بعد إغلاق "مكملين".. هل تتحول تركيا إلى دولة طاردة للإخوان المسلمين؟

بعد إغلاق "مكملين".. هل تتحول تركيا إلى دولة طاردة للإخوان المسلمين؟


01/05/2022

لم يدُر في خلد جماعة الإخوان المسلمين، المصنّفة إرهابية في بعض الدول، أنّ النظام التركي، سيحوّل أعضاءها الفارّين إلى تركيا وقنواتهم إلى قرابين لإصلاح ما أفسدته استضافته للجماعة المعادية للأنظمة العربية ولاسيما النظام المصري الحالي، فقد أفادت تقارير إعلامية عن تضييقات يتعرض لها عناصر الإخوان في تركيا، فضلاً عن إغلاق بعض منابرهم الإعلامية التي استخدموها للهجوم على الأنظمة العربية وفي مقدمتها مصر.

وبعد عام من تعليمات تركية لقنوات الإخوان المسلمين، التي تُبث من تركيا، بتخفيف نبرة الهجوم على النظام المصري في ظل بدء مشاورات لتطبيع العلاقات مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تعتبره الجماعة "عدوّها اللدود"، أعلنت قناة "مكملين" أول من أمس أنّها اتخذت قراراً بالإغلاق والانتقال لدول أخرى لم تسمِّها، بعد 8 أعوام من انطلاقها من الأراضي التركية.

يشير إغلاق قناة مكملين الإخوانية إلى أنّ إعلام الجماعة في طريقه للأفول في ضوء مساعي تركيا لطي عقد من توظيف الإعلام للابتزاز السياسي

وإعلان إغلاق القناة الإخوانية ووقف بثها من الأراضي التركية يشير إلى أنّ إعلام الجماعة، التي لطالما اعتمدت على آلتها الإعلامية لزعزعة الاستقرار في الدول العربية ولاسيما مصر وتونس، في طريقه للأفول في ضوء مساعي تركيا لطي نحو عقد من توظيف الإعلام للابتزاز السياسي والتسويق لمشاريع تهدف إلى توسيع النفوذ التركي في المنطقة العربية، وخاصة ليبيا.  

قرار أم طرد؟

في حين قالت القناة الإخوانية، في بيان أول من أمس، إنّ إغلاق القناة في تركيا جاء بقرارٍ منها، كشفت وسائل إعلامية أنّ السلطات التركية طلبت من مسؤولي قناة "مكملين" وقف عملها، وفق ما أوردت صحيفة "أحوال" التركية.

وأوضحت "مكملين"، في بيانها، أنّها "ستغلق استوديوهاتها ومقرها بالكامل في تركيا وتنطلق من عواصم عالمية مختلفة خلال المرحلة المقبلة"، دون توضيح وجهتها.

يسعى أردوغان لتطبيع العلاقات مع مصر

وفي آذار (مارس) 2021، أصدرت السلطات التركية تعليمات لثلاث قنوات تلفزيونية للإخوان المسلمين في تركيا وهي: "الشرق" و"مكملين" و"وطن"، بتخفيف حدة انتقادها للحكومة المصرية و"ضبط سياستها التحريرية" في محاولة لتطبيع العلاقات مع مصر، في خطوة اعتبرها مراقبون دوليون صفعة مصرية جديدة لجماعة الإخوان المسلمين التي أُطيح بها في مصر في حزيران (يونيو) 2013 بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، الأمر الذي بدا جليّاً في ترحيب مؤسسات الدولة المصرية، ومن بينها وزارتا الخارجية والإعلام.

منذ أنّ طالبتها أنقرة صراحة بـ"ضبط سياستها التحريرية" بدت قنوات الإخوان في تركيا بلا تأثير يُذكر

ومنذ أنّ طالبتها أنقرة صراحة بـ"ضبط سياستها التحريرية"، بدت قنوات الإخوان في تركيا بلا تأثير يُذكر، ولاسيما بعد نجاح القاهرة في التصدى لـ"آلة الشائعات" التي اعتمد عليها الإعلام الإخواني لزعزعة الاستقرار.

وقبل الإعلان عن إغلاق "مكملين"، أقدمت تركيا على طرد عدد من الإعلاميين الإخوانيين خارج أراضيها، كمقدمة لإغلاق القنوات بعد فشلها في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، ومن بينها دعم تنظيم الإخوان والتسويق لمشروع أنقرة التوسعي في المنطقة العربية.

السعودية والإخوان

الإعلان عن إغلاق قناة "مكملين" جاء كذلك عقب يوم واحد من زيارة أردوغان للمملكة العربية السعودية؛ حيث سعى الرئيس التركي إلى تقديم تطمينات للمملكة ومخاطبة مخاوفها بشأن دعم حكومته للجماعات التي تصنفها الرياض إرهابية، ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين، على حد وصف النسخة الإنجليزية لصحيفة "أحوال" التركية.

وإضافة إلى الحشد المستمر ضد الدولة المصرية، وظّف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القنوات الإخوانية في موجة تشهير ضد المملكة العربية السعودية منذ العام 2018، وتحوّلت إلى رأس الحربة في المواجهة التي أخذت أشكالاً مختلفة بين التنظيم الدولي للإخوان والقاهرة السنوات الماضية، فضلاً عن استخدامها لقلب الحقائق في ليبيا.

مساعد وزير الخارجية المصري: أفول قنوات الإخوان يأتي في سياق العودة التدريجية للعلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها

وفي تغريدة عقب اجتماع مغلق مع العاهل السعودي في جدة الخميس الماضي، كتب أردوغان، على حسابه الرسمي على تويتر، إنّ الحكومة التركية "تعارض جميع أشكال الإرهاب وتعلق أهمية على التعاون مع دول منطقتنا ضد الإرهاب"، في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين، وفي تحول جذري في سياسة أردوغان، الذي دعم الجماعة، المصنّفة إرهابية، على مدار أكثر من عقد.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، نشرت هيئة كبار العلماء السعودية، أعلى هيئة دينية في المملكة، بياناً وصفت فيه جماعة الإخوان المسلمين بأنها "إرهابية لا تمثل القيم الحقيقية للإسلام". وقالت الهيئة إنّ الحركة التي تقول "إنها تسعى إلى الديمقراطية للمسلمين الذين يعيشون في ظل أنظمة قمعية، تثير الفتنة والعنف والإرهاب وتقوض التعايش داخل الأمم".

وتأتي الزيارة والإجراءات المناهضة للإخوان المسلمين قبيل عامٍ من خوض أردوغان الانتخابات العامة والرئاسية، وسط أزمات اقتصادية داخلية تحاصره وتهدد حزبه "العدالة والتنمية".

وسافر أردوغان إلى السعودية كجزء من تحوّل جذري في سياسته الإقليمية والتي تضمنت كذلك تطبيعاً "أكثر دفئاً" مع إسرائيل وخصومه الإقليميين.

نهاية قنوات الإخوان

ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير حسن هريدي قوله: إنّ "أفول قنوات الإخوان يأتي في سياق العودة التدريجية للعلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها، وهي خطوة تسبق عملية إعادة تبادل السفراء بين البلدين؛ حيث أبدت القاهرة اعتراضها على تعيين سفير في وجود قنوات تعمل بتصريح من الدولة التركية وتوجه هجومها لها".

حسن هريدي: أفول قنوات الإخوان يأتي في سياق العودة التدريجية للعلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها

وأوضح هريدي أنّ إغلاق جميع قنوات الإخوان يزيل عقبة عكّرت تحسّن العلاقات بين البلدين، وقد تشهد الأيام المقبلة الإعلان عن موافقة البلدين على عودة السفراء، مشيراً إلى أنّ "تركيا استخدمت قنوات الإخوان لخدمة سياستها الخارجية التي اتسمت بالصدام مع مصر، والآن أدخلت تعديلات على تصوراتها ولها أولويات نحو استعادة زخم العلاقات الاقتصادية مع دول عربية عديدة تنقذها من أزماتها الداخلية".

هريدي: تركيا استخدمت قنوات الإخوان لخدمة سياستها الخارجية التي اتسمت بالصدام مع مصر

وكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مؤخراً أنّ نظيره المصري سامح شكري سيزور تركيا قريباً، لكنه لم يكشف عن الموعد الدقيق للزيارة.

وتُثير التحركات التركية الأخيرة العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت أنقرة ستقوم في مرحلة ما بترحيل نهائي لمن تبقّى من قادة جماعة الإخوان الذين استضافتهم في السنوات الأخيرة ووفرت لهم ملاذاً وإقامة مريحة ومنصّات للخطابة والتحريض على التطرف الديني.

 في آذار الماضي طلبت أنقرة من الناشط الإخواني ياسر العمدة مغادرة أراضيها بعد بثه فيديوهات انتقد فيها النظام المصري

وفي آذار (مارس) الماضي، طلبت أنقرة من الناشط الإخواني ياسر العمدة مغادرة أراضيها بعد بثّه فيديوهات انتقد فيها النظام المصري ودعا فيها إلى ثورة شعبية، بعد مغادرة عدد من مقدمي البرامج تركيا، وتوقف البعض الآخر عن مهاجمة القاهرة، ولم تعد الأدوات الإعلامية الإخوانية تتحرك بالسهولة السابقة التي تمتعت بها في تركيا.

نقطة تحوّل

مثّل توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان نقطة تحوّل في السياسة التركية، فقد قضت الاتفاقية على أطماع أنقرة في منطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالموارد الطبيعية وعلى رأسها الغاز الطبيعي، ومحاولاتها رسم حدود بحرية زائفة وغير موجودة بينها وبين ليبيا باتفاق غير دستوري مع السلطات الليبية المؤقتة بقيادة فايز السراج.

أصدرت السلطات التركية العام الماضي تعليمات لثلاث قنوات تلفزيونية للإخوان في تركيا وهي: "الشرق" و"مكملين" و"وطن"، بتخفيف حدة انتقادها للحكومة المصرية وضبط سياستها التحريرية في محاولة لتطبيع العلاقات مع مصر

ولم تخف السلطات التركية أنّ منطقة شرق المتوسط هو جزء من أهداف التطبيع مع مصر، فقد قال وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، في تصريحات أوردتها صحيفة "ديلي صباح" التركية في 14 نيسان (أبريل) الجاري، إنّ "تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر أمر حيوي لمنطقة شرق المتوسط"، مشدداً "يجب تحسين العلاقات مع مصر. العلاقات بين البلدين مهمة للعديد من المناطق".

وقبل الإعلان عن إغلاق قناة مكملين الإخوانية، قال أوغلو، في 14 نيسان (أبريل) الجاري: إنّ تركيا بصدد اتخاذ المزيد من الخطوات لتحسين العلاقات مع مصر، مما يثير التساؤلات حول إمكانية إقدام تركيا على تسليم بعض الإخوان المحكوم عليهم في قضايا إرهاب للسلطات المصرية.

 مواضيع ذات صلة:

-هل يمهّد إغلاق قناة "مكملين" في تركيا للتقارب السياسي مع مصر؟

-أردوغان متعجّل للتطبيع مع مصر.. فهل يسرع في الاستغناء عن الإخوان وقنواتهم؟

-إغلاق "مكملين": نهاية إعلام الإخوان بانتهاء أغراضه

-توقفت عن العمل في تركيا.. هل طرد أردوغان قناة مكملين؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية