مساعٍ إخوانية ومناورات جديدة لتعقيد المشهد السياسي... هل يلفظ الشعب الليبي الجماعة؟

مساعٍ إخوانية ومناورات جديدة لتعقيد المشهد السياسي... هل يلفظ الشعب الليبي الجماعة؟


27/02/2022

يواصل تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا تحركاته لعرقلة إعلان تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، فقد أصدر قادة التنظيم تعليماتهم للتنظيمات المتطرفة والميليشيات المسلحة بمحاصرة مقارّ المؤسسات الرسمية في العاصمة طرابلس، واستمرار دعم رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد الدبيبة، على الرغم من سحب البرلمان الثقة منه.

اقرأ أيضاً: خبراء: الإخوان يعملون مثل عصابة وهم مرفوضون في تونس ومصر وليبيا وسوريا

بعد تصعيد إخوان ليبيا وانقلابهم على خطة البرلمان، ووسط تحركات للميليشيات المسلحة، وجّهت الأمم المتحدة رسالة "عاجلة" لجميع الأطراف بليبيا.

وطالبت المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز، في سلسلة تغريدات نشرتها عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، جميع الأطراف بالامتناع عن استخدام العنف والتهديد بالعنف، ووضع حدٍّ لتداول خطاب الكراهية والتحريض.

وقالت المبعوثة الأممية، خلال لقائها أمس في العاصمة طرابلس مجموعة من المشاركين في لقاء صنّاع السلام الذي عُقد مؤخراً في العاصمة التونسية: "إنّ هناك حاجة لمضاعفة الجهود لتعزيز المصالحة الوطنية"، مؤكدة ضرورة الحفاظ على الهدوء على الأرض، حسبما نقلت صحيفة "بوابة أفريقيا".

 

تنظيم الإخوان يواصل عرقلة إعلان تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، فقد أصدر قادة الميليشيات المسلحة التابعة له تعليمات بمحاصرة مقارّ المؤسسات الرسمية

 

وشددت ويليامز على أنّه يجب على جميع الأطراف الامتناع عن استخدام العنف والتهديد بالعنف، ووضع حدٍّ لتداول خطاب الكراهية والتحريض. وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الإخواني خالد المشري قد صرّح في بيان مقتضب الأسبوع الماضي أنّ إصدار مجلس النواب قراراً بتكليف رئيس جديد للحكومة قبل عقد جلسة رسمية للمجلس الأعلى "إجراء غير سليم، لا يساعد على بناء جسور الثقة بين المجلسين".

اقرأ أيضاً: ليبيا... ولادة حكومة من الخاصرة

تأتي رسالة المبعوثة الأممية قبل ساعات من الإعلان عن التشكيلة الوزارية لرئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، والتي سلّمها للبرلمان الليبي، لتُعرض في جلسته المقررة يوم غد.

ويعقد البرلمان الليبي جلسة رسمية غداً بمقرّه في مدينة طبرق لاعتماد التشكيل الجديد لحكومة باشاغا.

وقال البرلماني الليبي الهادي الصغير في تصريح صحفي نقلته صحيفة "المرصد" الليبية: إنّ مجلس النواب سوف يعتمد تشكيلة الحكومة الجديدة ويمنحها الثقة في جلسة الغد، مشدداً على أنّ البرلمان لم يتدخل في تشكيل الحكومة، وباشاغا هو المسؤول الأول عن التشكيل الوزاري.

 

ستيفاني ويليامز تدعو جميع الأطراف للامتناع عن استخدام العنف والتهديد بالعنف، ووضع حدٍّ لتداول خطاب الكراهية والتحريض

 

ويأتي عقد الجلسة وسط "مناكفات" من المجلس الأعلى للدولة الليبية، الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان، محاولاً الإبقاء على رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة.

فرغم الموافقة الأولية للمجلس الأعلى للدولة على خطة البرلمان بتشكيل حكومة ليبية جديدة، إلّا أنّه عاد وتنصّل من موافقته التي أرسل بها كتاباً ممهوراً من (60) عضواً به إلى مجلس النواب الليبي.

اقرأ أيضاً: لا تنتظروا حلاً ليبياً من الخارج

ويرفض الدبيبة تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة، عاقداً العزم على الاستمرار حتى إجراء انتخابات بحلول حزيران (يونيو) المقبل، وأبدى مراقبون تخوفاتهم من أن يعيد مثل هذا الوضع البلد الأفريقي إلى الانقسام ومربع الاقتتال مرة أخرى.

من جهته، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الليبي المكلف فتحي باشاغا عن جاهزية التشكيلة الحكومية وإحالتها لمجلس النواب.

وقال المكتب في بيان نُشر عبر صفحته على فيسبوك: "إنّه بعد مشاورات موسعة مع كافة الأطراف السياسية، والتواصل مع مجلسي النواب والدولة، والاطلاع على العديد من المقترحات بشأن تشكيل الحكومة، وفق معايير الكفاءة والقدرة وتوسيع دائرة المشاركة الوطنية، نعلن جاهزية التشكيلة الحكومية وإحالتها لمجلس النواب". ولم يذكر البيان تفاصيل أكثر عن التشكيلة الحكومية وعدد أعضائها.

 

البرلمان الليبي يعقد جلسة رسمية غداً بمقره في مدينة طبرق لاعتماد التشكيل الجديد لحكومة باشاغا

 

وبالعودة إلى ممارسات تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا، فحالة الغموض التي تتحكم في تصريحات المشري، تارة بإعلان التراجع عن تأييد تكليف البرلمان باشاغا بتشكيل حكومة استقرار جديدة، وأخرى بالتأكيد على التوافق مع البرلمان، هي انعكاس مباشر لحالة التفكك التي يعيشها ما يُعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة"، وحالة الضعف المطبقة على التنظيم.

اقرأ أيضاً: ليبيا: كشف عن خطته الانتخابية... مناورة جديدة للدبيبة

وبحسب محللين، فإنّ المشري يناور حتى يعرف الكفة الرابحة في الصراع بين الدبيبة وباشاغا، قبل أن ينحاز إلى القوة الأكثر تأثيراً، والتي ستتسلم السلطة، فالتنظيم الإخواني، سينخرط في أيّ حالة عنف أو حرب تؤمّن له؛ إمّا تقاسم السلطة، وإمّا الاستحواذ عليها.

وقد ظهرت الانشقاقات جليّة في الجماعة، وبرز تياران في التنظيم؛ أحدهما متشدد يدعم الإبقاء على حكومة الدبيبة، وآخر يظهر نفسه أنّه مع دعم الاستقرار والتقارب واختيار باشاغا، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى انقسام حادٍّ بين الطرفين.

وظهر هذا أيضاً في تصريحات رئيس الحزب الديمقراطي عضو جماعة الإخوان المسلمين محمد صوان على إعلان أعضاء مجلس الدولة رفضهم الكامل لما صدر عن مجلس النواب بتكليف فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة الدبيبة.

وزعم صوان في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية أنّ أعضاء مجلس الدولة هم الفئة الرافضة للتوافق، مؤكداً أنّ التصويت في المجلس لم يستوفِ النصاب القانوني.

 

موقف تنظيم الإخوان من حكومة باشاغا انعكاس مباشر لحالة التفكك التي يعيشها المجلس الأعلى للدولة، وحالة الضعف المطبقة على التنظيم

 

وأضاف: "حسب الاتفاق السياسي، فإنّ مجلس النواب هو المخوّل للتصويت على ما تمّ الاتفاق عليه، والتوافق جاء بتشكيل لجنتين بين مجلسي النواب والدولة، واتفقوا على الصيغة التي ستُضْمّن في الإعلان الدستوري، ووقّعوا عليها، وأصدرها مجلس النواب كما هي".

وتابع: "هذا التوافق حدث لأول مرّة منذ توقيع الاتفاق السياسي في الصخيرات المغربية، وكان فرصة لإعادة ترميم العملية السياسية، وهي المرّة الأولى التي يكون مجلس الدولة فيها شريكاً لمجلس النواب".

 

خالد المشري يناور حتى يعرف الكفة الرابحة في الصراع بين الدبيبة وباشاغا، قبل أن ينحاز إلى القوة الأكثر تأثيراً

 

وختم: "ربما الأيام القادمة ستوضح الكثير من الاتفاقات السياسية، حيثُ إنّ باشاغا قدّم تشكيلة حكومته لمجلس النواب في انتظار التصويت عليها، ليستلم البلاد بعد فترة حُكم الدبيبة الذي جاء من أجل توحيد المؤسسات والتمهيد للانتخابات حسب اتفاق جنيف".

والجدير بالذكر، فإنّه تمّ طرد رئيس "المجلس الأعلى للدولة" الإخواني خالد المشري من احتفالات ذكرى 17 شباط (فبراير) بمدينة الزاوية، ممّا يعكس ضعف التنظيم، واختلاف أقطابه وقواعده.

 فهل سيستفيد تنظيم الإخوان الليبي كعادته من الانقسامات في المشهد السياسي الليبي؟ وهل سيحصد مكاسب من الأطراف الرابحة، رغم أنّه يُعدّ أحد أهمّ المعرقلين للاتفاق السياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية