سجن غويران ومعضلة فلول داعش بشمال سوريا.. ما علاقة تركيا؟

سجن غويران ومعضلة فلول داعش بشمال سوريا.. ما علاقة تركيا؟


03/02/2022

إثر الهجوم العسكري المباغت لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على سجن غويران في مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا، في محاولة لتهريب عدد من السجناء المنتمين للتنظيم الإرهابي، والذي أسفر عن مقتل 332 شخصاً، بينهم 246 من التنظيم و79 من قوات الأمن الكردية، فضلاً عن سبعة مدنيين، برزت من جديد معضلة وجود هذه العناصر المتشددة بالمنطقة.

وأكدت لـ"حفريات" مصادر رسمية في "الإدارة الذاتية"، أنّها عاودت الحديث عن مطالبها للمجتمع الدولي بضرورة "حل مشكلة عائلات داعش وفلول التنظيم، ثم تدشين محكمة دولية لمحاسبة العناصر المتشددة".

انبعاثات داعش المتكررة.. ما القصة؟

وفي بيان رسمي صادر عن الإدارة الذاتية، اتهمت الأخيرة تركيا بتهديد أمن واستقرار المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وذلك على خلفية استهداف جوي تركي أسفر، مؤخراً، عن مقتل أربعة أشخاص بريف الحسكة، وقالت الإدارة في بيانها، أمس الأربعاء، إنّ هذا التصعيد يعد "إعلاناً بعدم قبول تركيا بالفشل الذي لحق بداعش في الحسكة"، وأضاف البيان: "نذكر بالتحديد كلا من روسيا وأمريكا بالتفاهم الذي تم بين الطرفين كل على حدة مع تركيا بخصوص عملية وقف إطلاق النار"، وعدّ البيان هذا التصعيد "توجهاً نحو الحرب".

الولايات المتحدة تعتبر تكتيكات داعش البائسة والعنيفة تذكيراً خطيراً للعالم بأنّ المجموعة الإرهابية لا تزال تمثل تهديداً لنا، ويجب إعادة عناصر داعش المعتقلين في شمال شرقي سوريا إلى دولهم

وتشير إتجاهات عديدة إلى أّن التحركات العسكرية التي تقوم بها تركيا في الشمال السوري تعزز نشاط التنظيم، وفق مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، خاصة لجهة تشتيت جهود "قسد" ما بين التعامل مع العمليات العسكرية التركية، أو مواجهة عناصر التنظيم. وتابع: "دفع ذلك القوات الكردية إلى التحذير من أنّ استمرار الضغوط التي تتعرض لها بسبب العمليات العسكرية التركية، سوف يدفعها إلى تبني إجراءات قد تؤثر في المقابل على العمليات العسكرية التي يشنها التحالف الدولي ضد داعش، لاسيما فيما يتعلق بتفكيك بعض المخيمات التي تضم مقاتلي التنظيم وأسرهم وأهمها مخيم الهول".

إقرأ أيضاً: بعد أحداث سجن غويران... علاقة تركيا مع داعش تعود إلى الواجهة

وبالمحصلة؛ فمن الواضح أنّ "التحركات التي تقوم بها "قوات سوريا الديمقراطية" ضد تنظيم "داعش" في شمال شرق سوريا ما زالت محدودة التأثير، بدليل نشاط التنظيم المكثف في تلك المنطقة. ومن الملاحظ حرص داعش على استغلال السياقات السورية والإقليمية الراهنة من أجل العودة بقوة إلى الساحة السورية، وهو الأمر الذي يهدد المكتسبات السابقة التي تحققت على صعيد هزيمته عسكرياً".

كما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول أمريكي، لم تفصح عن هويته، معلومات بخصوص نجاح نحو مائتي معتقل في الهروب أثناء الهجوم المسلح على سجن غويران، فيما ذكر مصدر عسكري بقوات سوريا الديمقراطية لوكالة "فرانس برس" أنّ "نحو 60 مقاتلاً من التنظيم يتحصنون في قبو وفي طابق يعلوه"، موضحاً "نعتقد أنّه لا قصّر بينهم". وأردف: "نوجه لهم نداءات للاستسلام، وقد أمهلناهم مدة من الوقت" لم يحددها، لافتاً إلى أنّه "ما لم يسلموا أنفسهم، فسيتم التعامل معهم بالطرق العسكرية".

هل ينجح داعش في استعادة التنظيم؟

وبينما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أنّه "تم القبض أو قتل كبار قادة داعش أثناء محاولة تحرير أعضاء التنظيم المحتجزين في سجن غويران بمدينة الحسكة السورية"، فإنّ الناطق الرسمي بلسان الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أكد في بيان، الاثنين الماضي، أنّ "الولايات المتحدة تعتبر تكتيكات داعش البائسة والعنيفة تذكيراً خطيراً للعالم بأنّ المجموعة الإرهابية لا تزال تمثل تهديداً لنا ولا بد من دحره"، كما طالب برايس بضرورة "إعادة عناصر داعش المعتقلين في شمال شرقي سوريا إلى دولهم على وجه السرعة".

وبدوره، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إنّه "بفضل شجاعة وعزم عناصر قوات سوريا الديمقراطية الذين ضحى كثير منهم بأرواحهم، فشل تنظيم داعش في جهوده لتنفيذ عملية هروب كبيرة من السجن لإعادة تشكيل صفوفه".

الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لـشمال وشرق سوريا، بيريفان خالد لـ"حفريات": نعمل بدأب وجهد شديدين، وبعد التنسيق مع قوات الأمن وتمشيط المنطقة على عودة الأهالي إلي بيوتهم

وفي حديثها لـ"حفريات"، قالت الرئيسىة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لـشمال وشرق سوريا، بيريفان خالد، إنّ "الإدارة الذاتية تعمل بدأب وجهد شديدين، وبعد التنسيق مع قوات الأمن وتمشيط المنطقة، بشكل آمن، على عودة الأهالي إلى بيوتهم".

إقرأ أيضاً: هل يرعى الغرب التأسيس الثاني لدولة داعش؟

وأما فيما يتصل بالمجموعات والعناصر الإرهابية الموجودة في السجن والمخيمات بالمنطقة، تشدد خالد "هناك مطلب دائم من قبلنا للمجتمع الدولي والعالم أجمع، بأن تتم محاكمة هؤلاء ضمن محمكة دولية، أو محكمة ذات طابع دولي، حتى تأخذ العدالة مجراها".

الرئيسىة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لـشمال وشرق سوريا، بيريفان خالد

وتردف الرئيسىة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لـشمال وشرق سوريا: "سنتواصل، مجدداً، مع الدول كافة التي تتواجد لها رعايا في مخيمات شمال وشرق سوريا، بحيث تتحمل مسؤولياتها؛ إذ إنّ مخيم هول يعد بمثابة قنبلة تهدد مناطقنا، وكذا دول الإقليم والعالم، ومن ثم، يتعين على القوى الإقليمية والدولية الاصطفاف لمنع حدوث أي كوارث أمنية وسياسية، ناهيك عن تكرار مثل هذه الهجمات التي جرت، مؤخراً، في سجن غويران".

الموقف الدولي

ونهاية الشهر الماضي، كشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن استسلام قيادي داعشي، يكنى بـ"أبو عبيدة"، وأنّ ذلك "يطوي صفحة العصيان الذي قام به السجناء الدواعش، كما ينهي محاولتهم السيطرة على السجن ومن ثم الفرار الجماعي".

وتابع عبد الرحمن: "هناك المزيد منهم ممن نجحوا في الهروب من السجن والتخفي والانتشار خارجه.. وبموازاة العملية العسكرية المتواصلة ضد الدواعش، بدأت الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا وقواتها العسكرية في عملية أمنية واستخبارية، بغية كشف ملابسات الخرق الأمني الكبير الذي تسبب في حصول هذه الكارثة".

إقرأ أيضاً: هل سيطرت بالفعل قوات "قسد" على سجن غويران؟ ماذا يحدث هناك؟

ويرى الصحفي السوري، شيار خليل، أنّ استراتيجية الهجوم على السجون والمعتقلات يعد بمثابة "تكتيك قديم اعتمده التنظيم في هجماته المختلفة داخل سوريا والعراق، لجهة إعادة تنظيم صفوفه، وكذا الإفراج عن أعضائه، الأمر الذي حدث بصورة مماثلة، مؤخراً، في سجن غويران؛ إذ خطط التنظيم للهجوم، منذ أكثر من ستة أشهر، وقد جاء الهجوم المسلح من قبل التنظيم الإرهابي بالتزامن مع احتجاز السجناء للكوادر الطبية والمدنية داخل السجن، واستخدامهم بجانب الأطفال كدروع بشرية".

ويردف خليل لـ"حفريات": "ثمّة مطالبات عديدة ومتكررة، بحل ملف المتحجزين الإرهابيين في معتقلات وسجون الإدارة؛ وهي مطالبات تهدف لتفادي المخاطر الأمنية والسياسية التي تتسبب فيها هذه العناصر المتشددة والإرهابية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية