محمد عبد النبي: روايتي "في غرفة العنكبوت" ليست إباحية

محمد عبد النبي: روايتي "في غرفة العنكبوت" ليست إباحية


26/12/2019

أجرى الحوار: سامح فايز


قال الروائي والمترجم المصري محمد عبد النبي، الفائز بجائزة الأدب العربي الممنوحة من معهد العالم العربي في باريس، دورة العام 2019؛ إنّ روايته "في غرفة العنكبوت" ليست إباحية. وقال إنه لا يعرف متى بدأنا استعارة كلّ مصطلحات ساحات القضاء والمحاكم في الحديث عن الأدب، مسألة (الاتهام) مثلاً، لماذا الكاتب غالباً ما يكون متهماً بشيء ما وعليه أن يرد على تلك الاتهامات؟

الكاتب أو الفنان لا بدّ أن يدرك ذلك الخيط الدقيق الفاصل بين الإيروتيكية والحسية وبين البورنو أو الكتابة المثيرة

وطرح عبد النبي سؤالاً في حواره مع "حفريات": ألا يوجد في قاموسنا تعبيرات واصطلاحات أخرى صالحة للاستعمال، غير تعبيرات القانون والشرطة وأقسام البوليس؟ موضحاً أنّ هذه نقطة مفزعة بالنسبة إليه: "لكن، ماذا لو أنّ الكاتب لم يرغب في الردّ على الاتهامات، أو طلب وجود محامٍ معه، أو اعترف بالتهم المنسوبة إليه، ماذا سيكون موقف أصحاب الدعوى؟ هل بيدهم إصدار حكم عليه؟ هل يمكن أن يسحبوا منه جائزة مثلاً أو تقليل عدد النسخ المطبوعة من كتابه، أم إنّها على العموم لعبة لفظية توارثناها كما هي ونعيد إنتاجها بلا انتباه؟".
غلاف الرواية

هنا نصّ الحوار:
* فازت وترشّحت روايتك "في غرفة العنكبوت" للعديد من الجوائز، آخرها جائزة معهد العالم العربي في باريس، البعض يقول إنّ روايتك لم تكن لتصل لتلك القوائم لولا حديثها عن مسألة شائكة مثل المثلية الجنسية، في إسقاط واضح على أنّ الرواية لا تستحق كلّ ذلك الاحتفاء، كيف تردّ على ذلك؟

ربما لا تستحق الرواية فعلاً كلّ ذلك الاحتفاء، كعَمل أدبي، لستُ أنا مَن بيده الحُكم على هذا الأمر، وربما يكون جانب من رواجها وفوزها بالجوائز هو موضوعها أو ما عبرت عنه بالمسألة الشائكة، لكن عموماً مِن المستحيل فَصل نص أدبي عن موضوعه، الموضوع نفسه يتشكَّل ويتجلَّى عبر الكلمات وعبر الأسلوب وعبر عشرات الاختيارات الصغيرة للكاتب من البنية إلى المفردة الواحدة إلى نوع الراوي، والقائمة طويلة؛ لذلك ليس لديّ ردّ على هذا (الاتهام) غير أنّني ما أزال أعمل وأطوّر مهاراتي وتقنياتي، وربما بعض أعمالي التالية بعد رواج العنكبوت تعبّر عن موضوعات أقل إثارة للجدل، وربما لا يحدث. كلّ شيء ممكن.
* اللعب على دائرة المحرمات والمحظورات في الثقافة العربية وسيلة بعض الكتاب من أجل إثارة الضجيج وافتعال الجدل حول العمل، وهو اتهام موجه لرواية "في غرفة العنكبوت".
العنكبوت لم تثر ضجيجاً بقدر ما وصلت للقارئ، وحازت إعجاب بعض النقّاد ولجان التحكيم؛ أقصد أنّ مسألة الضجيج والجدل لم تتحقق أصلاً في حالة العنكبوت، أظنّ أنّها نجحت كعَمل أدبي هدَفَ إلى أن تُقرأ وأن تطرح قضية الميول المثلية عبرَ وسيطها الخاص وهو الرواية تحديداً، من ناحية أخرى؛ لا أعرف متى بدأنا نستعير كلّ مصطلحات ساحات القضاء والمحاكم في الحديث عن الأدب، مسألة (الاتهام) مثلاً، لماذا الكاتب غالباً ما يكون متهماً بشيء ما، وعليه أن يردّ على تلك الاتهامات؟ ألا يوجد في قاموسنا تعبيرات واصطلاحات أخرى صالحة للاستعمال غير تعبيرات القانون والشرطة وأقسام البوليس؟ هذه نقطة مفزعة بالنسبة إليّ.

اقرأ أيضاً: هل صاغت ثورة يناير نظرة جديدة للقضايا الجنسية في مصر؟
لكن ماذا لو أنّ الكاتب لم يرغب في الردّ على الاتهامات أو طلب وجود محامٍ معه، أو اعترف بالتهم المنسوبة إليه، ماذا سيكون موقف أصحاب الدعوى؟ هل بيدهم إصدار حكم عليه؟ هل يمكن أن يسحبوا منه جائزة مثلاً أو تقليل عدد النسخ المطبوعة من كتابه، أم إنّها على العموم لعبة لفظية توارثناها كما هي ونعيد إنتاجها بلا انتباه؟
محمد عبد النبي ودرع التكريم بجائزة معهد العالم العربي في باريس

* موضوع الرواية شائك وملتبس، كسر تابوهات الدين والجنس والسياسة عموماً، تسبّب في حبس بعض الروائيين آخرهم الروائي المصري أحمد ناجي، بتهمة خدش الحياء؛ هل ساورتك مثل تلك المخاوف في أثناء الكتابة؟
بينما أكتب الرواية في مسوداتها الأولى لم تكن قضية أحمد ناجي قد أثيرت، لكنّه كان مسجوناً بالفعل عند نشرها، لم تساورني أيّة مخاوف، لأسباب كثيرة، منها؛ أنّ مسألة كسر التابوهات ليست مطلقة، وتتم بأشكال ودرجات عديدة، كما أنّها ليست هدفاً في حدّ ذاتها بالنسبة إلي، ومن الأسباب الأخرى أيضاً أنّ مغامرتي (لو صحَّت تسميتها كذلك) كانت مغامرة محسوبة، هدفها كتابة حكاية جميلة وواضحة ومفهومة على لسان رجل مثلي ممن قبض عليهم في قضية الكوين بوت، لا أظنّ أنّ في الحكاية اصطداماً بالدين مثلاً، لأنّ بعض شخصيات الرواية المثلية كان لديها طموحاتها الروحية في لحظة أو أخرى، أمَّا السياسة؛ فالقضية كانت معروفة وموثقة بكلّ تفاصيلها، وقد جرت في عهدٍ بائد الآن بكلّ ما فيه؛ لذلك لا تتبقى إلَّا مسألة الجنس، ولا أظنّ أنّ روايتي كانت إباحية، كما عبَّر عن ذلك أحد الكتّاب اللبنانيين في مقال له؛ لأنّ أيّ فنان أو كاتب لا بدّ من أن يدرك ذلك الخيط الدقيق الفاصل بين الإيروتيكية والحسية، وبين البورنو أو الكتابة المثيرة، مع احترامي لفنون تعتمد على الإباحية بدرجةٍ أو بأخرى، لكن لم يكن هذا هدفي من الرواية، لذلك ربما لم تكن صادمة لذائقة أغلب القراء.
قضية ناجي مختلفة قليلاً؛ لأنّ شجاعته وطموحه التجريبي يسبقانني بمراحل، كما أنّ نشر جزء من روايته في جريدة "أخبار الأدب" أعطى فرصة للمترصدين؛ ليجروه للمحاكمة.
* ما الذي دفعك لاختيار موضوع المثلية في مجتمع مغلق، ربما يشكل تهديداً على من يتحدث فيه؟ وهل تواصلت مع أشخاص لهم علاقة بالحادثة بشكل مباشر؟
من ناحية؛ لم يعد هناك مجتمع مغلق في الوقت الراهن، إلَّا ربما إذا كان هناك جماعات تعيش في مناطق معزولة عن جميع وسائل الإعلام والإنترنت والتكنولوجيا. أبسط المواطنين يمكنه أن يسمع ويرى، عبر جهاز موبايله، على ما يريد وما لا يريد أحياناً، ربما يظلّ وعي بعض المجتمعات مغلقاً أو حبيساً بالأحرى، على المستوى الرسمي والعلني، لكنّ المجتمع نفسه كأفراد صار منفتحاً على كلّ شيء، وعلى المستوى غير الرسمي وغير العلني يُطرح كلّ شيء للنقاش والمساءلة، بلا مشكلات كبيرة، حتى ولو على الإنترنت، كلمة تهديد كبيرة جداً، أنا فقط كتبت رواية، لم أشعل فتيل ثورة أو أنادي بدين جديد، المسألة أبسط ممَّا تبدو كثيراً، فضلاً عن أنَّ الحديث حول (مسائل شائكة) عبر الفنّ أسهل وأجمل كثيراً من الحديث حولها مباشرة في مقالات أو دراسات، بالتأكيد تواصلت مع بعض الحقوقيين الذين اشتغلوا مع الضحايا في قضية الكوين بوت، مِثل الناشط الحقوقي سكوت لونج، وكان الأستاذ حسام بهجت كريماً معي للغاية عندما زودني بتقرير "هيومان رايتس ووتش" الخاص بالقضية وقضايا شبيهة أخرى، لكنّني لم أتواصل بشكل مباشر مع أيّ من ضحايا القضية.
* المؤلّف قدّم أبطال الرواية بشكل محايد دون توجيه دفة القارئ إلى تشكيل موقف محدّد تجاه المثلية؛ هل قصدت بالعمل تغيير نظرة القارئ العربي تجاه المثلية، أم إنّه مجرد عرض حيادي لمشكلة موجودة بالفعل؟
أشعر أحياناً أنَّ الحِياد أسطورة، لا يمكن أن نناقش أهون المسائل من غير أن يكون هناك موقف أخلاقي أو عاطفي ضمني في داخلنا نحوها، بالتالي؛ ليس ثمَّة عرض حيادي لأيّ شيء، اللغة تورُّط، واختيار المفردات موقف، وبنية الحكاية نفسها بأصغر تفاصيلها تعبر عن موقف من الكاتب إزاء شخصياته وعالمه، لكن هناك فرق بين الموقف الفجّ الخشن الفاضح الذي يضغط على القارئ ويبتزه عاطفياً ويدفعه دفعاً في هذا الاتجاه أو ذاك، وبين التناول الفني (إن صحَّ التعبير) الذي يعرضُ ولا يفرض، الذي يرسم وينسج ويفكر، ولا يقفز على النتائج والأحكام والدروس المستفادة، أؤمن بحرية القارئ في اتخاذ أيّ موقف يشاء، لكني أؤمن أيضاً بحريتي ككاتب في تكوين موقف وتشكيل رؤية، ثم اللعب الفنّي بمكر، اعتماداً على هذا الموقف وهذه الرؤية؛ أي إنّ المسألة مكر فني بالأساس، حرفة وتقنية ومهارة نكتسبها ونطوّرها كي نوصل كلمتنا برقة وهمس، وبلا زعيق وخطابية مباشرة.

اقرأ أيضاً: التربية الجنسية تهيّج الصراع بين الليبراليين والمحافظين في كندا
تغيير الرأي العام مهمة كبيرة وشاقة وتحتاج إلى جهود ووقت وحراك اجتماعي وسياسي طويل المدى، وغاية الفنّ شيء آخر، إنّه مثل علاقة بين شخصين اثنين، الكاتب والقارئ، لا دخل فيها للجماهير والرأي العام، إنّه أقرب إلى رسالة حبّ، إذا وصلَتْ وفعلَتْ فعلها يكون كلّ شيء على ما يرام.
* استخدمت ضمير المتكلم في روايتك، وهذا يجعل المسافة بينك وبين بطل الرواية قريبة جداً، والمتلقي العربي غالباً ما يربط بين الرواية والسيرة الذاتية للكاتب؛ لماذا اخترت ذلك الضمير تحديداً، ولم تحاول الفكاك من اعتبار الرواية سيرة ذاتية للمؤلف؟
بالتأكيد لم يكن الهدف هو إلغاء المسافة بيني وبين بطل الرواية هاني محفوظ أو تقريبها، لكن بالأحرى تقريب المسافة بينه وبين القارئ؛ حيث يبدو كأنّه صديق أو قريب، يحكي له هو خصوصاً حكايته، ولا أظنّ أنّ المتلقي العربي ما يزال حتى الآن يخلط بين صوت الراوي ومؤلف العمل، صار القارئ أكثر وعياً، حيث يمكنه أن يفصل وأن يميز بينهما، وأن يدرك أنّ الضمير المستخدم مجرد خيار جمالي وتقني آخر من خيارات الكتّاب، لذلك لم أخشَ الربط، ولم أخشَ أن يبدو الكتاب مثل سيرة ذاتية لي؛ لأنّ شخصية هاني محفوظ أبعد ما تكون عني، من حيث أشياء عديدة، لكن المشتركات بيننا هي مشتركات إنسانية في الأساس، ولعلَّها مشتركات بين معظم البشر، فمن منا لا يضطر للعيش وراء أقنعة ولعب أدوار غير حقيقية؟ ومَن منا لا يهيم حباً ولو لفترة من حياته بشخصٍ آخر ويتوجَّع لعدم معرفته بحقيقة مشاعر المحبوب نحوه؟ مَن منا لم يتعرض لعسف وظلم المؤسسات الاجتماعية وأجهزة الدولة سواء في موقف بسيط للغاية أو في مأساة ممتدة؟ كلّ ذلك يمدّ جسوراً بيني وبين هاني محفوظ، وبينه وبين سائر الناس، وقد جربت بالفعل السرد باستخدام الراوي العليم كلي المعرفة، لكني لم أشعر أنّه الاختيار المناسب لهذه الرواية، كان عليَّ أن أنصت لصوت هاني محفوظ، وأن أكتشفه وألتقطه وأضعه على الورق؛ لأنَّ ما مرَّ به خاص جداً، ولا بدّ من التعبير عنه مباشرةً بلا حواجز الراوي العليم.
* لديك اهتمامات متنوعة ما بين كتابة القصة القصيرة والرواية والترجمة؛ أين ترى نفسك أكثر في تلك الفنون الأدبية المختلفة؟
لا أكاد أرى نفسي أساساً في شيءٍ منها، أنا موزّع وهذا جيد، أو ربما أنخرط في المهمة التي تكون بين يديَّ أياً كانت، تكون لها الأولوية دائماً، ليس لديَّ ترتيب، ولكن إن كنت مضطراً للترتيب ستأتي الكتابة عموماً قبل الترجمة، ثمّ ستأتي الكتابة الإبداعية قبل الكتابة غير الإبداعية، ثم ستأتي كتابة القصة قبل الرواية، فأنا أرى نفسي كاتب قصة بالأساس، ودائماً تخطر لي أفكار ومشاريع قصص، والرواية طبعاً منجز كبير لمَن استطاع إليها سبيلاً، لكنّها تحتاج إلى تكريس وقت وجهد وتركيز بمقادير غير طبيعية، ربما لا تتاح للكثيرين منا، فإما أن يأتي هذا على حساب أدوارهم الأخرى في الحياة، وإمَّا أن تكون النتيجة ضعيفة وغير موفقة.
عبد النبي ودرع التكريم بجائزة ساويرس الأدبية دورة عام 2017

* رغم ترشحك وفوزك بالعديد من الجوائز، إلى جانب تحقيقات أعمالك مرتفعة نوعاً ما في سوق الكتاب إلا أنّك تشير دائماً إلى أنّ الترجمة هي عملك الذي تعيش عليه في إشارة إلى أنّ الكتابة لا تمثل مصدر دخل للمواطن العربي، لماذا برأيك؟
إذا وضعنا الجوائز جانباً لبعض الوقت، فيمكننا أن نؤكّد أنّ الكتابة لا يمكن لها أن تؤمّن دخلاً مستقراً أو لائقاً لممارسيها، إلَّا إذا اتجهوا لأشكال مختلفة من الكتابة في الوقت نفسه؛ الصحافة مثلاً والكتابة في أكثر من موقع أو إصدار، وحتى هنا يكون الأمر محلّ تساؤل.

روايتي "في بيت العنكبوت" نجحت كعَمل أدبي في أن تُقرأ وأن تطرح قضية الميول المثلية عبرَ وسيطها الخاص

أشكّ فيمَن يرون أنفسهم، أو يقولون عن أنفسهم، أنّهم كتّاب متفرغون للكتابة، فحتَّى في دول غربية كثيرة لا يتاح هذا إلَّا لعدد محدود جداً من الكتَّاب، وبعد أن يكون قد حقق نجاحاً كبيراً أو فاز بجائزة كبرى، لكن طبعاً يستطيع هذا الكاتب أن يحقّق مبيعات كبيرة، ويعمل مع دار نشر كبيرة وتعطيه حقوقه، لكنّ هذا يتطلَّب نوعية مختلفة من الكتابة ومِن إرضاء الجمهور؛ لذلك كلّه أميل لأن يجد الكاتب سبلاً أخرى لكسب الرزق، سواء في الترجمة أو الصحافة أو التدريس، أو أيّة مهنة أخرى، بشرط أن تتيح له بعض الوقت ليقرأ ويكتب ويطور مشاريعه، مشكلة الترجمة أنّها نادراً ما تتيح هذا الوقت، وتكاد تبتلع المترجم في داخلها تماماً، ولا تبقي له غير فتات طاقة وتركيز، لذلك أميل في الفترة القادمة للتوقف عن ممارسة الترجمة لفترة حتى أتفرّغ للكتابة ولو لسنة واحدة على الأقل.
* كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟ وهل اعتبار الترجمة مصدر عمل قد يؤثر على اختياراتك أو، بمعنى أصح، يدفعك لقبول عمل لا تحبّه لمجرد تأدية العمل المطلوب؟
تخرّجت في كلية اللغات والترجمة، قسم اللغة الإنجليزية، جامعة الأزهر، وبعد التخرّج اشتغلت في مجالات عديدة ومتنوعة، عملت عاماً ونصف العام في شركة أقمشة بالجملة في شارع الحمزاوي بشارع الأزهر، في قسم التسويق التليفوني، جربت الصحافة الثقافية، ولم أفلح فيها على ما يبدو، جرّبت السياحة ولم أحبها، وجرّبت التدريس (في دروس خصوصية) وكرهته، جربت العمل مترجِماً في أحد مراكز حقوق الإنسان ولم أشعر بالارتياح، وجدت إعلاناً عن حاجة إحدى الشركات لمترجمين فتقدمت وقُبلت، كان الراتب هزيلاً لكنني قبلت، وعلى مدى خمسة أعوام واصلت العمل مترجماً، أترجم كتب التنمية البشرية وكتب الأطفال والألغاز البوليسية والمغامرات وكتب التحفيز وتحقيق النجاح، التي تصدر عن دور نشر عربية، مثل: "جرير"، ولا تُكتب على أغلفتها أسماء المترجمين، وأزعم أنني لم أتعلم الترجمة في الجامعة بقدر ما تعلمتها من الممارسة العملية خلال تلك الأعوام الخمسة.

اقرأ أيضاً: هل نحتاج فعلاً إلى التربية الجنسية؟
تركت الشركة عندما صارت الضغوط غير محتملة، بخصوص إيجاد وقت وطاقة للكتابة والقراءة، وعندما شعرت باستعدادي لأن أعمل من البيت مترجماً حرّاً، ومنذ ذلك الحين، وعلى مدى نحو عشرة أعوام الآن أعمل مترجماً من المنزل، لحساب دور نشر مصرية وعربية كثيرة، وكنت محظوظاً بترجمة بعض الكتب التي أحببتها وتعلمت منها، لكن أغلب الوقت يكون اختيار العنوان من قبل الناشر ولا تكون تجربة الترجمة ممتعة ومثرية للغاية، ونظراً إلى كون الترجمة مصدر رزق، فإنّني أتعامل معها كمترجم محترف، لا أختار أغلب ما أترجمه، ولكن مع الوقت صار بوسعي، على الأقل، أن أرفض بعض العناوين التي لا تروق لي، أو أن أقترح بعض العناوين التي أتمنى ترجمتها، وهكذا تمشي الأمور.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية