مذبحة داعش بالسويداء.. فتش عن التحالف مع الأسد

سوريا

مذبحة داعش بالسويداء.. فتش عن التحالف مع الأسد


29/07/2018

جلس اللواء علي مملوك والعقيد حيدر حيدر، رئيس اللجنة الأمنية في مدينة نبل ومحيطها في حلب، في مكتب رئيس مكتب الأمن الوطني السوري بدمشق، ليناقشا المعلومات الواردة حول التنسيق بين النظام ومجموعات من العراقيين انضمت للقتال إلى جانب النظام عن طريق فرع أمن الدولة في حلب، وعدم انتمائهم إلى المناطق والمذهب الديني الذي ينتمي إليه مقاتلو التنظيمات، مما يشير إلى أنهم ينتمون إلى الطائفة الشيعية، ولتسهيل هذه المهمة، طلب حيدر مجموعة هويات سورية تؤمن انضمام هؤلاء العناصر، الذين قد يبلغ عددهم 2500 شخصٍ إذا جرى تأمين السلاح الكافي لهم، حين ينضمون إلى تنظيم داعش، وكذلك بعض الوثائق العراقية لإعطائها للمقاتلين السوريين الذين يتقنون اللهجة العراقية، كاشفاً عن وجود أكثر من 150 عنصراً مدربين (دورة صاعقة بمستوى عالٍ)، فيما باقي المجموعات التي يزيد عددها على 600 متدرب، تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاماً، وهم من مختلف الاختصاصات.

اللواء علي مملوك

استكملت "جامعة هارفارد" عبر موقعها، ما جرى في لقاء المملوك وحيدر، وهي تكشف الوثائق السرية التي حصل عليها الصحفي الألماني "كريستوف رويتر"، ومنها لقاء حجي بكر (سمير عبد محمد الخلفاوي - توفَّي في كانون الأول 2014) بحلب مع الاستخبارات السورية، قبل مقتله نتيجة لمواجهة حدثت بين موالين لداعش وفصائل المعارضة.

قام تنظيم داعش أكثر من مرة بالهجوم على عناصر الثوار وهم يحاصرون مراكز عسكرية للنظام

أسفر اتفاق الخليفاوي مع نظام بشار، في بداية عام 2014، تحديداً في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2014، عن تعاون كبير بين تنظيم داعش ونظام الأسد؛ حيث قام التنظيم أكثر من مرة بالهجوم على عناصر الثوار، وهم يحاصرون مراكز عسكرية للنظام، وهو ما كان يؤدي لفك الحصار عن قوات الأسد، وهذا بالتفصيل ما جرى في مذبحة السويداء البشعة لطائفة الدروز، بتعاون داعش مع النظام، ليصبح هو اليد التي تقتل ما يناهز 150 سورياً، فضلاً عن جرح 200 من الأهالي، في المدينة وفي ريف المحافظة، في سلسلة هجمات مباغتة وتفجيرات انتحارية نفذها مسلحون، بعدما فتحوا جبهة غير متوقعة امتدت بطول نحو 20 كيلومتراً في ريفي السويداء الشرقي والشمالي الشرقي، مستهدفين قرويين قتلوا عدداً منهم، إضافة إلى قتلهم عشرات آخرين في تفجيرات انتحارية وسط المدينة.

هل يتلقى التنظيم الأوامر من الأسد؟

بقيت العلاقة بين داعش ونظام الأسد حبيسة الغرف المغلقة خوفاً من عقاب التنظيم، الذي كان يختطف ويقتل كل من يقف في وجهه، وبعد أن اتضحت الأسرار بدأت تخرج قصص ودلائل للعلن تؤكد تلك الاتهامات، فوفقاً للعقيد عرفات حمود، أحد قيادات الجيش الحر، لـ "سبوتنيك"؛ فإنّ تنظيم داعش ساهم بفك الحصار عن عدة مواقع لقوات الأسد كادت تسقط بيد الثوار، كما ظهرت صور أخرى عبر الجيش الحر أيضاً أكدت وجود ضباط مخابرات للنظام السوري بين قيادات التنظيم.

الطبيب البريطاني عباس خان اختطفه داعش في حلب وقتِل داخل سجون الأسد

موقع "السكينة" أكد أنّ ناشطين اختطفوا على يد التنظيم شوهدوا في سجون النظام بطريقة سرية، كالطبيب البريطاني عباس خان، الذي اختطف في حلب من قبل التنظيم، وقتِل داخل سجون الأسد.

وأظهر القيادي السوري عمار الواوي، في لقاء بقناة "العربية"، صورة لشخص قال إنّ اسمه الحقيقي، محمد باسم محمد ياسين، وكنيته أبو البراء السامرائي، دخل إلى سوريا تحت اسم داعش، وارتكب الكثير من الجرائم التي طالت نشطاء الثورة السورية، وهو ملاحق من قبل الجيش السوري الحر، على حدّ قوله.

اقرأ أيضاً: كارثة في السويداء.. داعش يزداد توحشاً!

وأبرز الواوي صورة شخص آخر يدعى محمد مصطفى فحام، وقال إنه من المخابرات السورية، ويعمل في الأمن السياسي، ثم كشف عن صورة أخرى له وقد أطلق لحيته، وأصبح عنصراً من داعش، في تأكيد على أن هذا التنظيم من صنيعة النظام السوري وأعوانه.

وأكد أمين سر الجيش السوري الحرّ أنّ القسم الأكبر من تنظيم داعش هدفه الرئيس قتل الناشطين والثوار واعتقالهم.

القيادي السوري عمار الواوي

وحين سيطرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، صباح السبت، العاشر من حزيران (يونيو) 2017، على مدخل مدينة الرقة شمال سوريا، بعد معارك عنيفة مع مسلحي داعش، أجريت مفاوضات لتأمين خروج آمن لعناصر داعش من المدينة، ونقلهم إلى مدينة البوكمال.

في يوم 16 أيار (مايو) 2015، نشرت شبكة "cnn" تقريراً لوثائق تظهر تعاون نظام بشار الأسد السوري مع مسلحي داعش، بشأن عقد صفقات نفطية تقدر بملايين الدولارات، عقب الهجوم على ما يعرف باسم "وزير نفط تنظيم داعش" أبو سيّاف وقتله.

اقرأ أيضاً: حمزة الخطيب: هولوكست "الأسد" في عرض مستمر

وأظهرت الوثائق بحوزة أبو سياف كيف أنّ ثروة النظام وحده وصلت إلى ٤٠ مليون دولار في إحدى الأشهر، وفق وثائق سرّبتها صحيفة "الوول ستريت جورنال" الأمريكية، وحصلت الجماعة الإرهابية على عائدات نفطية بلغت ٢٥٩ مليون دولار في 6 شهور فقط، حتى مقتل أبو سياف.

ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً تحدثت فيه عن الصفقات السرية بين النظام السوري وتنظيم داعش، لاستغلال حقل توينان للغاز، الذي يقع في مدينة الطبقة، في الجنوب الغربي من محافظة الرقة السورية.

حقل توينان للغاز

كما كشف نشطاء حملة "الرقة تذبح في صمت" عن الاتفاق السري بين النظام السوري وداعش، الذي يقضي بتقاسم عائدات الغاز بينهما. لكنّ تقريراً حديثاً لمجلة "فورين بوليسي"؛ كشف معطيات أخرى تؤكد أنّ الصفقة شملت أيضاً طرفاً ثالثاً يلعب دورًا رئيساً في عملية الإنتاج، وتمثله شركة "ستروي ترانس غاز" الروسية.

اقرأ أيضاً: ترحيل السكان وتغييرهم خيار نظام الأسد للإمساك بالأرض

الاتفاق بين الطرفين كان ينصّ على تولي عناصر داعش حماية مجمع توينان، وتأمين وصول المواد الخام لمصافي النظام، بينما يتكفل النظام السوري بالاستعانة بمهندسين روس للقيام بأعمال الإدارة والصيانة، وفي المقابل يتمّ تقاسم الأرباح بينهما، ويحصل تنظيم داعش، مقابل خدماته التي يقدمها للنظام السوري، على مبلغ 72 ألف يورو شهرياً، ويقوم بفرض ضرائب أو "جزية" على العمال الأجانب في حقل الغاز تسددها الشركة السورية.

عقب انهيار داعش، وتعدّد هزائمه، بدأ النظام السوري إعادة توضيب تموضع التنظيم من جديد، فسلم واستلم منه مدينة تدمر مرتين، ونقل عناصره إلى مدينة البوكمال، ودفعه للهجوم على المعارضة في ريف حلب ودمشق، وأخيراً السويداء.

السويداء استكمال المهمة

حاول النظام مراراً دقّ أسافين فرقة وخلاف بين أهل السويداء (الدروز) وجيرانهم التاريخيين أهل درعا (السنّة)، من خلال دفع مليشيات محلية من المحافظتين مرتبطة به للقيام بعمليات خطف متبادل، إلا أنّه فشل في ذلك، فبدأ يستخدم داعش، وجعل التنظيم يستكمل مهماته السابقة، وهذا ما نقلته تقارير صحافية عن المحلل العسكري العقيد، عبد الله الأسعد، على خلفية "رفض شباب السويداء التجنيد الإلزامي منذ أن طلب محافظ السويداء منهم التطوع في الفيلق الخامس مقابل الإعفاء من الخدمة على أيام (الشيخ وحيد بلعوس)، الذي قام النظام باغتياله لاحقاً، ثم عاد الروس وتواصلوا مع رجال الكرامة الذين رفضوا موضوع الانضمام للفيلق الخامس، لذلك توعدهم النظام باقتحام المناطق، وكان من أهداف التنظيم أيضاً دفع الدروز إلى الانخراط في أتون الحرب السورية، إضافة إلى إشاعة جوّ من الخوف، يعوق الجهود المبذولة من جانب روسيا وسوريا، لإعادة اللاجئين السوريين من الأردن إلى بلادهم مرة أخرى".

الشيخ وحيد بلعوس، الذي قام النظام باغتياله

ويشير الأسعد، في تصريح لموقع "أورينت"، إلى أنّ النظام بدأ يدرب عناصر داعش في أطراف السويداء من جهة الشمال في منطقة تل أصفر والخالدية، للضغط على الأهالي، وكي لا يشعر نظام الأسد العالم أنه هاجم الأقلية وأنه يمثلهما، قام بفتح الطريق رويداً رويداً لعناصر داعش الذين يتبعون مباشرة إلى فرع المنطقة الجنوبية في السويداء بهدف خلط الأوراق في مناطق المتونة والشبكي التي تم الهجوم عليها.

عقب انهيار داعش، وتعدّد هزائمه، بدأ النظام السوري إعادة توضيب تموضع التنظيم من جديد

تزامنت تفجيرات السويداء مع المعارك الدائرة منذ أيام عدة بين قوات النظام وفصيل "جيش خالد بن الوليد"، المبايع للتنظيم في منطقة حوض اليرموك، في أقصى ريف درعا الغربي؛ حيث يسيطر الفصيل على أكثر من 16 بلدة وقرية في هذا الريف. وتواجه قوات النظام صعوبة في حسم المعركة لصالحها؛ إذ أكدت مصادر إعلامية معارضة أن محاولات اقتحام للمنطقة باءت بالفشل.

أشارت المصادر ذاتها إلى أنّ عدد عناصر التنظيم في المنطقة قد وصل إلى نحو 1200 عنصر، بعد أن نقلت ميليشيا النظام نحو 700 من عناصر التنظيم من أحياء جنوب دمشق إليها، وبينما كان عناصر التنظيم الموجودون أصلاً في المنطقة يعيشون فيها كبدوٍ مع عائلاتهم، فإنّ الواصلين الجدد قد وفدوا إليها كأفراد مقاتلين دون عائلاتهم.

بدأ التفاوض بين النظام وداعش عن طريق كنانة حويجة (مذيعة في فضائية النظام السوري)

بدأ التفاوض بين النظام وداعش عن طريق كنانة حويجة (مذيعة في فضائية النظام السوري) صاحبة الرصيد الأكبر في عمليات تفاوض النظام مع الفصائل المناوئة له، وفق ما أورد موقع "العربية"، وهي ابنة أحد أشهر رجال الاستخبارات، اللواء إبراهيم حويجة، رئيس الاستخبارات الجوية، ما بين عامي 1987 و2002؛ حيث اتفقت مع التنظيم على الانتقال من ريف دمشق إلى السويداء، واشترطت الخروج بسلاحهم الخفيف، وتم الاتفاق ليحقق الفرقين أهدافهما، النظام بالضغط على الدروز الذين يرفضون التجنيد الإلزامي، ويقفون على الحياد، والتنظيم، الذي سينتقل لأرض جديدة بعيداً عن الحصار، وتخفيف الضغط عن أتباعه في حوض اليرموك.

مذبحة السويداء حلقة من مجمل حلقات تنسيق النظام مع داعش وما جرى في السويداء مرتبط بما جرى بين الروس جيش اليرموك

وتعدّ المنطقة المذكورة، المسماة (الوعر)، أكثر مناطق البادية السورية وعورة، ولا تضمّ قرى أو طرق معبدة، ما يجعل منها قلعة منيعة يتحصن فيها عناصر داعش ويشنون هجماتهم انطلاقاً منها، والتي قد تكون باتجاه محاور ثلاثة، وفق ما أورد موقع "الفيحاء"، الأول؛ باتجاه البادية وصولاً لمنطقة السبع بيار، بهدف تأمين طرق إمدادٍ لعناصر التنظيم في السويداء مع قواتهم الموجودة في محيط حميمة، والثاني هو محور سد الزلف والرحبة وصولاً للحدود الأردنية، وهي منطقة وعرة أيضاً، ويخبرها عناصر التنظيم جيداً، وسيكون من الصعب على قوات النظام المتمركزة فيها الدفاع عن ثكناتها في وجه هجمات التنظيم، أما المحور الثالث؛ فيضمّ قرى شرق السويداء، كأصفر والمشيرفة وعليا، وغيرها من القرى التي كان يسيطر عليها التنظيم سابقاً، والتي بات على مشارفها الآن.

عقب العملية الإرهابية، أعلن التنظيم، في بيان تداولته حسابات جهادية على تطبيق تلغرام، بياناً ذكر فيه التنظيم أنه استند لفتوى لابن تيمية تكفّر طائفة الدروز، وقال: "شنّ جنود الخلافة، صباح الأربعاء، هجوماً مباغتاً على مراكز أمنية وحكومية داخل مدينة السويداء، واشتبكوا مع المليشيات الموالية للجيش السوري، ثم فجروا أحزمتهم الناسفة وسط جموعهم".

حمّل عدد من نشطاء محافظة السويداء النظام مسؤولية تسهيل حدوث الهجمات الدموية

أكد ناشطون محليون في تقارير إعلامية، أنّ سكان قرى في ريف السويداء هم من تصدّى لعناصر تنظيم داعش؛ إذ دارت الأربعاء اشتباكات وصفوها بـ "العنيفة"، في ظل غياب قوات النظام، مؤكدين أنّ مسلحي التنظيم استخدموا صواريخ محمولة وأسلحة فردية وقنابل يدوية.

وأعقبت هذه التفجيرات زيارة، يبدو أنّها لم تكلل بالنجاح، لضباط روس إلى المحافظة لإقناع "شيوخ عقل" طائفة الموحدين بإلحاق آلاف الشباب الدروز بقوات النظام، فيما حمّل عدد من نشطاء المحافظة النظام مسؤولية تسهيل حدوث الهجمات الدموية.

مذبحة السويداء، هي حلقة من حلقات كثيرة من تنسيق النظام مع داعش، كما أنّ ما جرى في السويداء مرتبط بما جرى بين الروس مؤخراً وجيش اليرموك، بقيادة بشار الزعبي، وقائد (قوات شباب السنّة) أحمد العودة، الموجود في بصرى أول مدينة ملاصقة للسويداء؛ حيث يوجد مقر الضابط الروسي المسؤول عن المنطقة الجنوبية شرقي بصرى، وبالتالي؛ هناك منطقة جغرافية واحدة تتبع لدرعا والسويداء يعمل الروس اليوم على السيطرة عليها"، مردفاً: "(الزعبي، والعودة) عضوان في الفيلق الخامس الذي يحاول السيطرة على مدينة السويداء بتهديد أهاليها".

الصفحة الرئيسية