متى يدعو بايدن إلى وقف النار؟

متى يدعو بايدن إلى وقف النار؟

متى يدعو بايدن إلى وقف النار؟


02/11/2023

سميح صعب

وقت تقدّم الولايات المتحدة دعماً بلا حدود للحرب الإسرائيلية على غزة، تلوّح من بعيد بالعمل على تحريك الأفق السياسي. ومن قبيل ذلك، كلام الرئيس جو بايدن عن أنّ الشرق الأوسط لن يعود أبداً إلى ما كان عليه قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، تاريخ الهجوم الذي شنّته حركة "حماس" على مواقع عسكرية ومستوطنات في غلاف غزة.

هل يستطيع بايدن فعلاً تحريك العملية السياسية بعد انتهاء الحرب؟ هذا أمر مشكوك فيه، طالما أنّ إسرائيل غير مستعدة للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

الحكومات الإسرائيلية منذ أوسلو وحتى السابع من تشرين الأول 2023 قضت على كل إمكان لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، بسبب مضاعفة الاستيطان في الضفة الغربية خصوصاً في القدس الشرقية، ناهيك بالوهن الذي أصاب السلطة الفلسطينية المتآكلة التي باتت الطرف الأضعف في المعادلة، بفعل عوامل ذاتية وخارجية.

أصاب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في توصيفه الواقع الحالي بقوله إنّ هجوم "حماس" "لم يأتِ من فراغ". هل إدارة بايدن مستعدة للتسليم بهذه الحقيقة؟ أمر مشكوك فيه.

لا أحد يمكنه وضع تصور لمآلات الحرب الدائرة في غزة. ويبقى السؤال الجوهري، إلى أي مدى يمكن لواشنطن أن تضغط على إسرائيل كي تقبل بحل الدولتين؟ في سنة الانتخابات الرئاسية الأميركية، لن يجازف بايدن المرشح لولاية ثانية، بالضغط على أي رئيس للوزراء الإسرائيلي، سواء بقي نتنياهو في منصبه، أم تولّى غيره المنصب، كي يفتح ملف التفاوض مجدّداً مع الفلسطينيين.

بايدن، لا يجرؤ حتى الآن على رغم نزيف الدم الفلسطيني في غزة والمجازر اليومية بحق المدنيين، على المطالبة بوقف للنار، ويكتفي بالدعوة إلى إدخال المساعدات الإنسانية تحت النار. ولم تستطع واشنطن تأييد مشروع القرار الأردني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي دعا إلى "هدنة إنسانية مستدامة" في غزة، على رغم أنّ 13 دولة فقط انضمت إلى واشنطن في معارضة القرار في مقابل تأييد 120 دولة، لتبدو الولايات المتحدة في عزلة دولية. لكن لا يبدو أنّ بايدن على استعداد لاستخلاص العِبَر من تصويت الجمعية العامة.

والرئيس التركي رجب طيب إردوغان وجّه سؤالاً جوهرياً خلال تظاهرة تنديد بالحرب: كم ضحية يجب أن تسقط في غزة قبل أن يدعو الغرب، وهو هنا يعني الولايات المتحدة تحديداً، إلى وقف للنار؟

إنّ الدعم الأميركي الواسع وغير المسبوق لإسرائيل منذ 7 تشرين الأول الماضي، لا يقتصر على المساعدات العسكرية، بل ثمة دعم سياسي وضوء أخضر لـ"حكومة الحرب" الإسرائيلية، كي تفعل ما تشاء في غزة وفي غير غزة، انتقاماً من هجوم "حماس"، من دون أي اعتبار لحياة الإنسان الفلسطيني، وليس أدلّ إلى ذلك، من دأب بايدن على التشكيك في الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" عن عدد ضحايا القصف الإسرائيلي، على رغم أنّ وكالة "الأونروا" رفضت التشكيك الأميركي.

سياسة أميركية كهذه، كيف لها أن تنتقل في يوم من الأيام إلى حيز الضغط على إسرائيل كي تقبل بحل الدولتين؟ التجربة تدلّ إلى أنّ هذا احتمال بعيد.

قد يُقال إنّ الزمن زمن حرب، وإنّ بايدن لا يستطيع لاعتبارات انتخابية و"إيديولوجية"، غير الوقوف إلى جانب إسرائيل، من قبيل احتواء الموقف والتخفيف من صدمة 7 تشرين الأول، لكن بموقفه هذا يرتكب خطأ فادحاً، يعمّق من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ويقود الشرق الأوسط برمته نحو اشتعال أوسع وأكثر حدّة.

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية