مراقبون لـ"حفريات": نووي إيران يرفع درجة التوتر القصوى في المنطقة

مراقبون لـ"حفريات": نووي إيران يرفع درجة التوتر القصوى في المنطقة

مراقبون لـ"حفريات": نووي إيران يرفع درجة التوتر القصوى في المنطقة


10/05/2023

يرجح مراقبون ومحللون سياسيون أن يساهم نووي إيران في رفع درجة التوتر القصوى مع إسرائيل رغم التهدئة الإقليمية بين إيران والسعودية برعاية الصين، وقالوا لـ"حفريات" إنّ الحرب ما تزال مفتوحة، سواء أكانت حرباً معلنة أم حرب ظل، رغم الانفتاح السياسي مع دول الخليج، بهدف إيجاد وسائل دبلوماسية بدلاً من المواجهات الميدانية الخشنة لحل التناقضات وإنهاء الصراعات.

في المقابل يبدو أنّ الموقف الإسرائيلي ما زال متشدداً حيال طهران، سواء في ما يتصل بمشروعها النووي، أو دورها الخارجي. وفي ما يبدو أنّ تداعيات الاتفاق الثلاثي سلبية على إسرائيل التي اتجهت أكثر من مرة لتدشين تحالفات مع دول المنطقة لمواجهة تهديدات النظام الإيراني.

مواجهات محتدمة بين إيران وإسرائيل

وتتباين المواجهات المباشرة وغير المباشرة بين تل أبيب وطهران، بينما تتفاقم الأوضاع، بما ينذر باستمرار حروب الظل وعدم استجابة أيّ طرف للتهدئة الراهنة. فيما لم تتوقف الاستهدافات الإسرائيلية على مواقع نفوذ الحرس الثوري الإيراني بسوريا، وكذا رصد موقع "I24" الإسرائيلي أنّ زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان للحدود اللبنانية الإسرائيلية، تماثل الزيارة التي قام بها نظيره الإسرائيلي، إيلي كوهين، للحدود المشتركة بين تركماستان في القوقاز وإيران.

وفي زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، التقى حسين أمير عبد اللهيان بعدة مسؤولين لبنانيين، منهم رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، فضلاً عن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد نخالة. وصرح وزير الخارجية الإيراني بعد الانتهاء من زرع شجرة على الحدود اللبنانية بأنّ "دول المنطقة تتجه إلى مرحلة جديدة من التعاون ستؤدي إلى عزل إسرائيل وانهيارها".

نظام مير محمدي: الاتفاق النووي يمثل تحدياً كبيراً للمنطقة والعالم

بيد أنّ رئيس الكونغرس الأمريكي، كيفين مكارثي، قال إنّ واشنطن ستواصل منع إيران من امتلاك السلاح النووي، موضحاً في كلمة أثناء الجلسة التدشينية للدورة الصيفية للكنيست الإسرائيلي أنّ "إيران لن تمتلك سلاحاً نوويا أبداً". وتابع: "الصلة بين تل أبيب والولايات المتحدة الأمريكية وثيقة وغير قابلة للكسر".

وانتقد مكارثي، في كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي، الأمم المتحدة على خلفية مواقفها من إسرائيل، وأكد مواصلة دعمه لـ"وقف هذه الهجمات". وعقّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الجلسة ذاتها، بقوله إنّ "التحدي الأول والأكثر إلحاحاً هو الجهد المشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية".

حرب الظل بين إيران وإسرائيل، مؤخراً، تدور حول محور رضا بهلوي، نجل شاه إيران السابق، الأمر الذي يشير إلى تحالف مشترك غير معلن بين الطرفين

وأضاف: "ستظل الحاجة إلى منع التسليح النووي لإيران على رأس أولويات إسرائيل خلال دورة الكنيست الصيفية، وكذلك تصميمنا على مواجهة وكلاء إيران الإقليميين. نحن ننظر بشكل صحيح إلى التهديد الذي ينبثق من النظام المتعصب في إيران، الذي لا يهدد إسرائيل، فقط، ولكن، أيضاً، الولايات المتحدة والعالم الحر بأكمله".

وقال: "لن نسمح لإيران بترسيخ نفسها عسكرياً على حدودنا... لن نسمح لإيران بوضع حبل من الإرهاب حولنا". تصريحات نتنياهو جاءت في أعقاب اجتماع وزير الخارجية الإسرائيلي مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيل بوريل في العاصمة البلجيكية بروكسل، إذ أوضح الأول أنّه سيطالب بضرورة إتخاذ مواقف متشددة وأكثر صرامة ضد طهران من قبل الاتحاد الأوروبي، وكذا خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي سيعقد في حزيران (يونيو) المقبل في فيينا.

تهديدات إيران النووية

يقول عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيراني والمحامي الحقوقي نظام مير محمدي، إنّ الاتفاق النووي يمثل تحدياً كبيراً للمنطقة والعالم، ويتطلب جهوداً دولية كبيرة للحفاظ عليه وتعزيزه، وتخفيف التوترات الإقليمية وتحقيق الاستقرار في المنطقة،

في السنوات الأخيرة، لعب الاتفاق النووي دوراً بارزاً في المشهد الدولي، وفق مير محمدي الذي أبلغ "حفريات"؛ بأنّه منذ توقيع الاتفاق عام 2015 بين إيران ومجموعة الدول الست 5+1 (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، وألمانيا)، أثار الاتفاق الكثير من المناقشات والجدل بشأن فعاليته وتأثيره على الأمن الإقليمي والدولي. فمن جهة، نجح النظام الإيراني في الاستفادة القصوى من التعثر الذي شهدته المفاوضات بفيينا، بينما حاول في هذه الأثناء الحصول على أسلحة نووية، ومن جهة أخرى، تسبب المشروع النووي بتطوراته وتفاصيله وملابساته في انتفاضة الشعب الإيراني على خلفية العزلة الدبلوماسية والعقوبات الأوروبية والأمريكية.

هاني سليمان: إيران تريد تهدئة الأجواء

ووفق الرئیسة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية فإنّ "الملالي الحاكمين في إيران لم يتخل أي منهم إطلاقاً عن مشروع امتلاك السلاح النووي كضامن لبقاء نظام ولاية الفقيه، وهم بحاجة إليه بشكل خاص، لا سيما أنهم محاصرون بالانتفاضات الشعبیة".  وهنا يرى عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيراني والمحامي الحقوقي نظام مير محمدي أنّ امتلاك السلاح النووي هو "جزء من مهمة إبراهيم رئيسي الاستراتيجية"، لافتاً في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّه "في السنوات التي مرت منذ الاتفاق النووي مع دول 5 + 1، استمر النظام في سیاسة‌ الخداع والإخفاء، واستخدم جميع التسهيلات والامتيازات التي قدمها له الاتفاق النووي ضد الشعب الإيراني وفي خدمة القمع والإرهاب، والتحريض على الحروب".

إذاً، هناك ترتيبات عدة تسعى لها إسرائيل لمواجهة أنشطة إيران السياسية والإقليمية والنووية، وتقليل مناوراتها البراغماتية، منها الاتفاق الثلاثي والذي قد يسمح لها بكسب وقت إضافي خلال عملية التهدئة؛ حيث إنّ وزير الخارجية الإسرائيلي سعى خلال لقاء جمعه بنظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أخيراً، إلى تشكيل "جبهة واسعة وحازمة" لمواجهة طهران، تشمل عقوبات اقتصادية وسياسية.

إسرائيل تبحث عن حلفاء جدد ضد إيران

وغرد كوهين عبر حسابه الموثق في موقع التواصل الاجتماعي تويتر" أنّه أبلغ نظيره الإسباني خلال زيارة لمدريد، قبل تولي إسبانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، بأنّ تشكيل الجبهة الموسعة ضد إيران يتضمن في الوقت ذاته "تهديداً عسكرياً حقيقياً". وتابع: "اليوم، باتت أوروبا على دراية أكبر بخطر حكم الإرهاب الإيراني".

يعتقد مراقبون وخبراء أنّ تداعيات الاتفاق الثلاثي سلبية على إسرائيل التي اتجهت أكثر من مرة لتدشين تحالفات مع دول المنطقة لمواجهة تهديدات النظام الإيراني

مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، هاني سليمان، لـ"حفريات": إيران تريد تهدئة الأجواء وتجنب الصدام بالتوازي مع الاتفاق السعودي الايراني، بما يضمن تفرغها للمواجهة مع واشنطن وإسرائيل

من الواضح أنّ هناك تراجعاً كبيراً في ما يتعلق بالاهتمام بالملف النووي الإيراني، خاصة بعد تعثر مفاوضات فيينا و"خيبة الأمل الكبيرة" التي أصابت هذا الملف، لكن، ربما، "حالة العودة"، مرة أخرى، وبناء خط من التفاهمات ما بين إيران والوكالة الدولية، قد أعاد جزءاً من هذا الأمل لمحاولة استعادة المفاوضات وبناء مقاربة توافقية، وفق مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، الدكتور هاني سليمان، الذي قال لـ"حفريات" إنّ إيران، ربما، تريد تهدئة الأجواء وتجنب الصدام معها بالتوازي مع الاتفاق السعودي الايراني، بما يضمن تفرغ إيران، بشكل كامل، للمواجهه مع الولايات المتحدة الأمريكية دبلوماسياً، وكذا على مستوى المواجهه الإيرانية الإسرائيلية.

نزار جاف: قام رضا بهلوي بـ"النشاط الذي کان النظام الإيراني في حاجة ملحة له"

ويردف: "قد تكون إيران تفكر في مسألة اختزال المسأله مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأمور الفنية، وتجميد أو تأجيل الحديث على المستوى السياسي نظراً لأنّها مشغولة في هذا التوقيت بملفات أكثر أولوية، مثل المسـألة السورية، وأيضاً الاتفاق مع المملكة العربية السعودية، ثم الأوضاع الخاصة بنفوذ إيران في الإقليم في هذه الفترة".

ويبدو أنّ المجتمع الدولي "غير جاهز في هذه المرحلة للمضي قدماً في مسألة الاتفاق النووي في ظل التعثر والتراجع الواضحين بالمفاوضات النووي، في ظل أولويات لملفات أكثر إلحاحاً مثل الحرب الروسية الأوكرانية"، حسبما يقول سليمان.

كما أنّ هناك صراعات مستجدة مثل قضية الطاقة والأزمة السودانية، مثلاً، ما يدفع للقول إنّ الملف النووي يعاني من "حالة انحسار نوعاً ما وخاصة مع مؤشرات التهدئة بين إيران والوكالة، والتي، ربما، جعلت هناك نوعاً من القبول بالأمر الواقع والجمود، مؤقتاً، خلال هذه المرحلة".

هدية رضا شاه للملالي

في المقابل، نجد أنّ إسرائيل من أكثر الدول التي تتابع الملف النووي الإيراني، ولديها تحفظات ومخاوف، بل تعد أحد أهم الفاعلين في الفترة الأخيرة للضغط على الوكالة الدولية والجانب الأمريكي لاتخاذ تدابير صارمة ضد النظام الإيراني، وفق مدير المركز العربي للبحوث والدراسات. ويتابع: "الاتفاق السعودي الإيراني يمثل خيبة أمل كبيرة لدى الجانب الإسرائيلي. على مدار الحكومات المختلفة في إسرائيل. وهناك توافق تام وكامل حول ضرورة التعامل مع المسألة الإيرانية كتهديد مباشر للجانب الإسرائيلي، وقد أعلنت اسرائيل أكثر من مرة على لسان رئيس الوزراء أو وزير الدفاع والعديد من المسؤولين أنّ لديها القدرة على الرد بشكل أحادي، وأنّها تستعد لاتخاذ إجراءات ضد الجانب الإيراني، وأنّها لن تسمح لإيران بامتلاك قنبلة نووية، ويمكن هذا الأمر قد انعكس على حالة التأهب والتسليح في إسرائيل؛ فقد كانت هناك صفقة طائرات F35i وأيضاً بعض الطائرات التي تتزود بالوقود في الجو، والتي، ربما، تطير لمسافات طويلة في الإشارة إلى جاهزيتها للقيام بعمليات ربما ضد إيران".

مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، هاني سليمان، لـ"حفريات": إيران تريد تجنب الصدام بالتوازي مع الاتفاق السعودي الايراني، بما يضمن تفرغها للمواجهة مع واشنطن وإسرائيل

إسرائيل، التي اتبعت استراتيجيات مختلفة لإدارة صراعها مع الجانب الإيراني، من خلال اغتيال العلماء النوويين، وكذا استهداف قيادات الحرس الثوري، ثم المواجهات من خلال حرب الناقلات والهجمات السيبرانية (استهداف مركز الطاقة في منشأة نطنز، والهجوم على مستودع للذخيرة الإيراني بشرق إيران)، سترفع من حدة نشاطها في المستقبل، وفق المصدر ذاته. بل إنّه من المرجح قيام إسرائيل بـ"مزيد من المواجهة المسلحة والعسكرية عبر أدوات استراتيجيات مختلفة، منها استهداف منشآت نووية تكون نوعية أكثر تقدماً في المرحلة القادمة".

إلى ذلك، يرى الباحث والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني، نزار جاف، أنّ حرب الظل بين إيران وإسرائيل، مؤخراً، تدور حول "محور رضا بهلوي، نجل شاه إيران السابق، الأمر الذي يشير إلى تحالف مشترك غير معلن بين الطرفين".

وهذا التحالف يمكن قراءة رسائله المضمرة وتحليل الأبعاد المختلفة له، موضحاً لـ"حفريات أنّه "بعد أن کان ابن شاه إيران يسعى إلى المحافظة على مسافة معقولة مع النظام الإيراني، بل يتودد إليه بطرق وأساليب مختلفة لإبعاد سيناريو الصدام المباشر، فإنّ هذا الموقف قد تغير بمقدار 180 درجة، وصار رضا شاه عاملاً هجومياً ضد النظام الايراني، ويعمل من أجل تغييره".

الجديد والملفت للنظر کثيراً في هذا "التغيير الدراماتيكي" المباغت، على حد تعبير جاف، الذي طرأ على ابن الشاه، هو "توقيت تصعيده ضد النظام الإيراني ونوعية خوض الصراع ضده، الأمر الذي يبعث على الريبة، خصوصاً أنّه قد جاء في وقت کان النظام يعاني من وضع صعب ويواجه حرکة شعبية عارمة رافضة له، بينما لا يجد سبيلاً لكسر شوکتها".

ويشير الباحث والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني إلى التحرکات الدولية التي قام بها رضا بهلوي من خلال حضوره لمؤتمر الأمن في ميونخ، ثم حضوره للبرلمان الأوروبي والبلجيکي، وما تمخض عنهما من فشل واضح، لا سيما بعد رفض النواب الأوروبيين حضوره ورفض الأغلبية لقاءه. بالتالي قام رضا بهلوي بـ"النشاط الذي کان النظام الإيراني في حاجة ملحة له، لتأكيد مقاربته التي تقوم على المؤامرة. ففي الوقت الذي کان النظام الإيراني يدور في حلقة مفرغة من خلال اتهام إسرائيل بالوقوف وراء الانتفاضة الشعبية، فإنّ سفر الشاه لإسرائيل، قد حقق أکبر خدمة للنظام الايراني، بل قدم دليلاً على مصداقيته في الاتهامات المزعومة".

مواضيع ذات صلة:

تلويح بوتين بالسلاح النووي: رعونة، ضعف، يأس، أم حزم؟

إيران توجه ضربة جديدة لجهود إحياء الاتفاق النووي... هل ثمة آفاق لإنقاذه؟

إيران تستعد لحرب محتملة بتسليح 51 مدينة... هل ثمة آفاق للاتفاق النووي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية