مخالب تركيا تنهش سيادة العراق... فهل من رادع لأنقرة؟

مخالب تركيا تنهش سيادة العراق... فهل من رادع لأنقرة؟


20/04/2022

من "مخلب النسر" إلى "مخلب النمر" و"قفل المخلب"، عمليات عسكرية شنّتها تركيا في عمق الأراضي العراقية منذ منتصف حزيران (يونيو) 2020 حتى نهاية الأسبوع الماضي، متذرعة بملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني دون أدنى تنسيق مع السلطات العراقية التي تفاجأت بالضربات الجوية وتسلل قوات خاصة تركية بشكل غير شرعي داخل الأراضي العراقية، ممّا أثار غضب العراقيين، ودفع السلطات إلى اتخاذ خطوات احتجاجية رسمية على المستوى الدبلوماسي.

ومساء السبت الماضي، صرّح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار: أنّ طائرات حربية وهليكوبتر ومسيّرة تركية قصفت أهدافاً ومعسكرات وأنفاقاً وملاجئ ومخازن ذخيرة، زعم أنّها لمسلحين أكراد في شمال العراق، مشيراً إلى أنّ قوات تركية خاصة، "تسللت برّياً"، شاركت في العملية، واستهدفت مناطق ميتين أوزاب وأفاشين- باسيان شمالي العراق.

وامتدت "قفل المخلب"، التي قامت بها تركيا نهاية الأسبوع الماضي، على مساحة 7000 كيلومتر مربع، ضمن نطاق اختراق داخل أراضي إقليم كردستان العراق بمسافة 25 إلى 30 كيلومتراً.

الصدر يتوعد بالرد

في أول رد فعل على الانتهاكات التركية لسيادة العراق، حذّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تركيا من تكرار انتهاكها للأراضي والسيادة العراقية، قائلاً: "إذا تكرر ذلك منها، فلن نسكت، فالعراق دولة ذات سيادة كاملة".

 وزير الدفاع التركي خلوصي أكار

وقال الصدر، في بيان على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: إنّ "الجارة تركيا قصفت الأراضي العراقية بغير حق وبلا حجة".

وردّاً على المزاعم التركية بأنّها تلاحق عناصر مسلحة تابعة لحزب العمال الكردستاني، الذين تتهمهم أنقرة بتهديد أمنها، قال الصدر: "إن كان هناك خطر يداهمها من الأراضي العراقية، فعليها التنسيق مع الحكومة العراقية لإنهاء الخطر، فالقوات الأمنية العراقية قادرة على ذلك".

احتجاج شديد اللهجة

على المستوى الرسمي، استدعت وزارة الخارجية العراقية مساء أمس الثلاثاء السفير التركي في العراق علي رضا كوناي، وسلّمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على خلفية الخروقات والانتهاكات المستمرّة للجيش التركي.

 

استدعت وزارة الخارجية العراقية أمس السفير التركي في العراق علي رضا كوناي، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة

 

ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن بيان لوزارة الخارجية العراقية قوله: إنّها استدعت "سفير الجمهورية التركية لدى العراق علي رضا كوناي، على خلفية الخروقات والانتهاكات المستمرّة للجيش التركي، ومنها العملية العسكرية الأخيرة واسعة النطاق التي طالت مناطق متينا، والزاب، وأفاشين، وباسيان في شمال العراق".

وأضافت أنّه "تمّ تسليم السفير مُذكّرة احتجاج شديدة اللهجة"، داعية إلى "الكفّ عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية، والخروقات المرفوضة".

 دعوات لانسحاب تركيا

وجددت وزارة الخارجية العراقية مطالبتها بـ"انسحاب كامل القوّات التركية من الأراضي العراقية بنحو يعكس احتراماً مُلزِماً للسيادة الوطنية"، وفقاً لـ"واع".

وأوضحت أنّ "العراق يمتلك الحقّ القانوني لاتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي، إزاء أعمال عدائية وأحادية الجانب كهذه، والتي تجري دون تنسيق مع الحكومة العراقية".

 تصدير مشاكل تركيا الداخلية إلى العراق

اتهمت الوزارة العراقية السلطات التركية بتصدير مشاكلها وتحدياتها الداخلية إلى العراق، ملوّحة باللجوء إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة الذي يُجرم انتهاك سيادة بلد مستقل.

وقالت الوزارة في بيانها: "نشير إلى أنّ توظيف المادة (51) من ميثاق الأُمم المتحدة في حالات الاعتداء التي تقوم بها القوات التركية، لا يستند إلى أُسس قانونية، فالمادة المذكورة لا تُجيز انتهاك سيادة بلد مستقل"، لافتة إلى أنّ "تواجد معظم عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق قد جاء نتيجة لاتفاق بين الحكومة التركية والحزب المذكور، بالتزامن مع رفض واحتجاج العراق لما نراه من تصدير لتحدٍّ داخلي تركي إلى أراضي العراق".

وأكدت أنّ "انتهاك سيادة العراق لن يكون أرضية مناسبة لإيجاد حلول تشاركية ومستدامة للتحديات الأمنية، التي تضع أولوية زيادة التعاون الأمني بين الجانبين سبيلاً ناجعاً لتحقيق المصالح المرجوّة ومواجهة التحديات".

 تدخّل في السياسة العراقية

يبدو أنّ تركيا تبحث عن شيء أكبر من عناصر حزب العمل الكردستاني داخل العراق، الذي يواجه أزمة سياسية بالأساس، حيث إنّ مخالبها لم تكتفِ بالعمليات العسكرية فقط، بل تسعى لإيجاد منفذ للتسلل إلى العملية السياسية العراقية من خلال إحياء مشروع الخلافة القائم على جماعة الإخوان المسلمين التي تلقت ضربات مميتة في مصر ودول الخليج وسوريا، فقد أشارت تقارير عراقية إلى أنّ أردوغان يسعى لاستغلال الحالة السياسية الهشة في العراق لإعادة إحياء مشروع الإخوان المسلمين عبر "هيكلة" مساجد أهل السنّة.

 

اتهمت الوزارة العراقية السلطات التركية بتصدير مشاكلها وتحدياتها الداخلية إلى العراق، ملوّحة باللجوء إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة

 

وأفاد موقع "هاف بوست عراقي" أنّ ثمة قلقاً يسود بين القوى السنّية السياسية بسبب خطة "مبيتة" يقودها السياسي خميس الخنجر لنزع نفوذها، عبر تصعيد الإخوان المسلمين بطلب من تركيا.

والخنجر هو سياسي ورجل أعمال عراقي بارز، ويتمتع بعلاقات تجارية وسياسية واسعة النطاق داخل العراق وخارجها، واتُهم بتمويل تنظيم داعش.

مساجد السنّة بيد أنقرة

"هيكلة مساجد أهل السنّة" مصطلح مطاطي يسمح لتركيا ببث إيديولوجيات الإخوان المسلمين التي تربّى عليها أردوغان، وتسبّبت في دحرهم ولفظهم في العديد من الدول العربية لانتهاجهم العنف على كافة المستويات عبر المساجد، وهي خطة كفيلة بإثارة قلق المجتمع العراقي بكافة أطيافه.

وفي هذا الشأن، أشار "هاف بوست عراقي" إلى أنّ أكثر القلقين من هذا التطور هو محمد الحلبوسي وقوى متنفذة بدأت ترصد زحف المشروع الجديد على المشهد، وذلك عبر هيكلة المساجد التابعة لأهل السنّة، وجعل مرجعيتها بيد أنقرة.

وبعد سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين، المدعوم من قطر وتركيا عن طريق المشروع العربي بزعامة الخنجر، يقود مصطفى عياش الكبيسي نائب الخنجر المخطط لإعادة هيكلة المساجد التابعة لأهل السنّة والجماعة في المناطق السنّية، على حدّ قول الموقع العراقي، الذي أوضح أنّ تغيير الهيكلية سيتمّ من خلال السيطرة على الوقف السنّي، بعد أنّ صعّد الخنجر شخصاً تابعاً له إلى رئاسة الوقف هو عبد الخالق العزاوي.

الخنجر هو سياسي ورجل أعمال عراقي يتمتع بعلاقات تجارية وسياسية واسعة النطاق واتُهم بتمويل تنظيم داعش

بعد عملية هيكلة خطباء المساجد التي بدأت فعلاً منذ اليوم الأول لاستلام العزاوي، سيتم تغيير الخطاب الديني المعتدل باتجاه الخطاب الميّال نحو توجهات الإخوان المسلمين، على أن يتلقى التعليمات مباشرة من أنقرة، حتى في أشكال الخطاب الديني بكلّ تفاصيله، وفقاً لـ"هاف بوست عراقي"، الذي أشار إلى أنّ ذلك المشروع سوف يشرف عليه صالح الكبيسي، والمجمع الفقهي العراقي، ومصطفى عياش، ومسؤول تنظيمات الإخوان المسلمين في العراق عدنان حسين ومديرية الوقف السني في الفلوجة، وتمّ تعيينه حالياً مديراً لمكتب العزاوي.

وكشف الموقع أنّه بعد تغيير الخطباء ومسؤولي المساجد، سيتمّ تحويل الأموال المخصصة لإعمار المساجد إلى تنظيمات الإخوان المسلمين في المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أنّ الهدف الأساسي منه هو نهوض الإخوان عبر "بوّابة العراق الضعيف المفكك، حيث تسمح الظروف بإعادة بعث مشروع الإخوان".

 

تقارير عراقية: أردوغان يسعى لاستغلال الحالة السياسية الهشة في العراق لإعادة إحياء مشروع الإخوان المسلمين عبر "هيكلة"مساجد السنّة

 

 وأوضح أنّ "المشروع سيكون بوّابة ضغط على الدول المنافسة لتركيا في العراق وهي إيران ودول الخليج أيضاً، ومن المتوقع أن يظهر من جديد  المشايخ المؤيدون للإخوان في أماكن داخل الوقف السنّي ليكون وجودهم بغطاء رسمي، ويتمكنون من كسب قواعد جماهيرية، إضافة إلى إعادة العمل والتمويل للأتباع القدامى."

وكشف الموقع أنّ "الخطة بدأت فعلاً بتعيين محمد طه حمدون مراقباً للخطاب الديني في ديوان الوقف السنّي، الرجل المعروف أصلاً بخطابه الديني المتطرف"، مشيراً إلى أنّه "تم مؤخراً تعيين أكثر من (40) شخصية أخرى داخل الوقف السنّي، جميعهم من أصحاب الخطاب الديني الملائم لفكر الإخوان، كما أنّهم يؤمنون بأنّ أهل السنّة يجب أن يقودهم أصحاب الفكر الإسلامي، لا القوى العلمانية والعشائرية الحالية."

ويعمل عياش حالياً على تغيير المدراء العامّين داخل الوقف السنّي بحجّة مكافحة الفساد، والإتيان بمدراء موالين له استكمالاً لتنفيذ مخطط الاستحواذ على الوقف السنّي، في تطور "خطير" دفع قوى وشخصيات سنّية إلى التواصل مع السعودية والإمارات، لإحباط المخطط الجديد.

مواضيع ذات صلة:

لماذا تعارض القوى الموالية لإيران في العراق مشروع أنبوب البصرة – العقبة؟

فراغ دستوري في العراق بعد عجز الفرقاء عن اختيار الرئيس

تقرير أممي: ميليشيات منفلتة.. والعراقيون يدفعون الثمن

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية