إيران تستعد لحرب محتملة بتسليح 51 مدينة... هل ثمة آفاق للاتفاق النووي؟

إيران تستعد لحرب محتملة بتسليح 51 مدينة... هل ثمة آفاق للاتفاق النووي؟


04/09/2022

حالة من القلق والترقب تسود المنطقة، ولا سيّما بعد تداول خبر عن تجهيز إيران لـ (51) مدينة بأنظمة دفاع مدني، ورفع مستوى تأهب قوات الدفاع الجوي لإحباط أيّ هجوم أجنبي محتمل، بعد ضربات متلاحقة وجّهتها إسرائيل إلى طهران في سوريا والداخل الإيراني، ووسط تصعيد للتوتر مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تضع أمن إسرائيل شرطاً رئيسياً لإتمام أيّ اتفاق مستقبلي حول البرنامج النووي الإيراني.

ونقلت وكالة "رويترز" عن العميد الإيراني مهدي فرحي نائب وزير الدفاع قوله: إنّ معدات الدفاع المدني ستمكّن إيران من "تحديد ومراقبة التهديدات باستخدام برامج تعمل على مدار الساعة وفقاً لنوع التهديد والخطر".

 تخصيب اليورانيوم

 يأتي تسليح المدن الإيرانية بعد أيام من الإعلان عن استئناف طهران لتخصيب اليورانيوم بنسب تقترب من تلك الخاصة بصنع أسلحة نووية، فقد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أول من أمس أنّ إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم باستخدام واحدة من (3) مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز "أي آر- 6"، التي تم تركيبها مؤخراً في محطة تحت الأرض في نطنز.

 ومثل المجموعة الأولى من هذه المجموعات الـ3 التي يصل عددها إلى (174) آلة لكلّ منها، تستطيع المجموعة الثانية تخصيب اليورانيوم حتى درجة النقاء الانشطارية التي تقدّر بـ 5%، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمّا الثالثة، فقد أشارت الوكالة إلى أنّه لم يتم تغذيتها بعد بمواد نووية.   

مهدي فرحي: معدات الدفاع المدني ستمكّن إيران من مراقبة التهديدات باستخدام برامج تعمل على مدار الساعة

 وفي تقرير منفصل الإثنين الماضي، قالت الوكالة الأممية: إنّ المجموعة الأولى من أجهزة الطرد المركزي المتطورة "أي آر-6"، التي تم تركيبها مؤخراً في نطنز، تم تشغيلها وتخصب اليورانيوم في الوقت الحالي.

 وتستخدم إيران منذ أكثر من عام أجهزة الطرد المركزي من الطراز نفسه "أي آر- 6" لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي النسب القريبة من درجة النقاء التي تسمح بصنع الأسلحة النووية، وفقا لـ"رويترز".

 موت بطيء

وتيرة الخطوات الإيرانية، التي تعكس غالباً عدم ثقة في الخطاب الأمريكي وأجندة الولايات المتحدة الداعمة في المقام الأول لإسرائيل، تعجل في احتضار مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الذي تم توقيعه مع إيران في 2015، والتي تمرّ بالأساس بمرحلة حرجة للغاية، ولا سيّما بعد اشتراط طهران إنهاء تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أنشطة إيران النووية.

 

يأتي تسليح المدن الإيرانية بعد أيام من إعلان استئناف تخصيب اليورانيوم بنسب تقترب من تلك الخاصة بصنع أسلحة نووية

 

 وتضغط طهران للحصول على التزام من واشنطن بإنهاء تحقيقات الوكالة التابعة للأمم المتحدة في آثار اليورانيوم التي عثر عليها في (3) مواقع سرّية، قبل أن تشرع في التنفيذ الكامل للاتفاق المقترح لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، غير أنّ واشنطن وحلفاءها أبدوا رفضهم لهذا المطلب، مؤكدين استحالة إنهاء التحقيقات قبل الحصول على إجابات "مرضية" من إيران بشأن المواقع الـ 3.

 وتحت عنوان "المحادثات النووية في خطر"، قالت صحيفة "بوليتكو": إنّ الولايات المتحدة وصفت الرد الإيراني على مقترحات إعادة إحياء الاتفاق النووي بأنّه خطوة "إلى الوراء"، معتبرة أنّ ردّ فعل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي ربط بين أمن إسرائيل وإحياء الاتفاق النووي، "سلبي"، ممّا يجعل إحياء الاتفاق النووي "غير وشيك" بعد عام ونصف العام من المفاوضات.

 وفي حين رفض مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية الإفصاح عن مضمون الردّ الإيراني، قال، لـ"بوليتكو": "بناء على ردّهم، يبدو أنّنا نتراجع إلى الوراء"، الرأي الذي أيده دبلوماسي أوروبي، قائلاً: إنّ الرد الإيراني بدا "سلبياً وغير معقول".

 

قالت "بوليتكو": إنّ الولايات المتحدة وصفت الردّ الإيراني على مقترحات إعادة إحياء الاتفاق النووي بأنّه خطوة "إلى الوراء"

 

 الشدّ والجذب في مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى جانب ربط الاتفاق بأمن إسرائيل، يعكس توتر العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، أمّا الاتحاد الأوروبي، فقد أعلن بذله قصارى جهده لإنقاذ الاتفاق، وعينه على النفط الإيراني لإنقاذ الأسواق الأوروبية، استعداداً لحظر النفط الروسي.

 وقد بلغ التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية ذروته بعد احتجاز إيران الخميس الماضي زورقين مسيّرين للجيش الأمريكي في البحر الأحمر، وفق إذاعة "مونت كارلو" الدولية، بعد يومين من بيان للبحرية الأمريكية تعلن فيه الأخيرة إحباط محاولة للحرس الثوري الإيراني لاحتجاز زورق مسيّر أمريكي في الخليج، قال إنّه يمثل "خطراً" على حركة الملاحة، في خطوة قد تزيد الأمور تعقيداً فيما يتعلق بمفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني.

حرب مركّبة

 اتساقاً مع تسارع وتيرة تسليح المدن الإيرانية وتخصيب اليورانيوم، تحدث العميد الإيراني فرحي عن معارك أكثر تعقيداً، مشيراً إلى أنّ "الأشكال الهجينة للحرب، مثل الهجمات الإلكترونية والبيولوجية والإشعاعية حلت مكان الحروب الكلاسيكية"، وهو ما يعكس اتجاه طهران لاستخدام النووي في الحروب المستقبلية، غير أنّ المسؤول الإيراني لم يحدد مع أيّ دولة قد تكون تلك الحروب.

 وعادة ما تتهم إيران إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بشنّ هجمات إلكترونية أضرت بالبنية التحتية الإيرانية، وتتهم إسرائيل بتخريب منشآتها النووية.

  ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية عن رئيس منظمة الدفاع المدني غلام رضا جلالي قوله أمس السبت: إنّ "العدو عمد إلى شنّ حرب مركّبة متعددة الأقطاب"، في إشارة إلى دولة الكيان الصهيوني.

 وأشار جلالي إلى أنّه "يجري حالياً إعداد توصيات لمواجهة الهجمات السيبرانية"، مضيفاً: "يجب أوّلاً، وقبل كل شيء، أن نعرف التهديد ونتعرّف عليه بسرعة، والخطوة التالية هي اختيار وصياغة وتنفيذ استراتيجية دفاع تعتمد على الدفاع المدني على أساس هذا التهديد".

  إلى ذلك، أعلنت دائرة المخابرات العامة بمحافظة مازندران شمال إيران عن اعتقال (12) عنصراً من تنظيم "البهائية الصهيونية" في مختلف مدن محافظة مازندران، مشيرة إلى أنّ "اثنين من قادة هذا التنظيم التجسسي تم تدريبهما في منظمة بيت العدل الصهيونية بالأراضي المحتلة"، وشكّلا نواة للتجسس مع عناصر البهائية بالمحافظة، وفقاً لـ"مهر".

 ويأتي تسليح المدن الإيرانية الـ (51)، والتصريحات الإيرانية حول الحرب، بعد أيام من قصف إسرائيلي لعدد من المواقع التابعة للميليشيات الإيرانية داخل الفرقة الأولى في ريف دمشق الغربي في 31 آب (أغسطس) الماضي، إلى جانب قصف مطاري دمشق وحلب الدوليين لمنع هبوط طائرة إيرانية محمّلة بالصواريخ الدقيقة، وفقاً لموقع "صوت العاصمة" السوري.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية