محللون لـ"حفريات": 3 مُخرجات ممكنة لقمة الجزائر

محللون لـ"حفريات": 3 مُخرجات ممكنة لقمة الجزائر

محللون لـ"حفريات": 3 مُخرجات ممكنة لقمة الجزائر


02/11/2022

يتوقع ثلاثة محللين ومسؤولة حكومية جزائرية أن تسفر القمة العربية الـ 31 بالجزائر عن ثلاثة مخرجات ممكنة. وفي تصريحات خاصة بـ حفريات"، جرى ترجيح حزمة متغيرات تشمل تفعيل إصلاح الجامعة، والانتصار للتكامل الاقتصادي، إضافة إلى إقرار آليات لدعم الاقتصاد الفلسطيني.

القمة، التي التأمت مساء أمس، قال عنها الوزير الجزائري للخارجية والجالية، رمطان لعمامرة، إنها "ثالث قمة عربية تحتضنها الجزائر، تمنح فرصة فريدة لتعبئة الجهود والنوايا الحسنة لكافة الأطراف الفاعلة قصد تعزيز التضامن العربي بشأن القضايا الجوهرية وبلورة رؤية مشتركة من أجل وضع منطقتنا في منأى عن التوترات وتوفير مستقبل واعد للشباب العربي".

وفي مقاربته لمؤدى القمة، يرى الخبير السياسي، د. سعد بلواضح، أنّ ثلاثة أسباب تجعل من القمة العربية الـ 31 فاصلة في التاريخ السياسي للدول العربية، وتتمثّل الأسباب في: تأثيرات جائحة كورونا، موجة التطبيع لبعض الدول العربية، وحرب روسيا ضدّ أوكرانيا.

ووسط سياق دولي وعربي استثنائي، يشير د. بلواضح إلى أنّ تحديد مستقبل المنطقة، مرتبط بالبحث في أهمّ المسائل المشتركة، على غرار إصلاح دور الجامعة العربية، القضية الفلسطينية، ومسألة إعادة سوريا للجامعة.

د. سعد بلواضح: تحديد مستقبل المنطقة، مرتبط بالبحث في أهمّ المسائل المشتركة

ويقدّر بلواضح أنّه من الصعب القول إنّ قادة ورؤساء العرب يمكنهم تجاوز خلافاتهم لعدة اعتبارات، أهمها:

1 -هناك خلاف حاد بين الدول العربية فيما يخص التطبيع مع إسرائيل.

2 -الموقف من الحرب من روسيا ضد أوكرانيا، فمنذ بداية هذه الحرب هناك تباين في مواقف الدول العربية.

لا منعرج حاسم للعمل العربي المشترك

لا يعتقد د. بلواضح أنّ إعلان الجزائر سيشكّل منعرجاً حاسماً للعمل العربي المشترك، للأسباب الآتية:

1 -الكثير من الدول، تتأثر كثيراً بضغوطات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

2 -بعض الدول العربية، وبفعل اصطفافات دولية تتدخل في شؤون دول عربية أخرى، لفرض أجندات معيّنة لا تخدم كثيراً شعوب المنطقة، ويقدّم الأكاديمي الجزائري حزمة ملاحظات فيما يخص هذه القمة، كالتالي:

1 – منذ 1973، غابت الجزائر عن الحضور بشكل فعّال في المشهد العربي، لذلك تعدّ هذه القمة فرصة تاريخية بالنسبة للجزائر، من أجل إعادة إحياء دورها في المنطقة، ولم يعد بالإمكان أن تبقى الجزائر بعيدة عن عمقها العربي.

هيثم رباني: لو يتفق العرب على هذا الحد الأدنى سيكون إنجازاً عظيماً

2 -هناك مؤشرات على الساحة الدولية تفيد أنّ النظام الدولي لم يعد كما كان قبل وباء كورونا، وعليه تملك الجزائر فرصة تاريخية من أجل أن يكون لها دور مستقبلي في المنطقة.

3 -السؤال المهمّ بالنسبة للجزائر، في منظور د. بلواضح، هو: ما الذي تمثّله هذه القمة العربية بالنسبة للجزائر؟ هل هو حسن ضيافة لقادة ورؤساء العرب، أم يعبّر عن تصورٍ جزائري لمستقبلها ومستقبل المنطقة العربية؟

الاقتصاد وتخفيف الإجراءات البينية

يتصوّر الخبير السياسي هيثم رباني أنّ  أساس هذا الخلاف هو غايات السياسة الدفاعية والأمنية وتحالفاتها الدولية، ومن الواضح جداً أنّ قيام الرئيس عبد المجيد تبون بتوحيد الفصائل الفلسطينية قد خلط حسابات دول عربية كثيرة، فضلاً عن الموقف من إيران.

القمة ستواجه تحدي معضلة "عضوية المقعد السوري" الذي ظلّ من الملفات الحساسة الراكدة في الجامعة، وتخمّن أنّ حلّ ذلك ممكن عبر عرض القضية على التصويت

لكن المشجّع – بحسب رباني – في قمة الجزائر هذه المرّة، هو الاتفاق على حدٍ أدنى عنوانه الاقتصاد وتخفيف الإجراءات البينية، ومساعدة الدول الأكثر حاجة للمساعدة مثل فلسطين ولبنان والصومال.

وفي تقديره: "لو يتفق العرب على هذا الحد الأدنى سيكون إنجازاً عظيماً".

تدوير منصب الأمين العام

طرحت الجزائر مخططاً لإصلاح وتطوير جامعة الدول العربية، يكفل – بحسبها – التعامل مع التحديات الجديدة وحالة الاستقطاب الحالية التي يمر بها العالم، وما يتصلّ بها من تداعيات على العالم العربي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

د. فائزة والي: الجزائر بفضل حنكتها، تستطيع تحقيق توافق في استيعاب الخلافات المطروحة، في صورة طيّ الخلافات بين الفصائل الفلسطينية

وعلم مراسل "حفريات" من مصدر مأذون، أنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سيقدّم أفكاراً جديدة لإصلاح الجامعة في خطابه الافتتاحي للقمة، ويربط المقترح الانطلاقة الجديدة للعمل العربي المشترك، بضرورة إصلاح الجامعة العربية في نصوصها الأساسية وهياكلها وبرامجها، بعدما وصف الرئيس تبون الجامعة في تصريح حديث، بأنّها "الهيئة الوحيدة من بين المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، التي لا تزال على حالها، دون تغيير ولا تطوير".

وتعود مطالبة الجزائر بإصلاح الجامعة العربية إلى 17 سنة مضت؛ حيث سبق أن دعت في القمة التي استضافتها في آذار (مارس) 2005، إلى إصلاح جوهري لعمل الجامعة، يشمل تدوير منصب الأمين العام بين الدول الأعضاء، لكن ذلك لم يتم اعتماده.

وبشأن إصلاح الجامعة، شدّد السفير نذير العرباوي مندوب الجزائر في الأمم المتحدة، على أنّ التحدي كبير، ويتطلب تنسيق الجهود السياسية والدبلوماسية والجماعية بين الدول العربية وتطويرها بالشكل الأمثل حتى تتمّ مواجهة التحديات.

وحول مدى توفيق الجزائر في مخطط إصلاح وتطوير الجامعة العربية، لاحظت الأكاديمية د. فائزة والي أنّ الموضوع ظلّ يثير الكثير من الاختلافات بين الدول لأعضاء وهو مطروح على أجندة الجامعة العربية، ومن ضمنها تدوير منصب الأمين العام واستحداث آلية لذلك، وهو ما يطرح إمكانية طرح قضية آلية التصويت، وتعتقد المحلّلة أنّ ذلك سيثير عدة تحفظات من بعض الأعضاء، رغم أنّ تدوير المنصب هو مطلب طرح من الجزائر ومن دول عربية أخرى.

الخبير السياسي سعد بلواضح لـ"حفريات": غابت الجزائر عن الحضور بشكل فعّال في المشهد العربي، لذلك تعدّ هذه القمة فرصة تاريخية من أجل إعادة إحياء دورها في المنطقة

أما العنصر الثاني في قضية إصلاح الجامعة، فسيكون على المستوى الاقتصادي الذي "يحقّق تقدماً"، في هذا الشأن، كشف الوزير المفوض، السوداني محمد خير عبد القادر، مدير إدارة المنظمات والاتحادات العربية بالجامعة أنّ الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية، شهد توافقاً على قرارات مثل التكامل الزراعي والتعاون العربي، وانتهاءً بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي العربي، وكلها تزيد فرص الاستثمار والتبادل التجاري بين الدول العربية، خاصةً الغلال والزيوت والسكريات والمنتجات الحيوانية لاسيما اللحوم الحمراء والبيضاء، لذلك ستساهم قمة الجزائر مساهمة فاعلة في التعاون الإقليمي تعضيداً للأعمال القُطرية.

وأضاف عبد القادر: "نأمل أن تكون هناك ترتيبات وتدابير تنهض بها المنظمة العربية للزراعة، وسائر المنظمات المعنية بالأمن الغذائي في كيفية إنفاذ ما سيتوصّل إليه القادة العرب".

وأكّد المتحدث ذاته أنّه جرى تحديد الميزات النسبية والمشروعات المطلوبة، موضّحاً: "ليس بالضرورة أن يكون هناك نمط استثماري واحد في الدول العربية، لكن المهمّ أن تتخذ الدول العربية حزمة من الإجراءات والتراتيب المفضية إلى إيجاد بيئة اقتصادية تسهّل للمستثمرين العرب ومن خارج المنطقة العربية". 

أكّد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، اعتماد توصية دولة فلسطين لدعم الاقتصاد الفلسطيني تمهيداً لاعتمادها من القمة العربية على مستوى القادة

وأكّد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، اعتماد توصية دولة فلسطين لدعم الاقتصاد الفلسطيني تمهيداً لاعتمادها من القمة العربية على مستوى القادة، بعدما وافق المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على مقترح إضافة أصغر عملة نقدية وطنية في الدول العربية والإسلامية على الفاتورة الشهرية للهاتف الثابت والمحمول لمشتركي الخدمة، لمساعدة وتعزيز صمود القدس.

وفوّض المجلس البنك الإسلامي للتنمية بإدارة هذه الأموال وفق آلية عمل صندوقي الأقصى والقدس، مع دعوة الدول الأعضاء لدعم الاقتصاد الفلسطيني وفق الترتيبات الثنائية مع دولة فلسطين وفتح أسواقها أمام التدفق الحرّ لمنتجات فلسطينية المنشأ عبر إعفائها من الرسوم الجمركية، وذلك تنفيذاً للقرارات السابقة الصادرة بهذا الشأن.

إلى أيّ حدٍ سيتم تجاوز الخلافات العربية العربية؟

ترى د. فائزة والي أنّ الجزائر بفضل حنكتها، تستطيع تحقيق توافق في استيعاب الخلافات المطروحة، في صورة طيّ الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، وهو الملف الذي تمّ معالجته عبر إعلان الجزائر في الثالث عشر من الشهر الماضي الذي كلّل بتفعيل خطة المصالحة الفلسطينية ولمّ الشمل، وهو ملف يُحسب للدبلوماسية الجزائرية.

وتسجّل د. والي أنّ القمة ستواجه تحدي معضلة "عضوية المقعد السوري" الذي ظلّ من الملفات الحساسة الراكدة في الجامعة، وتخمّن أنّ حلّ ذلك ممكن عبر عرض القضية على التصويت، أما بالنسبة للقضية الليبية، فالجزائر ومصر باعتبارهما متأثرين بما يجري في ليبيا، فهناك تنسيق مصري جزائري وتوافق على خريطة للعمل المشترك تدعم العملية السياسية وإقامة الانتخابات الليبية وخروج المرتزقة وتجاوز الخلافات. 

وبالرغم من كل الملفات المطروحة وتحدياتها، توقن والي أنّ الجزائر تستطيع حلّ بعض الملفات العالقة، إذا ما تمّ النظر إلى السياقات الإقليمية والدولية المؤثرة على النظام الرسمي العربي بشكل عام، زيادة على ذلك فالقمة تحمل شعار "لمّ الشمل"، ومن زاوية البنود الـ 19 التي اقترحتها الجزائر، وما تتضمّنه من تحيين العمل العربي المشترك لتمكين الاستجابة للحاجيات الإستراتيجية الملحة، ما يقتضي إعادة النظر بشكل دقيق في هياكل الجامعة ومؤسساتها وإيجاد صيغة لإيجاد فضاء مؤسساتي للمجتمع المدني العربي. وجاء تحيين العمل المشترك من منطلق إجماع وتوافق وزراء الخارجية العرب.

وتنتهي د. والي إلى أنّ العمل العربي المشترك محكوم بمدى تحقيق التوافق وتجاوز الخلافات، وتبني شعار "لمّ الشمل" ناجم عن الرغبة في تجاوز الخطابات والشعارات وترتيب البيت العربي.

رهان التكامل الاقتصادي

تشدّد المبعوثة الخاصة لوزير الخارجية الجزائري، المكلفة بالشراكات الدولية الكبرى، ليلى زروقي، على أنّ مفتاح فاعلية العمل العربي المشترك، يكمن في التكامل الاقتصادي، وتقول: "ليس هناك اتحاد ناجح دون ترابط اقتصادي، ولكم المثال في الاتحاد الأوروبي، وإذا أردنا بناء مجتمع عربي متكامل، يجب أن يكون اقتصادنا متكاملاً، وينبغي أن تكون قيمة المبادلات مرتفعة حتى تخشى كل دولة على أخرى".

ليلى زروقي: خطر المجاعة في الصومال تهديد للجميع

وتبرز زروقي أنّ "الرهان في تحصين الأمن الغذائي العربي، وخطر المجاعة في الصومال تهديد للجميع، لأنّ الصومال جزء منا، وعلينا الاهتمام بتقوية التكامل الاقتصادي والارتباط بين الشعوب".

وتنوّه زروقي إلى ضرورة تعميق أسس لمّ الشمل، ومواصلة العمل على هذا الأساس، والموضوع مهم جداً لأنّ كثيراً من الدول العربية تستورد كثير من أساسيات الأمن الغذائي، لذا علينا بالتكامل بيننا".

وسجّلت المسؤولة ذاتها بأنّ "العالم العربي متواجد في مدخل ومخرج البحر الأبيض المتوسط الجامع لثلاث قارات، وعليه من الضروري الاتحاد بعيداً عن أي مصالح فردية"، مستطردة: "التعاون العربي موجود، بيْد أنّ المطلوب تقوية هذا التعاون، وأفريقيا مهمة جداً للعمل العربي المشترك على صعيد بناء علاقات جنوب – جنوب للنهوض بموجبات الرهان الاقتصادي العربي الكبير".

مواضيع ذات صلة:

هل تكون مصالحة الجزائر آخرَ الأحزان الفلسطينية؟

المغرب والجزائر متفقتان في الغضب من فرنسا. لماذا؟

الجزائر والأزمة الليبية.. هل من جديد؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية