مصر: نمو اقتصادي رغم تداعيات الأزمة الأوكرانية.. ما أبرز القطاعات الصاعدة؟

مصر: نمو اقتصادي رغم تداعيات الأزمة الأوكرانية.. ما أبرز القطاعات الصاعدة؟


29/05/2022

دفعت الحكومة المصرية، خلال الفترة الماضية، نحو خطة اقتصادية طموحة لتجاوز التداعيات الناتجة عن الأزمة الأوكرانية، والتي تُلقي بظلال ثقيلة على منظومة الاقتصاد عالمياً، خاصة في ضوء ارتفاع معدلات التضخم لمستويات تاريخية، ومواجهة العديد من دول العالم أزمة تتعلق بنقص السلع الغذائية وموارد الطاقة.

وتركز الجهود المصرية، في الوقت الراهن، على دفع عجلة الإنتاج والزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الضرورية مثل؛ الحبوب والزيوت. 

"مستقبل مصر".. نحو تحقيق اكتفاء من السلع الإستراتيجية

وأطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 21 أيار (مايو) الجاري، مشروع "مستقبل مصر"، وهو مشروع ضخم للإنتاج الزراعي يستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية والحبوب، وتبلغ المساحة الإجمالية للمشروع مليوناً و50 ألف فدان، تمثل نسبة 50% من مشروع "الدلتا الجديدة"، بتكلفة نحو 133 مليون جنيه (ما يعادل 7.3 مليارات دولار)، بحسب مجلس الوزراء المصري.

نقيب عام الفلاحين بمصر حسين أبو صدام

وقال حسين أبو صدام، نقيب عام الفلاحين بمصر في تصريحات لـ "سي ان ان": إنّ الحكومة "تواجه تحديات ضخمة في تحقيق الأمن الغذائي في ظل استمرار الزيادة في عدد السكان (أكثر من 100 مليون نسمة)، وحجم تعديات غير مسبوقة على الأراضي الزراعية في الدلتا، وأضيف لذلك مؤخراً أزمة نقص السلع الغذائية عالمياً بعد الحرب الروسية الأوكرانية، مما أثر على حجم تدفقات مصر من النقد الأجنبي، لذلك سيسهم المشروع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض السلع الإستراتيجية الهامة خلال الفترة المقبلة".

ما أكثر القطاعات نمواً؟

وبالرغم من تراجع الاقتصاد وانهياره في عدد من الدول تأثراً بالأزمة، نجحت الحكومة المصرية في تحقيق معدلات نمو مهمة خلال الفترة الماضية، بحسب ما أعلنه مجلس الوزراء الأربعاء الماضي. 

وكشفت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر، الأربعاء الماضي، نمو الاقتصاد المصري خلال الشهور الـ 9 الأولى من العام المالي (2021/2022) بواقع (7.8%) مقارنة بـ( 1.9%) العام الماضي.

بالرغم من تراجع الاقتصاد وانهياره في عدد من الدول تأثراً بالأزمة الأوكرانية نجحت الحكومة المصرية في تحقيق معدلات نمو مهمة خلال الفترة الماضية

وخلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء المصري، قالت السعيد إنّ "معدل النمو بلغ (5.4%) خلال الربع الثالث من العام المالي (يناير – مارس 2022)، ومن المتوقع أن يصل معدل النمو الحقيقي إلى (6.2%) نهاية العام المالي الجاري".

وأشارت الوزيرة إلى وجود تحسن ملحوظ بكافة الأنشطة الاقتصادية في مصر خلال الشهور الـ 9 الأولى من العام المالي، حيث تمثلت القطاعات الصاعدة في: قطاع المطاعم والفنادق والذي شهد نمواً بلغ 62.8%، والاتصالات بنسبة 16.4%، وقناة السويس بواقع 13%، والصناعة التحويلية بنسبة 10.3%، والتشييد والبناء بمعدل 8.2%.

وأوضحت أنّ كافة الأنشطة الاقتصادية حققت معدلات نمو موجبة خلال الربع الثالث، حيث تنامت قطاعات: الاتصالات بنسبة 16.3%، وقناة السويس بمعدل 9.8%، والصناعات التحويلية بواقع 8.5%، والتشييد والبناء بنسبة 6.3%.

وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد

وقالت السعيد إنّ القطاعات الأكثر إسهاماً في الناتج المحلي الإجمالي خلال كل من الربع الثالث والشهور الـ 9 الأولى من العام المالي الجاري، والتي ساهمت بنسبة 61% من إجمالي الناتج، هي قطاعات: الصناعة التحويلية، والتجارة، والاستخراجات، والأنشطة العقارية، والزراعة.

وأضافت: "تنامت الصناعات الغذائيّة والكيماويّة والدوائيّة، ومواد البناء، والأجهزة المنزليّة، وحدثت طفرة في الصادرات الصناعيّة من المُنتجات الكيماويّة والبلاستيكيّة والأسمدة، خاصة مع ارتفاع الأسعار العالميّة". 

كيف حققت الحكومة معدلات نمو في ظل أزمة متفاقمة؟

الخبير الاقتصادي المصري مستشار المركز العربي للدراسات، أبو بكر الديب، أوضح في هذا السياق أنّ الحكومة المصرية نجحت في تقديم حزمة من الإجراءات المالية والمصرية التي ساهمت في تخفيف الآثار المترتبة على الأزمة الأوكرانية وجائحة كورونا، كما اتخذت الحكومة إجراءات جادة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض السلع الغذائية خاصة أنّ الدولة كانت تعتمد على نسبة كبيرة من واردات القمح من روسيا وأوكرانيا.

ويقول الديب في تصريح لـ"حفريات": إنّ "الحكومة المصرية نجحت في خفض العجز الكلي للموازنة العامة إلى نحو 3.6% من الناتج المحلي، فضلاً عن الاستمرار في تحقيق فائض أولي قدره 1.5 % من الناتج المحلي، وخفض نسبة دين أجهزة الموازنة العامة إلى الناتج المحلي إلى حوالي 80.5 %، بالإضافة لتحقيق نمو في الإيرادات.

الديب: الحكومة المصرية نجحت في خفض العجز الكلي للموازنة العامة إلى نحو 3.6% من الناتج المحلي، فضلاً عن الاستمرار في تحقيق فائض أولي قدره 1.5 %

ويؤكد الخبير الاقتصادي على تأثر الاقتصاد المصري بالأزمة الأوكرانية كما هو الحال في معظم الدول، لكن الأرقام الإيجابية ومعدلات النمو تعكس نجاح الجهود الحكومية في احتواء الأزمة وتقليل الآثار المترتبة عليها إلى الحد الأدني، متوقعاً أن يحقق اقتصاد بلاده طفرة نوعية إذا ما حدثت انفراجة عالمية للأزمة. 

وبحسب الديب ارتفع معدل نمو الإيرادات إلى حوالي 17% لتصل إلى قرابة تريليون و447 مليار جنيه، وكذا زيادة المصروفات بمعدل نمو 16% ليصل إلى حوالي 2 تريليون و7 مليار جنيه، بما فيها 365 مليار جنيه مخصصات للاستثمار، و400 مليار جنيه لبند الأجور، و323 مليار جنيه لمنظومة الدعم.

أبو بكر الديب: الحكومة المصرية نجحت في تنفيذ برنامج إصلاحي متماسك أسهم في نمو الاقتصاد رغم الأزمة الأوكرانية

وأكد الديب على قدرة برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي شرعت به الحكومة المصرية على مدار عدة سنوات مضت في تحقيق مكاسب على مستوى الإنتاج وقطاع الخدمات، ورفع المؤشرات الخاصة بالوضع الاستثماري داخل البلاد، والتصدي لموجة الاضطرابات التي نتجت عن أزمة كورونا ثم زادت بمعدلات قياسية جراء الأزمة الأوكرانية.

وفي الوقت ذاته أكد الديب على ضرورة أن تعمل الحكومة المصرية على تعزيز الإجراءات الخاصة بحماية المواطنين من الطبقات الفقيرة خاصة العمالة غير المنتظمة، وأن تتزامن إجراءات الحماية مع مجموعة من الإجراءات الأخرى لخفض معدلات الفقر وتقليل نسب البطالة لتحقيق نمو اقتصادي متكامل يشعر به المواطن المصري في الشارع ويعكس جهود الحكومة ويتوافق مع الإجراءات الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الراهن.

 مواضيع ذات صلة:

دعوة الحوار السياسي في مصر.. ما أهم الرسائل والدلالات؟

مصر والإمارات تعززان قطاع الطاقة النظيفة.. ماذا تعرف عن إنتاج الهيدروجين الأخضر؟

لماذا أوقفت مصر استيراد منتجات 800 شركة أجنبية وعربية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية