مسؤول في "العدالة والتنمية" التركي يسخر من الفقراء.. ماذا عن الفساد والبطالة؟

مسؤول في "العدالة والتنمية" التركي يسخر من الفقراء.. ماذا عن الفساد والبطالة؟


13/07/2020

عكست تصريحات أحد أعضاء حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم في تركيا حياة البذخ والترف التي يعيشونها في ظل سيطرتهم على مقدرات تركيا وثرواتها، وطريقة تعاطيهم مع الفقراء والمحتاجين والعاطلين عن العمل في البلاد، على اعتبار أنهم "مصدر إزعاج" لهم.

المسؤول في حزب العدالة والتنمية، محمد صالح سارتش، يسخر من الفقراء ويطلب منهم عدم مضايقته

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا الفيديو المثير لرئيس الكوادر الشابة بمحافظة "شانلي أورفا"، التابعة لحزب "العدالة والتنمية"، محمد صالح سارتش، وهو في حوض استحمام "جاكوزي"، يتحدّث إلى أصحابه بلغة فيها سخرية من الفقراء، موجّهاً حديثه إليهم قائلاً: "يا فقراء، يا أوغاد، لا تضايقوني، فأنا أستمتع"!

أثار الفيديو ردود أفعال ساخطة كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصّة أنه جاء في وقت يعاني فيه الأتراك من الفقر والبطالة، وغلاء الأسعار والأزمات الاقتصادية، والقمع والملاحقات الأمنية.

هذا الفيديو، الذي اعتبره ناشطون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، "مهيناً للشعب التركي"، أعاد إلى أذهانهم تهم الفساد المرتبطة بعائلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والفساد المالي للمسؤولين المحسوبين على الحزب الحاكم.

وتلاحق اتهامات بالفساد أردوغان، وأفراداً من عائلته، خاصّة ابنه بلال، الذي يبدو، وفق تقارير صحفية، أنّه يعتمد على سلطات أبيه المطلقة، التي يكفلها له النظام الرئاسي، لحماية نفسه والمقربين منه من شبهات الفساد التي قد تطاردهم.

فيديو لسارتش يثير غضب مواقع التواصل الاجتماعي والشارع التركي الذي يعاني من الفقر والبطالة وغلاء الأسعار

ولفت الكاتب جنكيز أكتار، في موقع "أحوال تركية"، إلى أنّ هناك احتمالاً للكشف عن المعاملات الفاسدة، التي استمرّت لمدة 25 عاماً في سلطة بلدية إسطنبول، منذ أن أصبح أردوغان رئيس بلدية المدينة، عام 1994، وإذا تمّ الكشف عن هذه المخالفات، فسوف يرقى هذا إلى الانتحار السياسي للنظام، وفق أكتار.

وهزّت قضية اتهام بلال أردوغان بالفساد الرأي العام التركي، وكانت أولى الحلقات التي تمّ كشفها مرتبطة بنجم الدين بلال أردوغان، مواليد عام 1981، ورغم أنّه ليس الابن الأكبر للرئيس، إلا أنه كان الأبرز ظهوراً ونشاطاً في الأعوام الماضية، وتركزت ضدّه الاتهامات والمناكفات الداخلية والخارجية، كونه الأقرب لوالده، ولديه أنشطة تجارية كبيرة لا تنكرها العائلة.

بلال لم يترك قطاعاً إلا وله فيه دور للمنفعة الشخصية أو خدمة لأفراد العائلة أو للأصدقاء أو للقيادات الحزبية.

وجاءت الاتهامات ضدّ بلال أردوغان من روسيا، وعلى لسان مسؤولين كبار بالدولة، ووسائل الإعلام، التي ذكرته بالاسم، عندما لم تكن العلاقات بين البلدين على ما يرام، وقالت إنه يتاجر بشكل مباشر بنفط تنظيم داعش الإرهابي.

الحادثة أعادت إلى الأذهان شبهات الفساد التي تحيط بعائلة الرئيس التركي والمسؤولين في الحزب الإسلامي الحاكم

وشهدت تركيا، عام 2014، ضجة إعلامية كبيرة، بعد انتشار تسجيل صوتي على موقع يوتيوب، قيل إنّه يسجل مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وابنه بلال.

وطلب أردوغان من نجله، وفق من نشروا الشريط، أن ينقل الأموال من منزله، ويخفّض مبلغها إلى "الصّفر"، بتوزيعها على مختلف رجال الأعمال، فيما أجاب بلال إنّ هناك نحو 30 مليون يورو (أي ما يعادل 40 مليون دولار أمريكي) ينبغي التخلص منها.

وسبق أن فجّرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية فضيحة أخرى في سجل نجل أردوغان، حين كشفت أنّه قام بعقد عدد من الصفقات التجارية مع إسرائيل، في أعقاب حادثة مرمرة، التي راح ضحيتها عدد من الأتراك ذهبوا لمساندة غزة.

ولم يتوقف الأمر عند أردوغان وعائلته، حيث برز الكثير من شبهات الفساد لمسؤولين في الحزب الحاكم عبر تحويل مبالغ كبيرة من الأموال لإقامة مشاريع ضخمة في ألمانيا، وبهذا الصدد طالب زعيم الحزب اليساري الألماني، برند ريكينجر، في مكالمة أوردتها وكالة الأنباء الألمانية نهاية العام الماضي، بتجميد أموال وأصول وممتلكات أسرة الرئيس التركي أردوغان والمسؤولين الأتراك من الحزب الحاكم في البنوك الأوروبية.

ويأتي فساد الحزب الحاكم بزعامة الرئيس التركي وعائلته في وقت يعاني منه الأتراك من ارتفاع نسبة البطالة، وجاء في بيانات صادرة عن هيئة الإحصاء التركية أنّ عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية بلغ أكثر من 4 ملايين.

وقد عانت تركيا منذ آب (أغسطس) 2018 من أزمة مالية ونقدية حادة، دفعت بأسعار الصرف لمستويات متدنية بالنسبة إلى "الليرة التركية"، وسط تذبذب في وفرة النقد الأجنبي في الأسواق الرسمية، وفاقمت جائحة كورونا الأزمة في تركيا، ودفعت بمئات الآلاف من العاملين إلى الشوارع دون أدنى حقوق.

اقرأ أيضاً: استطلاع رأي: حزب العدالة والتنمية الإسلامي في تركيا يتراجع

وكشفت تقارير دولية كثيرة نقلت عنها صحيفة "زمان" التركية أنّ أعداد الشركات المفلسة في تركيا ارتفع بشكل غير مسبوق بسبب سياسات أردوغان الاقتصادية.

وذكر التقرير الصادر عن مؤسسة "يولر هيرميس" الائتمانية، المتخصصة في مجال التأمين على ائتمان التجار، أنّ عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها في تركيا، منذ عام 2018 إلى العام الجاري، بلغ نحو 20 ألف شركة، منها وكالات عالمية وشركات عملاقة في مجالات متعددة.

وأثرت تلك السياسات الاقتصادية الخاطئة التي انتهجها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا وشبهات الفساد التي تحيط بأردوغان وعائلته والمحيطينبه، على شعبية الحزب، حيث أظهر الكثير من استطلاعات الرأي في تركيا حدوث تراجع حاد في شعبية الحزب.

اقرأ أيضاً: باباجان يكشف سبب الانشقاقات عن حزب العدالة والتنمية وأسباب الأزمة الاقتصاديّة

وفي السياق، توقع مدير إحدى شركات استطلاعات الرأي أن يحدث تراجع حاد في الأصوات المحتمل حصول حزب "العدالة والتنمية" الحاكم عليها حال عقد انتخابات مبكرة.

وقال مدير مؤسسة "جينار" لاستطلاعات الرأي والدراسات المجتمعية، إحسان آقطاش،   إنّ الفترة المقبلة ستشهد تراجعاً حادّاً في أصوات الحزب، مضيفاً: "وذلك مقابل ارتفاع أصوات حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة.

وكانت مؤسسة "متروبول" للدراسات قد أجرت مقارنة بين استطلاعات رأي حول تأييد حزب "العدالة والتنمية"، ففي شهر شباط (فبراير) الماضي كانت نسبة تأييد الحزب  33.9%، بينما تراجعت في شهر آذار (مارس) الماضي إلى 33.7%، ثمّ إلى 32.8% خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي، ثم إلى 30.7% في شهر أيار (مايو) الماضي، ثم إلى 30.3% في شهر حزيران (يونيو) الماضي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية