيل تجري في عواصم أوروبية برعاية قطرية وأخرى مصرية حول اتفاق دائم يشمل سلاح حماس وصواريخها ودورها المستقبلي يبدأ باتفاقات حسن نوايا في تبادل الأسرى والمعتلقين بين حماس وإسرائيل، بالرغم من كل ذلك إلا أنّ "اتفاق" التهدئة الحالي ليس بعيداً عن سياقات مرتبطة باستراتيجية حركة حماس والتي تقترب يوماً بعد يوم من "الواقعية السياسية" وسياقات التطورات الإقليمية بعناوينها المتعددة.

اقرأ أيضاً: هل يلجأ الاحتلال الإسرائيلي لاغتيال قادة المقاومة في غزة؟

فعلى صعيد قطاع غزة المحاصر، فإنّ حماس تدرك حجم مأساة القطاع والتي لم ولن تحلها لا أنفاق ولا مساعدات محدودة تأتي من هذه الدولة الصديقة أو الحليفة أو تلك في ظل مجاعة وخدمات هي الأكثر رداءة في العالم وفقاً لمؤسسات الأمم المتحدة، وأنّ اتفاق التهدئة على الأغلب سيكون مصيره كما اتفاقات سابقة سرعان ما تم إفشالها، والتي يسبقها عادة خطابات تهديد متبادلة بين إسرائيل وحماس، في ظل إدراك إسرائيلي واستثمار منها لحركة حماس في تثبيت الانقسام الفلسطيني وفصل أو وصل القطاع عن الضفة الغربية تبعاً للاستراتيجيات الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: قطر تتوسط بين إسرائيل وحماس.. فهل تنجح بوقف التصعيد في غزة؟

"تفاهم" التهدئة كما أسمته حماس وبررته غير بعيد عن تطورات المشهد الإقليمي، فقد أكد وبشكل واضح ومقصود على الدور القطري في إنجازه، في محاولة، فيما يبدو، لخطف الأضواء من زيارة الوفد الأمريكي – الإسرائيلي للإمارات، غير أنّ الأهم بهذا تأكيده على مشاريع بنية تحتية قادمة وواسعة وواسعة، تقترب مما طرحته "صفقة القرن" فهل كان التفاهم  رسالة لـ"كوشنير" الموجود في المنطقة وعلى مسمعه، فيما لا يمكن عزل هذا "التفاهم" المفاجئ والذي تزامن مع تهديدات لقادة حماس باستمرار المعركة عن زيارة وفد قيادي من حماس إلى تركيا ولقاءاته مع القيادة التركية، فهل أيدت تركيا هذا التفاهم أو أسهمت في التوصل إليه واقتصرت الإشادة في بيان حماس على قطر دون الإشارة لدور أنقرة، وما هو موقف القيادة الإيرانية بوصفها أحد أبرز الداعمين لحماس، وهل أطلعتها حركة حماس على هذا التفاهم؟

 

تفاهم التهدئة كما أسمته حماس وبررته غير بعيد عن تطورات المشهد الإقليمي، فقد أكد وبشكل واضح ومقصود على الدور القطري في إنجازه

 

وعلى خلفية النية لعقد اجتماع للقيادات الفلسطينية بقيادة حركة فتح ومشاركة كافة الفصائل الفلسطينية في الداخل والخارج لتدارس تداعيات اتفاق السلام بين إسرائيل ودولة الإمارات على القضية الفلسطينية، فإنّ توقيت إعلان "التفاهم" من قبل حماس يطرح تساؤلات فيما إذا كان سيصب بمصلحة البناء على القواسم الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، والتي يفترض أن تكون حققت نجاحات منذ إعلان الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإعلانه نقل السفارة الأمريكية إليها.

اقرأ أيضاً: تفرّد حماس ببلديات غزة يثير موجة من الانتقادات والرفض الشعبي

 وبالخلاصة، فإنّ تفاهم حماس الجديد على استمرار التهدئة ربما يكون أمراً عادياً، وربما يستمر أو لا يستمر، لكن غير العادي فيه أنه يعود فقط لما كانت عليه أجواء التصعيد الأخيرة فقط، ويتزامن مع تطورات إقليمية كانت مدعاة لحركة حماس أن تترجم وطنيتها بتوافقات مع بقية الفصائل الفلسطينية، لا أن تصر أن تكون بديلاً للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وتقدم نفسها بوصفها الأقدر على إنجاز سلام دائم مع إسرائيل، وأن تبقي القضية الفلسطينية رهناً لتجاذبات وصراعات المحاور الإقليمية العربية وغير العربية، فقد أصبح لقضية الفلسطينية اليوم عنوان جديد بفعل "سياسات حماس" منذ انقلابها على السلطة في غزة "ضفة محتلة وقطاع مختطف". 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية