تركيا تفكر بطرد قادة حماس: أين سيتوجهون؟

تركيا تفكر بطرد قادة حماس: أين سيتوجهون؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
19/03/2022

تشكّل قضية القدس ووجود قادة حماس في تركيا أبرز نقاط الخلاف القائمة بين أنقرة وتل أبيب، لكنّ الخلاف الأكبر الذي يعيق ترميم العلاقات وجود عدد من قادة حماس خاصة العسكريين داخل الأراضي التركية، حيث ترى إسرائيل أنّ اسطنبول باتت أهم مراكز لعمل حماس، خاصة بعد الاتهامات التى وجهتها إسرائيل لعدد من قادة حماس المقيمين في تركيا، وأبرزهم صالح العارورى وزاهر جبارين وموسى دودين، بتمويلهم وتوجيههم لخلايا مسلحة تابعة لحماس في الضفة الغربية لتنفيذ هجمات ضدّ الإسرائيليين.

اقرأ أيضاً: هل تضحي تركيا بحماس ثمناً للتقارب مع إسرائيل؟

وأثارت هذه القضايا الزيارةُ القصيرة للرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إلى تركيا، ولقاؤه بنظيره التركي، والتي أشعلت حالة من الغضب في الشارع الفلسطيني، حيث عبّرت الفصائل الفلسطينية عن موقفها الرافض لاستقبال الرئيس أردوغان الرئيس الإسرائيلي، معتبرةً ذلك خذلاناً للقدس وللقضية الفلسطينية، كما أبدت حركة حماس، والتي يقيم عدد كبير من قادتها السياسيين والعسكريين داخل تركيا، مخاوفها من زيارة شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى إلى تركيا.

وقدمت تركيا نوايا إيجابية سبقت زيارة الرئيس هرتسوغ لتركيا؛ حيث هنأ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هرتسوغ بتوليه منصب رئاسة إسرائيل، كما قدم أردوغان التعازي بوفاة والدة هرتسوغ مطلع العام الحالي، في مقابل ذلك شكر الرئيس الإسرائيلي نظيره التركي على إطلاق سراح سائحين إسرائيليين تمّ اعتقالهم أواخر العام الماضي على مقربة من منزل أردوغان، ووجّهت إليهما آنذاك تهمة التجسس.

طرد حماس

وطالبت إسرائيل تركيا، قبل زيارة الرئيس هرتسوغ، التي تأتي بعد نحو 15 عاماً على زيارة الرئيس الراحل شمعون بيريز لأنقرة، بالعمل على إزالة أو تخفيف تواجد حماس على أراضيها، بزعم أنّ تغييراً تركياً جوهرياً من هذا النوع قد يشجع إسرائيل على اتخاذ مواقف أكثر إيجابية، لكنّ أوساط سياسية إسرائيلية ترى أنّ زيارة هرتسوغ لن تقدم أيّ شيء في القريب، بسبب بقاء العديد من العقبات التي تقف في طريق التحسن في العلاقات بين الجانبين.

صحيفة "حرييت" التركية: أنقرة تدير، منذ عام ونصف العام، قناة محادثات سرّية مع عدة دول في المنطقة، من بينها إسرائيل، بهدف إيجاد موطن جديد لحركة حماس

وصرّحت صحيفة "حرييت" التركية، في تقرير نشرته؛ بأنّ "تركيا تدير، منذ عام ونصف العام، قناة محادثات سرّية مع عدة دول في المنطقة، من بينها إسرائيل، بهدف إيجاد موطن جديد لحركة حماس، موضحةً أنّ أنقرة أبلغت حماس بأنّ أصحاب المناصب العسكرية في حركة حماس، لن يمكثوا في تركيا وأنّها لن تمنح مساعدات عسكرية للحركة، في حين أنّ أنشطة حماس السياسية ستبقى مستمرة". 

صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، قالت إنّ "تركيا تواصل صبّ الزيت على النار من خلال أنشطتها المتواصلة داخل مدينة القدس، حيث أقدمت قبل أيام جمعيات تركية بالعمل على ترميم عدد من الممتلكات داخل المدينة بتمويل كامل من الحكومة التركية، كما قدمت قبل أيام لأهالي حي الشيخ جراح وثائق وملكيات مزعومة من العهد العثماني، تثبت ملكيتهم للأرض وتساعدهم في صراعهم ضدّ المستوطنين".

اقرأ أيضاً: قرار أسترالي جديد يتعلق بحركة حماس.. تفاصيل

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "أردوغان، الذي صرّح بأنّ كلّ يوم تمر فيه القدس تحت الاحتلال هو يوم إهانة له، ما يزال يتطلع لاحتلال المدينة من خلال دعوته لزيارة المسلمين الأتراك إلى الأقصى، حيث استأنفت الرحلات الدينية التركية إلى مدينة القدس والمسجد الأقصى، بعد توقف دام عامين بسبب جائحة كورونا".

حماس ستتأثر

في سياق ذلك، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش: إنّ "تحسين العلاقات التركية الإسرائيلية من المؤكّد أنّه سوف يؤثر على وجود قادة حماس، خاصة المحسوبين على الجناح العسكري وحرية عملهم في تركيا، إضافة لوجود منابر إعلامية متعددة في تركيا مقربة من حركة حماس، يمكن أن تلجأ تركيا إلى تخفيف أنشطتها".

الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش: تحسين العلاقات التركية الإسرائيلية من المؤكّد أنّه سوف يؤثر على وجود قادة حماس

وأشار أبو غوش، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "تركيا حاولت التوجه نحو أوروبا لتحقيق مصالح خاصة بها لكنّ خطواتها قوبلت بالصد، فاتجهت لتعزيز مكانتها في محيطها الشرق أوسطي والعربي الإسلامي فاصطدمت بإسرائيل، التي تسعى للهيمنة على المنطقة وتقديم نفسها كقوة رئيسية حامية للأنظمة المعتدلة في مواجهة إيران؛ لذلك تجد في التقارب من إسرائيل منفذاً للدخول إلى الشرق الأوسط، وتحقيق مكاسب عديدة، خاصة في مجال الطاقة".

الباحث سعيد بشارات لـ"حفريات": أيّ تحسّن في العلاقات التركية الإسرائيلية لن يتطور مع وجود حركة حماس وحرية عملها، وهذا ما شاهدناه مؤخراً تجاه قيادات الإخوان المصريين في تركيا

وأوضح أنّ "العلاقات بين تركيا واسرائيل قديمة وقائمة على مصالح عميقة ومشتركة، كما أنّ تركيا تعدّ أول دولة غالبيتها مسلمة تعترف بإسرائيل، عام 1949، وتطورت العلاقات في مختلف المجالات، ووصلت إلى درجة أنّ تركيا باتت خامس شريك تجاري لإسرائيل بحجم 7 مليارات دولار سنوياً، لكن بين الفينة والأخرى تشهد العلاقات توترات سطحية، وهي أشبه بالتنافر بين طرفَين متنافسَين، وليسا خصمين".

دعم تركيا مؤسسات القدس

أبو غوش بيّن أيضاً أنّ "إسرائيل لديها خطة واضحة وشبه معلنة لتهويد القدس، تقوم على تغيير طابعها التاريخي من مدينة متعددة ذات تراث عربي إسلامي مسيحي إلى مدينة إسرائيلية يهودية؛ لذلك تركيا، كدولة إسلامية كبيرة، وبحكم العلاقات التاريخية مع فلسطين، معنية بدعم المؤسسات الثقافية والدينية والخيرية في القدس وهذا يقلق إسرائيل".

وبسؤاله عمّا إذا أقدمت تركيا على طرد عدد من قيادات حركة حماس، وتداعيات هذه الخطوة على علاقة الحركة بالنظام التركي، أجاب أبو غوش بأنّ "حماس غير معنية باستعداء تركيا، التي سوف تبقى قطباً إقليمياً مركزياً واسع التأثير، كما أنّ كلّ القوى والأطراف الفلسطينية معنية بعلاقات جيدة مع تركيا، وتتعامل معها باعتبارها دولة شقيقة مهما حدث أيّ تغيير في التوجهات".

اقرأ أيضاً: على خلفية تقاربها مع إسرائيل... هل تغير تركيا سياستها تجاه حماس؟

بدوره، أكّد المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات؛ أنّ "زيارة هرتسوغ إلى تركيا تطرّقت نقاشاتها بشكل كبير إلى قضية وجود عناصر من قادة حماس العسكريين، والمطالبة بإغلاق مكتب الضفة الغربية الذي يقوده نائب رئيس المكتب السياسي، صالح العاروري، بالتالي، هذا يدفع تركيا، والتي تلهث وراء عودة العلاقات مع إسرائيل، إلى إعادة ترتيب علاقاتها مع حماس وفق مصالحها".

المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات: زيارة هرتسوغ إلى تركيا تطرّقت نقاشاتها بشكل كبير إلى قضية وجود عناصر من قادة حماس العسكريين

وبيّن أنّ "تحسين العلاقات مع إسرائيل في هذا الظرف بالتحديد، يضرّ بالقضية الفلسطينية ويصبّ في مصلحة إسرائيل، التي لم تتغير سياساتها القمعية والعدوانية والتوسعية؛ فهي ما تزال تحاصر غزة وتحرم المواطنين من أبسط حقوقهم الإنسانية من الكهرباء والماء والسفر والعلاج، كما أنّها تواصل تنفيذ المخططات الاستيطانية الكبرى، وهي ماضية في تهويد القدس وانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى".

مصالح تركيا أولاً

وأوضح بشارات، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "أردوغان وقيادة تركيا معنية بمصالح تركيا أولاً، في حين أنّ أيّ تحسّن في العلاقات التركية الإسرائيلية لن يتطور مع وجود حركة حماس وحرية عملها على الساحة التركية، وهذا ما شاهدناه مؤخراً تجاه قيادات الإخوان المسلمين المصريين في تركيا، حيث تزامن تحسن العلاقات التركية المصرية مع التضييق على حرية عمل القيادات على الساحة التركية".

اقرأ أيضاً: الغايات الخفية من دعم إيران لـ"حماس"

وأضاف: "التطورات المتلاحقة في شرق أوروبا والحرب الروسية الأوكرانية المشتعلة، ربما تسهم في تقريب وجهات النظر بين تل أبيب وأنقرة، خاصّة أنّ الجانبين مواقفهما متقاربة جداً من هذه الحرب، كما أنّ المصالح الحيوية والأمنية لإسرائيل، تستدعي التقدم في العلاقات بمختلف المستويات السياسية والاقتصادية مع تركيا، خاصّة مع إمكانية توريد إسرائيل الغاز عبر تركيا إلى أوروبا".

واستبعد أن "تقدم حماس على اتخاذ خطوات من شأنها أن تفشل التقارب التركي مع إسرائيل، كون ذلك يؤثر في مصالحها، فقدرات حماس محدودة، ولا بديل أمامها، وغيرها من القوى السياسية، سوى العمل على إنهاء الانقسام في ظل التطورات الدولية والعربية المتلاحقة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية