منظمة العفو الدولية: إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الفلسطينيين

منظمة العفو الدولية: إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الفلسطينيين


01/02/2022

أصدرت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، اليوم الثلاثاء، تقريرها حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يؤكد بالأدلة الدامغة فرض إسرائيل نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه، وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في الداخل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى.

وطالبت المنظمة الدولية في تقريرها المجتمع الدولي بضرورة مساءلة الاحتلال الإسرائيلي على ارتكابه هذه الجرائم وفرض عقوبات على المتورطين فيها.

وقالت المنظمة الحقوقية في تقريرها: "إسرائيل" تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه، وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة عام 1948 أو 1967، فضلاً عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى.

 دعت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في جريمة الفصل العنصري في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة

ويوثق التقرير الشامل المؤلف من 182 صفحة بعنوان "نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام قاسٍ يقوم على الهيمنة والاضطهاد"، من خلال عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي.

جريمة ضد الإنسانية

وتابع التقرير: "يتم الحفاظ على هذا النظام بفعل الانتهاكات التي تَبيّن لمنظمة العفو الدولية أنها تشكل فصلاً عنصرياً وجريمة ضد الإنسانية كما هي مُعرفة في نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (اتفاقية الفصل العنصري)".

ودعت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في جريمة الفصل العنصري في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مطالبة جميع الدول بممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة.

وقد وثقت منظمة العفو الدولية أفعالاً محرمة في اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي في كافة المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، مع أنها تحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة بصورة أكثر تكراراً وعنفاً مما تحدث في إسرائيل. 

وجدت المنظمة الدولية أنّ هذه الأفعال تشكل جزءاً من هجوم ممنهج وواسع النطاق موجه ضد الشعب الفلسطيني

وتطبّق السلطات الإسرائيلية تدابير متعددة لحرمان الفلسطينيين عمداً من حقوقهم وحرياتهم الأساسية، بما في ذلك قيود قاسية على حرية التنقل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاستثمار الضئيل المزمن القائم على التمييز في المجتمعات الفلسطينية داخل إسرائيل، وحرمان اللاجئين من حق العودة. 

كما يوثّق التقرير النقل القسري، والاعتقال الإداري، والتعذيب، وأعمال القتل غير المشروعة في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ووفقاً للتقرير، فقد وجدت المنظمة الدولية أنّ هذه الأفعال تشكل جزءاً من هجوم ممنهج وواسع النطاق موجه ضد الشعب الفلسطيني، وتُرتكب بنية إدامة نظام القمع والهيمنة. لذا فهي تشكل جريمة الفصل العنصري المرتكبة ضد الإنسانية.

اقرأ أيضاً: ما الجديد حول لقاء الرئيس الإسرائيلي أردوغان في أنقرة؟.. صحيفة عبرية تجيب

ولعل القتل غير المشروع للمتظاهرين الفلسطينيين هو أوضح تعبير عن كيفية استخدام السلطات الإسرائيلية أفعالاً محظورة للحفاظ على الوضع الراهن.

قمع عنصري مُمَأسس

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، "تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل. وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في غزة، أو القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها، فهم يُعامَلون كجماعة عرقية دونية ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج، وقد تبين لنا أنّ سياسات التفرقة ونزع الملكية والإقصاء القاسية المتبعة في جميع الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل تصل بوضوح إلى حد الفصل العنصري. ومن واجب المجتمع الدولي التصرف".

وأضافت: "ما من مبرر ممكن لنظام بني على القمع العنصري المُمَأسس والمطول لملايين الناس. ولا مكان للفصل العنصري في عالمنا، والدول التي تقرر أن تقبل تجاوزات إسرائيل ستجد نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ. والحكومات التي تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة وتحميها من المساءلة في الأمم المتحدة تساند نظام فصل عنصري، وتقوّض النظام القانوني الدولي، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني. وينبغي على المجتمع الدولي أن يواجه واقع الفصل العنصري في إسرائيل، وأن يتبع السبل العديدة المؤدية إلى العدالة، والتي من المعيب أنها لم تُستكشف بعد".

 اعتبرت المنظمة الوضع في صحراء النقب مثالاً رئيسياً على كيفية إقصاء سياسات التخطيط والبناء الإسرائيلية للفلسطينيين عمداً

وفي 2018، بدأ الفلسطينيون في غزة بتنظيم تظاهرات أسبوعية على طول الحدود مع إسرائيل منادين بحق عودة اللاجئين ووضع حد للحصار. وحتى قبل أن تبدأ التظاهرات، حذّر كبار المسؤولين الإسرائيليين من أنّ الفلسطينيين الذين يقتربون من الجدار سوف يُردون بالرصاص. وبحلول نهاية عام 2019، كانت القوات الإسرائيلية قد قتلت 214 مدنياً من هؤلاء المتظاهرين ضمنهم 46 طفلاً، وفقاً للتقرير.

وفي ضوء أعمال القتل غير المشروعة والممنهجة ضدّ الفلسطينيين والموثقة في التقرير، تدعو منظمة العفو الدولية أيضاً مجلس الأمن الدولي إلى فرض حظر شامل على توريد السلاح إلى إسرائيل، مشيرة إلى أنه يجب أن يشمل كافة أنواع الأسلحة والذخائر، علاوة على معدات إنفاذ القانون، نظراً للقتل غير المشروع لآلاف المدنيين الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية.

وطالب التقرير مجلس الأمن أيضاً بفرض عقوبات تستهدف أشخاصاً محددين، مثل تجميد أصول المسؤولين الإسرائيليين الأكثر ضلوعاً في ارتكاب جريمة الفصل العنصري.

معاملة الفلسطينيين كتهديد ديموغرافي

تقرير منظمة العفو الدولية يبيّن أنّ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اعتبرت الفلسطينيين تهديداً ديموغرافياً، وفرضت تدابير للسيطرة على وجودهم ووصولهم إلى الأراضي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتتضح هذه الأهداف الديموغرافية جيداً من "الخطط الرسمية لـ "تهويد" مناطق في إسرائيل والضفة الغربية، ومن ضمنها القدس الشرقية، وهو ما يظل يعرض آلاف الفلسطينيين لخطر النقل القسري".

اقرأ أيضاً: أكبر قنبلة دبلوماسية دوَّى صوتها في الخطاب الإسرائيلي

ويضيف التقرير أنه منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، انتهجت سياسة تكوين أغلبية ديموغرافية يهودية ثم الحفاظ عليها، وتعظيم سيطرتها على الأراضي والموارد لمنفعة الإسرائيليين اليهود. 

وفي 1967، وسّعت هذه السياسة لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، واليوم تستمر إدارة كافة الأراضي التي تخضع لسيطرة إسرائيل بما يفيد الإسرائيليين اليهود على حساب الفلسطينيين، فيما يستمر إقصاء اللاجئين الفلسطينيين.

وتُبين منظمة العفو الدولية بأنّ السلطات الإسرائيلية تعامل الفلسطينيين كجماعة عرقية دونية يُحددها وضعهم العربي غير اليهودي. 

تطهير عرقي

ويوثّق التقرير كيف يُمنع الفلسطينيون فعلياً من الاستئجار في 80 بالمئة من أنحاء إسرائيل نتيجةً لعمليات الاستيلاء العنصرية على الأراضي، ولوجود شبكة من القوانين التمييزية المجحفة بشأن توزيع الأراضي وتخطيطها وترسيمها.

واعتبرت المنظمة الوضع في صحراء النقب مثالاً رئيسياً على كيفية إقصاء سياسات التخطيط والبناء الإسرائيلية للفلسطينيين عمداً. 

ختمت المنظمة تقريرها، مشددة على ضرورة ممارسة جميع الدول للولاية القضائية الشاملة على الأشخاص الذين يُشتبه على نحو معقول في ارتكابهم جريمة الفصل العنصري بموجب القانون الدولي

ومنذ عام 1948، تعتمد السلطات الإسرائيلية سياسات مختلفة لـ "تهويد" النقب، بما في ذلك اعتبار مساحات واسعة محميات طبيعية أو مواقع إطلاق نار عسكرية، ووضع أهداف لزيادة عدد السكان اليهود، وقد وترتبت على ذلك عواقب مُدمّرة لعشرات الآلاف من البدو الفلسطينيين المقيمين في المنطقة.

وهناك حالياً 35 قرية بدوية "غير معترف بها" من جانب إسرائيل، تضم قرابة 68 ألف شخص، ما يعني أنها محرومة من الكهرباء وإمدادات المياه التابعة للشبكات الوطنية، ومستهدفة بعمليات الهدم المتكررة.

وكما في النقب، يعيش الفلسطينيون في القدس الشرقية والمنطقة ج في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وترفض السلطات منح تراخيص بناء للفلسطينيين في هذه المناطق، ما يرغمهم على إنشاء مبانٍ غير قانونية تتعرض للهدم مرة تلو الأخرى.

وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، يزيد التوسّع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية الوضع سوءاً.

وما زال إنشاء هذه المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة سياسة حكومية منذ عام 1967.

وباتت المستوطنات تغطي اليوم نسبة 10 بالمائة من مساحة أراضي الضفة الغربية، وجرت مصادرة نسبة 38 بالمائة من أراضي الفلسطينيين في القدس الشرقية بين عامَيْ 1967 و2017.

وغالباً ما تستهدف منظمات المستوطنين المدعومة بالكامل من الحكومة الإسرائيلية الأحياءَ الفلسطينية في القدس الشرقية، بهدف تهجير الأسر الفلسطينية وتسليم منازلها للمستوطنين، ومن جملة هذه الأحياء حي الشيخ جرّاح الذي يشهد تظاهرات متكرّرة منذ أيار (مايو) 2021، فيما تخوض الأسر صراعاً للحفاظ على منازلها في ظل التهديد بإقدام المستوطنين على رفع دعوى قضائية ضدها.

وختمت المنظمة تقريرها، مشددة على ضرورة ممارسة جميع الدول للولاية القضائية الشاملة على الأشخاص الذين يُشتبه على نحو معقول في ارتكابهم جريمة الفصل العنصري بموجب القانون الدولي.

اقرأ أيضاً: فلسطينيو النقب يرفضون التشجير ويقاومون التهجير

وأشارت إلى أنه "لا يجوز بعد الآن أن يقتصر الرد الدولي على الفصل العنصري على الإدانات العقيمة والمراوغة؛ فإذا لم نعالج الأسباب الجذرية، سيظل الفلسطينيون والإسرائيليون أسرى دوامة العنف التي دمرت حياة عدد كبير جداً من الناس.

وطالبت المنظمة إسرائيل، بـ "تفكيك نظام الفصل العنصري والبدء بمعاملة الفلسطينيين كبشر متساوين في الحقوق والكرامة. وإلى أن تفعل ذلك، سيظل السلام والأمن احتمالَيْن بعيدَي المنال للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية