مناورات تركيا تصطدم برغبة أمريكا في إخراج المرتزقة من ليبيا.. ما الجديد؟

مناورات تركيا تصطدم برغبة أمريكا في إخراج المرتزقة من ليبيا.. ما الجديد؟


11/07/2021

يمثل ملف تواجد المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا، أبرز أشكال التناقضات الإقليمية والدولية، والتي تتفاعل مع الأوضاع الداخلية بصورة مباشرة، سيما عندما تكون حاضرة عبر مسرح الأحداث الليبي؛ إذ تواجه الإدارة الأمريكية، المصالح التركية الروسية في ليبيا؛ عبر الضغط بكل الوسائل السياسية والدبلوماسية، من خلال التصريحات المتكررة، بضرورة خروج الميليشيات والمرتزقة، بل وتدفع المسؤولين المحلييّن نحو تكرار مثل هذه التصريحات، وهي تدرك تماماً أنّ واقع الحال يعكس مدى التعقيد الشديد، الذي يتلبس صورة الميليشيات، وسياق تفكيكيها، والمناطق الآمنة التي ينبغي نقل تلك الميليشيات إليها، الأمر الذي رصده المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصريحات صحفية، أشارت إلى استمرار دخول وخروج بعض المرتزقة، من وإلى ليبيا عبر الأراضي السورية، ما يشي بتخوفات دول الجوار، جراء تسلل المقاتلين المسلحين، وخطورة ذلك على أمنها القومي.

إصرار أمريكي على خروج المرتزقة

على خلفية ذلك، تنشط السياسة الخارجية الأمريكية، نحو تفعيل نشاط سياسة القوى الأوروبية، التي تذهب مصالحها الإستراتيجية نحو تفكيك الميليشيات والمرتزقة في ليبيا، والضغط بكل السبل نحو ذلك، ويبدو الأمر واضحاً من تحركات باريس، وتصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التي ذهبت تجاه وضع جدول زمني محدد؛ لخروج تلك الميليشيات.

زخم سياسي ودبلوماسي يستقر نحو ضرورة رحيل المرتزقة، الذين جلبتهم تركيا إلى ليبيا؛ بغية كسر الجمود والعراقيل، التي تقف عقبة أمام التسوية السياسية، والانتقال بالبلاد نحو الاستحقاق الانتخابي، في الرابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) القادم.

اقرأ أيضاً: تقرير بنك ليبيا المركزي.. هل ينهي نفوذ الإخوان؟

وفي سياق ذلك، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إنّ القوات الأجنبية سترحل "قريباً" من ليبيا، وأوضح في حوار مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، أنّ عملية الانسحاب "ستستغرق بعض الوقت". وأضاف: "كل القوات الأجنبية ستغادر الساحة الليبية"، لكنّه لم يحدد موعداً محدداً لرحيلها.

تشير الأوضاع الميدانية إلى وجود نحو سبعة آلاف ضابط وجندي تركي، من سلاح البر، والجو، والبحر في ليبيا، وتعتبر واشنطن والقوى الأوروبية مخرجات مؤتمر برلين 2، مساحة حقيقية؛ تهدف نحو حلحلة هذا الملف، والمضي بخريطة الحوار السياسي في ليبيا نحو الأمام.

أنتوني بلينكن: القوات الأجنبية سترحل قريباً من ليبيا، وعملية الانسحاب ستستغرق بعض الوقت، وكل القوات الأجنبية ستغادر الساحة الليبية

وفي السياق ذاته، ذهب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، نحو ضرورة  الانسحاب الكامل للمرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.

وجاءت كلمة الدبيبة، بمناسبة انطلاق أعمال مؤتمر برلين 2، أنّ ثمة مخاطر أمنية تهدد الانتخابات، ومنها سيطرة المرتزقة مضيفاً: "نطالب بالانسحاب الكامل للمرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا".

تأتي هذه التصريحات بالتزامن مع توجهات إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في الضغط داخل الملف الليبي، باعتباره من أوجه المنافسة والصراع مع الجانب الروسي.

وركزت فعاليات مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا، على العملية الانتقالية الليبية، وكذا المراحل المقبلة لفرض استقرار دائم في البلاد.

مناورات تركية مكشوفة

وشاركت حكومة الوحدة الوطنية لأول مرة، في المؤتمر الذي عقد على مستوى وزراء خارجية الدول المعنية بالأزمة الليبية، واستهدف ضمان إجراء الانتخابات المقررة في كانون الأول (ديسمبر)، فضلاً عن انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا. كما أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن عقد اجتماع مباشر لملتقى الحوار السياسي الليبي في سويسرا، حيث جدّدت المنظمة أملها في تعزيز وقف النار، واحترام حظر الأسلحة، وانسحاب المرتزقة من البلاد.

وعلى الجانب الآخر، تتواصل تصريحات الجانب التركي، التي تسعى نحو دفع اتهامها بالمسؤولية المباشرة عن جلب وتوظيف المرتزقة، على مسرح الأحداث الليبي، بزعم أنّ قواتها في ليبيا، ليست قوة أجنبية، وتبرر ذلك بأنّ "القوات التركية متواجدة فيها، بدعوة من حكومة طرابلس، وأنّها تقوم بأنشطة التعاون والتدريب والتشاور العسكري، بما يتماشى مع الاتفاقيات الثنائية، والقانون الدولي".

كما تزعم أنقرة، أنّ استمرارها في "تقديم الدعم للقوات الليبية، سواء عبر التدريب، أو المساعدة، أو تقديم المشورة؛ من أجل وصولها إلى المعايير الدولية".

محمد شوبار: تواجد المرتزقة والمقاتلين الأجانب، يمثل العائق الأكبر أمام أيّ تسوية سياسية لحل الأزمة الليبية

في إطار ذلك يذهب محمد شوبار، المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، إلى أنّ تواجد المرتزقة والمقاتلين الأجانب، يمثل العائق الأكبر أمام أيّ تسوية سياسية؛ لحل الأزمة الليبية، وأنّ التجارب السابقة لدول عدة، مرت بأزمات شبيهة بالحالة الليبية، لم تشهد أيّ حلول، قبل استرداد سيادة الدولة ووحدة أراضيها، وبالتالي يُعد خروج القوات التركية والمرتزقة السوريين المعارضين لنظام الأسد، من الغرب الليبي، وخروج القوات الروسية، والمرتزقة السوريين المؤيدين لنظام الأسد، ومرتزقة الجنجويد من الشرق والجنوب الليبي، يُعد عموداً فقريّاً لأيّ تسوية سياسية في ليبيا، وبعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم  2570، تحت بند الفصل السابع، أصبحت كل الدول التي لديها قوات أجنبية ومرتزقة على الأراضي الليبية، ملزمة بتطبيق القرار المشار إليه، دون قيد أو شرط، ولعل تصريح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بأنّ خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، سيكون قريباً، كنتاج لضغوط سياسية ودبلوماسية، مارستها الخارجية الأمريكية، على كل الدول التي تدخلت في ليبيا بشكل سلبي، خلال العشر سنوات الماضية، وكل تلك الضغوط التي مورست، الهدف منها استرجاع سيادة الدولة الليبية، ووحدة أراضيها.

أحمد أبو عرقوب: تركيا تعتقد أنّ خروجها من ليبيا، سوف يفقدها مكاسب مهمة حققتها في المدة الماضية، لذلك هي غير مستعدة للخروج من ليبيا، بل بالعكس تسعي لتعزيز تواجدها

ويلفت شوبار، في تصريحاته التي خص بها "حفريات"، إلى أنّ خوض انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تعبر عن إرادة الشعب الليبي، يستلزم فرض الأمن على كامل التراب الليبي، من خلال الخروج الفوري والكامل للمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، وتسليم جمع السلاح، واسترداد الأموال المسروقة والمنهوبة، وتحسين الوضع المعيشي والخدمي للمواطن الليبي؛ لتتولد لديه رغبة للذهاب إلى صندوق الاقتراع من جديد، ويعتقد المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، أنّ فرض الأمن في ليبيا، أصبح مهمة دولية، تقودها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح الملف الليبي على رأس أولويات المؤسسات السياسية الأمريكية، من أجل خلق حلول عاجلة؛ لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وهذا ما سعى إليه رئيس وأعضاء مبادرة القوى الوطنية الليبية، منذ ست سنوات؛ لأنّ الاستقرار يمهد لمرحلة اقتصادية كبرى، ستكون لها انعكاسات إيجابية، على منطقة حوض البحر المتوسط وأفريقيا.

من جانبه، يذهب المحلل السياسي الليبي أحمد جمعة أبو عرقوب، إلى أنّ تركيا تعتقد أنّ خروجها من ليبيا، سوف يفقدها مكاسب مهمة حققتها في المدة الماضية، لذلك هي غير مستعدة للخروج من ليبيا، بل بالعكس تسعي لتعزيز تواجدها، حتى في ظل الضغوطات التي تواجهها، من القوى الدولية، بخصوص ضرورة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية، وإصرار الولايات المتحدة على ضرورة استقرار الأوضاع في ليبيا.

اقرأ أيضاً: إخوان ليبيا.. سرقوها

الرؤية الأمريكية، وفقاً لتصريحات أبو عرقوب، التي خصّ بها "حفريات"، تتعارض مع المشروع التركي الروسي، حيث تسعى كل من روسيا وتركيا إلى إطالة أمد الأزمة في ليبيا؛ لضمان تواجدهم في هذه الرقعة الجغرافية المهمة؛ لتنفيذ مخططاتهم في المنطقة، حيث تسعيان إلى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية، ومنافسة فرنسا في منطقة الساحل ووسط أفريقيا، من خلال استغلال تواجدهم العسكري في ليبيا، ولعل ما حدث في تشاد خير دليل على ذلك، حيث استطاعت المعارضة التشادية في 20 نيسان (أبريل) الماضي، قتل الرئيس السابق، إدريس ديبي، المحسوب على فرنسا، بالتزامن مع تحرك القوات الروسية، من سرت والجفرة، إلى الحدود الليبية التشادية، بالتنسيق مع القوات التركية، الموجودة في شمال غرب ليبيا.

وكان رد فرنسا، بأن دعمت، هنري ماري دوندرا، للوصول إلى السلطة في جمهورية أفريقيا الوسطي، في 11 حزيران (يونيو) الماضي، بعد سقوط رئيس الوزراء السابق، ورجل روسيا في جمهورية أفريقيا الوسطى، فيرمين نقريبادا.

هذه هي جملة الأهداف الإستراتيجية، بالإضافة إلى الأهداف التقليدية؛ المتمثلة في الحصول على عقود إعادة الإعمار، والاستثمار في قطاع الطاقة، والسيطرة وإعادة بناء الجيش الليبي، وتشغيل الموانئ والمطارات الليبية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية