مصر لن ينال منها الإرهابيون

مصر لن ينال منها الإرهابيون


21/05/2022

عبدالله جمعة الحاج

في السادس من مايو 2022 ارتكب الإرهابيون في مصر جريمة جديدة في مسلسل جرائمهم الشنيعة ضد الدولة والشعب المصري وقوات مصر المسلحة، حيث قاموا بهجوم إرهابي غادر في غرب سيناء استهدف منشأة لرفع المياه كانت محصلته استشهاد ضابط وعشرة من الجنود وإصابة خمسة عشر آخرين بجروح.
الهجوم الإرهابي الجديد وقع بعد فترة هدوء طويلة نسبياً، حيث لم يتم الإعلان عن أية هجمات إرهابية مؤثرة منذ نهاية عام 2020.
وبذلك يصبح عدد شهداء مصر الذين سقطوا في مواجهات مسلح ضد الإرهاب منذ عام 2013 في سيناء 3287 شهيداً وحوالي 12295 جريحاً، وهذه الأرقام المرتفعة من الشهداء والجرحى من الجنود المصريين الذين سقطوا في سيناء وحدها تدل على فداحة الثمن الذي تدفعه مصر من دماء أبناءها الأبرار في مواجهاتها ضد الإرهابيين وفي حربها الشرسة والطويلة ضد الإرهاب، ويفسر لغز الأرقام المالية الضخمة التي تقول الدولة المصرية بأنها تنفقها على قواتها الأمنية العاملة على مكافحة الإرهاب في سيناء.
الإرهابيون في مصر يصنفون أنفسهم بأنهم «إسلاميون»، سواء كان أولئك الناشطون منهم في شمال سيناء أو في غيرها من الأراضي والحواضر المصرية بما في ذلك القاهرة.
وربما أن الإرهاب الذي يمارسه هؤلاء باسم الإسلام في مصر قادر على ممارسة نشاطه في الحواضر والأرياف والبوادي لكي يزعزع الأمن ويثير الهلع في نفوس السكان الأبرياء في كل مكان، لكنه يفتقر تماماً القدرة لكي يمس شعرة واحدة من هيبة الدولة المصرية ومؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية، أو على التأثير الحقيقي عليها، فما بالك بإسقاطها، كما يمني الإرهابيون أنفسهم بإقامة ما يقولون عنه بأنه «دولة إسلامية».
وبإلقاء نظرة فاحصة على الأيديولوجيات التي تتسلح بها الجماعات الإرهابية في مصر نجد أنها تعاني انقساماتٍ عميقةً واختلافات كبيرة في المبادئ بينها وبين عامة الشعب المصري. فالمصريون جميعاً لا يقرون تطلعات وأفكار وأيديولوجيات هؤلاء الإرهابيين البغيضة التي لا تمت إلى مصر والمصريين بصلة، وهم كالذي يغرس نبتته في البحر أو في الأرض المالحة عندما يتعلق الأمر بكيفية ممارسة السلطة السياسية الوطنية وكيفية اكتسابها وطريقة استخدامها.
الإرهابيون في مصروفي بقية أنحاء العالم العربي ليسوا بجماعة واحدة لكنهم جماعات شتى وكل يغني على ليلاه، لكن يمكن جمعهم وتصنيفهم في أربع مجموعات رئيسية تشمل:
«الإخوان المسلمين» والجماعات الصغيرة المتطرفة، و«القاعدة» وتفرعاتها، و«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، أو ما تعرف اختصاراً ب «داعش». ولو نظرنا إلى الحالة المصرية بتركيز خاص لوجدنا بأن جميع هذه الحركات الإرهابية العريضة التكوين والفضفاضة إلى حد كبير تعمل على أرضها، لكن كل حسب حجمه وإمكانياته وقواعده الجماهيرية فيها.
ويعود السبب في هذا التواجد الجمعي للإرهاب على أرض مصر إلى أهمية مصر ذاتها في سياسات العالم العربي، وإلى مراهنة من يسمون أنفسهم بالإسلاميين من هؤلاء الإرهابيين عليها ولسان حالهم يقول بأنه «لو سقطت مصر سياسياً في أيدينا أولاً، فإن بقية أنحاء العالم العربي أمرها سهل وستسقط الواحدة منها تلو الأخرى تباعاً ودون عناء»، وهذا أمر آخر.
الهجوم الإرهابي الأخير يؤكد أن هؤلاء الإرهابيون هم أعداء مصر الحقيقيون في هذه المرحلة، سواء كانوا من «الإخوان» أو «القاعدة» أو «داعش»، وهم مدربون على القتل والانتحار ويحملون صيغة ملوثة من الأيديولوجيا المتطرفة البغيضة التي تشوه صورة الإسلام والمسلمين ويسمونها ب «الجهاد» القائم على تدمير البشر والزرع والضرع وكل ما يمت إلى الحياة بصلة.
هؤلاء الإرهابيون ورغم جميع الهزائم، التي لحقت بهم حتى الآن في كل مكان يعتقدون بأنهم لا زالوا سينتصرون كما نشاهد من عودتهم المرة تلو الأخرى لممارسة نشاطهم سواء في مصر أو في غيرها من بلاد العرب والمسلمين.
هذه الحالة من الوهم المتأصل تدعوني إلى القول بأننا نحن كدارسين نقف أمام حيرة من أمرنا ونتساءل: هل هؤلاء الإرهابيون قوة لا يمكن هزيمتها بالقوة العسكرية التقليدية وإن كانت متفوقة؟ وهل هم قوة إرهابية تتحرك في خارج جميع الأطر التقليدية للقوة والحروب التي عهدناها طوال التاريخ البشري؟ تعازينا لمصر وشعبها وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية