محللون فلسطينيون يكشفون لـ"حفريات" خبايا عودة حماس إلى سوريا

محللون فلسطينيون يكشفون لـ"حفريات": خبايا عودة حماس إلى سوريا

محللون فلسطينيون يكشفون لـ"حفريات" خبايا عودة حماس إلى سوريا


24/10/2022

كشف محللون وباحثون فلسطينيون خبايا عودة حركة حماس إلى سوريا، لافتين في تصريحات لـ"حفريات" إلى أنّه عندما اتخذت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرارها بقطع العلاقات مع نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في عام 2012، لم يكن السبب خلافاً في العلاقات الثنائية، التي كانت قوية للغاية حتى اندلاع أحداث الربيع العربي، وافتراق الإخوان المسلمين بمختلف تشكيلاتهم عن ما يُعرف بمحور الممانعة، الذي تتزعمه إيران.

كان الخلاف مقترناً بالفراق بين الإخوان المسلمين والدول الداعمة لهم عن محور الممانعة، ولا تنفصل عودة حماس إلى دمشق عن عودة العلاقات بين الإخوان ومحور الممانعة، مع التأكيد على الخصوصية الواسعة لحركة حماس في علاقتها مع الطرفين، بسبب هويتها الفلسطينية، التي يتفق عليها محور الممانعة والإخوان، كسردية أساسية في رؤاهم الفكرية.

حماس في دمشق

زار وفد حركة حماس العاصمة السورية دمشق، ضمن وفد ضمّ عدداً من مسؤولي الفصائل الفلسطينية، في (19) تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. وكان على رأس وفد حماس رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية، خليل الحية، والذي وصفته وسائل الإعلام السورية بنائب قائد حماس في غزة.

وتسببت أحداث الربيع العربي في العام 2011 في خلق واقع جديد في الدول العربية والشرق الأوسط، أدى إلى تدخل أوسع من القوى الدولية خصوصاً الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا في شؤون الدول العربية لدعم حلفائهم، مثلما دعمت واشنطن وبروكسل جماعة الإخوان المسلمين كفصيل ديمقراطي، ودعمت روسيا النظام السوري عسكرياً.

مصطفى الصواف: حماس اتخذت قراراً شورياً جامعاً

وبالعودة إلى الوقت الحالي، فلم يكن إقدام حركة حماس على هذه الخطوة منفرداً، بل نتيجة تحولات سياسية كبيرة لمدة عقد في المنطقة، أدت إلى تغير موقع التحالفات لأكثر من مرة، إلا أنّ قرار حركة حماس يظل مُربكاً للساحة السياسية، حيث رفاق الحركة في سوريا هم أعداء الرئيس السوري، وكذا فما جرى هو تراجع عن شعار الثورة الذي احتكر الإخوان الحديث باسمه.

وفي سياق هذا الطرح تساوت أصوات الأطراف التي تأثرت بقرار الحركة، وباتت الحركة مُطالبة بالإجابة عن العديد من الأسئلة، حيث لم يعد من حقها اتخاذ قراراتها مستقلة، طالما انخرطت في الخلافات العربية العربية، ولم تنأ بنفسها كحركة مقاومة عن ذلك.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، مصطفى الصواف، أنّ أي موقف لأي جهة هو "بين التأييد والنقد، أمر سليم طالما أنّ النقد لم يخرج عن حدود اللياقة واستند إلى حقائق دعم النقد".

توقعت إسرائيل إغلاق مكتب حماس في إسطنبول. وربما لجأت الحركة إلى دمشق لرفع الحرج عن تركيا، وكذلك قطر التي تسعى لتوطيد علاقاتها بالدول العربية

وأضاف لـ"حفريات": "حماس اتخذت قراراً شورياً جامعاً، بالعودة إلى الساحة السورية، ولديها أهداف تريد تحقيقها، في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، وتريد أن تكون علاقاتها مع الجميع على أساس التعاون بما يخدم القضية الفلسطينية ومقاومتها للاحتلال، وسوريا تعلن دوما أنها ضد الاحتلال الصهيوني وتدعم المقاومة".

ومن الجانب السوري، تنقسم المواقف؛ بين المؤيدين للنظام، والمعارضة بمن فيهم الإخوان المسلمون السوريون، وكذلك معسكرا الصراع في المنطقة العربية؛ الإخوان ومؤيدوهم من جانب، والجزء الأكبر من شعوب الدول العربية في الجانب الآخر.

ونشر مركز فيريل للدراسات، رؤية قريبة للنظام السوري، وجاء في تقرير المركز، أنّ "عناصر حماس أول مَن حمل السلاح ضد الجيش السوري". وأوضح المركز عبر صفحته على "فيسبوك" أنّ عودة حماس إلى دمشق لن تمثّل ضغطاً على إسرائيل، ولن تغفر خطايا الحركة في حق سوريا.

مواقف فلسطينية

ويرى الكاتب السياسي الفلسطيني، ماجد كيالي، أنّ كل ما تفعله حماس ومعها وفد الفصائل "تبييض لجرائم النظام السوري ضد شعبه وضد الشعب الفلسطيني". وذكر لـ"حفريات" أنّ هذه الفصائل فقدت دورها في الصراع ضد إسرائيل، وكذلك المكانة عند الشعب الفلسطيني، وشدد على أنّ "التحرر الوطني يُبنى على الحرية، لا الاستبداد. وفلسطين هي معنى للحرية والكرامة والعدالة، وهذه قيم إنسانية للفلسطينيين والسوريين على حد سواء".

ماجد كيالي: تبييض لجرائم النظام السوري

ومن جانبه، أوضح رئيس مركز بروكسل الدولي للبحوث، رمضان أبو جزر، أنّ "لا حماس رغبت  بالعودة إلى سوريا، ولا النظام السوري رحب بالعودة، بل الطرفان منبطحان للإرادة الإيرانية، وفي حركة حماس تيار إيراني اتخذ هذا القرار في وقت تخسر حماس كثيراً من حلفائها مثل تركيا".

واستنكر أبو جزر في حديثه لـ"حفريات"، تذلل وتزلف الحركة أمام الرئيس السوري بـ "عبارات التفخيم، بينما لا تقبل بإنجاز مصالحة حقيقية مع الشعب الفلسطيني، وتستكبر الاعتذار للشعب الفلسطيني على ما ارتكبته بحقه".

المحلل السياسي ماجد كيالي لـ"حفريات": كل ما تفعله حماس ومعها وفد الفصائل تبييض لجرائم النظام السوري ضد شعبه وضد الشعب الفلسطيني

بيْد أن الصواف يقول لـ"حفريات" إنّ حماس وضعت في حسبانها خدمة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، الذين يقترب عددهم من نصف مليون لاجئ. وبحسبه فإنّ "حماس تريد خدمة اللاجئين بعد تخلي منظمة التحرير عنهم، وتعزيز التحالف المقاوم للاحتلال ضد من يعترف بالكيان الصهيوني ويعادي المقاومة".

وشدد الصواف على أنّ حماس ضد الظلم بحق الشعب السوري والشعوب العربية "قرار حماس نابع من مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس استجابة لضغوط إيرانية، بل جاء الترحيب الإيراني استحساناً لقرار الحركة". وأفاد بأنّ "زيارة وفد حماس كانت ضمن زيارة وفد القوى الفلسطينية التي شاركت في حوار الجزائر، والزيارة طوت صفحة الماضي، وفتحت آفاق جديد للعلاقات".

رؤية المعارضة السورية

وارتباطاً بالتحولات الإقليمية بالنسبة لحماس؛ حيث التقارب الكبير بين تركيا وإسرائيل، وربط الأخيرة تبادل السفراء بطرد تركيا لعناصر حماس من أراضيها، وغلق مكتب الحركة، باتت الحركة أمام خيارات صعبة، دفعتها إلى العودة إلى دمشق.

وفي آب (أغسطس) الماضي، قالت القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في تركيا: "عملية إعادة تعيين سفير لدى أنقرة قد تتم في غضون أسابيع"، وأشارت إلى توقعات إسرائيل بإغلاق مكتب حركة حماس في إسطنبول. وربما لجأت الحركة إلى دمشق لرفع الحرج عن تركيا، وكذلك قطر التي تسعى لتوطيد علاقاتها بالدول العربية.

وفي السياق ذاته، قال رئيس مركز بروكسل الدولي للبحوث: "حماس تخطط لنقل عناصرها من تركيا إلى سوريا، ومن يرفض الانتقال سيُطرد، ليتبقى في تركيا وقطر أثرياء حماس وقادتها وعائلاتهم فقط". وأكد رمضان أبو جزر، على أنّ حماس ضعفت شعبيتها في غزة والضفة بشكل عملي، وبات دورها منحصراً في "مناكفة السلطة الفلسطينية، ما يخدم السياسة الإسرائيلية؛ حيث اتخاذ علاقة حماس بإيران مبرراً للاستمرار في التنصل من الاستحقاقات الدولية، وممارسة الاستيطان والجرائم بحق الفلسطينيين".

ورفضت المعارضة السورية خطوة حركة حماس، وقال الأمين العام للائتلاف الوطني السوري المعارض، هيثم رحمة، في بيان، أنّ ما فعلته حماس هو "خيانة للأمتين العربية والإسلامية وتخلٍ عن المبادئ الإنسانية واستخفاف بدماء الشعب السوري والفلسطيني التي سفكها مجرم الحرب بشار الأسد". وأضاف البيان أنّ "هذا الموقف المخزي لن يؤثر على العلاقة الودية العميقة بين الشعبين السوري والفلسطيني".

رمضان أبو جزر: شعبية حماس ضعفت

ومن جانبه، قال الصحفي السوري، حسام النهار: "لا يختلف مرشد إيران عن مرشد الإخوان، ولدى الإثنين مشروعهم الخاص، ويعملون على تصديره إلى دول أخرى لبسط السيطرة والهيمنة على الحكم من خلال رداء الدين، وهي الأيديولوجية التي لا تنجح إلا في دول غير مستقرة مثل سوريا". ووصف الصحفي النهار موقف المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، محمد حكمت وليد، من قرار حماس بأنّه "نوع من العتاب البارد".

وكتب مراقب الإخوان السوريين على "تويتر" رداً على حماس: "نقول لمن ضلوا الطريق وارتضوا العودة إلى الطاغية تائبين ليطووا صفحة ماضيهم، إنّ مليون شهيد ومئات الآلاف ما بين مفقود وسجين، وعشرة ملايين من النازحين واللاجئين، ليسوا ماضياً ننساه ونطوي صفحته. أرواحهم ما زالت تضيء درب الحرية والكرامة في سورية، وسداً منيعاً أمام التنازلات".

وشكك الصحفي السوري في موقف إخوان سوريا، وأوضح لـ"حفريات" أنّ "الشعب المعارض للأسد تعود على الشعارات الرنانة والخطابات الملحمية لإخوان سوريا، الذين تأتي أفعالهم عكس خطاباتهم، لذلك فقد التنظيم حاضنته الشعبية داخل سوريا في مناطق سيطرة المعارضة السورية في الشمال، رغم وجود أدوات تأثير ما زالت بحوزتهم".

وجاءت الزيارة في وقت برزت فيه مؤخراً مؤشرات على تقارب محتمل بين سوريا وتركيا، إثر تصريحات لمسؤولين أتراك دعت إلى "مصالحة" بين النظام السوري والمعارضة التي تعد أبرز داعميها، في تحوّل بارز في موقفها المعارض منذ بداية النزاع.

وفي 2017 أعلنت حركة حماس فكّ ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في سوريا منذ الثمانينات. واضطلع حزب الله اللبناني بدور الوسيط بين الحركة والسلطات السورية، وفق ما قال مسؤولون في حزب الله والحركة لوكالات أنباء.

وكانت حماس، التي تدير قطاع غزة المحاصر، من أوثق الحلفاء الفلسطينيين للأسد. وجعلت من دمشق مقراً لها في الخارج طوال أعوام، قبل أن تنتقد قمع السلطات للاحتجاجات التي عمّت البلاد بدءاً من منتصف آذار (مارس) 2011. وغادر قياديو الحركة وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي السابق في الخارج، خالد مشعل،  دمشق، وتم إغلاق كافة مكاتبها ووقف أنشطتها في سوريا، في شباط (فبراير) 2012.

مواضيع ذات صلة:

تركيا وقطر وإيران... هل رهنت "حماس" قرارها بهذه الدول؟

النظام السوري يستقبل وفداً من حماس... هل عادت المياه إلى مجاريها؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية