ما دلالات القرارات التركية الأخيرة ضد جماعة الإخوان؟

ما دلالات القرارات التركية الأخيرة ضد جماعة الإخوان؟


04/05/2022

أغلقت قناة "مكملين" الإخوانية مقرها في تركيا الأسبوع الماضي، بالتزامن مع تسريب معلومات من جانب السلطات التركية تفيد برفض تجديد الإقامة للعشرات من قيادات جماعة الإخوان المصنفة إرهابية، في خطوة قرأها مراقبون بأنّها تخلٍّ عن ورقة الإخوان السياسية التي لطالما كانت بيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وظلت إحدى أدوات المناورة الإقليمية لأعوام، بينما اعتبرها آخرون بأنّها "مناورة" لتحريك المياه الراكدة بملف المفاوضات مع القاهرة، أو أنّها محاولة للفت الأنظار عن ملفات أخرى أكثر أهمية، في مقدمتها "الملف الليبي".

ويصف الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان، الخطوات التركية ضد جماعة الإخوان بأنّها كانت "متوقعة" في إطار التقارب المصري التركي، الحاصل على مدار الأشهر الماضية، مشيراً إلى أنّ القاهرة طلبت في وقت سابق بوقف المنصات التحريضية لجماعة الإخوان التي تبث من تركيا خطاباً عدائياً ضد الدولة المصرية.

تحريك الملف التفاوضي مع القاهرة

وفي تصريح لـ"حفريات" قال "سلطان": إنّ "القاهرة طالبت أيضاً في إطار المباحثات التفاوضية مع أنقرة بعدم السماح لقيادات التنظيم بممارسة أنشطتهم في داخل تركيا، من أجل إثبات حسن النية ودفع ملف التفاوض إلى المُضي قدماً، ويبدو أنّ الخطوات الأخيرة تؤكد أنّ هناك اتجاهاً من جانب تركيا لتسريع وتيرة التقارب، ولذلك أبلغت السلطات التركية جماعة الإخوان بإغلاق قناة "مكملين".  

 

تصعيد القرارت التركية ضد عناصر الإخوان الأسبوع الماضي جاء بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي للمملكة العربية السعودية

ويوضح "سلطان" أنّ القرارات التركية قد صدرت وتمّ إبلاغ الإخوان بها منذ فترة طويلة، وكانت الجماعة تستعد بالفعل لتنفيذها، كذلك اتخذت السلطات التركية مؤخراً قراراً بعدم السماح بمنح تمديد لإقامة عدد من قيادات التنظيم المقيمين على أراضيها منذ الهروب من مصر في أعقاب عام 2013، ويرتبط ذلك، وفق سلطان، بتفاهمات مصرية تركية في ضوء المباحثات الجارية. 

أحمد سلطان: الخطوات التركية ضد جماعة الإخوان كانت "متوقعة" في إطار التقارب المصري التركي

ويشير "سلطان" إلى أنّ تركيا رفضت في وقت سابق تسليم بعض قيادات التنظيم المطلوبين إلى القاهرة، واكتفت بوقف نشاطهم وعدم السماح بتجديد إقاماتهم ومطالبتهم بمغادرة البلاد، لكنّ الخطوات الأخيرة من جانب السلطات التركية ربما تعكس رغبة في تسريع خطوات التقارب مع مصر .

ويتوقع سلطان ألّا تكون هذه الخطوات هي الأخيرة من جانب تركيا في ضوء الرغبة في التقارب مع مصر، لكنّه في الوقت ذاته يشير إلى أنّ عدداً من قيادات التنظيم قد تمّ منحهم الجنسية والإقامة داخل البلاد ومن الصعب أن تتخذ السلطات إجراءات معهم في هذا الصدد، لكنّه يقرأ الخطوات الراهنة بأنّها مناورة سياسية من جانب أنقرة لسببين: الأوّل هو تحريك المفاوضات المجمدة مع مصر، والثاني هو لفت الأنظار بعيداً عن الملف الليبي الذي يشهد في الوقت الراهن تصعيداً غير مسبوق، وتُعدّ مصر لاعباً رئيسياً في هذا الملف بمواجهة الطموح التركي.

الورقة التي سقطت من يدي أردوغان

من جانبه، يتوقع الكاتب المختص بالشأن السياسي والدولي فاضل المناصفة أن يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة قريبة إلى مصر، في ضوء محاولات تغيير السياسة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط، ويرجح أن تشهد الزيارة محاولة جديدة لإنهاء الخلافات القائمة مع مصر.

 

الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان: القرارات التركية قد صدرت وتمّ إبلاغ الإخوان بها منذ فترة طويلة، وكانت الجماعة تستعد بالفعل لتنفيذها

وفي مقاله المنشور بموقع "العرب" تحت عنوان: "تركيا تتصالح مع العرب وتسقط ورقة الإخوان"، يقول المناصفة: إنّ "رغبة تركيا في فتح صفحة جديدة مع دول الخليج قراءة سليمة وخطوة ضرورية لأردوغان، بعد أن أدرك أنّ التغيرات الإقليمية التي حصلت في المنطقة تحتاج لإعادة تموقع أنقرة وصياغة سياسة خارجية جديدة تكون فيها الحاجة الاقتصادية أولوية لتركيا، التي لم تمرّ جائحة كورونا على اقتصادها مرور الكرام، بل كانت قاب قوسين أو أدنى من دمار يعود بالليرة والاقتصاد التركي إلى السنوات العجاف."

ويضيف المناصفة أنّ "تركيا اليوم تعود إلى حجمها الطبيعي في المنطقة، بعد أن تصورت أنّ بإمكانها ممارسة مهنة شرطي الشرق الأوسط، وأدركت أنّ العالم بعد الجائحة يحتاج إلى إعادة قراءة المشهد وفق مقتضيات المصلحة الاقتصادية للبلاد، لا بأحلام استعادة المجد العثماني على المنطقة".

ويتابع: "في مدة زمنية قصيرة اقتربت تركيا من أبوظبي، وها هي ذي تقترب من الرياض، وقريباً ستقترب من القاهرة، وربما ستحاول أن تجد مخرجاً من المأزق السوري من خلال مصالحة مع دمشق، لتعيد بذلك ترتيب علاقاتها مع العالم العربي على أساس المصلحة المشتركة والتكتل الاقتصادي الذي تفرضه التطورات التي حصلت وتحصل مع غزو روسيا لأوكرانيا."

ويرجح أن "تكون هناك زيارة مرتقبة إلى مصر، وستلعب تركيا دوراً غير مباشر في دعم بشار الأسد، من خلال دعم مقترح عودته إلى الجامعة العربية. ولا يستبعد أن تكون حركة حماس والإخوان في تركيا الورقة التي سقطت واستهلكت بما فيه الكفاية، وستكون قريباً خارج المعادلة التركية الجديدة."

تداعيات القرار

الإجراءات التركية ضد جماعة الإخوان ليست جديدة، وتعود بدايتها إلى آذار (مارس) الماضي، بالتزامن مع إعلان المباحثات التفاوضية بين مصر وتركيا، ومن ثمّ طالبت أنقرة قيادات جماعة الإخوان المقيمين في البلاد منذ ثورة 30 حزيران (يونيو) في مصر بوقف البرامج السياسية في القنوات الفضائية التابعة للتنظيم التي يبث معظمها من تركيا، في إجراء عُدّ تمهيداً لقرارات الإغلاق الكلي من جانب السلطات التركية، وكذلك تبعه العديد من الإجراءات التي من شأنها التضييق على التنظيم.

 

يتوقع الكاتب المختص بالشأن السياسي والدولي فاضل المناصفة أن يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة قريبة إلى مصر، في ضوء محاولات تغيير السياسة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

وتجدر الإشارة إلى أنّ تصعيد القرارت التركية ضد عناصر الإخوان الأسبوع الماضي جاء بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي للمملكة العربية السعودية، مّا اعتبره مراقبون بأنّه تحوّل من جانب أنقرة لتغيير سياستها في الشرق الأوسط والتخفيف من عملية استخدام الإسلام السياسي، خاصة في ضوء التصريحات من جانب الرئيس التركي التي أعقبت عدة اجتماعات مع العاهل السعودي ومسؤولين في المملكة، حيث قال عبر تويتر: إنّ "بلاده تعارض جميع أشكال الإرهاب، وتعلق أهمية على التعاون مع دول منطقتنا ضد الإرهاب."

مواضيع ذات صلة:

بعد إغلاق "مكملين".. هل تتحول تركيا إلى دولة طاردة للإخوان المسلمين؟

مؤتمر الإخوان في تركيا: هل من جديد غير الفضفضة؟

تركيا تفكر بطرد قادة حماس: أين سيتوجهون؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية