مخيم الهول ومعسكرات الاحتجاز.. النواة الصامتة لخلافة جديدة

مخيم الهول ومعسكرات الاحتجاز.. النواة الصامتة لخلافة جديدة

مخيم الهول ومعسكرات الاحتجاز.. النواة الصامتة لخلافة جديدة


20/04/2025

رغم ما يمثله من خطورة كبيرة، مازال ملف عائلات وأطفال داعش لا يحظى بالاهتمام المستحق على أجندات محاربة التطرف والإرهاب، فيما يرجع مراقبون ذلك إلى تراجع ملف التطرف والإرهاب، وانشغال العالم في النزاعات الدولية التي باتت هي الأخرى أكثر خطورة وتهديداً من الإرهاب والتطرف ذاته لأسباب تتعلق باحتمالية نظام دولي جديد وتغيرات سياسية وموازين القوى حول العالم.

ويقيم في مخيم الهول أكثر من 53 ألف شخص ودائما ما يُوصف بكونه “أخطر مخيم في العالم”. وعلى الرغم من أن ساكني المخيم لا يدعمون داعش جميعهم، إلا أنه يُطلق عليهم النازحين من مناطق سيطر عليها داعش سابقا في سوريا والعراق

وينحدر معظم سكان المخيم من العراق وسوريا، لكن هناك ما بين 10 آلاف إلى 11 ألف شخص من دول أجنبية بما في ذلك جنسيات أوروبية وأمريكية وكندية، فيما يشكل الأطفال والنساء غالبية سكان المخيم. وحسب تقديرات من منظمات إغاثة أن ما بين 60  و 64 بالمائة من سكان المخيم هم من الأطفال ومعظمهم دون سن الثانية عشر.

تشير تقديرات الجيش الأمريكي إلى وجود حوالي 2,500 من مقاتلي داعش ينشطون في سوريا والعراق وخصوصاً في المناطق الصحراوية

هذا الملف تطرقت إليه دراسة حديثة نشرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، بعنوان هل "يستطيع “داعش” استغلال الفراغ السياسي والأمني في سوريا؟"، وأشارت إلى تحذيرات الولايات المتحدة من احتمال استغلال تنظيم (داعش) للفراغ في السلطة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد. 

وأكدت أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة استقرار سوريا وتعزيز الإرهاب الدولي. وللتصدي لهذا التهديد، كثفت الولايات المتحدة جهودها ضد التنظيم، حيث شنت هجومين استهدفا نحو 75 موقعاً تابعاً للجماعة المتطرفة.

يُذكر أن داعش سيطر، خلال الحرب الأهلية السورية، على مساحات واسعة من الأراضي كجزء من “الخلافة” التي أعلنها. ومع ذلك، تمكن تحالف دولي بقيادة قوات سوريا الديمقراطي (SDF)، المدعومة من الولايات المتحدة، من إضعاف التنظيم بشكل كبير ودحره. 

وفي الوقت الحالي، يسيطر التنظيم فقط على مناطق نائية في الصحراء السورية. وفي الوقت نفسه، يُحتجز حوالي 40,000 من أفراد التنظيم وعائلاتهم في مخيمات اعتقال خاضعة لحراسة وحدات كردية، بحسب الدراسة.

ومن أهم المواقع التي تثير القلق هو سجن تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية في الحسكة بشمال شرق سوريا، حيث يُحتجز حوالي 9,000 من مقاتلي داعش. ووفقاً لتصريحات جنرال أمريكي لـ “فايننشال تايمز”، فإن تأمين هذا السجن يُعد هدفاً استراتيجياً رئيسياً للمستقبل.

سيطر داعش خلال الحرب الأهلية السورية، على مساحات واسعة من الأراضي كجزء من “الخلافة” التي أعلنها

وقد أوضح الخبير في شؤون الجهادية آرون زيلين، من معهد واشنطن، أن الأكراد والأمريكيين يخشون منذ فترة طويلة من شن داعش هجوماً كبيراً على هذه السجون.

وتشير تقديرات الجيش الأمريكي إلى وجود حوالي 2,500 من مقاتلي داعش ينشطون في سوريا والعراق، وخصوصاً في المناطق الصحراوية. وتشهد أنشطة التنظيم تصاعداً ملحوظاً؛ حيث سجل الجيش الأمريكي في النصف الأول من عام 2024 حوالي 153 هجوماً لداعش، وهو ضعف عدد الهجمات المسجلة خلال العام السابق بأكمله. 

وقد حذر خبراء من أن التهديد الحقيقي للتنظيم قد يكون أكبر مما يتم تقديره، نظراً لأن التنظيم لا يعلن رسمياً سوى عن عدد قليل من هجماته.

كما حذر متحدث باسم الجيش الأمريكي من أن التنظيم قد يستغل الفراغ في السلطة لتوسيع نفوذه. وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، بأن “على الولايات المتحدة وجميع الأطراف في المنطقة التصدي بقوة لهذا التهديد”.

إلى ذلك، أشارت الدراسة إلى أن مراكز احتجاز مقاتلي داعش وذويهم في سوريا أصبحت مشكلة دولية تتطلب حلاً دولياً. وبات مخيم الهول يشهد انتشارا ملحوظا في جرائم الاغتيالات والتصفية، كذلك شهد ارتفاعا ملحوظا في عمليات الاستقطاب والتجنيد، وسط تحذيرات دولية من أن يصبح المخيم قاعدة لعمليات داعش الإرهابية.

وتتزايد المخاوف على المدى البعيد من أن تخلق مخيمات الاحتجاز والسجون جيلًا جديدًا من المقاتلين الأجانب ويمهد الطريق لعودة داعش في المنطقة، خصوصا أن المخيمات أصبحت أكثر عرضة لمحاولات داعش لتحرير المنتسبات من النساء واللاتي يمكن أن يشكلن نواة مثالية لخلايا إرهابية أكبر خارج المخيم.


حذر خبراء من أن التهديد الحقيقي للتنظيم قد يكون أكبر مما يتم تقديره نظراً لأن التنظيم لا يعلن رسمياً سوى عن عدد قليل من هجماته

هزيمة داعش 2017

الدراسة لفتت أيضا إلى الهزيمة التي تلقاها داعش، على نطاق واسع في جميع أنحاء سوريا، لكنه لا يزال يشكل تهديدًا لمستقبل البلاد السلمي، مشيرة إلى أن ترسانة الطائرات العسكرية المشاركة في الحملة هي علامة على مدى جدية إدارة بايدن في التعامل مع التهديد. 

في السياق، يقول “مايكل إريك كوريلا” : “لا ينبغي أن يكون هناك شك في أننا لن نسمح لتنظيم داعش بإعادة تشكيل نفسه والاستفادة من الوضع الحالي في سوريا. يجب أن تعلم جميع المنظمات في سوريا أننا سنحاسبها إذا تعاونت مع داعش أو دعمتها بأي شكل من الأشكال”. 

وأكد بايدن : “سنساعد في ضمان الاستقرار في شرق سوريا، وحماية أي أفراد من أي تهديدات”، وأضاف: “سنستمر في مهمتنا ضد داعش، بما في ذلك تأمين مراكز الاحتجاز حيث يتم احتجاز مقاتلي داعش كسجناء”.

“تنظيم داعش لم يختف تماما”

ويرى خبير شؤون الشرق الأوسط والمستشار السياسي كارستن فيلاند، بحسب الدراسة، “أن داعش لم يغادر سوريا حقًا أبدًا، حتى مع هزيمته على نطاق واسع. حيث لا تزال هناك خلايا مختلفة، بما في ذلك خلايا نائمة، في وسط وشرق سوريا”. وأضاف: ومن المؤكد أنها تشكل تهديدًا. 

خبير شؤون الشرق الأوسط والمستشار السياسي: كارستن فيلاند

وتابع: "إن هذا الأمر خطير بشكل خاص عندما يكون هناك فراغ في السلطة"، مضيفًا أنه يعتقد أن الولايات المتحدة اتخذت القرار الصحيح. الآن هو الوقت المناسب لتحقيق الاستقرار للقوى التي تولت السلطة في سوريا بطريقة سلمية قدر الإمكان، وليس إثقال كاهلها بجبهة أخرى في شكل تنظيم داعش”.

ومنذ عام 2015، واجهت داعش ضغوطا متزايدة من الجيش الأميركي. فقد ضعفت صفوفها إلى حد كبير وأُجبِرت على التنازل عن مطالباتها بأي أراض في عام 2019. وفي حين تمكن العديد من القادة العسكريين لداعش، المعروفين باسم الخلفاء، من البقاء في السلطة، نجحت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا في تعطيل الخلايا. 

هذا وتم سجن العديد من أعضاء تنظيم داعش في شمال سوريا، حيث لا يزالون في معسكرات الاحتجاز. ورغم كل هذا، ظلت العديد من خلايا داعش ومعسكراتها على حالها، وخاصة في صحراء البادية، على طول الحدود السورية مع العراق.

 يوضح فيلاند “إن الخلايا كانت تنفذ في كثير من الأحيان هجمات على سكان المناطق الريفية، مشيرا إلى أن أعضاء آخرين يعملون كخلايا نائمة وينتظرون الأوامر المحتملة، ومن المستحيل تقريبا هزيمة داعش بشكل نهائي”.

أعضاء آخرين يعملون كخلايا نائمة وينتظرون الأوامر المحتملة ومن المستحيل تقريبا هزيمة داعش بشكل نهائي

الاتفاق مابين قوات قسد في سوريا وحكومة سوريا الجديدة بقيادة الشرع

​ ووفقا لما أوردته الدراسة، فقد تم توقيع اتفاق تاريخي في 10 آذار / مارس 2025،  بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، يقضي بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية ضمن مؤسسات الدولة السورية.​ 

ومن أبرز بنود الاتفاق؛ دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية، المطارات، وحقول النفط والغاز، فضلا عن ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية ومؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، دون تمييز ديني أو عرقي.

كما نص الاتفاق على الاعتراف بالمجتمع الكردي كمكون أصيل في الدولة السورية، ويضمن حقوقه في المواطنة والحقوق الدستورية، ووقف إطلاق النار في جميع الأراضي السورية، وعودة جميع المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من قبل الدولة السورية

ويتعهد الطرفان بدعم الدولة السورية في مكافحة فلول النظام السابق وكافة التهديدات التي تهدد أمن ووحدة البلاد، فيما يرفض الاتفاق دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري. ​

ويُعتبر هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا، ودعم سيادتها ووحدتها، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ بنوده بحذافيرها لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.​




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية