نساء في عرين الأصولية الإسلامية

نساء في عرين الأصولية الإسلامية


31/03/2019

"الله يعطينا العقل، ولا يمكن أن يعطينا شريعة تخالف هذا العقل". بهذه العبارة راح الكاتب والروائي المصري، محمد إبراهيم طه، يعاين كتاب الباحثة المصرية رباب كمال "نساء في عرين الأصولية الإسلامية". وقال طه "نحن نعمل هذا العقل، وحولنا عقول كثيرة يخيم عليها الظلام"، مشيراً إلى أنّ الكتاب مليء بقضايا تضمّ ألغاماً كثيرة، لكنّها مستندة إلى العقل، وحقوق الإنسان، ومستندة إلى دولة مدنية، متعجباً كيف تناقش رباب هذه القضايا بذلك الهدوء، لافتاً إلى أنّ طريقة عرض الكتاب "بديعة جداً، وتأخذك لمناقشة قضايا كثيرة جداً بعقل متفتح".

دعت الكاتبة إلى تصحيح بعض المفاهيم الرائجة في مجتمعاتنا حيث إنّ حقوق المرأة لا تنتقص من حقوق الرجل

وكان كتاب الكاتبة والإعلامية المصرية، رباب كمال، موضوعاً لنقاش في معرض القاهرة الأخير للكتاب، من خلال ندوة أدارها الناقد والشاعر شعبان يوسف، الذي تطرق إلى كتاب الشيخ علي عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم"، لافتاً إلى أنّ الشيخ "لم يجد كلمة الخلافة موجودة في القرآن الكريم، وتعرض إثر إعلانه ذلك لغبن شديد، وظلم بيّن، وأهين إهانة بالغة، وفصِل من الأزهر، وظلّ كامناً في منزله حتى توفَّي، وكانت تلك أول مشكلة بين الإسلام وأصول الحكم". وتابع: عام 1950؛ أصدر خالد محمد خالد كتاب "من هنا نبدأ"، وأحدث كمّاً من المشاكل حوله، ورفعت ضده قضية بمصادرة الكتاب. ومرّ وقت طويل، حتى أتت السبعينيات، مع صعود تيارات الإسلام السياسي، وظهرت كتابات فرج فودة، وسيد القمني، ونصر حامد أبو زيد، وأثيرت خلافات كثيرة حول تلك الكتابات.

كتاب الباحثة المصرية رباب كمال "نساء في عرين الأصولية الإسلامية"

الصوت النقدي للتيارات الأصولية
وألمح يوسف إلى أنّه في فترات لاحقة، اختفى الصوت النقدي للتيارات الأصولية، حتى وصلنا لكتاب "نساء في عرين الأصولية الإسلامية"، لافتاً إلى أنّ الباحثة أرادت أن تقول إنّ الأفكار الرجعية الموجودة الآن ليست ابنة للفترة التي نعيشها، وعلينا أن نغربل التراث الفكري، كي نستطيع أن نعمل بشكل صحيح. ومن هذا المنطلق تتصدى رباب كمال لقراءة التراث، وهي تفحص بعقل ودقة شديدة جداً في استدعاء المصطلحات التي تناقشها.

رباب كمال: كلما ناقشنا قضية حقوق المرأة، وجدنا أنفسنا تحت سيف قوانين ازدراء الأديان لكن ماذا عن ازدراء المرأة؟

الكاتبة رباب كمال أوضحت أنّ الكتاب قائم على رحلة تحولات فكرية، تم دعمها بالبحث؛ فالباب الأول يتحدث عن تجربة ذاتية، لكن حتى ونحن نتحدث عنها فهي تجربة تحولات فكرية يجب دعمها بالأبحاث والدراسات؛ حتى لا تكون كلاماً هوائياً.
وبيّنت رباب أنّها تردّ في كتابها على بعض الشخصيات التي تسأل ماذا حدث للمجتمع، معترضة بشكل جزئي على الهجمة الشرسة على الوهابية التي يقوم بها المثقفون، باعتبار أنّها ليست أصل الأزمة.
وتناقش كمال، في الكتاب أيضاً، العديد من الشعارات الرنانة التي تراها خاطئة، مثل شعار تكريم المرأة، قائلة: "دائماً حين نتحدث عن أيّ حقّ من حقوق المرأة نواجه بعبارة "الإسلام كرّم المرأة".
المرأة وحقوق الإنسان
ومن هذه الشعارات الاعتقاد بأنّ حقوق النساء حقوق فئوية، متسائلة: "أليست المرأة وحقوقها من حقوق الإنسان"؟
وأردفت، كلما ناقشنا قضية من قضايا حقوق المرأة، وجدنا أنفسنا تحت سيف قوانين ازدراء الأديان لكن ماذا عن ازدراء المرأة في الخطاب الأصولي الديني؟ مبينة أنّ "شعار تكريم المرأة ُيستخدم لغلق باب النقاش، بل يقول بعض الدعاة إنّ الله تعالى أغلق باب النقاش بآيات صريحة ونصوص ثابتة.

اقرأ أيضاً: السعودية في مواجهة التطرف والأصولية
وترى كمال أنّ قضية المرأة لا تعني معاداة الرجل وقد تبنت بعض النسويات هذا الخطاب، فمشكلة قضية المرأة هي الأفكار الذكورية الأبوية، وهناك نساء أكثر ذكورية من الرجال، بل أن هنالك "نسويات" أكثر ذكورية من الرجال، وفي هذا السياق وجدنا أنفسنا أمام ظاهرة النسوية الإسلامية، وهناك لغم في هذه الظاهرة، فالنسوية الإسلامية تتبنى غالباً حقوق المرأة في إطار ديني فقط، مما يجعل الحقوق مبتسرة، بل إنّ بعض النسويات الإسلاميات قدمنّ نموذجاً ينتقص من حقوق المرأة.
كان كتاب رباب كمال، موضوعاً لنقاش في معرض القاهرة الأخير للكتاب

هرمونات غضب
ودعت الكاتبة إلى تصحيح بعض المفاهيم الرائجة في مجتمعاتنا حيث إنّ حقوق المرأة لا تنتقص من حقوق الرجل؛ لأنّ الرجل لا يملك المرأة من أساسه، وأي ثورة تحاول كبت حركة الحقوق النسوية أو تضع لها خطوط حمراء، لا ُتعد ثورة حقيقية ولا تتعدى كونها هرمونات غضب، لأن حرية المجتمع من حرية المرأة وهي نظرية قديمة قام بصياغتها قاسم أمين في كتاب تحرير المرأة 1899 وكتب عنها الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل في كتاب استعباد النساء عام 1869، فمن المفترض أنّ الثورات تشتعل في مواجهة الاستبداد، وليس لممارسة الاستبداد على الآخرين تحت مسميات تطبيق الشريعة.

اقرأ أيضاً: عامر الوائلي: الأصولية تحول الإرهاب من التكفير إلى التوحش
وأشارت كمال إلى أنّنا نمرّ الآن بما مرت به ثقافات وبلاد مختلفة، من عقائد مختلفة، لكنهم اجتازوا تلك المرحلة التاريخية. وسألت كمال: هل نحن نقلد الحقوق، أم أن هناك بعض النساء في بعض الثقافات سبقونا في هذا المضمار، لافتة إلى أنّه، "حتى عام 1947، كانت المرأة في اليابان غير قادرة على أن تحصل على حقّ الطلاق، ثم حصلت على حقّ الطلاق المساوي، ولم تحصل على حقّ الخلع، وأنّ اليابان، حتى يومنا هذا، تكافح فيها النساء سعياً إلى مزيد من الحقوق".
كمال تابعت أنّ كتابها يتناول قضايا المرأة ما بين إسلام الجماعة وإسلام السلطة، بغضّ النظر عن المكونات الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ التي تلعب دوراً كبيراً جداً إلى جنوح المجتمع نحو الأصولية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية