هجوم تركي وشيك على الشمال السوري بضوء أخضر أمريكي وتوافق روسي وصمت إيراني

هجوم تركي وشيك على الشمال السوري بضوء أخضر أمريكي وتوافق روسي وصمت إيراني


17/07/2022

رغم معارضة الولايات المتحدة لأيّة عملية عسكرية في شمال سوريا، فإنّ الرئيس التركي يواصل تهديداته بشن هجوم جديد على مناطق الإدارة الذاتية الكردية، الأمر الذي يبعث بمخاوف جمّة، تتصل بأوضاع المدنيين، وتكرار نزوح العائلات، وتهجيرهم، فضلاً عن تداعيات الفوضى الأمنية وإعادة انتشار الخلايا النائمة لتنظيم داعش الإرهابي.

تركيا تباشر تنفيذ تهديداتها

وتمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقره لندن، من توثيق "دخول رتل عسكري للقوات التركية من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا شمالي حلب، ضم دبابات ومدرعات ومدافع وناقلات جند وآليات عسكرية مختلفة"، وذلك خلال الشهر الجاري (تموز) يوليو. وقال المرصد إنّ الرتل العسكري "اتجه إلى القواعد التركية في ريف حلب الشمالي، وهو الرتل الثالث الذي يدخل مناطق شمال حلب".

وأشار المرصد الحقوقي إلى "دخول رتل عسكري تركي للأراضي السورية من معبر عين البيضا العسكري بريف إدلب الغربي واتجه إلى النقاط التركية المنتشرة في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي، حيث ضم الرتل دبابات وآليات مجنزرة مختلفة أهمها قاذفة الصواريخ الحرارية المضادة للدروع والتي تدخل لأول مرة إلى الأراضي السورية".

وزير الخارجية الأمريكي: نحن نعارض أيّ تصعيد في شمالي سوريا ونؤيد الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الحالية

وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، جدّد مزاعمه بشأن تعرض بلاده لهجمات مسلحة من شمال سوريا، وتحديداً من منطقتي تل رفعت ومنبج. وأكد أكار، خلال اجتماعه وقادة الجيش، على استمرار قواته المسلحة "في مكافحة الإرهاب داخل البلاد وخارجها حتى القضاء على آخر إرهابي وإحلال الأمن والسلامة في الحدود التركية".

من المتوقع في 19 تموز (يوليو) الجاري، أن تنعقد قمة ثلاثية في العاصمة الإيرانية، طهران، بين رؤساء الدول الضامنة لمسار "أستانة" بخصوص سوريا (روسيا وتركيا وإيران)

وقال وزير الدفاع التركي إنّ العملية العسكرية التركية المرتقبة في شمال سوريا، لن يتم تأجيلها أو إلغاؤها، مؤكداً على أنّ دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) لم تضغط على تركيا لعدم تنفيذ الهجوم المسلح. غير أنّ نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشرق الأوسط، دانا سترول، شددت على رفضها التهديدات التركية لشمال سوريا، وقالت: "إنّنا نعارض بشدة أيّة عملية تركية في شمالي سوريا، وقد أبلغنا تركيا هذا بوضوح، لأنّ تنظيم (داعش) سيستفيد من تلك الحملة، ناهيك عن التأثير الإنساني".

رفض دولي للهجوم التركي بشمال سوريا

وخلال الندوة التي دشنها معهد الشرق الأوسط، أكدت سترول على أنّ "أيّ هجوم تركي على شمال شرقي سوريا، يعرض القوات الأمريكية في المنطقة للخطر، ويلفت أنظار (قوات سوريا الديمقراطية) عن مواجهة (داعش) الذي هو هدفنا الرئيسي".

كما قال وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكين، في حزيران (يونيو) الماضي، إنّ "أيّ تصعيد هناك في شمالي سوريا أمر نعارضه، ونحن نؤيد الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الحالية".

ودان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الاصطفاف الدولي الرافض للحشود العسكرية التركية باتجاه منطقتي تل رفعت ومنبج. وقال: "لقد أعربنا مراراً وتكراراً عن خيبة أملنا من المساعدة الأمريكية لـ (وحدات حماية الشعب). عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي، لا يهم من يتحدث، لأنّ تركيا ستقوم بما هو ضروري في إطار القانون الدولي". وقامت الإدارة الذاتية، والجيش السوري، فضلاً عن القوات الروسية، بحشد عناصرها وقواتها المسلحة عند منطقة تل تمر، شمال الحسكة، التي تعتبر نقطة التماس مع ميلشيات مايعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، المدعوم من أنقرة.

وزير الخارجية التركي: أعربنا مراراً وتكراراً عن خيبة أملنا من المساعدة الأمريكية لـ (وحدات حماية الشعب)

وقالت "الإدارة الذاتية"، في بيان: "بسبب التهديدات التي تواجه شمال وشرق سوريا من قبل دولة الاحتلال التركي، فإنّنا نعلن حالة الطوارئ العامة في مناطق شمال وشرق سوريا". وأكدت أنّها سوف تستخدم إمكانياتها كافة "لحماية الناس من أيّ هجوم عدواني على مناطق الإدارة الذاتية وشمال وشرق سوريا، وإعطاء الأولوية لمواجهة هذه التهديدات".

الإدارة الذاتية تعلن الطوارئ

 وفي حديثها لـ"حفريات"، أوضحت بيريفان خالد، الرئيسىة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لـشمال وشرق سوريا، أنّ التهديدات المتواصلة من قبل تركيا التي تقوم بقصف دائم للمنطقة بالطائرات المسيّرة، وتعمد إلى استهداف المدنيين والمؤسسات الخدمية، ترمي، بشكل واضح، إلى احتلال المزيد من المناطق السورية، والسعي لتحقيق التغيير الديمغرافي، بما يؤدي إلى خلق الفوضى وعودة التنظيمات الإرهابية مثل داعش.

الحقوقي السوري محي الدين عيسو لـ"حفريات": استعدادات تركيا الحربية ليست وليدة اللحظة بل رغبة لإبادة الوجود الكردي، أو بالأحرى استغلال هذا الوجود كذريعة للتدخل العسكري، وتحقيق مصالحها الجيواستراتيجية

وأردفت: "وفي ما يبدو أنّ هناك رغبة محمومة لدى أردوغان لتنفيذ تهديداته الأخيرة، ولذلك؛ أعلنت الإدارة الذاتية حالة الطوارئ للتصدي لأيّ هجوم مسلح وحماية مناطقنا والحفاظ على مكتسباتنا".

وما تزال تعاني المنطقة من وجود خلايا لتنظيم داعش الإرهابي، وفق خالد، مع الوضع في الاعتبار أنّها خضعت لسيطرة هذه التنظيمات المسلحة والإرهابية لفترة من الوقت، ومن ثم، أيّ هجوم سيؤدي لتنشيط تلك الخلايا، ومحاولة تنفيذ مخططاتهم العدوانية، الأمر الذي سبق وجرى بالتزامن مع هجمات مماثلة في منطقتي عفرين ورأس العين اللتين تخضعان لسيطرة القوات التركية والميلشيات التابعة لها.

ومن المتوقع في 19 تموز (يوليو) الجاري، أن تنعقد قمة ثلاثية في العاصمة الإيرانية، طهران، بين رؤساء الدول الضامنة لمسار "أستانة" بخصوص سوريا (روسيا وتركيا وإيران)، وقد ألمح الناطق بلسان الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إلى أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سوف يعقد اجتماعاً ثنائياً مع نظيره التركي.

بيريفان خالد: هناك رغبة محمومة لدى أردوغان لتنفيذ تهديداته الأخيرة

ويقول الصحفي والحقوقي السوري، محي الدين عيسو، إنّ تركيا في حالة تأهب دائم لاحتلال المزيد من الأراضي السورية، موضحاً لـ"حفريات" أنّ "استعدادات أنقرة الحربية ليست وليدة اللحظة، أو بسبب حادث معين، إنّما هي رغبة متوحشة لإبادة الوجود الكردي، أو بالأحرى استغلال هذا الوجود كذريعة للتدخل العسكري، وتنفيذ مخططاتها السياسية والإقليمية وتحقيق مصالحها الجيواستراتيجية".

ويتابع: "تركيا لا تحارب الإرهاب مطلقاً، إنّما توفر مناطق آمنة للعناصر المتشددة والإرهابية. وبعد القضاء على تنظيم داعش في عاصمته المزعومة "مدينة الرقة" في الشمال السوري، فرّ أغلبية قيادات التنظيم الإرهابي إلى مناطق الإحتلال التركي، ثم انخرطوا في ما يعرف بالجيش الوطني السوري، المدعوم من أنقرة، والذي لا يختلف عن داعش في أيديولوجيته الفكرية وأهدافه التنظيمية والحركية".

ويلفت عيسو إلى أنّ تركيا لن يكون بمقدورها شنّ أيّة عملية عسكرية، في الشمال السوري، إلا بـ"ضوء أخضر" من الولايات المتحدة، وتوافق روسي وصمت إيراني، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أنّ "تركيا مستعدة لتقديم جميع التنازلات لتلك الدول في سبيل تنفيذ تهديداتها لحفظ ماء وجهها".

وأعرب عن اعتقاده بأنّ تلك الدول "لن توافق على أن يكون كامل الشمال السوري ملاذاً آمناً للعناصر الجهادية المنخرطة في التنظيمات العسكرية والمسلحة المدعومة من تركيا. لذا؛ أرجح أنّ العملية العسكرية، إن حدثت، ستكون محدودة، ولن تشمل كامل الشمال السوري".

محي الدين عيسو: تركيا لا تحارب الإرهاب مطلقاً

يتفق والرأي ذاته، الصحفي السوري الكردي، نورهات حسن، والذي يشير إلى "تهديدات شبه يومية" يطلقها الرئيس التركي ضد مناطق شمال وشرق سوريا، وذلك بهدف اقتطاع جزء آخر من الجغرافيا السورية ونشر الفوضى كما يحدث الآن في عفرين على سبيل المثال.

ووفق ما قاله حسن لـ"حفريات" فإنّ "هناك حشوداً تركية قبالة مدينة تل رفعت التي يتواجد فيها مهجرو عفرين، كما حشدت إيران قواتها أيضاً في المنطقة ذاتها لمنع أيّ هجوم تركي؛ حيث إنّ تل رفعت هي بوابة لنبل والزهراء وحلب، وهي المناطق التي تخضع نفوذ إيراني لافت".

مواضيع ذات صلة:

تحذيرات دولية واحتجاجات رافضة للعملية العسكرية التركية شمال سوريا.. فهل تتراجع تركيا؟

استثناء شمال سوريا من عقوبات "قيصر" يلزمه ردع تركيا

سجن غويران ومعضلة فلول داعش بشمال سوريا.. ما علاقة تركيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية