ما سبب ارتفاع نسبة الوفيات بكورونا بين الأقليات في بريطانيا؟

ما سبب ارتفاع نسبة الوفيات بكورونا بين الأقليات في بريطانيا؟


30/04/2020

رغم اختراق فيروس كورونا حدود دول العالم جميعها وتسببه بإصابة ما يزيد عن 3 ملايين شخص من مختلف الأصول والأعراق، إلا أنّ بعض الدراسات التي أجريت في سياق فهم آلية عمل الفيروس وطرق انتشاره، توصلت إلى أنّه كان أشد فتكاً لدى بعض المصابين عن غيرهم.

ما يقارب ثلث المصابين الذين يعانون من أوضاع صحية خطيرة في بريطانيا هم من السود والأقليات العرقية الأخرى

وبحسب البيانات الإحصائية، التي أوردتها شبكة "بي بي سي"، فإنّ ما يقارب ثلث المصابين الذين يعانون من أوضاع صحية خطيرة في بريطانيا، هم من السود والأقليات العرقية الأخرى، رغم أنّ هذه الأقليات تُشكّل ما نسبته 14 بالمئة فقط من إجمالي سكان المملكة المتحدة، ما دفع العلماء إلى البحث في أسباب التأثير غير المتناسب لفيروس كورونا على الأشخاص المنتمين لهذه الأقليات.
السود والأقليات العرقية
تشير بيانات المركز الوطني لأبحاث وإحصاءات العناية الفائقة، والتي استندت في أبحاثها إلى 3300 مريض من أقسام عناية مختلفة في إنجلترا وويلز وأيرلندا الشمالية، إلى أنّ 34 بالمئة من المصابين الذين يعانون من أوضاع صحية خطيرة هم من السود أو الأقليات العرقية الأخرى.

أبناء الأقليات أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا

وبحسب الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للصحة في إنجلترا "NHS"، فإن المصابين بفيروس كورونا من الأفارقة والآسيويين والأقليات العرقية الأخرى يواجهون خطر الموت بشكل غير متناسب، حيث شكّل أبناء هذه الأقليات ما نسبته 16.2 بالمئة من إجمالي المصابين في المستشفيات البريطانية حتى 17 نيسان (أبريل).

اقرأ أيضاً: أكثر من 3 ملايين إصابة بكورونا حول العالم.. آخر إحصائيات الوباء
ولا تقتصر هذه النسب على بريطانيا وحدها، حيث تشير التقارير إلى أنّ السود شكلوا ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي المصابين بفيروس كورونا في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أنهم يشكلون 30 بالمئة فقط من إجمالي سكان المدينة، كما وصلت تقارير مشابهة من ولايات نيويورك وديترويت ونيوأورلينز الأمريكية.

 شكل السود ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي المصابين بكورونا في مدينة شيكاغو الأمركية
وفي هذا السياق، يقول الأستاذ بجامعة ليستر، كاملش خونتي؛ إنّ "القلق ينتاب الكثيرون بسبب ما يتم تناقله وما أشارت إليه البيانات الأخيرة من أن نسبة أعلى من السود وأبناء أقليات أخرى دخلوا أقسام العناية الفائقة"، بحسب تقرير "بي بي سي".

توفي عدد كبير من الأقليات العاملة في الطواقم الطبية بالمقارنة مع نسبتهم إلى مجموع العاملين خلال مواجهة فيروس كورونا

ماذا عن الوفيات بين الأطقم الطبية؟
يُشكّل أبناء الأقليات ما نسبته 23 بالمئة من العاملين في القطاع الطبي في لندن، كما يشكلون 12 بالمئة من العاملين في القطاع الطبي في عموم بريطانيا، إلا أنّ أعداد الوفيات بين العاملين في القطاع الطبي، أظهرت أنّ أبناء الأقليات أكثر عرضة للوفاة، ما دفع نواب معارضين من حزب العمال إلى المطالبة بفتح تحقيق حول الموضوع.

ووفقاً لبيانات الحكومة، توفي عدد كبير من الأقليات العاملة في الطواقم الطبية، بالمقارنة مع نسبتهم إلى مجموع العاملين خلال مواجهة فيروس "كوفيد 19"؛ إذ إن أول 10 من الأطباء الذين ماتوا بسبب إصابتهم بفيروس كورونا تعود أصولهم للأقليات العرقية، ومنهم؛ ألفا سعدو، جيتندرا راتود، محمد سامي شوشة وسيد حيدر، مدحت عطا الله، وغيرهم، وفق ما أورد موقع "يورو نيوز".

أول 10 أطباء ماتوا بسبب فيروس كورونا في بريطانيا تعود أصولهم للأقليات العرقية

وقد صرّح وزير الصحة البريطاني مات هانكوك؛ قائلاً "للأسف، فإن عدداً غير متناسب ممن توفوا في هيئة الخدمات الصحية الوطنية جاؤوا هنا للعمل وكسب العيش".
تحقيق حكومي في بريطانيا
كان المتحدث باسم رئاسة الحكومة البريطانية قد أعلن عن فتح تحقيق لمعرفة أسباب تأثر الأقليات في المملكة المتحدة بفيروس كورونا أكثر من غيرهم، وقال المتحدث الرسمي، "طلبنا من هيئة الخدمات الصحية الوطنية ووزارة الصحة أن تبدأ مراجعة حول التأثير غير المتناسب لفيروس كورونا على الأشخاص المنتمين للأقليات العرقية".

يشكل أبناء الأقليات ما نسبته 12 بالمئة من العاملين في القطاع الطبي في بريطانيا
ويأتي ذلك بعد أن تقدم عدة نواب معارضين من حزب العمال في رسالة إلى وزير الصحة مات هانكوك، قالوا فيها إنّ "وفاة 10 أطباء من أصول مهاجرة ليس صدفة"، وطالبوا بفتح تحقيق حكومي "عاجل".

حزب العمال البريطاني: لا يتلقى الأطباء المنحدرون من الأقليات، معاملة متساوية ولا يُوفر لهم الدعم اللازم

ووصفت وزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة، مارشا دي كوردوفا، الأرقام بأنها "مزعجة للغاية"، مضيفة؛ "إنها تعكس التفاوتات الصادمة التي تواجه مجتمعات الأقليات ككل، والتي تقدّم عدد ضحايا غير متناسب بين الأشخاص الذين يصابون بالفيروس".
ما السبب؟
أكّد النواب العماليون في رسالتهم إلى وزير الصحة مات هانكوك، "أنّ الأطباء المنحدرين من أقليات، لا يتلقون في كثير من الأحيان معاملة متساوية، وينظر إليهم مسؤولهم كغرباء ولا يُوفر لهم الدعم اللازم". وارتكزت الرسالة إلى دراسة أجرتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية، خلصت إلى أنّهم أقل شكوى من نظرائهم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بنقص المعدات.

الجينات قد تؤثر على فرص الإصابة بفيروس كورونا
كما تقول دراسة علمية أجراها باحثون في جامعة "كينغز كوليدج لندن" أنّ الجينات قد تؤثر على فرص الإصابة بفيروس كورونا، كما تسهم في مدى سوء معاناة الأشخاص المصابين، ما يمكن أن يُفسّر سبب تأثر المرضى من بعض الأقليات العرقية بشكل أسوأ.

تعيش معظم الأقليات العرقية في أحياء فقيرة ويعملون في مهن تعد أساسية في مكافحة الفيروس

ووفقاً للبروفيسور تيم سبيكتور، الذي ترأس فريق الباحثين، فإنّ هذه النسب "ربما تكون بسبب أن بعض هذه المجموعات أكثر عرضة للمعاناة من الحالات الصحية الأساسية مثل مرض السكري، ما يزيد من خطر الإصابة بفيروس كورونا، أو ربما يرجع إلى استعداد وراثي بشكل مباشر بدرجة أكبر"، وفق ما أورد موقع العربية.
ورجح سبيكتور أنّ النظام الغذائي لبعض الجاليات، وبالتالي الحالة الصحية للميكروبيوم المرتبط بالجهاز المناعي، يمكن أن يؤثر على مدى تعرضهم للإصابة بالعدوى، وأضاف؛ "إنّ هذا يمكن أن يفسر لماذا تبدو المناطق الأكثر فقراً هي الأكثر تضرراً".

اقرأ أيضاً: كيف فاقم فيروس كورونا أزمة النازحين؟
وتعيش معظم الأقليات العرقية في أحياء فقيرة ويعملون في مهن تعد أساسية في مكافحة الفيروس، كما يعملون في وظائف النقل والمطاعم ومحال التجزئة ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة من غيرهم.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية